ثقافة

ناشرون توقفوا عن الطباعة وآخرون خفضوا النسخ والشحن حال بين الدور والقراء

02 مارس 2022
دور النشـــر..ومعركــة الجائحة
02 مارس 2022

منى الزريقات: الجائحة كشفت مشاكل النشر في العالم العربي

بسام أحمد: الجائحة أثرت على الناشرين بشكل مباشر

عماد محمد: تعبنا كثيرا والجائحة أوقفتنا نهائيا

مهند أبو درغم: أصبح هناك تخوف من الطباعة في حد ذاتها

ألقت الجائحة بظلالها على صناعة الكتاب، وأثرت على دور النشر وتسببت في الكثير من الخسائر، كابد خلالها الناشرون عناء إيصال الكتاب للمكتبات والقراء والزبائن، وليس دخول الجائحة كالخروج منها، فما زالت آثارها وتبعاتها تطال هذا القطاع، ورغم ضبابية الأفق وتشويش الرؤية فيما يخص القادم والمستقبل، ما زال يأمل الناشرون الذين التقينا بهم في معرض مسقط الدولي للكتاب في نسخته السادسة العشرين أن تلوح بارقة الأمل.

وجهة واحدة للتسويق

تقول منى الزريقات صاحبة دار المنى السويدية أن الجائحة كشفت مشاكل النشر في العالم العربي، وأرتنا كيف أنه ليس لدينا بنية أساسية للتوزيع ولا شبكة متكاملة توصل الكتاب للزبون، كما كشفت ضعف عملية النشر وصناعة النشر في العالم العربي. وأضافت: «المصيبة تكمن في أننا حتى عندما خرجنا من الجائحة لم يحاول أحد تتبع الأسباب التي قطعت الوصال بيننا وبين القراء. وهناك دور نشر أوقفت الطباعة».

وفاجأتنا بقولها: «في السويد هذه الحالة غير موجودة بل شهدنا انتعاشًا للكتاب وقت الجائحة، والمكتبات العامة ظلت مفتوحة للزوار ولكن تحت إجراءات احترازية ودور الكتب أيضًا بقيت مفتوحة، ويقال: إن عدد الكتب التي بيعت في السويد قارب الخمسة مليارات كتاب، علمًا أن عدد سكان السويد يماثل عدد سكان القاهرة كمدينة، فما السبب الذي يجعل الكتاب ينتعش في الغرب وقت الجائحة بينما مات عندنا؟! هذا دليل على أننا نتخذ المعارض فقط كجهة واحدة لتوزيع الكتاب وهذا غير صالح وغير مجدٍ وليس مؤثرًا ولكن لا أحد يحاول عكس ذلك الجميع يركض نحو المعارض ويطالب بخفض ثمن الأجنحة مع أنني أعتبر أن المشاركة في المعارض لابد أن تكون عملية تعاونية لأننا أتينا كسياح ثقافة والكتاب يوفر تواصلًا وتقاربًا وليس شرطًا أن يكون الهدف المادي أساسيًا للدولة المستضيفة ولا أن يكون الربح من وراء هذا الناشر الذي خسر الكثير اليوم هدفًا أساسيًا أيضًا». وقالت: «موت الكتاب صاعق في آخر ثلاث سنوات والكثير من الناشرين اضطروا لأن يغلقوا دورهم مع أنهم اجتهدوا بالوسائل المتاحة، وإذا بقينا على هذه الحال لن يكون هناك صناعة للكتاب في العالم العربي، وتثقيف المواطن هو دور الدولة، ومع ضيق الوضع المادي لا أحد سيقدر على شراء الكتب مع أن الثقافة ضرورة وليست شيئًا ثانويًا».

بدائل التداول الورقي

ويقول عبد الرحيم الحميدي من دار الجنان للنشر والتوزيع الأردنية: «الجائحة كانت عامة ومفاجئة وجديدة على الناس، وأثرت على كل القطاعات وكل دولة لها سياساتها المعينة وإجراءاتها الخاصة. والكتاب منع وقتها وكل صنوف التداول الورقي كونه ينقل العدوى، وانقطع العمل وبقينا في البيوت. وحتى إذا خرجنا للعمل فلا أحد يشتري الكتب في ذلك الوقت، ودور النشر تأثرت تأثرًا كاملًا وحل الكتاب الإلكتروني بديلًا بفعل القراءة عن البعد والتعليم عن بعد».

وأضاف: «عند توقف معارض الكتب لم يكن هناك ما يعوض الخسائر، ومراحل النشر كثيرة، وكلها توقفت كالطباعة والورق والأحبار والصيانة وبالتالي تأثر المراحل أدى إلى عدم استطاعتنا الإنتاج، وبدل أن أطبع ألف نسخة أصبحت أطبع مائتي نسخة فقط. وإذا تحدثت عن سلطنة عمان فمعرض مسقط 2020 كان آخر المعارض قبل انتشار الجائحة، والناس كانت خائفة لكن كان هناك تعاون من بعض الجهات، وبعضنا خسر والبعض الآخر كسب ولو قليلا، ولا أخفيك أني تفاجأت من الإقبال الشديد في هذه الدورة، وأثره على المبيعات دون أي عوائق».

التخفيف على الناشرين

فيما قال عماد محمد من دار العلا السورية: «نحن مشاركون دائمون في المعارض العربية، ولكن مع بداية الجائحة لم نشارك في أي معرض غير أنها توقفت وألغيت مواعيد إقامتها، والآن بدأت المعارض بالعودة، وبشكل عام المعارض أصبحت ضعيفة لدرجة اضطرت فيها إدارات المعارض إلى إلغاء الاشتراك لدور النشر، لقلة الإنتاج ولكن لأنهم مهتمون بالثقافة فهم يحاولون التخفيف على الناشرين بإلغاء إيجارات الأجنحة».

وأضاف: «في أول سنتين تعبنا كثيرًا، وبقينا بلا عمل ولم نستطع أن نطبع، خاصة في سوريا، والجائحة أوقفتنا نهائيًا ناهيك عن الأزمة في سوريا والحمد لله بدأت الأمور تتحرك قليلا الآن».

التخوف من الطباعة

ويقول مهند أبو درغم من دار أفكار للترجمة والنشر: «في مارس 2020 بالضبط كان معرض مسقط وكان الخوف كبيرًا، وبعده كنا في انتظار وترقب للنتيجة، هل هو فزاعة أو مرض حقيقي؟!، الأسواق العالمية كلها تأثرت بما فيها واردات الحبر والورق، وشركات النقل رفعت أجور النقل، فزادت كلفة المواد الأولية للطباعة، ومهما كانت صورة المشاريع فالمستقبل غامض ولا أحد كان يعرف إلى متى ستمتد هذه الجائحة، وأغلقت المعارض، وكانت سنة صعبة فتريثنا في الطباعة؛ لأن الأفق كان مسدودًا حتى شهر يوليو بمعرض القاهرة، ولكن توالى إغلاق المعارض منها الكويت والجزائر ولبنان وكانت الطباعة بالحد الأدنى، ونفذنا فقط ما كنا ملتزمين به من العقود ولم نأخذ عقودا أخرى. في بداية هذه السنة بدأت الأمور تتحسن مع اللقاح ويسهل الانتقال بين الدول».

وأضاف: «إنتاج الكتب تأثر وانخفض إلى ما يقارب 70%، والعقود كانت صفرا في الربع الثاني أو الثالث من السنة، حتى وإن شاركنا في المعارض لا نزال متخوفين من القادم، وفوق الجائحة هناك أزمة في بلدنا خاصة أن استيرادنا يعتمد على لبنان، وجارنا في أزمة وهناك مواد أحبار تأتي عن طريق بيروت ولا تأتي عن طريق دمشق. وفي سوريا ليس لدينا ورق منذ 6 أشهر، وما نعمل عليه هو من المخزون، ومنذ 3 أشهر لا يوجد مخزون بسبب الشحن الدولي الذي يفاضل في العقود خاصة العقود الأوروبية وشرق الآسيوية، أما عقودنا فتأتي في المرتبة الثالثة».

الاعتماد على معارض الكتب

وأكد بسام أحمد من دار اليقظة الفكرية أن الأزمة فرضت قيودًا على الجميع وليس الكتاب فقط. وقال: «نحن الناشرين عانينا بشكل مباشر أكثر من أي مهنة أخرى؛ لأننا معتمدون على معارض الكتب، وبهذه الفترة لم يكن هناك معارض نهائيًا والتواصل مع العالم كان ضعيفًا جدا، والأغلب كان يعاني وتبدو هناك بارقة أمل تلوح في الأفق وعلى أمل أن تتحسن الأوضاع».

وأضاف: «الإقبال ممتاز على الكتب هذا العام، وربما لأنه لم يكن هناك معرض العام الماضي مما صنع زخمًا لنسخة هذا العام، وفي الوقت نفسه القوة الشرائية ضعيفة وربما ضيق ذات اليد له أثره. وتابع: «أوقفنا الطباعة لفترة، وحتى نطبع نحتاج للتسويق والتسويق يتم عن طريق المعارض وزبائننا يلتقون بنا فيها وبدون المعارض وأزمة الشحن تكون هناك مشكلة ولكن الحمد لله تجاوزناها».

المعارض والإقبال

وقال إسلام حسني من دار هنداوي للطباعة والتوزيع: «لم نتوقف عن طباعة الكتب، ولكننا قللنا عدد النسخ التي افترض علينا طباعتها، وبسبب الجائحة نكون قد طبعنا والمكتبات تنتظر النسخ ولكن بسبب الإغلاق لم نتمكن من إيصال الكتب، وفترة الجائحة أثرت علينا جميعا».

وحول تسويقهم للكتب فترة الجائحة أشار إلى أن الموقع ووسائل التواصل الاجتماعي ساعدتهم في التسويق عن كتبهم في فترة توقف وإلغاء المعارض. وأضاف: «حتى الآن لا أعتبر أننا عوضنا الخسائر لأننا لا نزال تحت تبعات الجائحة. وهناك معارض حتى عندما أقيمت وسط الجائحة لم نكن نجد فيها إقبالًا، ولم تكن كالقوة التي كانت عليها قبل الجائحة، وإذا تحدثت عن معرض مسقط فالإقبال والعمل الفعلي بدأ الآن فقط بعد مرور أربعة أيام على المعرض».