No Image
ثقافة

مخيم النحاتين الدولي بصحار يعرض 22 عملا فنيا نتاج دورته العاشرة

18 فبراير 2023
بمشاركة ٢٤ نحاتا من إحدى عشر دولة
18 فبراير 2023

اختتمت مؤخرا النسخة العاشرة لفعاليات مخيم النحاتين الدولي بولاية صحار تحت رعاية صاحبة السمو السيدة حجيجة بنت جيفر آل سعيد، حيث عرض الختام ضمّ (٢٢) منحوتة هي نتاج الملتقى الذي انطلق الأسبوع الماضي بمشاركة ٢٤ نحاتا من 11 دولة إلى جانب نحاتين من سلطنة عمان، وقد استمعت صاحبة السمو راعية المناسبة والحضور من كل نحات مشارك تفاصيل المنحوتة والخامات المصنوعة منها والفترة الزمنية، هذا إلى جانب التعرف على الخصائص الفنية للنحت والمدارس التي تنتمي إليها، فضلا عن الجوانب الإبداعية في النحت وزواياه المتعددة.

وكان قد أقيم خلال فعاليات حفل الختام للمخيم ندوة حول «مسيرة النحت في مخيم النحاتين بعد عشر سنوات من تنظيمه»، الذي انطلق في نسخته الأولى عام ٢٠١٤م، شارك فيه أكثر من (٢٣٥) نحاتا من (٤٠) دولة، أنجزوا خلال كل فترة من فترات المخيم ما مجموعه (٢٦٤) منحوتة، نفذت جميعها من خامات البيئة العمانية سواء خام الرخام أو الخشب.

وتضمنت الندوة سبع أوراق عمل رئيسية، تحدث في الأولى الفنان التشكيلي الدكتور محمد طارق عبد الفتاح استاذ بالكلية العلمية للتصميم عن فن النحت وتاريخه ومهاراته، قائلا: يعد فن النحت من أقدم مجالات الفنون بل أكثرها تناولا عبر الحضارات القديمة التي خلفت لنا تراثا فنيا أثّر مع غيره من مجالات الفنون قي تاريخ وفنون الإنسانية عبر العصور وحتي العصر الحالي.

وأضاف: كما أنّ فن النحت من الفنون التي تتطور وتنمو مع مرور الوقت، وتوسّع من نطاق أنشطتها الفنية متى ما لاقت فنانيها ومؤيديها تاركة لنا منجزات فنية محملة بقيم تشكيلية وجمالية أسهمت بلا شك في الارتقاء بالذوق العام، وبالرؤية الفنية لامست فيها المشاعر والأحاسيس الإنسانية تاركة لنا منجزات فنية كانت بمثابة البصمات الفنية التي تشكلت من خامات شديدة الصلابة مثل الحجر أو الرخام أو الخشب إلا أن الفكر الابداعي للفنان حولها لخامات طبيعية مستثمرا طاقاتها التشكيلية وإمكاناته الفنية والمهارية.

كما تطرق الدكتور محمد طارق إلى قيمة مخيم النحاتين تمثل فكرة مخيم النحاتين تجربة فريدة من نوعها ربما على مستوى العالم التي يتم خلالها معايشة الفنان للطبيعة بعفويتها وبساطتها دون تجميل أثناء تنفيذ الأعمال الفنية، محاولا في تلك المعايشة أن يبتعد تماما عن أي مؤثرات خارجية حتى يتفرغ للنحت وسط أجواء ربما تبدو لأول وهلة قاسية، فالمكان بطبيعته غير تقليدي والأجواء المحيطة لا يرى أو يسمع فيها إلا الفنانين المشاركين وأصوات أدواتهم كالأزاميل أو المطارق أو الأدوات التي يتناولها الفنانين في إنجاز أعمالهم وهو أمر أثمر بلا شك في حدوث تركيز شديد من الفنانين أشبه ما يكون حوارا جدليا طيلة اليوم، بين الفنان والخامة يسعى فيه الفنانون لإنجاز الأعمال الفنية التي ينفذونها منذ الصباح الباكر، وحتى غروب الشمس، ولا يتخلل ذلك إلا فترة قصيرة جدا بشكل يومي.

من جانبه، تحدث الدكتور أيمن السمري عن الأهمية الفنية للمخيم، قال: يعكس مخيم النحاتين بولاية صحار مدى إيمان مجموعة من الفنانين الشباب بوضع بلادهم على الخريطة الدولية للفن التشكيلي وخاصة مجال النحت، فما كان حلما بالنسبة لهم لأسباب عديدة أصبح حقيقة قائمة مستمرة لعشرة دورات دون توقف، ونحتفل اليوم بذلك النجاح، ونبارك لفناني سلطنة عمان ونحاتيها، ونثمن الجهد والعزيمة لجيل وضع حجر الأساس لمشروع ضخم، بل كيان ولد عملاقا يليق بمكانة سلطنة عمان التاريخية، وكذلك انعكاسا إيجابيا لطبيعة البلاد الجبلية المميزة.

وأضاف: لقد أجاب مخيم النحاتين على العديد من التساؤلات التي ينتظر إجابات لها كل من يعرف سلطنة عمان أو سمع عن طبيعتها وطباع شعبها الأصيلة، وأخلاقهم الحميدة، كما أجاب مخيم النحاتين وبرع في الإجابة على وجود فن في سلطنة عمان ونحاتين عمانيين، كما أجاب على قدرة السلطنة على تنظيم أحداث دولية في مجال الفنون بجهود شبابها ودعم المسؤولين، واحتفالهم واحتفائهم بنجاح الفاعليات، فلقد حضر إلى المخيم العديد من الفنانين من جميع أنحاء العالم لإيمانهم بخصوصية الحدث ومعايشتهم على أرض الواقع، والاندماج مع الطبيعة الأم حيث المعيشة في خيام في حضن الجبل.

أما علي بن سعيد الجهوري الباحث في الفنون التشكيلية فاستعرض دراسته البحثية عن المخيم عبر سنواته الماضية، الذي يؤكد من خلالها أن مخيم النحاتين الدولي يعد إحدى التجارب الرائدة بمدينة صحار منذ انطلاقته الأولى في عام 2014 م، تأسس بتكاتف مجموعة من الفنانين الشباب يجمعهم شغف الفن والنحت، وليكون أول بذرة فريدة من نوعها بالمنطقة بشكل عام وسلطنة عمان بشكل خاص، الذي كان له امتداده الخاص ثقافيا، وحضاريا، وفنيا، وسياحيا.

إن مخيم النحاتين يعد من الحراك الفني الرائد والمتفرد من نوعه في منطقتنا العربية وربما العالمية كأحد المسميات للفعالية الفنية.

ويضيف: كان لمخيم النحاتين الدولي رؤيته الشاملة في أن يكون ملتقى للحضارات والثقافات، يجتمع فيه الفنانون من مختلف الشعوب على وجه المعمورة يجمعهم حب الفن وشغف اكتشاف الخامة في بيئتها ومهد نشأتها منذ الخليقة، فيخرج الفنان من أروقة المساحات الضيقة إلى فناء الطبيعة وأحضانها، يكتسب من جمالها ويتأملها ويترجمها وفق رؤيته وخبراته.

من جانبه أشار النحات والباحث محرز بن محمد اللوز من المعهد العالي للفنون والحرف بصفاقس بالجمهورية التونسية إلى الإبداع الفني لمخيم النحاتين الدولي بصحار، قال: فكرة مخيم النحاتين - الذي يعد واحد من أهم الأنشطة لهذه المؤسسة - هي عبارة عن تصميم وإنجاز مؤسسة متكاملة للنحت الحي وسط الطبيعة الحيّة لفترة سنوية محدودة، وهي أهم تجربة عربية في المنطقة التي تطورت نحو العالمية بجمال المكان والتوضيب الحي المتميز للحدث، حيث أصبح المخيم مزارا للنحاتين العالميين ذوي سيط وشهرة كبيرة، إذ يأتوا من كل أماكن العالم لمقاسمة النحاتين الشبان العمانيين والمشاركين خبراتهم الكبيرة والمتراكمة، فتوجد ثقافات ومصادر إلهام متعددة من كل القارات يثري هذا التجمع النحتي العالمي ويعطيه صفة الكونية.

وأضاف: ولعل مشاركة النحاتين العرب بكثافة يؤكد قناعة المنظمين بضرورة دفع الحراك النحتي العربي الذي يُعد من أولوياتهم ومحاولة استقطاب النحاتين الشبان الناشئين، الذين برهنوا على مستواهم المحترم في النحت المباشر على الرخام أو الخشب، فاختيار هاتين المادتين في مخيم النحاتين لم يكن اعتباطيا أو بمحض الصدفة، إنَّما عن واقع وتبصُّرٍ، فمقاطع الرخام المتعددة في محافظة شمال الباطنة وحذو وادي الجزي مسرح المخيم، يحيلنا إلى توفر هذه الخامة بألوانها المتعددة وأنسجتها الثرية المُلهمة، ومن جهة أخرى تعد سلطنة عمان من بلدان المنطقة الثرية بالأشجار باختلاف أنواعها وهو ما يجعل جذوعها اليابسة مادة نحت صلبة وجميلة بامتياز.

كما قدمت سماح بنت سعيد النعمانية الباحثة في مجال الفنون البصرية رؤيتها الفنية في عن مخيم النحاتين الدولي، قالت: إن الورقة البحثية عن المخيم تمثل دراسة واقعية تكمن أهميتها في كونها مرجع للمهتمين بالفنون البصرية والارتقاء بالذائقة الفنية، والتعرف على أسلوب النحات، وقدرته التعبيرية في ابتكار مجسم نحتي يتسم بالأصالة، وتتجلى فيه الأسس البنائية والمعالجات التشكيلية لتلائم موضوع المخيم للنحاتين والوصول إلى أعمال نحتية ترتقي إلى المستوى العالمي.

وأضافت: لكل نحات منطلقات ورؤية خاصة به تنبع من تجاربه المختلفة وممارساته في مجال فن النحت ويتطور ليصل إلى نضج فكري ومستوى عالٍ من المهارة في تطويع الخامة واستكشاف التقنيات الحديثة والمتطورة وبلورة النتاج الفني، ولا يخفى أثر الاحتكاك بالنحاتين من مختلف الثقافات والدول في تبادل الخبرات ونقد الأعمال النحتية المنجزة.

أما الفنان التشكيلي ماجد بن مرهون المعمري فقد أكد على أن الأهمية التي يتصف بها مخيم النحاتين الدولي والأهداف المتحققة منه، وذكر أن المخيم يسهم في إثراء الحركة الفنية في سلطنة عمان بشكل عام وفن النحت بشكل خاص، ويسهم في تبادل الخبرات بين الفنانين النحاتين من داخل سلطنة عمان وخارجها، كما أنه يقوي روابط التواصل بين الفنانين من داخل سلطنة عُمان وأقرانهم من خارجها.

وأضاف: كما يهدف المخيم إلى أن يعزز من تقدير النحات للطبيعة بتعرفه على مصدر خامة النحت الأساسية، ويدعم الحراك السياحي والثقافي في سلطنة عمان ويضعها على خارطة الفنون التشكيلية العالمية.