من المحاضرة
من المحاضرة
ثقافة

النادي الثقافي يناقش الهوية الوطنية في ظل المتغيرات والتعايش

27 مايو 2021
27 مايو 2021

نظم النادي الثقافي عبر منصات التواصل الاجتماعي محاضرة افتراضية ناقشت الشخصية العمانية بين الهوية الوطنية والانفتاح على الآخر قدمها الدكتور إسماعيل الأغبري، وأدار الحوار مروان الذهلي.

وأوضح الأغبري أن مفهوم الهوية يشير إلى أن تطلق على الشيء المستمر الذي تغلب عليه الديمومة، أو المتوارث من جيل إلى جيل ومضى عليه قرن إلى قرن وتعاقبت عليه حقبة بعد حقبة، وهي تضم قيما روحية يغلب عليها الثبات، والديمومة التي يغلب عليها الاستمرار وتضم عادات وأعرافا وتقاليد تتغير وبعضها قد يظل ثابتا، فالهوية تشمل كل السمات الإيجابية والسلبية.

مضيفا أن هناك مجموعة من الهويات، كالهوية العرقية، والهوية الدينية والهوية التي تتعلق بالألوان، بالإضافة إلى الهوية الثقافية وغيرها، حتى في الدولة الواحدة قد تتعدد الهويات ولكن يبقى هناك شيء جامع بينها كالهوية القومية مثلا، كما أن لكل هوية عادات وأعرافا، وبرغم اختلاف الهويات في ذات الدولة فإن الشعب ينصهر جميعا في الدولة التي ينتمي إليها لأن الجامع بينهم هو الدولة وما يعرف بالمواطنة.

ويوضح الأغبري أن المجتمعات تدخلها عناصر أخرى، فالناس سيتعايشون معهم لأن القوانين هي المحددة للحقوق والموضحة للواجبات، والمجتمع العماني ينتمي إلى مالك بن فهم أو أنه عربي، حيث نص النظام الأساسي للدولة على أن عمان دولة عربية من حيث النسب، إسلامية من حيث الدين والمعتقد، ثم نصت المادة أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للبلاد، ولدينا أجناس وأعراق، فعمان دولة بحرية جاءتها دول وشعوب واستقرت بالبلاد، ونال الجميع حقوقهم، فالمواطنون العمانيون متساوون في الحقوق والواجبات.

ويشير الأغبري إلى أن المكان يؤثر على طباع الإنسان فالبيئة تؤثر في السلوك، وهناك بعض الأخلاقيات قد تكون مقبولة في الداخل وغير مقبولة في الساحل، فالسلوك يرتبط بالجغرافيا، ومعيشة الساحل نمطها مختلف عن الصحراء، إلا أنه من الملاحظ أن العمانيين يحتفظون بخصوصيتهم فهم من ألطف الناس معاملة برغم درجات الحرارة المرتفعة والتضاريس الجبلية والبيئات المختلفة، فهم متطبعون بهذه الأخلاق منذ القدم، فضلا عن أن العمانيين أشربوا حب الاستقلال ولا يقبل العماني أن تُكرِهه على فكر أو ثقافة لا يرتضيها، وذلك ما أثبته التاريخ، ومن ناحية أخرى فإن عمان من أوائل المبادرين تطبيقا لما يتفق عليه في قرارات مجلس التعاون على سبيل المثال، فهي تدعو إلى الوحدة مع المحافظة على أصالتها، ونحن نعيش في مجتمع واحد يحوي هويات مختلفة إلا أننا لا نحمل أي صراع بين هذه الهويات.

ومن الناحية السياسية فكان هناك ضغط سياسي على السلطنة مؤخرا للتطبيع، إلا أن السلطنة بدبلوماسيتها لم تستجب إلى ذلك الضغط وتمكنت من التعامل مع الأزمة، وكانت المواقف الشعبية واضحة ورافضة، وإلى اليوم فإن السياسة العمانية بمرونتها لم يتمكن أحد من إكراهها على قرار ترفضه.

وتناول الدكتور إسماعيل الأغبري الانفتاح على الآخر مبينا أنه عندما نتتبع حياة العمانيين منذ الماضي نجدهم في كتبهم منفتحين على شخصيات غير عمانية، ونجد كتبا من القرن الرابع والخامس والسادس الهجري منفتحة على ثقافات متنوعة، وفي المنهج السياسي نجد مواقف السلطنة السياسية المتفردة، وهي لا تدعم التمرد في الدول الأخرى، كما ترحب السلطنة بالعلاقات مع الدول والرؤساء، وسياسة السلطنة هادئة بعيدة عن الأضواء، لأن الإعلام هو من يظهر المواقف، لذلك يجب علينا أن نظهر مواقفنا لكي تصل إلى الشعوب.

من جهة أخرى شدد الأغبري على أن من يدعو إلى الانسلاخ من هويته كمن يخرج للشارع بلا ثياب، فالملابس يتم تفصيلها بقياس الشخص، وملابس الغرب ليست على قياسنا، فكيف لنا أن نقبل بثقافة لم تصنع لبيئتنا، فالمغترب حين ينصاع إلى الثقافات الأخرى فإنه يقطع الأشجار من أصولها، وهذا التغريب يؤثر، وهناك من يتصدى للغة العربية! فليس من الخطأ أن نأخذ من الغرب ما ينفع، ولكن لا أستورد كل شيء، فالغرب أيضا لا يتخلون عن هوياتهم كما تشهد المواقف، فلماذا يأتي هذا الشخص ليدعو إلى تغييرهويته.؟!

فالدول الكبرى تصارع من أجل هويتها، وهم يحاولون أن يغرسوا أقدامهم ويحافظوا على شخصياتهم، لذلك لا يجب أن ننصاع وراء المظاهر ليقال إننا تقدمنا، فالتقدم بالعلوم والمعارف، وليس بالتقليد، ونحن لا نقف ضد ثقافة الغرب، فهم لديهم جامعات جيدة وإنتاج جيد، ولكن بعض الثقافة خاطئة ولا يمكن أن نستنسخ الثقافة كاملة.

وعن الأعراف والعادات والتقاليد فيوضح أن كثيرا منها ثابت، وقديما كانت "الحارة" العمانية مدرسة لتعليم العلم الحسي والتعليم السلوكي، ولو غرست تلك العادات في الجيل الحالي ستجد الكثير من التغيير في جانب القيم، أما التمسك باللباس الوطني فمن الجيد أن ينظم ولي الأمر اللون بالأبيض على سبيل المثال، ويجب أن أعتز بهندامي، في حين إذا ما سافر الشخص فلا بأس أن يلبس اللباس الساتر، ولكن لا يشعر بالعار من لباسه في محيطه وأن يزدريه.

واختتمت المحاضرة بمناشدة المؤسسات المختلفة للحفاظ على الهوية العمانية، مدللا أن للإعلام دورا كبيرا بإنتاج الدراما عن التراث، وما تم إنجازه في السلطنة، وبذلك ستثبت الهوية والشخصية العمانية لدى الأجيال، كما أن "للكرتون" دورا فإذا ما تم استهداف الأطفال بالرسوم الكرتونية حيث يتم تناولها باللهجة العمانية والزي العماني فستصرفهم عن مشاهدة قنوات تسرق هوياتهم.

ونأمل أن يتم تقديم برامج حديثة أسوة ببرنامج "عمان في التاريخ" وغيرها من البرامج التي ساهمت في ترسيخ الهوية العمانية لدى الجيل السابق، كما نطالب بإنتاج أعمال فيما يتعلق بالشخصيات العمانية ويتم تصويرها في الحارات العمانية، ولا يخفى دور الجهات المعنية من خلال الأنشطة والفعاليات التي أقيمت وستقام، لذلك ندعو وزارة التراث والسياحة لتعالج التراث المادي وغير المادي بتسويقه للحفاظ عليه وليدر علينا شيئا من الدخل.