«الشعر على الشعر» شاعرية تُقرأ.. ونقدٌ يُحكى
تغطية - شذى البلوشية
أقيمت مساء أمس الأول محاضرة «الشعر على الشعر في القصيدة المعاصرة»، نظمتها الجمعية العمانية للكتاب والأدباء ممثلة في لجنة كتاب وأدباء جنوب الشرقية، حيث قدم المحاضرة الدكتور محمد الغزي- أستاذ مشارك بقسم اللغة العربية بجامعة نزوى سابقا.
بدأ الغزي محاضرته بطرح مصطلح «الشعر على الشعر» وتوضيح معناه بالرجوع للمصادر المختلفة، وقال: الشعر على الشعر عبارة نجد لها مرادفات في الكتب فهو الخطاب الوصف أو نجد عبارة ميتا شعر».
ولخص مصطلح الشعر على الشعر من خلال ما قاله النقاد، حيث أوضح الغزي بأنه عندما أجد القصيدة تلتفت إلى ذاتها، وتتحدث عن نفسها، وتلتفت على الشعر، وتنعطف على شيء مرتبط بها، فهذا ما يدعى بمصطلح الشعر على الشعر، مثال على ذلك قصيدة أبي قاسم الشابي في ديوانه بعنوان «شعري».
وأضاف الدكتور محمد بأن كل قصيدة تتحدث عن الشعر، أو الرؤية الشعرية للشاعر، أو تلتفت إلى معاناة الشاعر، كما جاء في قصيدة أبي الطيب المتنبي التي قال فيها:
أجزني إذا أنشدت شعرا فإنما
بشعري أتاك المادحون مرددا
ودع كل صوت بعد صوتي فإنني
أنا الصائح المحكي والآخر الصدى
حيث يتحدث المتنبي عن شعره، وصلة شعره بالآخر.
وحول التجربة الشعرية، وعلاقة الشعر بالمتقبل، يقول الغزي بأن هذه موضوعات عادة ما يتطرق إليها النقد، ولكن القصيدة الواصفة تتطرق إلى كل تلك الموضوعات، ويمكن وصفها بأنها إبداع وتأمل في الإبداع، فهي لغة شاعرة، ولغة متأملة.
وأضاف: «إننا في القصيدة الواصفة نجمع بين مستويين اثنين هما مستوى الإبداع ومستوى التأمل، ولكن هذين المستويين متداخلين متشابكين لا يمكن الفصل بينهما».
وتحدث الغزي أيضا في محاضرته حول بدايات ظهور القصيدة الواصفة، حيث قال إنه يشار إلى أنها ظاهرة معاصرة بدأت بالظهور في أوروبا، وأضاف: «ولكن الشعر يتحدث عن نفسه ويحكي تجربته، فشعراؤنا تحدثوا عن الشعر في قصائدهم منذ القدم، ويكفي مثالا على ذلك معلقة عنترة بن شداد (هل غادر الشعراء من متردم)، الذي يوضح فيها عنترة أن معاني وموضوعات الشعر قد تم تناولها قبله، فلم يجد ما يكتب عنه بعد انتهاء المعاني والموضوعات».
وجاء الغزي بمثال آخر وهي قصيدة زهير بن أبي سلمى:
ما نرانا نقول إلا معارا
أو معادا من قولنا مكرورا
وقال الغزي بأن الشعر على الشعر تواصل حتى العصر العباسي، حيث نجد الشعر في هذا العصر يبحث عن الجديد، وكتب أبو تمام ردا -بعد مضي أكثر من قرن- على معلقة عنترة، ويذهب إلى أن الشعراء القدامى أغفلوا معاني كثيرة، حيث قال أبو تمام:
«لو كان يفنى الشعر أفناه ما قرت
حياضك منه في العصور الذواهب».
وتطرق الغزي في محاضرته بعد ذلك إلى المدرسة التي ظهرت في بداية القرن العشرين وهي المدرسة الرومانتيقية، وهي المدرسة التي ظهرت بسبب الأدب الغربي، وقال الغزي: «يمكننا التعريف بالشعر الجديد من خلال القصائد الطويلة التي تعرف بالشعر، ومثال ذلك قصائد عبدالرحمن شكري، وأبي القاسم الشابي»، وأضاف: «يمكن القول بأن الشعر الحديث التفت إلى الشعر، والقصائد الوصفية وجدت في كل ديوان شعر، حيث يقدم الشاعر شعره من خلال إحدى قصائده في ديوانه».
وحول المضامين التي تحدث عنها الشعراء في قصائدهم في الشعر المعاصر قال الغزي: أن أهم المضامين كانت مصادره التي يقول البعض أنها مصدره للإلهام، فيما يقول آخرون أن الشعر ما هو إلا نتيجة كد وجهد الشاعر، وبعضهم يقول أنه جمع بين الكد والموهبة. وأضاف: «هناك من يدافع عن الغموض في شعره كأدونيس الذي نجده يدافع عن الغموض في شعره ولا يمكنه التخلي عنه، في حين نجد البساطة لدى آخرين كنزار قباني ومحمود درويش، حيث يقول قباني:
أتجول في الوطن العربي لأقرأ شعري للجمهور
فأنا مقتنع أن الشعر رغيف يخبز للجمهور
وأنا مقتنع -منذ بدأت- بأن الأحرف أسماك
وبأن الماء هو الجمهور
وخلاصة حديث الدكتور محمد الغزي تقول بأن كل الأسئلة التي تجدها في النقد تجدها في الشعر الواصف، وإن كان هذا يدل على شيء فهو دليل واضح على أهمية الشعر الواصف ومكانته الشعرية والنقدية.
