No Image
ثقافة

أمسية تحتفي بوثائقيات «خط للأفلام»

24 يوليو 2023
24 يوليو 2023

نظم صالون سعيدة خاطر الثقافي أمسية احتفائية لفيلمي «مسافات طويلة» و«آخر الباقين» اللذين أنتجتهما شركة خط للأفلام الوثائقية، وتضمنت الأمسية حوارا مع مخرجي الفيلمين علي البيماني وحمد القصابي، وبطلة فيلم «مسافات طويلة» العداءة سعاد النصيبية، كما قدم الشاعر والكاتب سماء عيسى ورقة نقدية في الفيلمين تناول فيها الترابط الخفي العميق بينهما.

أفلام وثائقية مستمدة

من الأرض العمانية

وافتتحت «خط للأفلام الوثائقية» الأمسية بسرد رحلتها في إنتاج الأفلام الوثائقية المستمدة من الأرض العمانية وحكايات وقضايا إنسانها المرتبط بها. والتي بدأت بمؤسسيها الثلاثة: علي البيماني، وحمد القصابي، وعبد الرحمن التميمي، الذين حاولوا عبر ما قدموه التأثير وتعريف الناس بالهوية والثقافة العمانية، واختاروا هذا المجال وصناعة الأفلام لأنهم يعدونها طريقة سريعة وجاذبة.

ومن أبرز ما أنتجته خط للأفلام الوثائقية: فيلم «ني صلت»، و«سيارة حامد»، وفيلما الأمسية الاحتفائية «آخر الباقين»، و«مسافات طويلة»، وقد حصد «آخر الباقين» على جوائز منها: أفضل فيلم وثائقي قصير في مهرجان موسكو للأفلام القصيرة 2021م، وأفضل سيناريو في مهرجان مسقط السينمائي 2021م، كما يتم بثه حاليا في منصة عين التابعة لوزارة الإعلام.

أما فيلم «مسافات طويلة» الذي خرجت فيه سعاد النصيبية بطلة للمسافات الطويلة على مستوى سلطنة عمان من قرية نائية ومنعزلة بين جبال وادي السحتن القرية التي لا يتعدى عدد سكانها 20 نسمة فقط، وحصل الفيلم على جائزة النخلة الذهبية لأفضل فيلم وثائقي خليجي في مهرجان أفلام السعودية التاسع.

الترابط الخفي العميق

وقدم الشاعر والكاتب سماء عيسى قراءة في الفيلمين فنّد فيها اتفاقهما الباطني والأرضية المشتركة التي تجمع بينهما، ففيلم آخر الباقين كما يراه سماء عيسى يذهب بك إلى نهايات جيل مضى، فيما فيلم مسافات طويلة فهو يأخذك إلى بدايات حياة جديدة مثمرة للعداءة العمانية سعاد النصيبية.

وبدأ سماء عيسى حديثه بحب الأرض الذي يجمع أبطال الفيلمين، وقال: «في فيلم آخر الباقين يلتزم من تبقى في سوق بهلا بعلاقة روحية عميقة بينهم وبين السوق القديم، الذي يكاد يكون مهجورا كليا إلا منهم، وهم الباعة به منذ نصف قرن أو أكثر، هذه ظاهرة انتشرت ابتداء من ثمانيات القرن الماضي، حيث أتت الحياة المدنية الحديثة، على معظم معالم الحياة التاريخية للعمانيين عامة، ولم يكن أحد آنذاك وقليل منهم اليوم من تحدث عن ضرورة الحفاظ على كل جدار أو برج أو مخطوطة تركها لنا أسلافنا، ليس بدافع الحنين الرومانسي فحسب، بل بدافع الإنصات لصوت الماضي المتدفق في دمائنا واعتباره الأساس الصلب الذي نبني عليه مستقبل حياة أجيالنا القادمة، الحب الذي يجعل من العداءة سعاد النصيبية عاشقة لمهنة الرعي التي ولدت وكبرت عليها، عاشقة للجبال التي تربت بها وأعطت لها القوة في التحمل والإرادة في قهر الصعاب والجرأة والإقدام على تجاوز المألوف إلى رحاب أبعد وهو جري المسافات الطويلة في حالتها».

وفي حديثه حول الحوار، أشار سماء عيسى إلى مونولوج من الحزن والأسى تحدث خلاله الباعة في فيلم آخر الباقين عن ما مضى من العمر وعن السوق الذي كان روح بهلا ذات يوم، ملتفتا إلى نقيضه الذي يكمن في «سعاد» في فيلم مسافات طويلة واصفا إياها بابنة الجبال العمانية التي لا تقدم للمرء الضحك المجاني الذي يرافق كثيرا الحياة في المدن الحديثة، وأضاف: «يظل الحزن أيضا سمة خاصة لأبناء الجبال وهم يتحدثون عن المحل الذي يحدث بين فترة وأخرى، وهي أي سعاد التي تتحدث عن الحنين إلى الجبال وإلى طفولتها وصباها بها، الجبال الصخرية الجرداء أعطت العمانيين روح العزلة وتقديسها، رغم أنها أبعدتهم عن الاحتكاك التاريخي بالعالم الخارجي، كما هو في أبناء السواحل والأودية، المهاجرين إلى شرق أفريقيا وآسيا وصولا إلى الهند والصين، روح العزلة والتمسك بالأرض الجبلية الجرداء أبعدتهم أيضا عن تاريخ الحروب القبلية الدامي في الأودية والسهول».

وفي إشارة إلى الشخصيات في آخر الباقين، يحيلنا سماء عيسى إلى الشخصيات التي تكرر نفسها في الفيلم ليصبح المشاهد أمام شخصية واحدة، معتبرا المكان هو الجوهر -المكان الذي يفقد أبناءه رويدا رويدا-. وعن النقيضين في فضاء التجربتين الخلاقتين آخر الباقين ومسافات طويلة على حد تعبيره، فضاء بين الحياة وبين الموت، بين الخلاص القادم كما هو في فيلم مسافات طويلة، وبين الموت الراحل كما هو في فيلم آخر الباقين، وقال: «هكذا لنتأمل عالمنا بوصفه كلا ومعنى، وليس التجزؤ، ونظرة الظواهر منفصلة عن بعضها البعض، هكذا تتضح العلاقة الحميمية بين التجربتين، وهذا أيضا سر ديمومة الحياة وتجددها، الباعة في سوق بهلا القديم يدركون هذه الحتمية جيدا، يتردد في حواراتهم، أنهم لن يبيعوا دكاكينهم أبدا طالما بكل منهم نفس من الحياة بعد، مع إدراكهم بأن ذلك حادث حتما بمجرد وفاة أي منهم».

ووصف سماء عيسى السينما الوثائقية في عمان بالكنز المخفي نفتح أبوابه المخفية على تجربة وراء أخرى، وفي خلاصة قوله وصف سماء عيسى آخر الباقين «بالتمسك الحميمي بعطر الأفول وهو يغلق ليس أبواب السوق القديم فحسب، بل أبواب العمر كاملا، إذ ذاك نمضي جميعا لنغدو ذكريات أحاديث تتناقلها الأجيال جيلا بعد آخر، ولكن لنمضي معا مكملين حركة الحياة في تقدمها الرحب إلى فضاء الكشف، هو ما يستكمل تقديمه لنا فيلم مسافات طويلة، ليؤكد التواصل الخلاق بين ما مضى وما هو مشرق كشمس الجبال فجرا. هكذا أعود لأؤكد الجملة الأولى من هذا النص وهو الترابط الخفي العميق بين فيلمي آخر الباقين ومسافات طويلة.