أحمد إبراهيم الشريف: أخذت إحدى قصصي من تاجر سلاح يدَّعي الجنون!
- لديَّ اعتقاد قوي بأن التجريب والفن مرتبطان معًا برباط مقدّس
- فن السرد ليس مجرد حكايات فقط وإلا ما الفارق بين روائي ورجل يجلس في مقهى؟
- الموت هاجسي.. أراه يحيط بي مثل قوسين يحيطان بجملة في رواية
- الأدب لا تحكمه الشروط القاسية فهو ليس مسألة رياضية بحتة
- ليس على الكاتب أن يأخذ مسافة من الأسطورة والأهم أن يحوِّلها إلى فن
- كل من يكتب قصة جميلة يعجبني.. وكل من يكتب عملًا جيدًا هو أستاذي
- التعامل مع القصة باعتبارها تدريبًا على كتابة رواية أضرَّ بها
مؤخرًا دخل الكاتب المصري أحمد إبراهيم الشريف عالم القصة القصيرة وأصدر مجموعته الأولى "زغرودة تليق بجنازة" بعد روايتين هما "موسم الكبك"، و"طريق الحلفا"، وكتابين نقديين: "الخطاب الشعري عند نجيب سرور"، و"أقنعة باكثير"، ويبدو أنه وقع في غرام القصة وسيعود إليها لاحقًا، خاصة وأن ردود الأفعال الإيجابية شجَّعته.
يحكي أحمد إبراهيم الشريف -وهو أحد أبرز الأصوات المصرية الجديدة – في هذا الحوار عن مصادر إلهامه، ونشأته في كنف بيئة تصدّق الأساطير، كما يحكي عن تاجر سلاح يدعي الجنون كان يراه في طفولته ويستمع إلى حكاياته ومنها واحدة ظلت عالقة في ذهنه ووجدانه حتى كتبها في هذه المجموعة.
- يلجأ الكتاب إلى هذه النوعية من القصة (القصة القصيرة جدًا) بعد سنوات طويلة جدًا من الخبرة، فما الذي شدك إليها مبكرًا؟
• لديَّ اعتقاد قويّ بأن التجريب والفن مرتبطان معًا برباط مقدس، وأن جزءًا من فنيات الكتابة هو "محاولات" في الشكل والمضمون، ومجموعة "زغرودة تليق بجنازة" تشكَّلت مع الوقت، ففي البداية كانت الفكرة أن أكتب قصة أو اثنتين قصيرتين ليس أكثر، وقد فعلت ذلك، وحينها أضاءت الفكرة في عقلي، فقررت أن أحافظ على هذا الشكل حتى النهاية، كي يكون الكتاب متسقًا من حيث الشكل والفكرة.
وفيما يتعلق بالخبرة - في ظني - أن الخبرة تتشكل عن طريقين؛ الممارسة والاطلاع، بمعنى أنه ليس ضروريًّا أن أكون قد كتبت من قبل عشرات المجموعات كي أبدأ تجربة شيء أو أقول عن نفسي إنني أصبحت صاحب خبرة، لكن لا بد أن أكون قد اطَّلعتُ وقرأت تجارب الآخرين، بشرط أن أكون قد اطلعت عليها بوعي وتأمل.
كما أنني لا أخشى التجريب، وعندما تتلبسني الفكرة (خاصة المرتبطة بالشكل) لا أستطيع التخلص منها، فأستسلم لها، وهذا ما حدث مع هذه المجموعة.
- القصص في مجملها تبدو أشبه بقصائد تعتمد على مشهد قصير غالبًا ينتهي بمفارقة.. ما تعليقك؟
• فن السرد ليس مجرد حكايات فقط، بل هو أكثر من ذلك هو حكايات ولغة ورؤية وموقف من العالم وأشياء أخرى، وإلا فما الفارق بين الكتابتين الأدبية والخبرية، وما الفارق بين روائي ورجل يجلس في مقهى يخبرنا بحكاية ما؟
لذلك أنا بالمجمل في كل ما أكتبه لا أتنازل عن اللغة، وهنا لا أقصد "التعقيد والصعوبة والإغراب والغرابة" لكن أقصد "الجمالية". أن نجعل للغة دورًا يفوق "الإخبار" وفي هذا يلتقي الشعر مع فنون السرد.
وكون القصص القصيرة تشبه القصائد، ربما يعود ذلك لقصر النص وبالتالي كان اختيار الكلمات دقيقًا يعتمد التكثيف الذي هو من سمات القصائد.
- لماذا مائة حكاية بالذات؟ هل الرقم في حد ذاته مغرٍ.. أم أن هناك فلسفة كانت تحكمك في اختياره؟
• في البدء كانت الفكرة مائة قصة وقصة، وأعتقد أن ذلك حدث دون وعي مني، ربما تأثرًا بألف ليلة وليلة، خاصة أنني كنت أستخدم لفظة "حكاية"، لكن مع الوقت لم أحب هذا التشبه الواضح فاكتفيت بمئة حكاية.
وربما جاء ذلك لأن الأرقام مثل مائة وألف وغيرها "دالة" على درجة من الاكتمال، أي أن الرسالة الفنية أو حتى الإرشادية "قد اكتملت" باكتمال الرقم، وفي النص القرآني يقول الله سبحانه وتعالى في قصة النبي عزير في سورة البقرة "فأماته الله مئة عام ثم بعثه" كأن بعثه بعد هذه المائة يعني اكتمال التجربة.
وربما حدث ذلك لأن القصة لا تتجاوز الصفحة الواحدة، وبالتالي كي يصبح لدينا كتاب فعلى الأقل لا بد من مئة صفحة، حتى يوافق أصحاب المطابع على النظر إليه.
- القصص مشدودة في غالبيتها إلى الموت والجنازات واللون الأسود والقبور الملونة.. حتى أن فاطمة بنت الحاج علي تفرح حين يموت حسين محمدين في القصة التي تحمل عنوان المجموعة "زغرودة تليق بجنازة".. لماذا؟
• الموت "هاجسي" الذي يطاردني طوال الوقت، أراه في كل شيء محيط، أتأمله، وأراقب نفسي وأنا أتحرك إليه يومًا بعد يوم، وقد ظهر خيط من ذلك في كل ما كتبت (موسم الكبك، وطريق الحلفا، وزغرودة تليق في جنازة) وحتى في كتبي النقدية (الخطاب الشعري عند نجيب سرور، وأقنعة باكثير).
وأنا لا أسعى للكتابة عن الموت وعالمه من باب أني صاحب فلسفة أو رؤية أو أني أعرفه، لا بل أكتب وأكتب في محاولة لمعرفته، أشعر أمامه بالعجز الكامل، وسيطرته الكاملة، أراه يحيط بي مثل قوسين يحيطان بجملة في رواية.
وعندما أكتب عن الموت أكون صادقًا كما لم أكن من قبل، أشعر كأنني ألمس الأشياء في حقيقتها البكر.
وفيما يتعلق بالمجموعة "زغرودة تليق بجنازة" فإن فلسفتها - حسبما تراءت لي - تتعلق بـ"الموت والحياة"، و"الضحك والبكاء"، لذلك فكرت في وقت ما أن أسميها "كتاب الضحك والبكاء".
- هل ترى أنك حققت شروط هذا النوع من القصة وأهمها القدرة على الإدهاش الشديد؟
• من الجميل أن الأدب لا تحكمه الشروط القاسية، فهو ليس مسألة رياضية بحتة، ومع ذلك هو لا يعدم الشروط والصفات، وأنا من وجهة نظري حاولت أن أطبق مفهومي الفني عن القصة القصيرة، أن تكون سريعة تتعلق بموقف معين وأن تصاحبها الدهشة، ولا تغيب عنها الرؤية، وأن أملك خصوصية ما، لكن ذلك لا يمنع ناقدًا أو قارئًا أن يريا فيما كتبت "نقصًا ما أو عدم التزام بشرط معين"، فلا النقد أخطأ ولا أنا أخطأت، هكذا الفن حمَّال أوجه.
- الاعتماد على المفارقة فيه خطورة شديدة إذا لم تُحكِم نهاية القصة.. هل نهايات القصص مثَّلت نوعًا من التحدي بالنسبة لك؟
• بالطبع، كانت نهايات القصص تشغلني كثيرًا، وقد غيَّرت وبدَّلت فيها حتى اللحظة الأخيرة، لأن النهاية تظل عالقة في ذهن القارئ، وعلى أساسها يُعيد مرة أخرى قراءة القصة.
شغلتني النهايات، لأن المفارقات هي المعبر الحقيقي عن حياة الإنسان، عادة ما تبدو لنا الحياة منطقية يحكمها الزمن الذي يبدأ وينتهي، لكن ذلك - في الحقيقة – لا يحدث دائمًا، بل إن الحياة مثل "أحجية" تذهب بنا في كل اتجاه، وهكذا القصص ونهاياتها.
- في قصة "ثأر" يدور الحوار بين مطارَد ومطارِد ونكتشف أن الأول ملَّ الهرب والثاني يخشى أن يشعر بالوحدة بعد أن ظفر بما أراده.. لماذا لجأتَ إلى تقنية الحوار في هذه القصة؟
• لم يعد للوصف مكان، هما هاربان منذ عشرين عامًا، في هذه السنوات الكثيرة تخيلا – كل على حدة – مشهد اللقاء، لذلك عندما جاءت اللحظة الحقيقية، لم يعد هناك وصف، فقط جمل حوارية تقول كل شيء.
والحوار في قصة "ثأر" تقنية فنية أحببت أن أجربها، وأن أرى مقدار ما تقدمه الجمل "المعشقة"، هل يمكن للحوار أن يقدم قصة مكتملة، وقد فعلت ذلك أيضًا في قصة "الحب جميل".
- بعض القصص تبدو كأنها تصدق الأسطورة، مثل قصة "عفريت" حيث ينادي البطل عفريتًا ويبدو كما لو أن نداءه تحقق حينما تلوحُ في الطريق قطة سوداء بذيل مقطوع.. هل على الكاتب أن يصدق الأساطير الشعبية أم يجب أن يحتفظ لنفسه بمسافة منها؟
• الأساطير رافد مهم لعالم الكتابة، مثل الأحلام وتأمل الواقع وغير ذلك ممن يستمد منه الكاتب أفكاره ورؤيته، وليس على الكاتب أن يأخذ مسافة من الأسطورة، وفي الوقت نفسه ليس عليه أن يكون داعيًا لها، بل الأهم كيف يحولها إلى فن.
أقول ذلك لأنني أومن أن الأسطورة جزء من تكوين الإنسان نفسه، أنا جئت من بيئة لها تفكير "أسطوري" الناس فيها يرون في كل شيء بُعدًا آخر، فالنهر يغضب ويرضى، والحيوانات تحن وتقسو، والنباتات تحزن وتفرح، والعفاريت حاضرة في كل "قيلولة" والمارد كامن في قلب النهر في انتظار المكتوب عليهم الغرق.
- في قصة "قسمة العدل" يقتسم الأخوان كل الإرث، حتى أنهما يحاولان كسر البندقية ليأخذ كل منهما نصيبه. إنها صورة لا معقولة، فهل ترى أن جمال القصة يمكن أن ينبع من لا معقوليتها أحيانًا؟
•ّدعني أخبرك بقصة وراء "قسمة العدل". فكرة اقتسام البندقية عن طريق كسرها نصفين، حكاها لي رجل عجوز جدًا كان يدَّعي الجنون، وهو في الحقيقة "تاجر سلاح"، كنا نلتقيه ونحن أطفال، رجل قصير ضئيل الحجم، مرح لأقصى درجة، يلبس نظارة طبية مقعرة ويلف على ذراعيها قطعًا من القماش، ونحن أطفال نحرس الأرض من الطيور المحلقة في السماء والحيوانات الضالة، نراه يمر على الطريق فنجري إليه نقول له "غنِّ لنا" فيغني لأم كلثوم "غني لي شوية شوية". يقول لنا نكاتًا فنضحك، كنا نحبه ونحب مرحه ومزاحه، كان يشبه "جحا" في كل شيء، وكانت مواقفه المضحكة حديث القرى، كان يفعل ذلك وهو في طريقه لعقد صفقة سلاح، وذات مرة سألته "إلى أين ذاهب؟" فأجابني وعيناه تلمعان في جنون: "تعرف بيت فلان.. لقد تشاجرا على بندقية ورثاها فاقتسماها بالفأس، وأنا ذاهب لأجد لهما حلًّا" قال ذلك وتركني، وظلت القصة الغريبة عالقة في ذهني لا أصدقها ولا أنكرها، لكن معرفتي بالناس الذين أشار إليهم تجعلني "أصدق أنهم يفعلونها".
- في قصة "سنوات عجاف" استخدمت مصطلحًا ارتبط بقصة النبي يوسف في سياق مغاير تمامًا.. فلماذا؟
• الإنسان في مجمله طبقات مترسبة تكونت مع الزمن مما عاشه وسمعه وقرأه ورآه، ومن كل هذه يتشكل معجمه ورؤيته أيضًا، والنص القرآني والقصص الدينية رافدان قويان نأخذ منها بوعي أو بدون وعي.
لم أنتبه لجملة سنوات عجاف وعلاقاتها بقصة النبي يوسف إلا بعدما قرأت السؤال، لكن الدلالة ليست بعيدة، كل ما يقضيه الإنسان بعيدًا عمن يحب خاصة أمه فهي سنوات عجاف بالفعل.
- هل تعكس قصة "فلاتينو" فكرة حنيننا الدائم إلى الماضي ممثلًا في شخصية الجدة؟
• الحنين للماضي جزء من شخصيتي، لديَّ اعتقاد بأن الماضي كان أجمل، وأعرف أن ذلك جزء من تصوّري، وفي الحقيقة ربما لم يكن كذلك، لكن لأن الماضي انتهى واكتملت أسطورته، لذا نراه جميلاً، ونحنُّ إليه، ننسى المعاناة ونعيش لحظات الضحك الخاصة، كنا صغاراً لا نعرف سوى حدود القرية، والنهر القادم من بعيد، الآن نعرف أن الشياطين تمسك بأطراف الأرض تريد أن تشعل حربًا كبرى.
لكن سواء اتفقنا أو اختلفنا مع الماضي فإن "الجدات" كن أفضل الكائنات فعلًا، لديهن الحب غير المشروط، والعيون التي تحتويك واليد التي تعطيك والقلب العامر بمحبتك، يصدقن أحلامك ويرين لك مستقبلًا لا تراه.
- كان هناك ما يشبه "المازورة" التي تقيس عليها القصص في كلمات محددة.. لماذا؟
• لم يكن في الأمر معاناة بصورة كبيرة، فبعدما اتضحت الفكرة في ذهني، كنت أكتب القصة فتصل مثلًا إلى مائة وعشرين كلمة، فأبدأ بعدها في التكثيف والحذف والاحتفاظ بما هو "ضروري" فقط، وبعض القصص رفضتْ أن تنصاع لي تمامًا، لذلك زادت كلمتين أو ثلاث كلمات عن المائة، وبعضها نقصت كلمتين أو ثلاثًا، وقد سمحت لنفسي بهذه المرونة حتى لا تفقد القصص روحها.
ومن ناحية أخرى كان الموضوع شيقًا، إذ تختبر فيه قدرتك على "التحكم" في أن تقول ما تشاء في أقل عدد من الكلمات.
- ما أبرز ردود الأفعال على هذه المجموعة؟
• جاءت الردود على المجموعة حتى الآن مطمئنة وهذا يسعدني، والطمأنينة لا تعني دائمًا الإعجاب فقط، لكنها تعني العثور على شيء فيها، أنها ليست مجرد كتابة عابرة، لكنها قابلة للاشتباك معها، حتى إن لم تعجب البعض فذلك حقهم، أنا أمارس النقد، وأعرف أن النقد مجرد زاوية رؤية، مجرد زاوية واحدة، وأن النص الجيد هو الذي يحتمل العديد من الزوايا التي ينظر منها النقاد والقراء.
أغرب ما قابلته في ردود الأفعال أن كل من قرأ المجموعة أعجبته قصة مختلفة عن الآخرين، أنا عن نفسي تعجبني قصة "ملاك الموت" وأشعر أني لو قرأتها في أي مكان وعند أي كاتب ستعجبني، لكن لم يقل لي أحد ممن قرأ أنها المفضلة لديه، ولي صديق أحب قصة "رسائل حب" وقد استغل هذه الرسائل وأرسلها بالفعل لامرأة يحبها، وكاتبة معروفة رأت أن القصص المتعلقة بالموت بأشكاله المختلفة وطرق الوصول إليه هي الأفضل، وتمنت لو أنني قصرت المجموعة على هذه القصص فقط.
- هل أغرتك هذه المجموعة بمواصلة كتابة القصة القصيرة جدًا أم أننا سنقرأ لك قصصًا طويلة؟
•لا أعرف كيف تأتي التجربة المقبلة في القصة القصيرة، إنني أعمل حاليًا على رواية جديدة، أحاول أن أصنع فيها تجريبًا جديدًا.
لكنني فعلًا وقعت في غرام القصة القصيرة، وحتمًا سأفكر في فكرة جديدة من حيث الشكل والمضمون، لم تتضح في ذهني بعد، المهم أن تتفق ومفهومي عن القصة (الوقوف عند لحظة ما وحضور المفارقة).
- مَن الأصواتُ التي تعجبك في القصة من مصر والعالم العربي؟
• لا أستطيع حصر الذين يعجبونني فعلًا، فهم كثيرون، كل من يكتب قصة جميلة يعجبني، وفي ذلك أقول إنني ذات مرة قرأت مجموعة قصصية بعنوان "موت قارع الأجراس" للكاتب الكبير محمد جبريل، أعتقد أنها صدرت في عام 2002، وكان ضمن المجموعة قصة بعنوان "سندس" على ما أتذكر، لكن المتأكد منه أن البطلة اسمها "سندس". المهم أن هذه القصة "بسيطة وجميلة" لدرجة لا تُنسى، أحببتها وتمنيت أن أكتب قصصًا مثلها، خفيفة مثل غمامة ومثقلة مثل غمامة أيضًا.
وأنا لا أريد أن أذكر أسماء مبدعين حتى لا أنسى أحدًا، لكن لا بد أن أذكر الكاتب الكبير الراحل سعيد الكفراوي الذي أخلص لفن القصة القصيرة لأنه ذاق حلاوتها ورفض أن يستعيض عنها بفن آخر، أنا أفهمه وأقدر ما قام به.
ومن المعاصرين أسماء مهمة في فن القصة أحب إبداعهم وأتعلم منهم، فكل من يكتب قصة تتماس معي أحب ما يفعله.
- هل تستطيع القصة منافسة الرواية؟
• لي رأي في ذلك، هو أن فن القصة القصيرة لا علاقة له بفن الرواية، ولا يجمعهما سوى اعتماد الفنين على ثيمة "السرد"، ومن الأضرار التي لحقت بفن القصة القصيرة أن البعض عدَّها جزءًا من الرواية، أو أنها تدريب على كتابة رواية، أو غير ذلك، لكن المفروض أن نفصل بين الفنين تمامًا، مثلما نفصل بين الرواية وفن المسرح.
لو تعاملنا مع القصة على أنها فن مستقل، ستزدهر أكثر، ولن تدخل مع الرواية في منافسة أبدًا، وحينها لن نكون في حاجة إلى طرح سؤال: "هل تستطيع القصة منافسة الرواية؟" لكن للأسف الوسط الثقافي عامة والوسط النقدي خاصة يعقد دائمًا المقارنات، وهي ليست في صالح أي من الفنين.
- من هم أساتذتك وكيف أفدت منهم؟
• كل من يكتب عملًا جيدًا هو أستاذي، أتعلم منه، وكل من يجعلني أقرأ كتابه وأتمنى لو أنني أنا "مَن كتبته" هو أستاذي في هذه اللحظة، سواء كان أكبر مني في التجربة أو أصغر.
أما عن أساتذتي بشكل مباشر فلن أستطيع حصرهم. منهم كتَّاب ومبدعون ومنهم أناس عاديون لكنَّ آراءهم في الكتابة غيَّرت في أفكاري وأضافت إليَّ، ويظل الكبار بما تركوا كبارًا في نفسي من نجيب محفوظ إلى يوسف إدريس ويحيى الطاهر عبد الله وعبد الرحمن الأبنودي، وغيرهم الكثير والكثير.
-أخيرًا.. ما رسالتك من وراء الأدب؟
•أن أشارك في صناعة الحضارة بقدر بسيط، أن أصنع فنًا، فالفن هو ما يحفظ للإنسان إنسانيته، وأن أعبِّر عن نفسي (آلامي وأحلامي) وأن أكون "حُرًا" قادرًا على "البوح".
