No Image
العرب والعالم

شوروف... الملاذ الطبيعي المدمّر الذي تمّ تحريره من سيطرة القوات الروسية

09 أكتوبر 2022
09 أكتوبر 2022

شوروف "أ.ف.ب ": قبل الحرب، كانت شوروف قرية صغيرة وادعة ذات مناظر طبيعية خلابة تقع بين الغابة ونهر دونيتس. وبعدما حرروها من يد القوات الروسية، بات الجنود الأوكرانيون السياح الوحيدين فيها وسط حقل الخراب الذي خلّفه القتال.

في شوروف التي كانت ذات يوم ملاذاً لسكّان المدن الباحثين عن الهواء النقي، حلّ الصمت محل ضجيج الحرب. لكن المدينة الصغيرة في منطقة دونيتسك لم تعد تتمتع بسحر الماضي، فقد دُمّرت أكواخها الجذّابة وفندقها الريفي.

وما زال عدد قليل من الأشخاص يتجولون في هذا المنظر الكئيب الذي يضم بضعة منازل لم تدمر. فمن بين نحو مئتين منها، بقي بين عشرين وثلاثين منزلاً صامداً. وتقول سفيتلانا بوريسينكو (65 عاما)، وهي أرملة عاشت كل حياتها في شوروف، "الله وحده يعلم كيف نجونا، بقي عدد قليل منّا" في البلدة.

وتضيف "كان الأمر مروّعاً عندما جاءت القوات الروسية ، كانت كارثة. دمّروا كل شيء حولهم. حطّموا أبوابنا وكان الأمر مرعباً حقاً".

حتى أنّ القوات الروسية أجبروها مرّتين على الطهي والتنظيف لهم. بعد طردهم من شوروف، حل محلهم جنود أوكرانيون. وانتهى الأمر بطرد آخر الجنود الروس الذين كانوا متحصّنين في مدرسة القرية.

و داخل دار للضيافة مدمّرة، بالقرب من حوض للسباحة ممتلئ حتى النصف بمياه خضراء، أصلح المقاتلون الأوكرانيون شواية تعمل بالحطب لاستخدامها في طهي ما اصطادوه من أسماك.

وقام ستة منهم بغسل وتقطيع كومة من الفطر الذي قطفوه من غابة الصنوبر بين حطام الآليات المدمّرة.

من بعيد، يُسمع دوي انفجارات لكن أحد أفراد طاقم المدفعية أكد لوكالة فرانس برس أن القوات الروسية كانت على بعد أكثر من خمسة كيلومترات.

وبات الآن العلم الأوكراني باللونين الأزرق والأصفر يرفرف على سطح طوابق المدرسة الثلاث المدمّرة التي يحيط بها الحطام والرصاص.

وكانت المئات من طلقات الكلاشينكوف غير المستخدمة لا تزال ملقاة في الداخل، بين الأسرّة والملابس التي تركها الروس على عجل.

وتعيش زينيدا تشوبرينا (75 عاماً) وابنها إيفان لوباتشوف (43 عاماً) على مسافة قصيرة من المدرسة. أمام كوخهما، يظهر ذيل قذيفة من بين الزهور، فيما كان رأسها مدفوناً في الرمال. ويمكن رؤية حفرتين في الحديقة.

تقول تشوبرينا "أحاول تنظيف المكان لأنّنا (...) لسنا قذرين. انظروا ماذا فعلوا بنا. نحن بشر في نهاية الأمر".

تتوق تشوبرينا إلى السباحة في نهر دونيتس مرة أخرى، مثل محبّي الطبيعة الذين كانوا يتوافدون إلى شوروف عندما كانت مكاناً مناسباً لقضاء الاجازات.

ويقول ابنها إيفان الذي كان حارس غابات قبل أن يتقاعد بسبب فقدانه عينه في حادث، إنّ الجنود الروس عرضوا عليهم الطعام مرّتين. غير أنه يشتبه في أنّ الأمر كان مصيدة لجمع معلومات شخصية، وربما لإصدار أوراق هوية روسية لهما.

أخيراً، جاء برنامج الغذاء العالمي لمساعدتهم بما يكفي من الطعام لمدة أسبوعين: سبعة كيلوغرامات من الأرز والزيت واللحوم المعلّبة.

وفي ظلّ انقطاع الكهرباء، قام إيفان لوباتشوف بتركيب بطارية سيارة على جهاز راديو لمواكبة تقدّم الحرب. وعلم السبت أنّ انفجاراً ألحق أضراراً بالجسر الذي يربط روسيا بشبه جزيرة القرم التي ضمّتها.

كانت هذه الأخبار تحمل الراحة للوباتشوف، لا سيما أنّها تنطوي على هزيمة للرئيس الروسي فلايديمير بوتين. يختتم حديثه قائلاً "هذا جيد، أنا سعيد".