العرب والعالم

الأمين العام للأمم المتحدة: على البشرية الاختيار بين "العمل معا" أو "الانتحار الجماعي"

07 نوفمبر 2022
إدراج المسألة المالية المتعلقة بالخسائر والأضرار على جدول أعمال مؤتمر المناخ
07 نوفمبر 2022

ماكرون: على الولايات المتحدة والصين دفع "حصتهما" في مساعدة الدول الفقيرة

السيسي: الكوارث المناخية تزداد حدتها على نحو غير مسبوق

مؤسسة غيتس تتبرع ب1,4 مليار دولار لصغار المزارعين

شرم الشيخ (مصر) "أ.ف.ب": حذر الأمين العام للامم المتحدة أنطونيو غوتيريش امس الاثنين خلال قمة قادة الدول والحكومات في مؤتمر الأطراف حول المناخ (كوب27) من أن البشرية أمام خيار العمل معا أو "الانتحار الجماعي".

وأكد غوتيريش في شرم الشيخ في مصر أن "البشرية أمام خيار التعاون أو الهلاك. فإما يكون عهد على التضامن المناخي أو عهد على الانتحار الجماعي".

وأكد "نحن نسلك الطريق السريع نحو الجهنم المناخي ونواصل الضغط على دواسة السرعة". ويرفع غوتيريش الصوت أكثر فأكثر في الفترة الأخيرة.

وبسبب الحالة الملحة للمناخ، ينبغي ممارسة ضغوط قصوى على الدول لتعزيز مكافحة الاحترار رغم "الأزمة المتعددة الجوانب" والمترابطة التي تستحوذ على اهتمام العالم من حرب في أوكرانيا وأزمتي الطاقة والغذاء والتضخم الجامح والركود الذي يلوح في الأفق.

"غير مقبول"

وأكد غوتيريش أن الأزمات الأخرى عابرة إلا أن المناخ "مسألة حاسمة في عصرنا هذا" و"من غير المقبول" أن يتراجع النضال من أجل المناخ "إلى المرتبة الثانية" في سلم الأولويات مشددا على أن ذلك يؤدي "إلى تدمير ذاتي".

من جهته، قال سايمن ستييل مسؤول المناخ في الأمم المتحدة لدى الافتتاح الرسمي لكوب27 امس الاثنين "كل الأزمات مهمة لكن ما من أزمة لها تداعيات كبيرة" مثل الاحترار المناخي الذي ستُواصل عواقبه المدمرة "التفاقم".

وفي السياق نفسه، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مضيف المؤتمر أن "الكوارث المناخية تتسارع وتيرتها وتزيد حدتها على نحو غير مسبوق يوما بعد يوم فما تلبث أن تنتهي كارثة في مكان ما حتى تبدأ أخرى في مكان آخر مخلفة وراءها ألاف الضحايا والنازحين والمصابين"، وأكد "ما تنتظره منا شعوبنا اليوم هو التنفيذ السريع والفعال والعادل".

إلا أن الدول لا تزال متّهمة بالتقصير في ما ينبغي عليها فعله لمكافحة الاحترار.

وينبغي أن تنخفض انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 45% بحلول العام 2030 لتكون هناك فرصة لتحقيق أكثر أهداف اتفاق باريس للمناخ المبرم العام 2015 طموحا ويقضي بحصر الاحترار بـ1,5 درجة مئوية مقارنة بالحقبة ما قبل الصناعية.

لكن التعهدات الحالية للدول الموقعة حتى لو احترمت في نهاية المطاف، ستؤدي إلى ارتفاع الانبعاثات بنسبة تراوح بين 5 و10% ما يضع العالم على مسار تصاعدي قدره 2,4 درجة مئوية في أفضل الحالات بحلول نهاية القرن الحالي.

غير أنّه مع السياسات المتّبعة راهنًا، يُتوقّع أن يبلغ الاحترار 2,8 درجة مئوية وهو أمر كارثي، على ما تفيد الأمم المتحدة.

ومن التاثيرات السلبية الرئيسية على مكافحة التغير المناخي تجدد التوتر بين أكبر ملوثين في العالم، الصين والولايات المتحدة. إلا ان الرئيس الصيني شي جيبينغ يغيب عن كوب27 في حين أنّ نظيره الأمريكي جو بايدن المنشغل بانتخابات منتصف الولاية الثلاثاء، سيمرّ على شرم الشيخ سريعًا في 11 نوفمبر. لكن يتوقع ان يلتقي الزعيمان الأٍسبوع المقبل في بالي خلال قمة مجموعة العشرين، ودعا غوتيريش للطرفين إلى تحمل "مسؤوليتهما الخاصة".

على الموعد

وفي هذا الإطار، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون امس الاثنين على هامش المؤتمر في شرم الشيخ إنه يريد "ممارسة الضغوط" على "الدول الغنية غير الأوروبية" ولاسيما الولايات المتحدة الصين ، لتدفع "حصتها" في مساعدة الدول الفقيرة على مواجهة التغير المناخي.

وأوضح ماكرون خلال لقاء مع شباب من إفريقيا وفرنسا "يجب أن نحمل الولايات المتحدة والصين لتكونا على الموعد فعلا" في مجال خفض انبعاثات غازات الدفيئة والتضامن المالي.

وللمرة الأولى، ادرجت المسألة المالية المتعلقة بالخسائر والأضرار رسميا على جدول أعمال مؤتمر الأطراف.

وتُقدّر هذه الأضرار بعشرات المليارات منذ الآن، ويُتوقّع أن تستمر بالارتفاع الكبير. فالفيضانات الأخيرة التي غمرت ثلث باكستان تسبّبت وحدها بأضرار قُدّرت بأكثر من 30 مليارا.

وتُطالب الدول الضعيفة إزاء هذه التداعيات، بآليّة تمويل خاصّة، إلّا أنّ الدول الغنية تتحفّظ على ذلك، إذ تخشى أن تحمل المسؤولية رسميًا وتُفيد بأنّ نظام تمويل المناخ معقّد كفاية بحالته الراهنة.

وفي هذا الإطار قال رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أمام المؤتمر امس الاثنين "يسرنا أن نوجه دعوة مفتوحة إلى الجميع للتعاون في إيجاد حلول تسهم في معالجة الخسائر والأضرار وخلق فرص نمو مستدام للبشرية في كل مكان".

إلا ان كوب27 لن تفضي إلى قرار بهذا الشأن إذ أن المفاوضات مقررة لتستمر حتى 2024 ما يثير استياء بعض الناشطين الذين يطالبون بقرار خلال المؤتمر الحالي.

فالثقة على صعيد هذه الملفات بين الشمال والجنوب شبه معدومة بعدما فشلت الدول الغنية في الإيفاء بالتزاماتها تقديم مئة مليار دولار سنويا لأفقر بلدان العالم لمساعدتها على خفض الانبعاثات والتكيف مع تداعيات التغير المناخي.

وقد يزور الرئيس البرازيلي المنتخب لولا الذي أحيا فوزه أمل المدافعين عن الأمازون الذي يشكل إحدى "رئات" العالم، شرم الشيخ قبل انتهاء المؤتمر في 18 نوفمبر.

ويأتي أيضًا رئيس الوزراء البريطاني الجديد ريشي سوناك الذي سيدافع عن الانتقال في مجال الطاقة والدفاع عن أداء بلاده التي استضافت مؤتمر الأطراف السابق حيث تم التأكيد على أهداف اتفاق باريس.

تداعيات الاحترار

وتلقى صغار المزارعين في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وفي جنوب آسيا الذين يعانون من تداعيات الاحترار المناخي مساعدة قدرها 1,4 مليار دولار امس الاثنين لإعانتهم على التكيف مع أحوال الطقس المتقلبة.

فقد تبرعت مؤسسة بيل وميليندا غيتس بهذا المبلغ على أربع سنوات وهو مخصص للابتكارات الإقليمية التي تعزز القدرة على مقاومة الجفاف وموجات الحر والفيضانات العارمة التي يفاقمها الاحترار العالمي على ما جاء في إعلان خلال مؤتمر الأطراف حول المناخ (كوب27) الذي تستضيفه شرم الشيخ في مصر.

ووجهت منظمات تمثل نحو 350 مليون مزارع صغير رسالة مفتوحة إلى قادة العالم امس الاثنين تحذر من أن الأمن الغذائي العالمي مهدد ما لم تعزز الحكومات المساعدات المالية للوحدات الانتاجية الصغيرة وداعية إلى الابتعاد عن الزراعة الصناعية والتوجه إلى وسائل أكثر تنوعا وأصغر حجما.

وجاء في الرسالة الصادرة عن 70 منظمة تمثل مزارعين وصيادي أسماك ومنتجين في الغابات "الارتفاع الكبير في المجاعة في العام الأخير فضحت ضعف نظام الأغذية العالمي" غير القادر على مواجهات الصدمات المناخية.

وأكدت "إقامة نظام غذائي يمكنه تأمين الغذاء لسكان العالم الذي يعاني الاحترار يجب أن يكون أولوية في كوب27".

ويشكل قطاع الزراعة العمود الفقري في الكثير من الدول الإفريقية ويوظف أكثر من 50% من القوى العاملة ويساهم في ثلث إجمالي الناتج المحلي الإفريقي.

ويعتمد ما لا يقل عن ملياري شخص عبر العالم على مزارع صغيرة للحصول على الغذاء وتأمين دخل لكنهم يتلقون فقط 2% من التمويل العالمي في المجال المناخي للمساعدة على التكيف مع التغير المناخي الذي يتوقع أن يفاقم الأزمتين الغذائية والاقتصادية خلال العقود المقبلة.

عموما، تصل "الفجوة المالية" في مجال التكيف في إفريقيا إلى 41 مليار دولار سنويا على ما يفيد المركز العالمي للتكيف ومقره في روتردام.

وقال المدير التنفيذي لمؤسسة غيتس، مارك سوزمان "تداعيات التغير المناخي أثبتت أنها مدمرة من الآن وكلما أخر العامل تحركه سيعاني عدد أكبر من الأشخاص وستصبح الحلول أكثر تعقيدا وكلفة".

وأكد "على القادة الإصغاء إلى أصوات المزارعين والحكومات الأفارقة لفهم أولياتهم والاستجابة للحالة الطارئة".

الأمن الغذائي

وستستخدم الأموال المعلن عنها امس الاثنين في ما يعرف بمشاريع زراعية ذكية في المجال المناخي بما يشمل تكنولوجيات رقمية جديدة وابتكارات في تربية المواشي ودعم النساء اللواتي يدرن مزارع صغيرة بالتعاون مع الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد).

وستسمح "منصة معلومات الطقس" التي طورتها المنظمة الكينية لأبحاث الزراعة والمواشي، للمزارعين بالاطلاع على التهديدات المناخية مع تحديثات تأتي عبر الرسائل الخطية لمحاولة انقاذ المحاصيل.

وقال بيل غيتس الذي لن يحضر إلى كوب27 في البيان "من الضروري توفير تمويل إضافي لضمان تأمين الابتكارات الزراعية والتكنولوجية بشكل واسع للمجتمعات الضعيفة".

ورحب محللون بهذا التمويل الجديد لكنهم حذروا من أن ثمة حاجة إلى دعم أوسع، وقالت إليزابيث روبنسون مديرة مركز للبحث حول التغير المناخي والبيئة لوكالة فرانس برس "مبادرة مؤسسة غيتس مهمة وتأتي في الوقت المناسب مع اعتبار كوب27 -كوب إفريقيا-".

وأضافت "لكن حجم المشكلة تحتم على الحكومات والقطاع الخاص والمنظمات الدولية زيادة التزامها على صعيد الأمن الغذائي.

وقالت كلير ماكونيل خبيرة الأغذية والزراعة في مركز الأبحاث حول المناخ إيه3جي إن المساعدات الصادرة عن الجمعيات الخيرية والأموال العامة يمكنها أن تضطلع ب"دور كبير" في تحفيز استثمارات القطاع الخاص في مجال التكيف.

وأضافت تعليقا على إعلان مؤسسة غيتس "إقامة شركات مع منظمات مزارعين أفارقة ومؤسسات بحث في القارة ستكون حيوية لضمان أن تلبي الاستثمارات حاجات المزارعين وأن الأموال تنفق بفاعلية".