منوعات

كلاسيكية الجاز الأمريكية- الروسية بمعية «إيجور بوتمان» وفرقة «راندي بريكر»

13 أكتوبر 2023
في ليلتين متتاليتين على خشبة دار الفنون الموسيقية
13 أكتوبر 2023

ليلتان من موسيقى الجاز الكلاسيكية أحياها الفنان «إيجور بوتمان» بمعية فرقة «سداسي- راندي بريكر»، وذلك على خشبة دار الفنون الموسيقية بالأوبرا السلطانية في حفلة اختير لها عنوان «أمسية لا تنسى من موسيقى الجاز»، انطلقت الليلتان -الأربعاء والخميس الماضيين- بداية ببوصلة موسيقية قبل أن يرحب الفنان «إيجور بوتمان» بالجمهور ويعرفهم بأعضاء الفرقة العازفين على آلات متعددة وترية ونفخية وقرعية، وهم بداية بـ «إيجور بوتمان» نفسه عازف الآلة النفخية الساكسفون والآلة النفخية الترومبيت، والعازف «راندي بريكر» عازف الآلة النفخية الترومبيت، وعازف الجيتار «إيفجيني بوبوجي»، وعازف آلة «باص جيتار» «نيكولاي زاتولوتشني»، وعازف الدرامز «إدوارد زيزاك»، وأخيرا من أضفى على الحفل روحا غنائية حماسية عازف البيانو والمغني الكفيف «أوليج أكوراتوف».

كانت الحفلة عبارة عن استحضار ثقافة بلدين لها تاريخ طويل في نشأة الموسيقى والفن، الولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية روسيا الاتحادية، مقدمين قالبا من أعرق قوالب موسيقى العصر الحديث -والعصر الحديث كما يشير المؤرخون أنه بدأ ما بين عامي 1500 و 1800م- وهو موسيقى «الجاز»، بتنوع ألحانه بين الهادئة والصاخبة، وبين الراكدة والحماسية، التي تركز على آلات النفخ مثل «الساكسفون» و«الترومبيت»، وهي من آلات البوق، لتكون تلك الآلات هي سيدة الحفل والمحرك الأساسي لها، وكانت بمعية الفنانين «إيجور بوتمان» و«راندي بريكر»، اللذين يملكان تاريخا حافلا من الإنجازات والخبرة ما أهلاهما مع فرقتهم اعتلاء أكبر المسارح العالمية وتقديم فنهما الكلاسيكي «الجاز» في بلدان عديدة، حاملين معهم ثقافة الموسيقية بل والغنائية برفقة المغنى وعازف البيانو «أوليج أكوراتوف» الروسي الكفيف الذي أكد أن الموسيقى والفن لغة عالمية يفهمها الجميع، وسبيل نحو تعدد الثقافات واكتساب المرء لثقافات الآخر، فكان من بين ما غناه أغنية عربية للفنان المصري «عمرو دياب» وهي «حبيبي يا نور العين»، في رسالة يقول فيها أن الفن للجميع، وأن اللغة ليست عائقا لفهم بعضنا البعض.

تاريخ الجاز

بالعودة إلى تاريخ الجاز، وتصنيفه بأنه من الكلاسيكيات، فقد ظهر هذا الفن - بحسب موسوعة ويكيبيديا- في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين في المجتمعات الأمريكية الأفريقية، ولكن الكثير من الخبراء الموسيقيين يعتقدون بأن فن الجاز هو «الموسيقى الكلاسيكية الأمريكية»، ويعد الجاز قالبًا رئيسيًا من قوالب التعبير الموسيقي، وبعد ذلك تعددت أشكاله وفروعه مع تعاقب السنوات، وتشترك جميع تلك الفروع بأنها موسيقى ذات تمايل في الإيقاع والأداء، ومن أفرع فن الجاز «السوينج»، وغناء النداء والاستجابة (القرار والجواب)، ومن أشكال فن الجاز الارتجال أثناء العزف، وهو ما يثير حماس الجمهور وكذلك أعضاء الفرقة الموسيقية حينما يغلب الحماس العازف فيخرج عن المألوف ليقدم وصلة موسيقية فريدة، وهو ما حدث في الليلتين الماضيتين من شدة الحماس وتفاعل الجمهور، وأحسست بأن العازف قد نسي نفسه وسبح في فضائه الخاص، وقد تكرر الأمر عند كل العازفين دون استثناء حينما كانت المساحة الزمنية قد خصصت لهم كلا على حدة.

وبحسب ويكيبيديا فإن للجاز جذورا في التعبير الثقافي والموسيقي في غرب أفريقيا، وفي التقاليد الموسيقية الأمريكية الأفريقية بما في ذلك موسيقى البلوز والراجتايم، بالإضافة إلى موسيقى الفرق العسكرية الأوروبية، وقد احتفى المثقفون في جميع أنحاء العالم بموسيقى الجاز، ومع انتشار موسيقى الجاز في جميع أنحاء العالم، استمدت من الثقافات الموسيقية الوطنية والإقليمية والمحلية، ما أدى إلى ظهور أساليب مختلفة. وفي خمسينيات القرن الماضي ظهر ما يعرف بالجاز الحر، وهو عزف بدون المقياس المنتظم، والإيقاع، والتكوينات التقليدية، وفي منتصف الخمسينيات، ظهر الهارد بوب، والذي أدخل تأثيرات من موسيقى «الريذم أند بلوز»، وموسيقى «الغوسبل»، و«البلوز»، خاصة في العزف على «الساكسفون» و«البيانو»، ونشأ الجاز الوضعي أواخر الخمسينيات، واستخدم الوضع أو السلم الموسيقي ليكون أساسًا للتكوين الموسيقي والارتجال، ومن أفرع فن الجاز الـ«فيوجن» الذي ظهر في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات، جامعًا بين ارتجال الجاز وإيقاعات موسيقى الروك وآلات الإليكتريك الموسيقية، والأصوات عالية التضخيم على المسرح، وفي أوائل الثمانينيات، نجح شكل تجاري من الجاز فيوجن يسمى «السموث جاز»، واستحوذ على نسبة كبيرة من البث الإذاعي.

إيجور بوتمان

الموسيقار الروسي «إيجور بوتمان» يملك تاريخا حافلا من الإنجازات والعطاء الفني، فهو عازف الساكسفون العالمي وقائد فرقة ومنتج، ويعتبر واحدا من أكثر فناني الجاز المرموقين في روسيا وأكثرهم شهرةً، له العديد من الإصدارات والألبومات الفنية، وشارك العديد من الفنانين العالميين مثل الفنان أنطونيو سانشيز، ومات برور وايفيجني بوبوجي وأوليج أكوراتوف. كما قاد «إيجور» أحد عشر مهرجان جاز عالمي رفيع المستوى منها على سبيل المثال لا الحصر «نصر الجاز في موسكو» و«تولا وسانت بطرسبورج»، و«مهرجان سوتشي للجاز»، ويمتلك عازف الساكسفون إيجور بوتمان نادٍ للجاز في موسكو الذي تم تصنيفه خلال العقد المنصرم كأحد أفضل أندية الجاز في العالم سنوياً حسب تصنيف مجلة داونبيت في عام ٢٠١٦م اختير بوتمان رئيساً لمجلس الملحنين بجميعة الملحنين في روسيا جميعة روسية توازي الجمعية الأمريكية للكتاب والملحنين والناشرين، والجمعية الموسيقية للملحنين والمؤلفين والناشرين ب فرنسا، وجمعية حقوق الأداء الموسيقية وإعادة الإنتاج الآلي في ألمانيا). وفي عام ٢٠١٧م نجح إيجور بوتمان بإطلاق مؤتمر الجاز العابر للحدود وهو أول مؤتمر لموسيقى الجاز في التاريخ الروسي واحتفي في شهر نوفمبر من العام الماضي بالنسخة الثالثة من مؤتمر الجاز، وذلك كما ورد في نشرة الحفل الصادر من إدارة دار الأوبرا السلطانية.

راندي بريكر

أما الفنان العريق راندي بريكر الأمريكي -كما جاء في نشرة الحفل- فهو من مواليد عام 1945 بمدينة فيلادلفيا، ينحدر من أسرة موسيقية، منذ بداية مشواره الفني وأحيا حفلات مع أبرز الفرق مثل فرقة «بيج باد باند لكلارك تيري» وفرقة «ديوك بيرسون بيج باند»، و«أوركسترا ثاد جونز ميل لويس للجاز»، وفي عام ١٩٦٧ أقدم راندي على دخول فرقة بلود سويت أند تيرز لموسيقى الجاز روك، وغادر بعدها لينضم إلى فرقة خماسي هوراس سيلفر. أطلق أول ألبوم فردي له بعنوان «سكور» في عام ١٩٦٨م، والذي شارك فيه آنذاك عازف الساكسفون الشاب مايكل بريكر وهو ابن تسعة عشر عاما ولم يكن قد انطلق إلى عالم الشهرة بعد، وفي مطلع سبعينيات القرن المنصرم، شارك راندي في حفلات حية مع الكثير من الفنانين البارزين منهم «إليفينت هاوز للاري كوريل» و«ستيفي ووندر»، و«بيلي كوبهام»، كما سجل العديد من الألبومات الكلاسيكية مع أخيه بقيادة المؤلف الموسيقي العظيم وعازف البيانو «هال جالبر»، وبحلول عام ١٩٧٥م كان راندي ومايكل مستعدين لقيادة فرقتهما «ذا بريكر براذرز» حيث أصدرا ستة ألبومات حصدت سبع جوائز جرامي بين عام ١٩٧٥م وعام ١٩٨١م.