عمان اليوم

حلقة عمل تناقش حلول إدارة ظاهرة التصحر بالدول العربية

28 نوفمبر 2022
سلطنة عمان وضعت سياسات واضحة للتصدي المبكر
28 نوفمبر 2022

- تحفيز المجتمع وتوجيهه نحو إنشاء جمعيات أهلية تهتم بصون الطبيعة -

- إيجاد وسائل بديلـة تضمـن عـدم لجـوء السكان إلى تأمين حاجاتهـم بـطـرق تسهم في التصحر -

- تحسين ممارسات إدارة الموارد المائية بالتوجه نحو استغلال مصادر غير تقليدية -

ناقشت حلقة العمل "الممارسات التقليدية في البيئات الجافة ودورها في مكافحة التصحر وحماية الأنظمة البيئية في الوطن العربي" اليوم إيجاد حلول ووسائل لإدارة ظاهرة التصحر بالدول العربية وأهمية تنمية ورفع القدرات العربية في مجال المحافظة على الموارد الطبيعية، والاطـلاع عـلى التجـارب، وتبادل الخبرات العربية، وتحسين الظـروف المعيشية للسكان المحليين المتأثرين بالتصحـر، وإيجاد وسائل بديلـة تضمـن عـدم لجـوء السكان إلى تأمين حاجاتهـم بـطـرق تسهم في عمليـة التصحر.

جاءت الحلقة تحت رعاية سعادة الدكتور أحمد بن ناصر البحري وكيل وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه للزراعة، بمشاركة خبراء محليين ودوليين، وتسعى إلى تقديم مقترحات لتحسين وترشيد استخدام الموارد الطبيعيـة بمـا يضمـن استدامتها، وتحسين الطرق والمعرفة للتعايش مع ندرة الموارد في المناطق الجافة، والتعـرف عـلـى الطـرق والممارسات التقليدية المتاحـة وتطبيقاتهـا في الـدول العربيـة، وتوعيـة المجتمعات المتأثرة بالتصحر للاستفادة منها.

سياسات واضحة

قال سليمان بن ناصر الأخزمي مدير عام صون الطبيعة بهيئة البيئة " أدركت سلطنة عمان مبكرا أهمية التصدي لظاهرة التصحر لما لها من آثار سلبية على المراعي الطبيعية ومساحات الأراضي الصالحة للزراعة، حيث رسمت سياسات واضحة للتصدي لهذه الظاهرة من خلال المستهدفات البيئية لرؤية عمان 2040م، كما تم تنفيذ العديد من الجهود من أجل مكافحة التصحر والحد من تدهور الأراضي والجفاف للحفاظ على المراعي وعلى الأشجار والنباتات البرية وإنشاء المسودات لحمايتها واستزراع ملايين من الأشجار، ونعمل على تحسين ممارسات إدارة الموارد المائية بالتوجه نحو استغلال مصادر غير التقليدية للمياه لاستخدامها في أغراض الري، " مؤكدا أنه تم العمل على سن القوانين والتشريعات لإدارة المراعي وإراحتها ومنع الرعي الجائر، وإصدار لائحة الاحتطاب والفحم النباتي بهدف تقنين وتنظيم عملية الحصول على الحطب، لضمان حماية الأشجار والنباتات البرية من عملية القطع العشوائي، ويتم التعاون مع المؤسسات البحثية والأكاديمية لعمل المسوحات الخاصة عن طريق التقنيات الحديثة لمعرفة كثافة الغطاء النباتي والمناطق المعرضة للتدهور وتطوير تقنيات الري المستخدمة، بالإضافة إلى أهمية الجانب التوعوي لإبراز الجهود وإشراك الأفراد والمؤسسات وغرس الوعي البيئي بأهمية الحفاظ على الغطاء الشجري.

تحدٍ بيئي

وأوضح الأخزمي أن ظاهرة التصحر وتدهور الأراضي والجفاف تعد من أبرز التحديات البيئية التي تواجه دول العالم والدول العربية، وتكمن المشكلة بما تسببه من تداعيات جسيمة على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي أبرزها فقدان الغطاء النباتي الذي يؤدي إلى تدهور التنوع الأحيائي النباتي والحيواني، بالإضافة إلى تأثير الظاهرة على الأمن الغذائي والمائي كانخفاض خصوبة الأرض، وبالتالي انخفاض نسبة إنتاج المحاصيل.

وأشار مدير عام صون الطبيعة إلى أن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر تعتبر أحد أبرز الأدوات العالمية التي يتم من خلالها التنسيق والتعاون على المستوى العالمي والإقليمي لإيجاد حلول ووسائل تساعد الدول على إدارة ظاهرة التصحر وتدهور الأراضي والجفاف التي تدعو المجتمع العالمي للتعامل مع الأرض بوصفها رأس مال طبيعي محدود وثمين، وبالتالي أعطاها الأولوية للتعافي من الاستنزاف لاستعادة النظم الإيكولوجية لها." مشيرا إلى أنه يتعرض ما يقارب من 30% من سطح الأرض لخطر التصحر وما يقارب 25% من القدرة الإنتاجية التي فقدتها ثلثي الأراضي الجافة حول العالم حيث يفقد العالم ما يقارب 10 ملايين هكتار سنويا من الأراضي للتصحر.

دراسة بحثية

قدم الدكتور محاد بن عيسى شماس -رئيس قسم الهندسة المدنية والبيئية بكلية الهندسة في جامعة ظفار دراسة حول صيانة التربة والمياه في مناطق المراعي والغابات وقال: "توصلت الدراسة إلى أن إزالة غابات جبال ظفار سوف تقلل من مدخلات مياه الضباب للتربة، ومن ثم ستتجه إلى منع ظهور الأشجار من جديد كغطاء أرضي سائد، ويساعد ذلك على فهم التأثيرات المحتملة لإزالة النباتات على تغذية الخزانات الجوفية وعلى فهم احتمالات عدم نمو الغطاء النباتات المزال من جديد، علما بأن الرعي الكثيف الحالي من قبل قطعان الماشية لمراعي الجبل يتسبب في تدهور كبير للمراعي والغابات ويؤدي إلى الإضرار بالأشجار".

وقدم الدكتور محاد حلولا تمثلت في "ضرورة الإسراع في تحديث استراتيجية المراعي في جبال محافظة ظفار لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، حيث تحتفظ محافظة ظفار بأكثر من 75% من الغابات والتنوّع البيولوجي في السلطنة، وتحفيز المجتمع وتوجيهه نحو إنشاء جمعيات أهلية تهتم بصون الطبيعية، ومن الممكن استثمار جزء من المشروع في زراعة شجرة الثوور "الصمغ العربي" مثلا التي تستخدم كمصدر للأدوية، علما أن مستثمرا كويتيا يقوم بزراعة 5 ملايين شجرة من نوع شجرة الثوور في جمهورية السودان، فالمشروع سيساعد في جذب الاستثمارات الداخلية أو الخارجية لإكثار تلك الأنواع من النباتات المحلية على نطاق واسع للمساعدة في إعادة الغابات، ومساعدة المجتمع المحلي اقتصاديا، وتتفق هذه الرؤية مع توجه العالم الذي ينادي بخفض الانبعاثات الناتجة عن إزالة الغابات وتدهورها من خلال التوسع في عمليات استزراع أنواع النباتات المحلية سعياً لاستدامة الغابات الطبيعية ومكافحة الاحتباس الحراري؛ نظرا لأن الأشجار تعمل كمخزونات للكربون. وبعد نجاح المشروع يتوجب تعميمه على محافظات أخرى.

أكساد

قدم الدكتور إبراهيم داود رئيس برنامج استعمالات المياه بالمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة "أكساد" ورقة عمل أوضح فيها جهود أكساد في مجال حصاد المياه في السنوات الخمس الأخيرة في منطقة الساحل الشمالي الغربي لمصر 2022-2017" نتج عنه إنشاء 1200 منشأة مياه بإجمالي سعة تخزينية "200 ألف متر مكعب من مياه الشرب" تشمل أبار وخزانات.

من جانبه، استعرض الدكتور محمود عسكر رئيس برنامج مكافحة التصحر "أكساد" عن خبرة أكساد في تثبيت الكثبان الرملية والرمال الزاحفة للحد من التصحر في الوطن العربي وقال: "إن أراضي البوادي والمراعي الطبيعية تحد حقيقي من جراء زيادة نشاط الانجراف الريحي بسبب الزراعات البعلية التي تنفذ فيها وظهور التضاريس والمسطحات الرملية، لإعادة تأهيل الأراضي الرعوية في البوادي العربية يجب دعم وتفعيل الشراكة بين القطاعات المختلفة وعلى كافة المستويات، وضرورة اختيار الممارسات الزراعية الكفيلة بالمحافظة على الموارد الأرضية والرعوية والمائية لتحقيق التنمية المستدامة، وفرض الحماية الشاملة على المواقع المتدهورة وتنمية والغطاء النباتي الطبيعي،" موضحا أنه لابد من تطبيق أساليب التثبيت الميكانيكي المؤقت كمرحلة أولى تسبق التثبيت الحيوي الدائم، بالإضافة إلى تدريب ورفع التوعية للكوادر الوطنية وتفعيل نهج المشاركة السكانية أصبح ضرورة لحماية تجمعاتهم السكانية من الطمر بالرمال وتحقيق استقرار السكان المستدام في قراهم. وأوصى باعتماد نهج متكامل في تثبيت الكثبان الرملية وتنمية الأراضي وتطوير المراعي الطبيعية، وتطوير التعاون العربي في مجال مكافحة التصحر والتكيف مع التغيرات المناخية وتنمية تقنيات التخفيف من آثار الجفاف، وتطوير قدرات البحث العلمي التطبيقي الخاص باعتماد أصناف مقاومة للجفاف ومتكيفة مع البيئات الرملية، وتشجيع برامج العمل المشتركة بمكافحة التصحر وتثبيت الكثبان الرملية، وزيادة التشاور والتنسيق بين المنظمات العربية والإقليمية في قضايا استثمار الأراضي.

الجدير بالذكر، تم تنظيم حلقة العمل من قبل هيئة البيئة بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم ممثلة باللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم.