"التمكين".. فرص تعزز قدرات الأسر العمانية اقتصاديا واجتماعيا

تشهد سلطنة عمان تطورا كبيرا في مجال تقديم الخدمات الاجتماعية والاقتصادية للأسر العمانية ووضعت وزارة التنمية الاجتماعية محط اهتمامها تحصين الأسرة والمجتمع العماني في مواجهة التغيرات المتسارعة وإعادة النظر في دورها من مجرد تقديم الخدمات والمساعدات للفئات المحتاجة إلى تمكينهم ودمجهم في عملية الإنتاج على المستوى الوطني، والانتقال من برامج تركز على تقديم الخدمات للفئات المحتاجة إلى ضمان عمليات النمو الاقتصادي المستدامة والشاملة لكافة فئات المجتمع، إلا أنه لم يتم استغلال فرص التمكين بشكل كافٍ لذا تعمل الوزارة حاليا على رفع مستوى الدعم المقدم وتنوع أشكاله ونوعية المبادرات والمزايا ضمن نظام رعاية اجتماعية متماسك باكتمال الخدمات والمزايا المختلفة بعضها البعض بشكل متسق.

برامج التمكين

تسعى الخطط الوطنية في سلطنة عمان إلى تنويع مصادر الدخل مع المحافظة على معدلات نمو اقتصادي عالية من خلال التركيز على ثلاثة جوانب أساسية وهي إيجاد وظائف جديدة وبناء رأس المال البشري وتعزيز رفاهية المواطن العماني، وتقوم وزارة التنمية الاجتماعية من خلال المساعدات الاجتماعية بتعزيز النمو الاقتصادي من خلال المسارين الحمائي والإنتاجي بالتمكين والاستثمار في رأس المال البشري والحماية وتوفير فرص معيشية أفضل.

وتوضح المؤشرات والإحصائيات الاجتماعية أن نسبة عالية جدا من أفراد أسر الضمان الاجتماعي قادرون على المساهمة في تنمية الاقتصاد الوطني من خلال تأهيلهم وتدريبهم وإيجاد الآلية المناسبة لدمجهم في سوق العمل، فقد تبنت الوزارة عددا من البرامج والسياسات التي من شأنها النهوض بمستوى الأسر في المجتمع العماني وتمكينها اقتصاديا واجتماعيا، حيث تركز العديد من برامجها على الأسر الأكثر احتياجا من فئة الضمان الاجتماعي وذوي الدخل المحدود، والأشخاص ذوي الإعاقة.

ومن برامج تمكين الأسر المعسرة لتحقيق الحماية الاجتماعية وآليات متابعتها وتقييمها برنامج (تمكين) الذي يستهدف الأسر المستفيدة من معاش الضمان الاجتماعي ومن في حكمهم من خلال التشغيل المباشر والتدريب المقرون بالتشغيل وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة والتوعية والتثقيف. ويتم العمل على برامج التمكين الاقتصادي وفق آليات محددة تتمثل في البحث الاجتماعي القائم على اكتشاف القدرات والمهارات لدى الفرد، وتبصير المستفيدين بقدراتهم ومهاراتهم وأهمية استثمارها لتعزيز أدوارهم في خدمة مجتمعهم، ومساعدة المستفيدين على تبني مشروعات ذاتية منتجة مُدرة للدخل، والتنسيق مع جهات التمويل والجهات الداعمة والجهات الشريكة، تبني برامج تسويقية وترويجية بالتعاون مع الشركاء، تدريب الأسر على مهنة أو حرفة وتقديم الدعم الفني لإدارة المشروعات الذاتية، ومتابعة استمرارية هذه المشروعات واستدامتها ونجاحها من خلال التسويق لها. وبهدف تطبيق التوّجه نحو اللامركزية في تقديم الخدمات فقد أسس أقساما في مختلف المديريات الإقليمية للإشراف على برامج ومسارات التمكين المختلفة، وتم تدريب ما يقارب 100 موظف بهدف الوصول للفئة المستهدفة وتقديم الخدمة بالمستوى المأمول.

تسويق إلكتروني

كما دشنت الوزارة منصة «مكسب» الإلكترونية لدعم مشروعات الأسر المنزلية من فئة الضمان الاجتماعي والدخل المحدود، تتيح لكم الفرصة لتسويق منتجاتكم عبر منافذ بيع ذكية وتحقيق عوائد ربح إضافية، والمنصة تعد فرصة للأسر المنتجة لتوفير سوق رقمي في سلطنة عمان وخارجها، وتحقيق عائدات لهذه الأسر ممّا يُسهم في تمكينها اقتصاديا واجتماعيا، إلى جانب تنظيم عمليات التواصل وتسهيلها بين هذه الأسر والزبائن، وتوفير مستوى التنافسية الإيجابية بين هذه الأسر لتوفير المنتج المحلي بنحو أسرع وأسهل داخل سلطنة عمان وخارجها. وتستهدف منصة «مكسب» أصحاب المشروعات المنزلية، والمستهلكين الأفراد والمؤسسات، وشركات التوصيل، وفق شروط محددة تتمثل في ضرورة توفر التغليف الجيد للمنتجات، وتوفر تراخيص منزلية معتمدة من وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، والالتزام بجودة صلاحية المنتج وتوفير ضمان الأغذية وصلاحيتها للمستهلك، والالتزام بوضع البيانات التوضيحية للمنتجات القابلة للكسر أو التلف، وأيضا الالتزام بالشروط الصحية لتخزين وحفظ الأطعمة والمشروبات وحمايتها من التلف، إلى جانب ضرورة توفر شهادة معتمدة من وزارة الصحة فيما يخص تصنيع كريمات الجسم وغيرها من الخلطات المصنعة.

كما تتمثّل «خطوات التسجيل» في المنصة من خلال طلب تسجيل، ومراقبة جودة المنتج، وتوقيع العقد، وتفعيل مستخدم جديد، إلى جانب نافذة بيع المنتج. وتوفّر المنصة ثلاث طرق للاشتراك فيها كالاشتراك ثلاثة أشهر مجانا لأبناء المحافظات كتسجيل مدعوم من وزارة التنمية الاجتماعية، وتسجيل الأسر المنتجة بمبلغ شهري وقدره خمسة ريالات، وتسجيل المؤسسات المتوسطة باشتراك شهري بمبلغ وقدره عشرة ريالات، كما تعمل المنصة على عقد الدورات وحلقات العمل التدريبية، وتنظيم المعارض على مستوى المحافظات. كما تتميّز منصة «مكسب» بوجود ثلاثة تطبيقات ذكية تم تصميمها باحترافية كبيرة لتناسب طبيعة المشروع والمستهدفين، مع ربطها مع بعضها على المنصة مع وجود خصائص لكل منها، وهي: تطبيق التاجر، وتطبيق المندوب، وتطبيق المستهلك.

العمل الذاتي

ويعد التمكين وتعزيز مفهوم العمل الذاتي أحد الأهداف الأصيلة التي تعمل عليها وزارة التنمية الاجتماعية لذا تجدها تنفذ العديد من المعارض لدعم مشروعات الأسر المنتجة وتوفير بيئة اجتماعية واقتصادية متزنة للأسر العمانية، وتعد هذه المعارض فرصة لإبراز قدراتهم واستثمار إمكاناتهم لتحقيق رؤية برنامج «تمكين» واستثمار طاقة الأفراد وإشراكهم في التنمية.

كما تسعى دائرة تنمية وتمكين الأسرة بالوزارة إلى تحويل الأسر إلى أسر معتمدة على نفسها واستثمار قدرات الأفراد والأسر وتعزيز مفهوم العمل الذاتي، ومساعدة الأسرة إداريًا وفنيًا وماليًا لإدارة مشروع صغير أو متوسط.

وتوقع الوزارة مع عدد من الجهات مذكرات تفاهم وتعاون لدعم برامج التمكين الاقتصادي والاجتماعي للأسر ودعم تبني تنفيذ بعض المشروعات لأسر الضمان الاجتماعي والدخل المحدود وتنفيذ معارض تسويقية وترويجية للأسر المنتجة وإيجاد منافذ تسويقية لهم، وتنفيذ برامج تدريبية وتأهيلية مشتركة للتمكين الاقتصادي للنساء من فئة الضمان الاجتماعي وذوي الدخل المحدود، والتنسيق لتوفير الدعم المالي لعض الحالات وتقديم برامج تثقيفية وتطويرية للمستفيدين من برامج التمكين والسعي لتطوير المشروعات للفئات المستفيدة وتقديم الاستشارات وبرامج التسويق والتحفيز للنهوض بالمشروعات واستمرارية نجاحها.

تنمية مستدامة

وعن خطط وزارة التنمية الاجتماعية المستقبلية يجري العمل حاليا على إنشاء قاعدة بيانات شاملة للأسر المنتجة في سلطنة عُمان، والاستفادة من مذكرات التفاهم الدولية في مجال تعزيز مهارات وتطوير قدرات الموظفين القائمين على ملف التمكين الاقتصادي. كما أكدت استراتيجية التنمية الاجتماعية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية (2021/ 2025) على السعي إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وخُصصت مبادرة لتعزيز برامج التمكين (تطوير برامج التمكين الاجتماعي للأفراد من ذوي الدخل المحدود)، ووضعت لهذه المبادرة مؤشرات أداء ومدة زمنية محددة للتنفيذ وتم تضمينها ضمن الخطة السنوية الإنمائية للوزارة.

ويتم التنسيق مع جمعيات المرأة العمانية في تنفيذ برنامج شراكة من أجل التمكين الاقتصادي لأسر الضمان الاجتماعي وذوي الدخل المحدود الممول من برنامج الخليج العربي للتنمية (أجفند) لإيجاد كوادر وطنية مؤهلة وقادرة على تقديم خدمات التمكين الاقتصادي للأسر المستفيدة من الضمان الاجتماعي بطرق فعّالة وذات كفاءة وبما يحقق الاستدامة الذاتية لهذه المشروعات.

وانقسم البرنامج إلى مرحلتين: الأولى (2021-2022): بناء قواعد البيانات، وتدشين المنصة الرقمية التفاعلية، وإعداد الأدلة وتأهيل فريق فني إقليمي من خلال تدريبهم على استخدام الأدلة وتطبيقها، إلى جانب توعية المستفيدين للاستفادة من الفرص التشغيلية وفرص التدريب على رأس العمل. أما المرحلة الثانية (2023-2025) وفيها سيتم تقديم الخدمات للمستفيدين من قبل الفريق الذي تم تأهيله، وتعتمد هذه المرحلة من المشروع على التمكين الاقتصادي للأسر الأكثر احتياجا من خلال اعتماد نهج نقل المعرفة وتعبئة الموارد بصفتها أداة للتمكين الاقتصادي بالإضافة إلى النهج التقليدي المتبع في تأسيس المشروعات الصغرى.