ميناء السلطان قابوس
ميناء السلطان قابوس
عمان اليوم

2040 و2030.. رؤيتان يجمعهما سعي حثيث نحو اقتصاد متنوع يعتمد على قوة الابتكار

05 ديسمبر 2021
تستهدفان حياة كريمة للمواطن ورفاها مستداما
05 ديسمبر 2021

رؤيتان استراتيجيتان لتعزيز النمو وضمان استدامة التنمية قيد التنفيذ حاليا في سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية, ويجمعهما طموح كبير ومشترك ومسعي جاد وحثيث نحو تحقيق ناجح للأهداف الاستراتيجية والوصول إلى اقتصاد متنوع متعدد الروافد, ونمو اقتصادي يعتمد على قوة الابتكار واقتصاد المعرفة.

وخلال العام الجاري تزايدت بشكل ملموس وتيرة التعاون الاقتصادي بين سلطنة عمان والسعودية ومن المتوقع أن ينتقل هذا التعاون إلى آفاق أكثر رحابة بدعم من مجلس التنسيق السعودي ودوره المرتقب في تسريع وزيادة حجم التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين من خلال المشاريع الاستراتيجية المشتركة، وزيادة الفرص الاستثمارية، وطرح المزيد من المشروعات والاستثمارات المتبادلة في قطاعات متنوعة, وبينما تمضي كلا البلدين في متابعة تنفيذ رؤيتها المستقبلية, يتم بشكل متواصل التأكيد على الاعتماد على القطاع الخاص كمساهم رئيسي في التنمية, ولتمكينه من هذا الدور يتم العمل بشكل حثيث على تهيئة بيئة الأعمال وزيادة تنافسيتها لتكون مؤهلة لجذب أفضل الاستثمارات النوعية التي تمثل قيمة مضافة مهمة لمشاريع التنمية وتعزيز النمو الاقتصادي, كما تعطي البلدان أولوية كبيرة لتشجيع ريادة الأعمال كمحرك أساسي للنمو وكركيزة رئيسية لاستغلال وإبراز المواهب الوطنية.

ومن خلال الرؤية 2040 تسعى سلطنة عمان إلى أن تكون دولة متقدمة، تبني اقتصادا منتجا متنوعا، قائما على الابتكار وتكامل الأدوار، وتكافؤ الفرص واستثمار الميزات التنافسية لسلطنة عمان ، ويقود القطاع الخاص هذا الاقتصاد نحو الاندماج مع الاقتصاد العالمي، والنهوض بدور فاعل في التجارة العالمية؛ ليحقق تنمية شاملة مستدامة، تستند إلى قيادة اقتصادية فاعلة، وتعمل في إطار مؤسسي مترابط من السياسات والتشريعات الاقتصادية المواكبة للمتغيرات، بما يحقق الاستدامة المالية وتنويع الإيرادات العامة. وضمن الأولويات التي تستهدف تحقيق أهداف الرؤية المستقبلية عمان 2040, تتضمن أولوية القطاع الخاص العديد من البرامج لتحقيق ذلك منها زيادة الاستثمار الوطني والأجنبي في كافة قطاعات التنويع الاقتصادي وتوفير بيئة أعمال مواتية وأكثر جاذبية وتيسير إجراءات تأسيس الشركات وممارسة الأعمال وكذلك تسهيل الخروج من السوق أيضًا. كما يستهدف البرنامج تعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني مع التركيز على رفع تنافسية قطاعات التنويع الاقتصادي بهدف توفير مزيد من فرص العمل المنتج واللائق للعمانيين وزيادة القيمة المحلية المضافة

وفي الوقت نفسه ووفق مستهدفات رؤية المملكة 2030, التي انطلق تنفيذها قبل نحو 5 سنوات, تسعى الرؤية 2030 إلى تنمية الفرص للجميع بدءا من رواد الأعمال والمنشآت الصغيرة إلى الشركات الكبرى. وتطوير الأدوات الاستثمارية، لإطلاق إمكانات القطاعات الاقتصادية الواعدة وتنويع الاقتصاد وتوليد فرص العمل للمواطنين. وإيمانا بدور التنافسية في رفع جودة الخدمات والتنمية الاقتصادية، تركز الرؤية جهودها على تخصيص الخدمات الحكومية وتحسين بيئة الأعمال، بما يسهم في استقطاب أفضل الكفاءات العالمية والاستثمارات النوعية. وزيادة الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ومواصلة تسهيل تدفق استثمارات القطاع الخاص ورفع مستوى التنافسية وتهيئة القدرات اللازمة لرفع مستوى الخدمات المقدمة مع التنسيق مع السلطات التشريعية لتعديل الأنظمة ذات العلاقة بتسهيل بيئة العمل. ويبلغ مجموع الاستثمارات الجديدة التي من المتوقع أن يتم ضخها في الاقتصاد السعودي حتى 2030 نحو 12 تريليون ريال سعودي، أي ما يعادل 3 تريليونات دولار، وهذا لا يشمل الإنفاق الحكومي. ومن المتوقع أن الاستثمارات التي سيقوم بضخها القطاع الخاص مدعوما ببرنامج شريك ستوفر مئات الآلاف من الوظائف الجديدة، كما ستزيد مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي، وصولاً إلى تحقيق الهدف المرسوم له ضمن مستهدفات رؤية المملكة، التي تسعى لرفع مساهمة هذا القطاع إلى 65% بحلول 2030

من جانب آخر, تستهدف الرؤيتان الاستراتيجيتان لسلطنة عمان والمملكة تعزيز تنافسية وجاذبية الاقتصاد والانتقال إلى مركز متقدم عالميا في مؤشر التنافسية, ورفع نسبة الاستثمار الأجنبي المباشر للناتج المحلي مع زيادة مساهمة القطاع الخاص في إجمالي الناتج المحلي. وبينما تؤكد سلطنة عمان بشكل متواصل على ترحيبها بالمستثمرين فهناك تقدم متواصل في تهيئة وتحسين بيئة الاستثمار لضمان تحقيق أهداف الرؤية المستقبلية والخطة الخمسية العاشرة التي تعمل على رفع معدل الاستثمار ليصل إلى 27 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي وزيادة مساهمة القطاع الخاص في البرامج الاستثمارية إلى 60 بالمائة كمتوسط سنوي خلال فترة الخطة مع السعي لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر في القطاعات النفطية وغير النفطية إلى ما يعادل 10,9 بالمائة بنهاية الخطة، ولتحقيق هذه الأهداف تسعى سلطنة عمان إلى تعزيز مكانتها كوجهة استثمارية قادرة على استقطاب الاستثمار الأجنبي وتشجيع القطاع الخاص لضخ المزيد من الاستثمارات المحلية. وشهدت الفترة الماضية جهودا متواصلة ومتكاملة لزيادة تنافسية اقتصاد سلطنة عمان وزيادة جاذبيتها وتشمل هذه الجهود تحديث العديد من القوانين والتشريعات ذات العلاقة بالاقتصاد والاستثمار ومنها قانون استثمار رأس المال الأجنبي وقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص وقانون الشركات التجارية، مع تحسين مستمر في بيئة الأعمال مما أسفر عن تقدم في عدد من المؤشرات الدولية منها مؤشر التنافسية ومؤشر الحرية الاقتصادية ومؤشر الابتكار العالمي، ومؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، كما توجت جهود إدارة المالية العامة وخفض الدين العام والعجز المالي لسلطنة عمان خلال العامين الأخيرين بتحسن واستقرار التصنيف الائتماني لسلطنة عمان والذي يعد أحد العوامل الرئيسية التي ينبغي توافرها لتعزيز ثقة المستثمرين.

وإضافة إلى الجانب الاقتصادي الذي يعد منطلقا أساسيا نحو استدامة التنمية, تمتد أهداف وأولويات رؤية عمان 2040 ورؤية المملكة 2030 إلى آفاق أكثر شمولا في مختلف جوانب الحياة وصولا إلى تمتع المواطن بحياة كريمة ورفاٍه مستدام, ويظل تحقيق الرؤيتين جهدا لا تقوم به الحكومات منفردة بل يتطلب شراكة ومساهمة فعالة من قبل المواطنين والقطاع الخاص وكافة مكونات المجتمع لتحقيق كافة هذه التطلعات الطموحة نحو مستقبل أكثر إشراقا وازدهارا.

وتؤسس الرؤية المستقبلية لسلطنة عمان لمجتمع معرفي ممكن، إنسانه مبدع، معتز بهويته وثقافته، ملتزم بمواطنته وقيمه، ينعم بحياة كريمة ورفاٍه مستدام، عماده رعاية صحية رائدة وحياة نشطة، وتعليم شامل يضمن منظومة تعلم مدى الحياة؛ لينمي مهارات المستقبل، ويسهم في تعزيز البحث العلمي وبناء القدرات الوطنية، محققاً النمو الاقتصادي والرفاه الاجتماعي، في دولة أجهزتها مرنة ومسؤولة، وحوكمتها شاملة، ورقابتها فاعلة، وقضاؤها ناجز، وأداؤها كفؤ، وإعلامها فاعل متجدد، يعضدها مجتمع مدني، ممكن ومشارك في مناحي الحياة كافة، وصولاً إلى مستويات متقدمة من التنمية الإنسانية. وفي تطلعات سلطنة عمان للمستقبل تتطور بيئة جاذبة للكفاءات في سوق العمل، وتنمو الشراكة في بيئة أعمال تنافسية، تحقق تنميةً جغرافية شاملة، قائمة على مبدأ اللامركزية، إذ يترسخ فيها مبدأ الاستخدام الأمثل والمتوازن للأراضي والموارد الطبيعية، وحماية البيئة، دعماً للأمن الغذائي والمائي وأمن الطاقة، كما تبنى المدن الذكية والمستدامة، ذات البنية التقنية المتطورة، ويتعزز الازدهار الاجتماعي والاقتصادي والعدالة الاجتماعية في المناطق الحضرية والريفية.

وفي رؤية المملكة 2030, تستهدف أن تكون المملكة نموذجا ناجحا ورائدا في العالم على كافة الأصعدة انطلاقا من ثلاثة مرتكزات هي العمق العربي والإسلامي, والقوة الاستثمارية, وأهمية الموقع الجغرافي مع فتح مجال للقطاع الخاص ليكون شريكا بتسهيل أعماله وتشجيعه على النمو ومحركا لتوظيف المواطنين ومصدرا لتحقيق الازدهار للوطن والرفاه للجميع, ولضمان تحقيق رؤيتها تواصل المملكة إطلاق مجموعة من البرامج التنفيذية المهمة من بينها برنامج الشراكات الاستراتيجية والذي يتضمن العمل مع شركاء المملكة الاقتصاديين حول العالم لبناء شراكات استراتيجية للقرن الحادي والعشرين, وبما يتوافق مع الرؤية الوطنية لتكون المملكة محورا لربط عدة قارات وتعزيز الصادرات, كما تتضمن هذه البرامج التوسع في التخصيص وبرنامج التحول الوطني وبرنامج تعزيز حوكمة العمل الحكومي وبرنامج رأس المال البشري.