لوحة من عام 1767 لزوجين يتشاركان المظلة، وهي من أعمال الرسام: هارونوبو سوزوكي، بعنوان: 'مشاركة المظلة وسط الثلوج'
لوحة من عام 1767 لزوجين يتشاركان المظلة، وهي من أعمال الرسام: هارونوبو سوزوكي، بعنوان: 'مشاركة المظلة وسط الثلوج'
عمان الثقافي

نصان بدون عنوان

28 ديسمبر 2022
28 ديسمبر 2022

حياء نبوءة اللغة

ليْ جَناحَانِ: الحقيقَةُ والخيَالُ

ليَ البُكَاءُ المحضُ.. دمْعٌ لا يُقَالُ

ليَ.. الحَياةُ، أعيشُ منْ نصٍ لآخَرَ

لا لأزدادَ اكتفاءً بلْ لأنقُصَ،

إنَّمَا النُقصَانُ في شِعريْ: اكتِمَالُ

لي الخُلودُ

قصِيدَتيْ قبرِيْ

أريدُ بأنْ يعيشَ النَّاسُ في رَحِمِيْ سوَاسِيةً، وتَبْعثَنيْ من المَوتَى:

الإجَابَةُ والسّؤالُ

وأنَا وقدْ شطَبتْ أغَانيْ الأمْسِ منِّي حَاضِريْ

مُستقبَليْ: أنِّيْ على كتفِ الرِيَاحِ أشُدُّ قافيةً تُغنِيهَا الظلالُ

وبأننيْ بنتُ البِلادِ، سليلَةُ الأرضِ المباركَةِ الكريمَةِ

قالَ لي الأسلافُ لوذي عن لغَاتِ بلادنَا، واستَعجِليْ

فالأرْضُ ضيَّعَهَا الرّجَالُ

فطَفَقْتُ أبحثُ عن فمٍ ليُعلِّمَ الأشكَالَ منطِقَهَا

ويبتكَرَ البلاغَة في لغاتِ الأرضِ

جئتُ، أضيءُ سرَّ الشعرِ في الكَلماتِ

تَحرُسُ رحلَتيْ

الوِديَانُ

والبحرُ المقدَّسُ

والشَوَاطئُ

والصَّحَاريْ

والجبَالُ

فحَفِظْتُ آثَارَ الرُّعَاةِ

وعلّمتني سَاحرَاتُ الجنِّ: أسرَارَ الكهُوفِ

صَحِبْتُ منْ جبلٍ لآخرَ ذئبةً بريةً تعوِي على ليلِ القصَائدِ

صِرْتُ كاهِنةً، نبُوءَتُهَا القوَافِلُ والرِّمَالُ

وصعَدْتُ مثلَ سحَابَةٍ هوجَاء في ليلٍ كثيفٍ

ثمَّ سِلْتُ كقطرةٍ في النّبعِ

لكنِّيْ ارْتَفعْتُ بوَمضَةٍ نحوَ السّمَاءِ، فليْ جَناحانِ: الحَقيقَةُ والخيالُ

وأنَا النبيَةُ، شَكلُ مُعجِزَتي: إذَا قَيَّدْتُ، مِسْخَ الشِّعْرِ

حرَّرَهُ الجَمالُ

تدرِيبُ الخيالِ على الغرَابَة

هوَ علي هيّن

أم أمنتم أن يعيدكم فيه تارةً أخرى

قمرٌ يُطلُ عَلَى الطريقِ

قصيدةٌ عميَاء تبكِيْ في الهواءِ

سحَابتانِ تجففانِ الشّمسَ من دمعِ السَماءِ

دَقيقةٌ تجريْ بلا معنىً عميقٍ

ليسَ ليْ إلا الريّاحُ هُنا لتُؤنسنيْ

شتاءٌ خائفٌ يحكيْ عنِ الأمواتِ قبلَ الأمسِ

أينَ الظلُّ كيْ يرثَ الخُرافَةَ؟

هلْ لأسمَائيْ وجودٌ في الحَياةِ؟ وهلْ لمعنَايَ اكترَاثٌ غيرَ أنيْ خيبةٌ تَمْشِيْ

أريدُ الآنَ وقتاً هامشياً كيْ أعيدَ إلى الخَريطةِ شكْلهَا الكُرَوِيَّ

ليْ فيْ وجهَتيْ، بعدٌ وحيدٌ، لا يُريدُ الانتمَاءَ لأيّ بُعْدٍ خارجيٍ

‘اتركُوهُ ليستعيدَ الجاذبيّة من تعرّيها الطويلِ’

يقُولُ ضيّعتَ الطريقَ.. هل الطَريقُ طريقَتيْ للانكمَاشِ على الوُجودِ

فلا أجيبُ ولا أقولُ

ولكِنِ الذكرَى تصيرُ لديَّ صوتاً

هلْ أنا بعدٌ ثلاثيٌ ونصفُ؟

أريدُ لي وقتاً إضافياً لتدريبِ الهواءِ على الكَلامِ

أريدُ لليلِ للطوِيلِ تسللاً يضفيٍ لهذا البَحرِ وجهاً ناعِماً

وأريدُ تشكِيلَ الرّمَالِ لحفلةٍ كُبرى أعودُ بهَا إلى حتفٍ صغيرٍ لا يُلائمنيْ لوحدِيْ إنّما لقيامةٍ مكتظةٍ بالمؤمنينَ العابرينَ إلى مجازاتِ الخُلودِ

تريدُ صوتاً؟ لا فصوتيْ لا يُحبّ البحرَ

ليلاً دافئاً؟ صيفٌ طويلٌ متعبٌ، جسَدِيْ

نهاراً لا يُمَلّ؟ لديّ حجمُ زائدٌ منْ حصّةِ الشّهواتِ

ماذا تشتهِينَ؟

1. أريدُ تمشِيطَ الهوَاءِ

2. أريدُ تجفيفَ الرّمالِ من الملُوحَةِ

3. شكلُ هذي الأرضِ، أشهَى أن يكونَ مربّعاً

4. وأريدُ للبحرِ، اصفِراراً دافئاً لا زرقةً موجُوعَةً

5. وأريدُ تدريبَ الهواءِ على الكَلامِ

6. أريدُ..

منْ كلّ القصّائدِ حفلةً لأصيرَ معنايَ الكبيرَ

7. أريدُ ..

لكنْ عندمَا أصحُو يُفاجِئنيْ الهُدوءُ الواقعيّ:

قصيدةٌ عميَاء تبكِيْ في الهواءِ

دَقيقةٌ تجريْ بلا هَدَفٍ عَميقٍ

ليسَ ليْ إلا الريّاحُ هُنا لتُؤنسنيْ

وشايٌ أخضَرٌ يمتصّ كلّ خيَاليَ المسعُور منْ عقْليْ

ويحمِلُ عنْ جُفُونيْ صرخَةَ الخدَرِ الكَثيفْ

عائشة السيفي شاعرة عمانية