No Image
عمان الثقافي

ميسي: اللاعب الذي يجعلنا أكثر ذكاءً.. عرض كتاب «ميسي: تمارين على الأسلوب» لجوردي بونتي

23 نوفمبر 2022
23 نوفمبر 2022

يملأ ليونيل ميسي الدنيا ويشغل الناس حرفيًا منذ نحو عشرين عامًا، لذا لا أتصوّر أن أحدًا في الكرة الأرضية لم يسمع به من قبل (بغض النظر إن كان من مشجعيه أم لا). وإذا كانت قد دُبِّجت حوله آلاف المقالات، وأُلِّفتْ عنه العديد من الكتب، فإن خصوصية كتاب «ميسي: تمارين على الأسلوب» للروائي الإسباني جوردي بونتي، الصادرة ترجمته إلى العربية عام 2022م عن دار أطلس بترجمة محمد بيطاري، تكمن في أن مؤلف هذا الكتاب يجمع أهم صفتين يمكن أن تعمقا الحديث عن لاعب كرة: الأدب والصحافة الرياضية. وسواء كنتَ تعرف ميسي قبل قراءتك لهذا الكتاب أم أنه لديك من النكرات، فالمؤكد أنك لن تغلق الصفحة الأخيرة إلا وأنت ممتلئ إعجابًا بهذا اللاعب الأسطورة، الذي جعل إسحاق نيوتن ينظر إلينا من العالم الآخر قائلًا: «كنتُ مخطئًا، وميسي كان مُحقًّا، ميسي تحدي الجاذبية» حسب رواية راي هدسون، اللاعب الإنجليزي العجوز، في الغلاف الخلفي للكتاب.

يزخر الكتاب بالكثير من الاستدعاءات الأدبية والتحليلات التي قيلت أصلًا في المجال الأدبي فأحسن المؤلف توظيفها في المجال الرياضي، منها مثلًا وصف الشاعر الفرنسي بول فاليري للشاعر والقاص الأمريكي إدغار ألن بو بأنه «شيطان الوضوح وعبقرية التحليل ومخترع أكثر التوليفات إغراء في المنطق والخيال»، وهو الوصف الذي أسقطه بونتي على ميسي. لكنه –أي الكتاب- يمتلئ في المقابل بمعلومات شاملة وإحصائيات دقيقة تجعله مرجِعًا مهمًا عن ميسي وعلاقته بكرة القدم، بدءًا منذ أن كان عمره ست سنوات، ومرورًا بلحظاته الحاسمة، وأهدافه الشهيرة، ولحظات بؤسه، التي أضاع فيها ألقابا مهمة، أو ضربات جزاء حاسمة، وعلاقته بزملائه في نادي برشلونة ومنتخب الأرجنتين، وليس انتهاء بمشاركته في مونديال قطر التي جاءته كمنحة أخيرة من القدر ليحاول إغلاق صفحته كلاعب كرة قدم مهم ببطولة مهمة. من هنا نفهم اعتبار ديفيد هورسبول؛ المؤرخ والمحرر الرياضي في ملحق التايمز الأدبي، هذا الكتاب «ردًّا شاعريًّا على تألق ميسي الصريح والمبهر، عبر تقديم حقائق ملموسة وثابتة وموجزة».

منذ المقدمة يخبرنا جوردي بونتي – ضمنيًا - أن هذا الكتاب ليس محايدا. فهو يعلن صراحة أن ميسي ليس فقط لاعبه المفضل، وإنما يراه أيضًا في أحلامه. وسنعرف من التعريف بالمؤلف في آخر الكتاب أنه كتالوني مولود بالقرب من برشلونة، يعشق ناديها، وكل اللاعبين العظماء الذين لعبوا فيه، من مارادونا إلى يوهان كرويف إلى روماريو إلى رونالدينيو وصولًا إلى ميسي. لكنه رغم ذلك بدا موضوعيًّا إلى حدٍّ ما في تحليلاته المدعّمة بالإحصاءات، واستشهاداته بأقوال أساطين اللعبة من لاعبين ومدربين ومهتمين بالساحرة المستديرة.

هل تنفد الصفات؟:

يمكن اعتبار المدرب الأرجنتيني الكبير هيلينو هيريرا هو أول المادحين لميسي، رغم أنه لم يره يلعب قط، ومات عام 1997، أي وميسي ابن عشر سنوات فقط. بل إن أول مباراة رسمية لعبها البرغوث لبرشلونة كانت بعد وفاة هيريرا بست سنوت، وهي مباراة النادي الكتالوني مع نادي بورتو البرتغالي التي أقيمت في 16 نوفمبر 2003م . فكيف كان ذلك؟. يعود بونتي بالزمن ربع قرن إلى الوراء، وتحديدًا عام 1979م، حيث لم يُولد ميسي بعد، بل إنه حتى مارادونا؛ اللاعب الفذ الآخر، لم يكن أسطورة بدوره في ذلك التاريخ، فقد كان في التاسعة عشره من عمره فقط، وبالكاد بدأ يتألق مع نادي «أرجنتينيوس جونيورز» دون أن يفوز بأي شيء بعد. في ذلك العام سُئل هيريرا في حوار مع مجلة «إل غرافيكو» الرياضية: كيف سيكون شكل لاعب كره القدم في المستقبل؟ فأجاب: «لاعب القرن الحادي والعشرين سيكون مثل مارادونا كثيرًا، قصير لكنه رياضي للغاية، مع السحر الذي تمتلكه الحداثة ومارادونا». يعلق بونتي على ذلك بالقول: «ربما لم يكن يعرف ذلك لكنه كان يتكلم عن ميسي».

إن مارادونا نفسه، سوف ينضم لاحقًا إلى جوقة هؤلاء المادحين، بل إنه سيعتبر ميسي خليفته، وسيقسو عليه أحيانًا في تصريحاته لفرط إيمانه به وبموهبته. من هذه الجوقة المادحة ثلة من المدربين الكبار، وفي مقدمتهم أولئك الذين دربوا ميسي، كـ»بيب جوارديولا»، المدرب الإسباني الكبير الذي استطاع مع ميسي وتشافي وأنيستا أن يحوّل برشلونة في فترة من الفترات إلى أقوى فريق في العالم. قال جوارديولا عن ميسي: «لقد كان شرفًا لي أن أكون مدربًا لأفضل لاعب رأيته في حياتي، وربما أفضل ما أراه». أما لويس إنريكي – المدرب الآخر لبرشلونة- فقد علق على تسجيل ميسي هدفه رقم 500 في مسيرته في مباراة الكلاسيكو (بين برشلونة وريال مدريد) في 23 أبريل 2017م، بأن ليو هو الأساس في أي مباراة حتى وإن كان في المنزل يتناول العشاء!. بل إن ثمة مدربين كبارًا آخرين تسبب ميسي في هزيمة فرقهم لم يترددوا في إطرائه، منهم الفرنسي أرسين فينجر مدرب نادي الأرسنال الإنجليزي الذي شاهد في 10 أبريل 2010م، وبعينين حزينتين، ميسي يسجّل أربعة أهداف ضد فريقه الأرسنال في ملعب «كامب نو»، في المباراة التي انتهت بفوز برشلونة بأربعة أهداف مقابل هداف واحد، وهي النتيجة التي انتقلت ببرشلونة إلى الدور نصف النهائي من دوري الأبطال الأوروبي. في نهاية تلك المباراة وصف فينجر ميسي بأنه لاعب «بلاي ستيشن»!. ومع ذلك فقد كان الأرسنال أكثر حظا من «باير ليفركوزن» الذي أمطره ميسي أيضًا بخمسة أهداف، في المباراة التي جمعت برشلونة والفريق الألماني في ملعب كامب نو أيضًا، في 7 مارس 2012م. في اليوم التالي لهذه المباراة قال أكثر من صحفي إن النجم الأرجنتيني استنفد كل الصفات المميزة، في تكرارٍ لمقولة لجوارديولا قالها قبل سنتين في مؤتمر صحفي بعد مباراة برشلونة وريال سرقسطة ( في مارس 2010م) التي انتهت بفوز برشلونة بأربعة أهداف لهدفين، وسجل فيها ميسي ثلاثة أهداف، كما تسبب في ضربة الجزاء التي أدت إلى الهدف الرابع. في ذلك التصريح قال جوارديولا: «بالفعل لا يمكنك وضع صفات لميسي، ليس لدي المزيد. لقد نفدت». لكن مؤلف الكتاب يعترض على ذلك قائلا إن «الصفات لا تُفقَد أبدا إلا إذا كان هناك صحفيون فقيرو المفردات»، ويضيف أن ما يفعله ميسي هو في الواقع عكس ذلك تماما فهو «يخلق اللغة وينشّطها ويوقظ فينا حس اللغة والإبداع والارتباطات الأقل وضوحا كالشعر»، مؤكدا أننا «نحتاج أن نصف بالكلمات ما نراه إذا أردنا أن نرتقي إلى مستوى أدائه؛ فهو لا يجعلنا نبحث فقط في ذاكرتنا - أو في قاموس المرادفات - عن الثناء الفائق، ولكنه يجبرنا على أن نكون أكثر ذكاء حتى لا نكرر أنفسنا». من الكتّاب الذين أيقظ فيهم ميسي حسّ اللغة الكاتب مارك باستور الذي وضع مقالة في صفحة الويب «فوت لي بو» ناحتًا صفة مدح جديدة للأجيال القادمة هي «المِسّيَّة»[نسبةً إلى ميسي] وهي «صفة من يتميّز بكرة القدم ويظهر درجة عالية من التقنية والمثابرة والجودة والقوة في المباراة أو إحراز الأهداف». فنقول مثلا هداف الدوري هو اللاعب «المسّيّ» لويس سواريز!.

ميسي أم مارادونا؟:

يقول جوردي بونتي إنه «منذ عام 1986 عندما فازت الأرجنتين بكأس العالم في المكسيك أراد كل لاعب أرجنتيني أن يكون مارادونا لكن ماذا يحدث عندما يعتقد الجميع بطريقة ما أنك فعلت ذلك في سن التاسعة عشرة؟»، كان بونتي يلمّح بطبيعة الحال إلى هدف ميسي الشهير في مرمى نادي خيتافي عام 2007م، عندما سجّل هدفًا بمجهود فردي ركض فيه من منتصف الملعب متجاوزًا عدة مدافعين ثم حارس المرمى حتى أودع الكرة في الشباك، تماما كما فعل مارادونا في مرمى إنجلترا سنة 1986م. بل إنه حتى الهدف الشهير الذي أحرزه مارادونا باليد في المباراة نفسها، قلده ميسي وأحرزه في مرمى سبانيول سنة 2007م. ومنذ ظهوره الأول كان ميسي يُقارَن دائمًا بمارادونا، ويُنتَظَر منه أن يكرر إنجازه بالحصول على كأس العالم عام 1986م، والذي توّج دييغو منذ ذلك التاريخ كأحد أساطير كرة القدم، وهو الكأس الذي لم تحصل عليه الأرجنتين بعدها، رغم المحاولات المتكررة لمارادونا وميسي معا. ورغم أن بونتي لا يتورع عن اعتبار ميسي أعظم لاعب في التاريخ، إلا أن كثيرين حول العالم بمن فيهم الأرجنتينيون أنفسهم لا يزالون يعتبرون مارادونا هو الأعظم، ليس فقط لأنه جلب لبلاده كأس العالم بمجهود شبه فردي عام 1986م، وليس فقط لأنه كان يمارس مراوغاته الساحرة على المدافعين رغم عدم وجود قوانين في اللعبة تحميه آنذاك على عكس ميسي، بل أيضًا لأنه أكثر بساطة وأقرب إلى الناس من البرغوث. إن «ميسي ملصَقٌ دعائي، أما مارادونا فَعَلَم»، هكذا قال هوغو آش في مجلة «جوت دون». في حين أتى الكاتب والناقد الأدبي الأرجنتيني باتريسيو برون بزبدة القول: «نحن الأرجنتينيون نحبّ مارادونا لأن تجاوزاته، وحوادثه، وسقطاته، ما هي إلا انعكاس أنفسنا، أو أن ما نودّ تصديقه هو: أن امتلاك المواهب يؤدي إلى إدانة الفرد الموهوب بهذه الطريقة، عليك أن تكون موهوبًا؛ لكي ندينك، أو أنك لا تستحق الذكر أبدا». أما إدواردو ساشيري، الروائي والقاص الأرجنتيني، الذي سبق أن كتب قصة عن مارادونا، فإنه يرى أن المقارنة لا تجوز بينه وميسي. لأن دييجو هو بالفعل أعمال «مكتملة»، بينما ليو «عمل مستمر»، فمن يعرف ما بإمكانه تقديمه بعد؟.

ميسي ومنتخب الأرجنتين:

يعتبر بونتي – في مقدمته للطبعة العربية من الكتاب- فوز ميسي مع منتخب بلاده بكأس كوبا أمريكا عام 2021م أهمَّ نجاح في مسيرته. هذا الفوز جاء بعد خمس سنوات من هزيمة الأرجنتين في نهائي البطولة نفسها أمام تشيلي عام 2016، والذي شهد إهدار ميسي لركلة ترجيح كان إحرازها كفيلًا ربما بالفوز بـ»كوبا أمريكا» في تلك السنة. كانت ليلة حزينة للبرغوث الذي سيتحمّل –بكل ما له من ثقل- مسؤولية الخسارة وحده. ولعله تذكّر خسارته المؤلمة الأخرى قبل سنتين، عندما خسرت الأرجنتين في نهائي مونديال 2014 أمام ألمانيا، حينما قرر فجأة –في الليلة نفسها- اعتزال اللعب الدولي وهو ابن 29 عاما فقط. لكنه ما لبث أن تراجع عن هذا القرار بعد ذلك قائلًا: «أحب بلدي وهذا القميص كثيرا».

وإذا كان ميسي قد نجح أخيرًا في الحصول على «كوبا أمريكا» عام 2021 كما سبقت الإشارة، إلا أن كثيرين يرون أن هذه البطولة التي هي كأس قارية في النهاية، لا يمكن أبدًا أن تعوض المونديال. ولكن لماذا لم يفز ميسي بكأس العالم حتى الآن؟ أو لنطرح السؤال بعبارة أخرى: لماذا يبدو أداء ميسي للكثيرين مُبهِرًا مع نادي برشلونة، وعاديًّا (إن لم نقل باهتًا) مع منتخب بلاده، إلى درجة أن يصفه الكاتب الأرجنتيني مارتن كاباروس بأنه «الرجل الذي يرقص بالكره رقصًا مذهلا ولكن بعيدا عن المنزل»؟. في محاولته الإجابة عن هذا السؤال يعزو بونتي هذا الفشل إلى نقص في التخطيط من جانب اتحاد كره القدم الأرجنتيني، لأنه لا يستعين بمدرب قادر على تحقيق أقصى استفادة من براعه ميسي، كما كان يفعل جوارديولا في برشلونة. وقد لخص خورخي سامباولي، مدرب الأرجنتين في مونديال روسيا الأمر كله بعبارة: «يجب أن نكون في مستوى ميسي»، وهي العبارة التي أثبتت –حسب بونتي- صحتها، لأن مدرب ميسي وزملاءه في هذا المونديال لم يكونوا في مستواه. غير أن التحليل الأكثر إقناعًا بالنسبة لي عن تعثّر أداء ميسي مع المنتخب بالمقارنة مع ناديه لم يكن في هذا الكتاب، وإنما في مقال قرأتُه منذ سنوات للصحفي الرياضي العُماني محمد البلوشي الذي راقب التمريرات لميسي في منتخب الأرجنتين وقارنها بتمريرات النادي الكتالوني. يقول البلوشي: «في برشلونة يمرر اللاعبون الكرة لقدم ميسي مباشرة في معظم الأحيان، ونادرًا ما يمررونها في المساحة أمامه. أما في منتخب الأرجنتين فيحدث العكس، إذْ يمرر اللاعبون الكرات بشكل عام في المساحة أمام ميسي ويلحق هو بها، نادرا ما يمررونها لرجله مباشرة». ويضيف: «لاعب مثل ميسي يحب المساحات الضيقة، ولا يلعب كثيرًا في المساحات الفارغة، هو ليس مثل كريستيانو رونالدو أو جاريث بيل». وهذا التحليل ينسجم مع عبارة الإطراء لميسي التي قالها جوارديولا، وأوردها بونتي في هذا الكتاب، وهي أن ميسي هو «اللاعب الوحيد الذي يكون أسرع عندما تكون الكرة بين قدميه أكثر مما لو أنه بدونها».

هل يُقارَن ميسي بـ»رونالدو»؟:

في مقارنته بين هذين اللاعبين اللذين كلما ذُكِر أحدهما لا بد أن يذكر الآخر، في إشارة إلى التنافس الشديد بينهما خلال السنوات الخمس عشرة الأخيرة، يستدعي مؤلف الكتاب من عالَم الموسيقى الكلاسيكية الموسيقيين: النمساوي موزارت والإيطالي سالييري، وهو استدعاء ذكيّ، يكشف أفضلية ميسي في هذه المقارنة من جهة، ويفضح انحياز بونتي له من جهة أخرى. فسالييري كان يكبر موزارت بخمس سنوات فقطـ، مثلما يكبر رونالدو ميسي بسنتين ونصف السنة. وسالييري كان يُخرج مقطوعاته الموسيقية إلى النور بعد جهد جهيد، تمامًا كما هي حال رونالدو، بينما تخرج الموسيقى من موزارت بسهولة شرب الماء ودون تعب، ومع ذلك تكون أجمل بكثير من موسيقى سالييري، وهذه هي حال ميسي في اللعب. وكانت الغيرة تأكل قلب سالييري من موزارت، وهي حال رونالدو من ميسي (يضرب المؤلف مثالًا على ذلك بصورة ظهرت لرونالدو يهزّ فيها رأسه بغضب، عندما سجّل ميسي هدفه رقم 500 في مباراة الكلاسيكو التي أشرنا إليها سابقًا).

يتوصل بونتي إلى خلاصة مفادها أن «ميسي كان سيظل ميسي دون كريستيانو، وكان سيسجل أهدافا ويحطم الأرقام القياسية ويفوز بالكرة الذهبية، لكن كريستيانو من ناحيه أخرى هو كريستيانو المتحفز بفضل ميسي وهذا هو الاختلاف الكبير». ورغم أنه لا ينكر صفات كريستيانو الاستثنائية كلاعب كره قدم قوي ومثابر ومتفانٍ وقيادي، إلا أن بونتي يستدرك أنه – أي رونالدو- «لو جاء في حقبة أخرى لكانوا سيضعونه في قمه كل شيء سنوات، أما مع ميسي فهو لا يزال في القمة ولكن حتما بخطوتين أو ثلاث خطوات أدنى منه»، وفي موضع آخر يقول إن ميسي نادرًا ما يتباطأ عندما يراوغ، على سبيل المثال إذا كانت خطوة واحدة كافية فلن يقوم بخطوه أخرى وأعتقد هنا يكمن تفوق ميسي على كريستيانو وآخرين». وتنبأ بونتي أنه عندما يتقاعد كريستيانو رونالدو سيستمر ميسي في إعادة اكتشاف نفسه وتسجيل الأهداف عدة سنوات أخرى، ذلك أنه من غير المحتمل – والكلام لبونتي- أن يخرج لاعب آخر بمثل تحفاته الفنية في غضون الخمسين عاما القادمة. تضمن الكتاب مقدمة للطبعة العربية بقلم الصحفي الرياضي السوري هُمام كدر، لا أرى أنها أضافت شيئًا لمعرفتنا بميسي سوى توثيق الصحفي لإعجابه بهذا اللاعب الفذ. وقد كانت ترجمة محمد بيطاري من الكاتالونية مباشرةً، سلسة ورشيقة، ولم يُعِبْها سوى أن المترجم لم يبذل مجهودًا لتعريف القارئ غير المتابع للكرة بالأسماء الكثيرة التي أوردها بونتي في سرده، من لاعبين ومدربين وأدباء وصحفيين، وكان على القارئ الراغب في التعرف إليها البحث عنها في موقع جوجل. عدا ذلك فإن هذا الكتاب وثيقة مهمّة تروي قصة أفضل لاعب في العالم.

سليمان المعمري كاتب وروائي عماني