No Image
عمان الثقافي

ميتافيزيقيا الخيال: الكرسي في حضرة الإبداع العربي

30 مارس 2022
30 مارس 2022

في مديح الخيال

الكتابة عندما تؤول إلى الصمت ويؤول الصمت إلى تدفق المعاني الوجودية الكبرى، تلتزم اللغة إذ ذاك بالخروج عن أن تكون لغة الإيصال، والمفردة عن أن تعيش في معناها المحدد، المعاني عندما لا تكون دالة إلا على المعنى المفقود في الكون، الكلمة هنا كائن حي، أو ما يدل على الحياة، الحياة التي قد تكون مندثرة أو قيد التشكل أو قيد الانهيار، هكذا أدرك المتصوفة اللغة، عندما نظروا إلى السماء وما كان بينهم والسماء غير الصمت، عندما التفتوا إلى الصحراء وما كان بينهم غير اللامتناهي الذي يقود إلى المجهول، ماذا يكون أمام اللغة إذ ذاك أن تتحدث وإذا تحدثت فمن يجيب صراخها غير الصدى؟!. هل كان غريبا أن تزحف بنا الصحراء إلى آخر أطراف اليابسة، واليابسة إلى آخر أطراف البحر. من البحر يأتي العبور إلى آخر أطراف الكون البعيد، منه يبدأ التلاشي والفقدان والهجرة دون عودة إلى الجذر، وما أمامنا إذ ذاك هو المطلق البعيد، الذي كان حلما وسيظل في أحلامنا مركزا للإبداع، كي يتقدم الخيال إلى اللامرئي، خالقًا عالمًا يوازي الواقع، متنبئا بكوارثه متقدما بأحلامه دون عودة إلى ما هو معلوم ومنظور ومحدد، لا شيء غير التلاشي في الغياب، إذ العالم ليس أكثر من كوكب عابر يسبح في الفضاء.

الكرسي الذي لا يغدو مادة من الخشب أو الحديد، الذي لا يغدو مادة الجلوس النفعي اليومي، يذهب عبر اللغة إلى المجهول الرحب عندما تفقد الكلمات معانيها اليومية المحددة، ويغدو كل ما نقول ونسمع الغموض الأليف الشاعري المجهول الرحب، عندما تفقد الكلمات معانيها اليومية المحددة، ويغدو كل ما نقول ونسمع الغموض الأليف الشعري الشفاف، يأخذك إلى عالم الأرواح المدهشة، ربما وجدت قبل ولادة الكون، أو ربما استمرت في عطائها الإبداعي الخلاق بعد فنائه أيضًا. هكذا وقف الشرّاح والباحثون عن المعنى في الكتابات الدينية المقدسة موقف ما لا يقال وما لا يفهم، أمام قوة التعبير الزاحف بنا إلى المعلوم الذي غدا مجهولا، وإلى السطح الذي زحف بنا إلى العمق اللامرئي، إلى الموجة حين تصل الشاطئ تغدو بكاء مريرًا لكائنات مجهولة لم نرها من قبل، غير أنها رأتنا وعرفت وجودنا واستمعت إلى حديثنا، عن الحياة والموت والبعث، عن تحولات الأشياء ولا فنائها، بل استمرارية وجودها الخالد في عذوبة الريح وتدفق المطر والأرض الخضراء للموتى وللأحياء في آن. كتب هنري كوربان: «علم الخيال هو الذي يجعلك تدرك معنى الموت، بالمعنى الباطني، أي باعتباره يقظة قبله كما لو كنت في حلم واستيقظت، ومن الصعب بعد هذا أن نرفع من مقام علم الخيال إلى ما هو أعلى مرتبة».

كل من رأى كرسيا في المنام لشيخ

العارفين ومربي السالكين عبد الغني النابلسي

«كرسي هو في المنام رفعة من قبل السلطان أو امرأة فإن كان من حديد فهو قوة وظهر، وإن كان من خشب فهو دون ذلك مع نفاق، ومن رأى أنه جالس على كرسي، فإنه يكون وكيلًا أو وصيًا، وإن كان يصلح للسلطان تقلد سلطانا وولاية ونال رفعة، وإن كان غائبا رجع إلى أهله ونال مراده، ومن رأى أنه جالس على كرسي عليه ثياب أو على سريره، فإنه ينال عملا كليلا وخيرا عاجلا وبرا سريعا وعزة ورفعة، والكرسي لمن جلس عليه دال على الفوز في الآخرة على قدره وجماله وعلوه وجلدته، ولا خير فيه للمريض. وجلوس الحامل فوقه مؤذن بكرسي القابلة التي تعلوه عند الولادة، فإن كان على رأسها تاج ولدت غلاما، وإن كان شبكة أو غمد سيف أو زوج بلا رمح ولدت جارية، ورؤية كرسي الله تعالى الذي فوق السماوات دليل لمن هو من أهل العلم على علو الدرجات والمناصب العالية خصوصا إن رآه في صفة تامة، وربما كان للحامل خلاص من شدتها، وللأحزاب زوج، وللزوج ولد، ويدل على السفر لذوي الأسفار، وللمريض على حمله على سرير المنايا، أو دابة يركبها، أو دار يسكنها أو سنة يسكنها يشتهر بها ويعمل بها من بعده».

دلالات الكرسي في الأحلام للإمام محمد بن سيرين

أمّا الكرسي لمن جلس عليه فدال على الفوز في الآخرة إن كان فيها، وإلا نال سلطانا ورفعة شريفة على قدره ونحوه، وإن كان عازبا تزوج امرأة على قدره وجماله وعلوه وجدته ولا خير فيه للمريض ولا لمن جلس داخلا فيه لما في اسمه من دلائل كرور السوء لا سيما إن كان ممن قد ذهب عنه مكروهٌ مرض أو سجن فإنه يمر راجعا، وأما الحامل فكونها فوقه مؤذن بكرسي القابلة التي تعلوه عند الولادة وعند تكرار الوجع والآلام، فإن كان على رأسها تاج ولدت غلاما أو شبكة بلا رأس أو غمد سيف أو زج بلا رمح ولدت جارية، وقيل من رأى أنه أصاب كرسيا أو قعد عليه فإنه يصيب سلطانا على امرأة، وتكون تلك في النساء على قدر جمال الكرسي وهيئته، وكذلك ما حدث في الكرسي من مكروه أو محبوب، فإن ذلك في المرأة المنسوبة إلى الكرسي والكرسي امرأة رفيعة أو رفعة من قبل السلطان، وإن كان من خشب فهو قوة من نفاق وإن كان من حديد فهو قوة كاملة، والجالس على الكرسي وكيل أو وال أو وصي إن كان أهلا لذلك أو قدم على أهله إن كان مسافرا لقوله تعالى: (وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب).

الكرسي بيت من بيوت المعرفة للعلامة إسماعيل بن سودكين شرحا لقول الشيخ الأكبر (نصب كرسي في بيت من بيوت المعرفة بالتوحيد)

الكراسي هي الحضرات الإلهية التي هي موارد التجليات، والبيوت هي المقامات والأحوال العبدانية المنتجة للمعارف، فلا بد لكل كرسي منها من بيت يكون محل نصبه، ولكل حضرة من مقام وحال هو موقع تجليها، فالكرسي المنصوب بتوحيد الألوهية في بيت من بيوت المعارف، هو حضرة مخصوصية إلهية قاضية بهذا التجلي في مقام معرفة هذا العبد المخصوص، ثم قال: «وظهرت الألوهية بتوحيدها، مستوية على ذلك الكرسي»، أي على الحضرة الجامعة جميع الحضرات الأسمائية المتجلية لهذا العبد في مقامه الجمعي الوسطي القلبي، وهذا المقام هو الذي نصب فيه هذا الكرسي المعبر عنه بالحضرة الجامعة، نصبا مثاليا يعطي حكم الفهوانية، ولذلك قال: «وأنا واقف» فإن السائر المنتهي إلى الوسط الذي هو محل الأشراف لا سير له؛ ولهذا يسمى المقام الوسطي، بوقوف السائر فيه موقفا، وفي كل مقام وسط يقف السائر فيه لاستيفاء مراسمه وحقوقه.

باب العرش الكريم وهو الكرسي موضع

القدمين للشيخ الأكبر محي الدين بن عربي

ثم إن الله تعالى أدار هذا الفلك الآخر سماه: الكرسي، وهو في جوف العرش كحلقة ملقاة في فلاة من الأرض، وخلق بين هذين الفلكين عالم الهباء، وعمر هذا الكرسي بالملائكة المدبرات وأسكنه ميكائيل وتدلت إليه القدمان، فالكلمة واحدة في العرش لأنه أول عالم التركيب، وظهر لها في الكرسي نسبتان لأنه الفلك الثاني فانقسمت به الكلمة فعبر عنها بالقدمين كما ينقسم الكلام، وإن كان واحدا إلى أمر ونهي وخبر واستخبارا. وعن هذين الفلكين تحدث الأشياء الغريبة في عالم الأركان، وعنها يكون خرق العوائد على الإطلاق، وهي من الأشكال الغريبة لا يعرف أصلها وهو هذا، وتظهر في عالمين:

في عالم الخيال، كقوله تعالى: «يخيل إليهم من سحرهم أنها تسعى»، وفي عالم الحقيقة، مثل المعجزات والكرامات.

وهذان الفلكان قل من يعثر عليهما، أو يصل إليهما من أصحابنا إلا الأفراد، وكذلك من أرباب علماء الهيئة والأرصاد، وإذا رأوا شكلا غير معتاد في الطبيعة نسبوا ذلك إلى شكل غريب حدث في الفلك عنه صدر هذا الذي هو غير معتاد، لا يجري على قياس ومن هذين الفلكين كانت الخواص في الأشياء وهي الطبيعة المجهولة فيقولون تفعل الخاصية، فلوا أدركوا حركة هذين الفلكين كانت الخواص في الأشياء وهي الطبيعة المجهولة فيقولون تفعل بالخاصية، فلوا أدركوا حركة هذين القلمين لم يصح لهم أن يجهلوا شيئا في العالم، وقد ذكرنا من عالم التدبير القلم واللوح والطبيعة والهباء والجسم والعرش والكرسي وما بينهما من العوالم؛ لأن في كل من الأفلاك، وفي كل ركن من الأركان عالم من جنس كل فلك وركن وطبيعة وهم عمارها وسكانها (يسبحون الليل والنهار لا يفترون)، لأنهم لا يلحقهم في ذلك عي ولا نصب، فإن نسبة التسبيح إليهم نسبة الأنفاس إلينا تقتضيها نشأتهم كما تقتضي نشأتنا الأنفاس.

قال تعالى: «وإن من شيء إلا يسبح بحمده، ولكن لا تفقهون تسبيحهم» من جهة الفكر والنظر إلا أن يمن الله على بعض عباده بعلم ذلك، (والله يقول الحق وهو يهدي السبيل).

لؤلؤة نشأ الكرسي منه (صلى الله عليه وسلم) للشيخ الأكبر محي الدين بن عربي

ثم نظر طالبا أين يضع قدميه، وأين موضع نعليه؟ فانبعث من تلك الطرقة أشعة في الخلاء، استدارت أنوارها كاستدارة المرأة، لطيفة الكف، فارغة الجوف، معلومة المنازل عند السالك والراحل، فجعل ذلك الكور وأنشأ ذلك الدور كرسيًا لقدميه، وحضرة لنفوذ ما يصدر من الأمر بين يديه، فيخرج الأمر منه متحد العين، حتى إذا وصل الكرسي انقسم قسمين.

إذا كان المخاطب من ذلك الموضع إلى أقصى الأسفل موجودا بين اثنين، وإن كان واحدا، فمن جهة أخرى، وعلى ذلك الواحد تتابع الرسل تترى، فإن المخاطب بجميع الأشياء إنما هو الإنسان، ليس ملكا ولا جانا، فإن الملك والجان جزء منه، وأنموذج خرج عنه، فله بعض الخطاب، والإنسان كلي الكتاب، المنبه عليه بقوله: «ما فرطنا في الكتاب من شيء»، ثم عمّم بقوله: «ثم إلى ربهم يحشرون»، كما نبه إلى الحقيقة المحمدية، التي هي أصل الإنشاء وأول الابتداء فقال: «وعنده أم الكتاب»، فنحن الكتاب الأجلى، وهو الأم الأعلى، فالإنسان الكتاب الجامع والليل المظلم والنهار المشرق الساطع، فمن علو مرتبه وسمو منزلته أنه واحد بالنظر إلى معناه، واثنان بالنظر إلى حاله، وثلاثة بالنظر إلى عالمه، وأربعة بالنظر إلى قواعده، وخمسة بالنظر إلى مملكته، وستة بالنظر إلى جهاته، وسبعة بالنظر إلى صفاته، وثمانية بالنظر إلى نسخته، وتسعة بالنظر إلى مراتبه، وعشرة بالنسبة إلى إحاطته، وإحدى عشرة بالنظر إلى ولايته.

وهو الروح القدس، فإن أمده هذا الروح من غير كشف ملكي، وهو تابع لغيره، فهو صديق، وهي المنزلة الحادية عشرة في الإنسان. وإن أمده على الكشف الملكي، وهو أيضًا تابع، أو لا تابع ولا متبوع، فهو نبي وهي المنزلة الثانية عشرة في الإنسان. وإن أمده على الكشف الملكي، وهو متبوع ولا تابع فهو الرسول وهي المنزلة الثالثة عشرة في الإنسان بتمام وجود الإنسان، وبه تم الوجود في العشرة، ثم جاء الحادي عشر نظير الأول -إن تأملت-ومنعطف عليه، ونظير الثاني عشر، والثالث عشر نظير الثاني والثالث من البسائط وتبين ذلك في الوسائط. فاعتكفت ملائكة التقييد على خدمته لا حظه، لما يصدر منه في العلوم لاحظة حافظة.

فإن قيل: هذا الكرسي الأعلى، فأين اللوح المحفوظ، والقلم الأعلى؟ وأين الدواة واليمين، وكيفية كتابة التعيين؟

فنقول: تركنا تعيين ما ذكرته موقوفًا على نفسك، حتى تطلع على ذلك ببصرك عند شروق شمسك، وقد نبهنا عليه في هذا الكتاب بالتضمين لا بالتعيين، فاشحذ فؤادك، وقوّ اجتهادك، عسى الله أن يفتح لك بابا من عنده، عند مواظبتك على الوفاء بالعهود، أو بعهده والتصديق بوعيده ووعده.

وأما الكرسي للإمام العارف المؤرخ المفسر عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير

روى ابن جرير -وهو ضعيف- عن الحسن البصري أنه كان يقول الكرسي هو العرش وهذا لا يصح عن الحسن، بل الصحيح عنه وعن غيره من الصحابة التابعين أنه غيره وعن ابن عباس وسعيد ابن جبير أنهما قالا في قوله تعالى: (وسع كرسيه السماوات والأرض) [البقرة ٢٢٥]، أي علمه، والمحفوظ عن ابن عباس كما رواه الحاكم في مستدركه وقال: إنه على شرط الشيخين ولم يخرجها من طريق سفيان الثوري عن عمار الدهني عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال: «الكرسي موضع القدمين والعرش لا يقدر قدره إلا الله عز وجل». وقد رواه شجاع بن مخلد الفلاس في تفسيره عن أبي عاصم النبيل عن الثوري فجعله مرفوعا والصواب أنه موقوف على ابن عباس وحكاه جرير عن أبي موسى الأشعري والضحاك بن مزاحم وإسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكبير ومسلم البطين وقال السدي عن أبي مالك :(الكرسي تحت العرش). وقال السدي «السماوات والأرض في جوف الكرسي والكرسي بين يدي العرش»، وروى ابن جرير وابن ابي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس أنه قال: «لو أن السماوات السبع والأرضين السبع بسطن ثم وصلن بعضهن إلى بعض ما كن في سعة الكرسي إلا بمنزلة الحلقة في المفازة»، وقال ابن جرير: حدثني يونس بن وهب قال: قال ابن يزيد: حدثني أبي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما السموات السبع في الكرسي إلا كحلقة من حديد ألقيت بين ظهري فلاة من الأرض) أول الحديث مرسل. وعن أبي ذر منقطع، وقد روي عنه من طريق أخرى موصولًا فقال الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسيره أخبرنا سليمان بن أحمد الطبراني، أنبأنا عبدالله بن وهب المغربي، أنبأنا محمد بن أبي سري العسقلاني، أنبأنا محمد بن عبدالله التميمي عن القاسم بن محمد الثقفي عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ذر الغفاري أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكرسي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده ما السماوات السبع والأرضون السبع عند الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة وإن فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة». وقال ابن جرير في تاريخه حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا أبي عن سفيان عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير قال: سئل ابن عباس عن قوله عز وجل: (وكان عرشه على الماء) [هود:٧] على أي شيء كان الماء؟ قال: على متن الريح، قال: والسماوات والأرضون وكل ما فيها من شيء تحيط بها البحار ويحيط بذلك كله الهيكل ويحيط بالهيكل فيما قيل: الكرسي. وروي عن وهب بن منبه نحوه، وفسر وهب الهيكل فقال: «شيء من أطراف السموات يحدق بالأرضين والبحار كأذناب الفسطاط»، وقد زعم من ينتبه إلى علم الهيئة أن الكرسي عبارة عن الفلك الثامن الذي يسمونه فلك الكواكب الثوابت، وفيما زعموه نظر لأنه قد ثبت أنه أعظم من السماوات السبع بشيء كثير، وورد الحديث المتقدم بأن نسبتها إليه كنسبة حلقة ملقاة بأرض فلاة وهذا ليس نسبة فلك إلى فلك، فإن قال قائلهم: فنحن نعترف بذلك ونسميه مع ذلك فلكًا فنقول: الكرسي ليس في اللغة عبارة عن الفلك وإنما هو كما قال غير واحد من السلف: بين يدي العرش كالمرقاة إليه، ومثل هذا لا يكون فلكًا، وزعم أنّ الكواكب الثوابت مرصعة فيه لا دليل لهم عليه، هذا مع اختلافهم في ذلك أيضا كما هو مقرر في كتبهم والله أعلم.

باطل ما خلا وجهك الكريم لفيلسوف الإشراق الصوفي شهاب الدين يحيى السهروردي

الله من ورائهم محيط «وهو القاهر فوق عباده»، «وسع كرسيه السموات والأرض»، تلاشى الكل في جبروته فسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن كل معبود من دون عرشك إلى قرار الأرضين باطل ما خلا وجهك الكريم لا أنت إلا أنت، طهرنا بعزتك عن رجس الهيولي وهب لنا من لدنك رحمة إليك الرغبات ومنك الرهبوت وأنت إله العالمين.

قام هرمس يصلي ليلة عند شمس في هيكل النور، فلما انشق عمود الصبح فرأى أرضًا تخسف بقرى غضب الله عليها فهوى هويا، فقال: يا أبي نحني عن ساحة جيران سوء، فنودي أن اعتصم بحبل الشعاع واطلع إلى شرفات الكرسي، فطلع فإذا تحت قدميه أرض وسماوات.

3. الغاية قد تكون في نفس الفاعل كالفرح، وقد تكون في الخارج منه كالصورة في الكرسي، وقد تكون في ثالث كالفاعل لرضاء زيد، وهذا فيه تساهل: فإن الصورة في الكرسي أو رضاء زيد يجوز أن يكون نهاية الفعل، ولكن لا يجوز أن يكون الغاية -التي هي بالذات- إلى ما في نفس الفاعل، فلا يطلب طالب الصورة أو رضاء زيد إلا لفرح في نفسه أو طلبًا لكمال ومصلحة لنفسه، فالتقسيم فاسد.

مصادر

1.تعطير الأنام في تغيير المنام، للإمام عبد الغني النابلسي، وبهامشه منتخب الكلام في تفسير الأحلام

للإمام محمد بن سيرين، دار الكتب العلمية/منشورات لبنان

2.التجليات الإلهية، محي الدين ابن عربي، دار الكتب العلمية، لبنان ٢٠٠٢م

3.رسائل ابن عربي، الجزءان الثاني والرابع، الانتشار العربي/لبنان/٢٠٠٢م

4.البداية والنهاية، لابن كثير، دار صادر، لبنان ٢٠٠٥م

5.مجموع مصنفات شيخ الإشراق السهروردي، دار جانجانة/إيران ١٣٣١هـ