No Image
عمان الثقافي

من أجل التّـوازن في العلاقات الدّوليّـة

28 ديسمبر 2022
28 ديسمبر 2022

ما كان لحروب جائرة أن تندلع، ولأزمات سياسية مصطَنَعة أن تنشأ ثم تستفحل، ولا لمآسٍ إنسانية مَهُولة أن تقع، ولا كان لملايين الأبرياء أن يقْضُوا، من غير وجه حق، خلال الثلاثين عاماً المنصرمة - وباسم القانون الدولي (وهذا هو الأنْـكَى والأَمَـضّ) - لولا غياب علاقة التوازن في النّظام الدّولي وفي علاقات الدول بعضِها ببعض؛ وهو غيابٌ - أو تغييب - فَرض شريعة الغاب شريعةً حاكمةً لنظام العلاقات بين الأمم، وكرّس مبدأ القوة مبدأً مهيمناً فيها مطوِّحاً، بذلك، بكل المكتسبات السياسية التي دفعتِ البشريّةُ المعاصرةُ أكلافاً باهظة لقاء تحصيلها؛ وأوّلها بناء نظامٍ دوليٍّ جامعٍ على مبدأ التّوافق.

انهيار التوازن الدولي، بعد انتهاء الحرب الباردة وانفراط الاتحاد السوڤييتي والمعسكر «الاشتراكيّ»، كان مسؤولاً عن ذلك كله. لولاهُ ما كانت لتحصل حروبٌ كبرى من قبيل «عاصفة الصّحراء» على العراق (1991)، والحرب على الصومال (1993)؛ والحرب على يوغوسلاڤيا (1999)، وغزو أفغانستان (2002)، وغزو العراق (2003)، والحرب الإسرائيلية على لبنان (2006)، وحروب إسرائيل الخمسة على غزّة (2008، 2012، 2014، 2021، 2022)، والتدخل الأطلسي في ليبيا (2011)؛ ثم - في الأثناء - الحصارات والعقوبات الاقتصاديّة على العراق («النّفط مقابل الغذاء»)، وسوريا (= «قانون قيصر»)، وإيران، وفنزويلا و، أخيراً، روسيا. وهذه حروب اقتصادية قضى فيها ملايين من المدنيين الأبرياء (خاصةً في حصار العراق الطويل: 1991- 2003) ربّما جاوز في الأعداد من سقطوا بنيران المدافع والقذائف والطّائرات. هذا من غير أن نتحدث عن العدوان الآثم الذي وقع على البيئة وعلى أسباب الحياة في الطبيعة من جرّاء هذه الحروب، وخاصةً نتيجةً لآثار الاستخدام الإجرامي وغير القانوني لأسلحةٍ محظورة من قبيل تلك التي تستخدم اليورانيوم المنضّب - أو المستنفَد - حيث تبيد مقوّمات الحياة في التربة والمياه لملايين السنين أحياناً!

من البيّنِ من الأمثلة السّابقة، إذن، أنّ انهيار التّوازن في النّظام الدولي استجرّ كل هذا المسار الانحداري المروِّع في علاقات الأمم والدول ببعضها، حين وضع مصائر دول العالم رمّةً بأيدي المنتصرين في الحرب الباردة وتحت سقف إرادتهم السياسية ورهْنَ اتّجاهات مصالحهم. وما أغنانا عن التّنفيل في القولِ لبيان أنّ مِن أَظْهَر ما يُسْفِر عنه الانهيارُ ذاك من نتائج فورية هو انفرادُ قوّةٍ أو قوى بعينها بالقرار على نحوٍ يتحوّل فيه الانفرادُ ذاك إلى تسلُّطٍ وتَحَكُّم لا يَلْحَظ من المصالح إلاّ مصالح من يدير دفّة الأمور. وهذا، وإنْ بَـدَا لنا انحرافاً في مجرى السياسة الدولية، ينبغي أن لا يُقْرأ بمفرداتٍ أخلاقيّة، بل أن يُنْظَـر إليه بما هو معطى سياسي مجرد وديناميةٌ موضوعية. وبيان ذلك أنّ السياسة - مثل الطبيعةِ عند أرسطو - تخشى الفراغ و، بالتالي، لا نُدْحَةَ عن قوّةٍ تعوِّض قوّةً أسبق، أو تَرِثُ دور قـوّةٍ سابقة فتدير شؤون عالمٍ بات عالماً واحداً منذ وحّدتْه الرّأسماليّة والحروب والاستراتيجيّات الكبرى؛ وإنْ كانت هذه الحقيقة - وهي موضوعية - لا تسوِّغ لأن تكون إدارة شؤون العالم تلك على مقتضًى تَسَلُّطي بالضرورة.

على أنّ فارقاً نوعياً في المعنى ينتصب بين «انهيار التّوازن» (وما في معناه مثل غياب التّوازن أو انعدام التّوازن...) و«الاختلال في التوازن». الانهيار قرينةٌ على انْهِدامِ بنيةٍ قامت على توازن عناصرها وقواها و، بالتالي، خروجٌ عن نظامِ تلك البنية؛ أمّا الاختلال في التّوازن فَعَرَضٌ يطرأ على ذلك التوازن من رُجحانِ قوّةِ عنصرٍ في البنية على عنصرٍ آخر/عناصر أخرى من دون أن يقوِّض نظامها كبنية. والرّاجح في البِنى، الماديّة والاجتماعيّة على السّواء، أنّ مثل هذا الاختلال هو المبدأ الحاكم فيها؛ إنّه أشبه ما يكون بالتفاوُت في نِسَب القوّة لدى العناصر التي تؤلّف مجتمعةً، وبعلاقة التَّمَفْصُل بينها، بنيةً؛ والتّفاوُت في القوّة لا يغيّر البنية الجامعة، بل يعيد إنتاجَها عكس انهيار التّوازن الذي تنهار به تلك البنية.

شهدنا، في القرنين الماضيين، على مثاليْن لنظامين دوليّين قاما - ثمّ استتبّ لهما الأمر - على مقتضى توازنٍ بين قوّتيْن رئيستيْن كانت الكفّة راجحةً - في كلٍّ منهما (أي النظامين) - لصالح قوّةٍ منهما؛ أي أنّهما قاما على قـدْرٍ مّا من التّفاوُت في القوّة على نحوٍ بَـدَا كما لو أنّ اختلالاً في القوّة يحكمهما. ولكنّ الاختلال هذا ما كان انهياراً ولا سبباً في انهيار التّوازن في ذينك النّموذجين. النظامان الدوليان هذان هما اللّذان نشآ قبل الحربين العالميتيْن وبعدهما إلى عقد التّسعينيّات الماضي؛ أوّلهما الذي قام في القرن التّاسع عشر وأدارهُ القطبان البريطانيّ والفرنسيّ ثمّ ثانيهما الذي نشأ في منتصف أربعينيات القرن العشرين (وامتدّ إلى نهاية الحرب الباردة)، وأدارهُ القطبان الأمريكيّ والسوڤييتي. ولقد كان واضحاً أن تفاوُتاً في نسبة القوّة حكمَ النظامَ في الحالين فكان مختلاً لصالح قوّةٍ على حساب أخرى: لصالح بريطانيا العظمى في النظام الأوّل، ولصالح الولايات المتّحدة الأمريكية في النظام الثاني؛ كما كان واضحاً أنّ الاختلال في نسبة القوى ما مَنَعَ أيّـاً من النظامين من الاستمرار لعقودٍ من الزمن.

سيكون من نافلةِ القول أن نشدّد على حاجة أيِّ حياة إلى التوازن: في البيئة، والطّبيعة، والنظام الشمسي كما في الأسرة، والمجتمع، والدّولة والنظام الدولي. لا إمكانَ لافتراضِ انتظامِ أحوالِ بيئةٍ مّا - طبيعية أو إنسانية - من دون أن يكون مَبْنى البيئة تلك على توازُنٍ بين عناصرها. نعم، ليس في وُسع التوازن ذاك أن يحميَ بيئة الكون والطبيعة من ظواهرَ فاجئة: من عواصف شمسيّة، أو اصطدام نيازك بالكواكب، أو زلازل أرضيّة، أو براكين، أو فيضانات، أو دورات جفاف... إلخ؛ ولا أن يحميَ العالم الإنساني من الحروب والنّزاعات المسلّحة، والتّمرّدات والثّورات، والقلاقل والإرهاب، والخوف من المجهول، والمجاعات، والأزمات الاقتصاديّة والماليّة...إلخ؛ فهذه جميعُها من الظواهر الموضوعيّة ذات العِلل الماديّة القابلة للتحديد والتّفسير، والتي لا علاقة لها - دائماً - بانهيار التّوازن. وإذا كان قانون التوازن هذا لا يمنع من وقوعها، فإنّه يَـقْوى على احتواء الكثير من ذيول هذه الظّواهر وعلى كفّ آثارها على الحياة في الطبيعة وفي التاريخ. لهذه الأسباب، سيظلّ التوازن طِلْبَةً مدروجاً على التّصريح بها في كافّة البيئات الباحثة عن علاقات التّوازن في العالم: من البيئويّين إلى السياسيين ومهندسي السياسة الدولية ودعاة الإصلاح في العالم؛ فهؤلاء جميعاً يجمعهم اليقين بأن لا شيء يُتاح على هذه الأرض من غير حِفْظ قانون التوازن بين العناصر.

*

على الرّغم من أنّ العالم شَهِد على انقسامٍ إيديولوجي حادّ فيه، منذ انتهاء الحرب العالميّة الثّانيّة، تَمَثَّـل في تَقَاطُبٍ ثنائي هائل (غرب رأسماليّ وشرق «اشتراكي») تقودُه دولتان كبيرتان منتصرتان على النّازيّة (الاتّحاد السوڤييتيّ والولايات المتّحدة الأمريكيّة)، إلاّ أنّ هذا الاستقطاب لم يُقوِّض فرصة بناء نظامٍ عالميّ - جسَّدتْهُ، مؤسسياً، منظّمة الأمم المتّحدة - ولا قوَّض ذلك النّظامَ حين نشأ ومَـرَّ بامتحانات سياسية صعبة (في كوريا، وڤيتنام، والسّويس، وخليج الخنازير في كوبا، والانتشار النووي في أوروبا، وأفغانستان...)، ولا ساق قواهُ المتنابذة إلى مواجهةٍ مسلّحة شاملة. بلِ الأدعى إلى الاستغراب، في المعرض هذا، أنّ النظام الدولي السابق لوجود الاتحاد السوڤييتي - وقد كانت قواهُ رأسمالية - هو الذي انفجرت فيه تناقضاتُ قواهُ - الموحَّدة إيديولوجيّاً - في حربين عالميتيْن طاحنتيْن على المصالح والنفوذ. وهذا إنّما يُستفاد منه، في المقام الأول، أنّ تناقضات المصالح وما تُرتِّـبُـه على أطرافها من صراعات أشدُّ فتـكاً من أيّ تناقضاتٍ أخرى من قبيل التّناقضات الإيديولوجيّة و، بالتّالي، فأخطارها على النّظام الدولي أعلى من مخاطر الثانية.

الأهمّ من ملاحظة ذلك الانقسام الذي شهِد عليه العالم بعد الحرب العالمية الثانية هو الاعتراف بأنّه انقسامٌ لم يمنع أطرافه من الاتّفاق على تشكيل نظامٍ دولي جديد، ومن التوافق على قواعد مؤسَّسية حاكمة له. والحق أنّ العالم نَعِمَ، إلى حدٍّ مّا، بقدْرٍ من الأمن والاستقرار في ظل هذا النظام الدولي، وتحت سقف «ميثاقِـ» هِ والقانون الدولي لأنّه، بكلّ بساطة، قام على توازنٍ بين قطبين و، تحديداً، بين دولتيْن عظميَيْن. صحيح أنّ حرباً باردة طبعتْ ذلك النظام، وأنّه ما مَنَع من نشوب حروبٍ كبرى في الجنوب مثل الحروب العربيّة-الإسرائيليّة، والهنديّة-الباكستانيّة، والعراقيّة- الإيرانيّة وسواها، لكنّه كان يستطيع التدخّل لوقفها، أو لاحتوائها، أو لإدارة الأزمات التي قادت إليها ومنْعِها، بالتالي، من أن تستفحل إلى الحدّ الذي قد يقوّض النّظام الدولي.

وصحيحٌ، أيضاً، أنّ التوازن بين العظميين كان قريباً من الاختلال لصالح الولايات المتّحدة لتفوّقها الاقتصاديّ. ولكنّ هذا التّفاوت في القوّة ما كان ليغيّر من حقيقة تكافؤ الدولتين في القدرات العسكريّة الاستراتيجيّة، وخاصّةً منذ حيازة كلٍّ منهما القدرة العلميّة، ثمّ العسكريّة، النّوويّة التي حوّلتْهما إلى مركزيْن للقوّة والقرار والنّفوذ في العالم. ويكفي أنّ ذلك التّوازن أبْقى على الحرب الباردةِ باردةً، وتحت المراقبة، ومَنَعَها من أن تنزلق إلى مواجهات حامية كانت ستأكل الأخضر واليابس لو وقعت. ولم يشهد هذا التّوازن على انقلاب أحواله إلاّ بعد انهيار الاتحاد السوڤييتي وانفراط معسكره «الاشتراكي». حينها، فقط، انتقل العالم من نظام الثنائية القطبية إلى نظام القطب الواحد، ومن التوازن بين معسكريْن عظميَيْن إلى انفراديّة هيمنويّة وتسلطيّة مطلقة لمعسكرٍ واحد، بل - للدّقة - لدولةٍ واحدة. وما انقضى عقد التّسعينيّات الماضي، ومعه القرن المنصرم، حتّى كان العالمُ كلُّه يردِّد - تحت وطأة ما انْـتُكِبَ به - مفردات المطالبة بتصحيح الانهيار الهائل الذي حصل في توازنات القوى في النّظام الدولي بعد حقبة الحرب الباردة وإصلاح قواعده، وضخّ التّـوازن فيه من جديد.

ربّما كانت عيوب النّظام الدولي معروفةً لدى الجميع حتّى قبل زوال الحرب الباردة والثنائية القطبية قبل ثلث قرن، وكانت مشهوريّةُ ظواهرها المتعدّدة في أساسِ ما لا حصْر له من المطالبات بوجوب تصحيح أوضاعه. لكنّ مساحة تلك العيوب اتّسعت، في امتداد نشوء نظام الأوحديّة القطبيّة، وما كان باهتاً منها أو شاحباً صارَ فاقعاً لا يسرّ لونُه القلوب. في الأثناء، كانت حقائق التّغيّر في العالم وفي قواه تنهمر، من غير انقطاع، معلنةً أنّه ما من شيءٍ يبرِّر أن يستمرّ نظام الهيمنة الغربيّة، بقيادة الولايات المتّحدة الأمريكيّة، لعالمٍ أصبح يتّسع لقوًى جديدة كبرى خارج الغرب؛ ولا شيء يبرّر أن تتصرّف مؤسّساتها («منظّمة حلف شمال الأطلسيّ» مثلاً) وكأنّها تقيم لنفسها منطقة نفوذٍ عالمية على حساب آخرين لا تقيم أيّ اعتبارٍ لحقوقهم ومصالحهم وأمنهم (وهذا ما كان في أساس العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا)؛ كما لا شيء يبرِّر العقوبات والحروب الاقتصاديّة لمنْع الآخرين من التّقدّم. هذه، وغيرها كثير، معطياتٌ تَدُلُّنا على حاجة هذا النظام الدولي الحائف إلى إجراءات إصلاحية تصحيحية حاسمة لإنقاذه ممّا هو ماضٍ إليه من بائس المصائر.

في ما يلي عناوين خمسة لإصلاح المنظومة الدّوليّة، ولإعادة ضخِّ آلية التّوازن في علاقاتها الدّاخليّة، نسوقها في معرضٍ نقديّ، أي من طريق نقد عيوب النّظام القائم:

أوّلها؛ إعادة تشذيب النّظام الأساس الذي قامت عليه منظومة الأمم المتّحدة، وهو «الميثاق»، وذلك من طريق إخراجه من هندسته الأصل (وقد بُنِيَت - أساساً - على مقاس القوى المنتصرة في الحرب الثّانيّة)، وإعادة صوْغ هندسةٍ قانونيّة جديدة له لا تُضْمِر أيّ تكريسٍ لقوّةِ أيّ فريقٍ في العالم، بل تشدِّد على المساواة الكاملة في الحقوق بين الدول، على مثال المساواة بين المواطنين في الدولة الوطنية، وتضع منظومة تشريعاتها على هذا المقتضى المجرّد من كلّ سياسة امتيازيّة أو معياريّة.

وثانيها؛ إلغاء سلطة الهيمنة على صنع القرار في مجلس الأمن من طريق إلغاء مبدأ «حقّ النّقض» (= الڤيتو) الممنوح لدولٍ خمسٍ بعينها هي السـيّد في نظامٍ مزدحمٍ بالرعايا/ الدول التي لا حول لها ولا قـوّة فيه! وإذا كانت سلطة النّقض قد مُنِحت، استثناءً، للقوى الكبرى المنتصرة في الحرب، فينبغي أن لا يتحوّل هذا الاستثناء إلى قاعدةٍ في العلاقات الدّوليّة؛ حيث كيف يَحِقُّ لدولتين باتتا، اليوم، صغيرتين (مثل فرنسا وبريطانيا) أن تتحكّما بالقرار في دولٍ أكبر منها مثل اليابان وألمانيا والهند والبرازيل؟! وإلى هذا فإنّ مبدأ النّقض هو ذاتُه نقْضٌ لمبدأ المساواة القانونيّة للدّول.

وثالثها وجوب إخضاع مجلس الأمن لسلطة الجمعيّة العامّة، التي هي إطار الدّول جميعها. وهذا يقتضي سحب سلطة التّقرير والتّشريع من مجلس الأمن ومنحها (أو إعادتها) إلى الجمعيّة العامّة بما هي مصْدر السّلطة (مثل الشّعب في الدّولة)، واعتبار مجلس الأمن سلطة تنفيذية ملزَمة بتنفيذ قرارات الجمعيّة العامّة، بوصفها قرارات مُلزِمة (لا توصيّات)، وإخضاعه لانتخابات دوريّة تداوُليّة. ورابعها؛ إحداث نظامٍ قضائي دولي رسمي تكون أحكامُه ملزِمة، وليس على مثال «محكمة العدل الدّوليّة» ولا «محكمة الجنايات الدّوليّة» التي ترفض الولايات المتّحدة الانضمام إليها، ويكون في وسع أيّ دولةٍ لَحِقَها ضيمٌ من مؤسسات الأمم المتّحدة أن تلجأ إليه لإنصافها. وتكون من مهمات هذا القضاء الدولي السهر على تنفيذ القانون الدولي وحمايته من الانتهاك والتلاعب.أمّا خامسُها فإحداث القوانين الخاصة بالتجريم القانوني لسياسات الاستخدام الانتهازي للقانون الدولي، ولسياسات المعايير المزدوجة، وترتيب العقوبات الدّوليّة المناسبة على ذلك، بما يعيد الثقة الدولية الجماعية بصدقيّة القانون الدولي وحجّيّـتِه ونزاهته.

هذه عناوين عامّة لإصلاحٍ لم يَعُد من مناصٍ منه من أجل أن يستقيم أمْر هذا النظام الدولي. وقد تكون هذه هي الفرصة الأخيرة لذلك الإصلاح قبل أن نشهد على دعوات أخرى لإقامة نظامٍ دولي موازٍ مثـلاً.