لوحة تجريدية للفنانة الألمانية مونيكا فاردي
لوحة تجريدية للفنانة الألمانية مونيكا فاردي
عمان الثقافي

قصائد

30 أغسطس 2023
30 أغسطس 2023

إلى الشاعر العُماني صالح العامري

1- أعشاب البحرالأعشاب التي قذفها البحر البارحة، جفّفتها شمس يوليو القاسية.

النسوة اللائي أتين لغسل ملابسهن وإزاحة ما علق بأجسادهن من رعشات،

يقفن هناك ليس بعيداً عن زورق الصيّاد ولا عن حَصوات يرمي بها ولدٌ يتيمٌ في الماء.

الصباحُ وحده يُشبع ناظريه بعبق العائدات من الحقل، المتمهّلات في مشيهن،

يحملن فوق رؤوسهن سلال الذرة والتين.

2- دانتيلّادانتيلّا الياقة البيضاء لا تكاد تصل العنق.

باقات الورد تشيح بوجوهها الفرحانة عن قطة في الركن.

القطيفة ناعمة باردة على (ماهوغني) السرير.

شجرة ليمون قمرية، نافذة خشبية، رشقات ماء على عتبة الباب،

رشقات ماء على قدميّ السيّدة؛ هذا كلّ ما يحتاجه هذا الصباح البهيّ.

قد يأتي الجندي على قدميه وقد يأتي محمولا على نقّالة كئيبة.

لا صور على الحيطان، لا باقة ورد في مزهرية، حسبُ الأم الثكلى

قطفة نعناع وإكليل وحبق!

دهشة القتيل، تبقى عند العتبة.

ها قد جاءت الشمس،

حبّات العنب الحمراء صارت حامضة.

لا بأس، سنعبر هذا النهار!

3- مزهريّة الردهة

المزهرية على الطاولة الخشبية الصغيرة رأت الكثير:

اهتزاز الستارة المبتهجة بقفزة فراشة أجنحة الطائر،

استلقاءة الرضيع بين ذراعي أمه، تفرك بيدها حبّات الكسكسي،

حذاء الأب المغبرّ بقلق الطرقات وصخب الحافلات،

طمأنينة الماء، التي تسكبه الجدّة في البرّادة قبل صلاة الفجر.

قليلاً ما يُبدّل أحدٌ الورود في المزهريّة،

ونادرا ما تعلو التأوهات في آخر الليل.

4- النهر الذي لم يكن

لو خُيّرتُ أن أحتفظ بشيء في جيبي، كنت سأختار النهر،

فلا نهر في بلادي ولا وديان تصل البحر منذ عقود.

سأحمل هذا النهر معي، وحين أستريح في ظل شجرة أو

على مقعد في مقهى، أخرجه من جيبي، أقول له:

يمكنك أن تذهب حيث تشاء، أو

حسبك أن تجلس بجانبي نتبادل معا الصمت والشعر!

5- الغراب الذي كانالغراب يأتي دائماً أولاً، يجعل الريح الشرقية تحته،

يميل إلى حيث تتمهّل السحب في هذا الخلاء.

يقف على بضع حجرات،

يُنصت إلى أنين من طرحتهم الصحراء في جحيمها.

ينتظر قفزة الجربوع فوق استدارة الحنظل.

لكن ماذا ينتظرُ الحنظل؟!

ليتني كنتُ أعرف!

عاشور الطويبي شاعر