No Image
عمان الثقافي

قصائد

23 فبراير 2022
23 فبراير 2022

بينما ينزل الليل

«عيناهُ دائماً في عينيّ»

تقولُ كأنَّ أحداً يسمعُها.

على الطاولةِ، أمامَ الشُبّاكِ، ركوةٌ

وفنجانٌ وصحنُهُ

وكوبٌ يرعشُ الماءُ فيه.

تدخلُ طفلةٌ يجري وراءها طفلٌ ويخرجان.

جيشٌ أبيضُ في صفوفٍ على السجادةِ

يقابلهُ جيشٌ أسوَدُ في صفوف.

حصانانِ، غزالٌ

عريسٌ وعروسةٌ وأريكةٌ أرجوحة.

رجلٌ على الجدارِ مقابلَ الشُبّاك.

ينظُرُ من بروازٍ كبير.

«إنَّهُ يراني»

تقولُ كأنَّ أحداً لا يزالُ يسمعُها

«في عينيهِ الآنَ حنانٌ أكثر».

ميدانٌ صغيرٌ وشجرٌ من الشُبّاك.

ضوءٌ على العشبِ والظلال.

مقعدٌ خَشَبٌ عريضٌ يكفي لاثنينِ معاً

وطفلينِ ربما

بينما ينزل الليلُ، وينتصف.

دار آمنة

حملوها بسرعةٍ قبل أن تعودَ الطائرات.

كنتُ معهم

عيونُنا بين الشوارعِ والغيوم.

«إن تركناها لصقَ جدارٍ وهربنا

إذا عادت الطائراتُ»، قلتُ في سِرِّي

«سوف أخجلُ منها إن رأتني

ونادتني باسمي، يوم القيامة».

مشَتْ أوَّلَ مرَّةٍ عشرَ سنين أصغرَ مِنِّي.

خطوةٌ، خطوتانِ، ثالثةٌ وكرَجَتْ.

خالتي تنظرُ

فمُها مفتوحٌ كمن يراقبُ معجزة.

وأنا تمنيَّتُ أن أحملَها

أدورَ بها شوارعَ المدينة.

حفروا في الأرضِ باباً على قدِّها

نقلوها بينما يتلفَّتونَ إلى السماء.

كأنَّهم يهرِّبونَها إلى دارٍ آمنةٍ أكثر.

أبوها فاتحٌ عينينِ ثابتتينِ كأنَّهُ قتيل.

«مع السلامة»

سمعتُ أُمَّها تقول.

يبدأون، يبدأ الغناء

أكان يعرفُ

حين قال نبنيها من جديدٍ

كم مَرَّةً قد انبَنَتْ

هذِهِ المدينةُ من جديد؟

«سوف نبنيها»، أعادَ بِقَطْعٍ

مثلَ سكوتِنا، واقفينَ قربَهُ

أعمارُنا تتراوحُ، أخرسَنا الخراب.

«حتماً، أقوى وأجمل».

أنا أعرفُ صوتَهُ الخفيضَ هذا

على نبرةٍ

حين عادةً يجاوبُ نفْسَهُ.

أَحضرَ رفشاً، واجتازنا

«هاتوا أيَّ شيءٍ ينفعُ»، قالَ

«والحقوني، سوف يلحقُ الجميع».

كان يعرفُ.

جاؤوا تسبقُهم عرباتٌ يدويَّةٌ

من شارعنا، ومن الشوارع المجاورة.

أزاميلُ، فؤوسٌ ومطار قُ

سقَّالاتٌ ومرابطُ، عتلاتٌ ومناشيرُ حديد.

بدأوا، بدأ الغناء.

كأنهم جاهزونَ منذ الأزل.