No Image
عمان الثقافي

زُرقةُ الطين

28 ديسمبر 2022
28 ديسمبر 2022

كانَ الوجودُ وكانَ اللهُ رحمانا

وكانَ في العدْلِ ميقاتًا وميزانا

لمّا استوى أَبَدًا والكونُ مُكتمِلٌ

أهدى هديَّتَهُ للكونِ إنسانا

ما أوسَعَ الوعيَ إنسانيَّتي مَدَدٌ

ضِدٌّ بِهِ الضدُّ والرّحمنُ سوّانا

نَحْنُ الصِّفاتُ التي مِنْ وصفِهِ اتّحدَتْ

رِضًا ومغْضَبةً كُرْهًا وإيمانا

مِنْ نفخةِ الروحِ أحيانا وصوَّرنا

في منتهى الضوءِ تمكينًا وإمكانا

مذْ كانَ آدمُنا بدءًا لأنْسَنَةٍ

ونحنُ أعذبُ ماءِ اللهِ وديانا

نَحْنُ امتِدادٌ لروحِ اللهِ تغمُرُنا

حبًّا ومرحمةً وردًا وريحانا

ونحنُ أحرارُ «لا إكراهَ» مبدأها

دِنّا سواسيةً للهِ أديانا

مشارِبُ النُّورِ في الوجدانِ ذِروتُها

فوقَ اليقينِ ودونَ الشكِّ أحيانا

والروحُ مُشرِقةٌ مِنْ روحِ خالقِها

ولا تُلوَّنُ أحزابًا وأعوانا

سأخلعُ الطِّينَ عنِّي كيْ أرى قبسي

في زرقةِ النارِ إبليسًا وشيطانا

فمنْ أنا؟ رحمةُ اللهِ التي وَسِعتْ

للحالمينَ بِهِ سرًّا وإعلانا

للغارمين ثمارَ الحلمِ تدفَعُهمْ

نحوَ السّماواتِ تصديقًا وإيمانا

للمتعبينَ بلا مأوى وليتَ لهمْ

من فُسْحَةِ الأرضِ أحلامًا وجدرانا

أنا أنا الآخرُ المرويُّ، في سندي

ضعفٌ، ولو كانَ ما في المتنِ ما كانا

شمّاعةُ الفَقْدِ في حزنٍ وفي فَرَحٍ

مِنْ عهدِ قابيلَ حتى خصمِنا الآنا

أنا وأعرفني في كلِّ معرِفَةٍ

صنَّاجَةُ الحربِ إنكارًا وعرفانا

ما بينَ روحينِ لو أنَّ المَدى قُبّلٌ

طارَ الحَمامُ بنا حبًّا وأحيانا

وأشرَقَتْ في قلوبِ السالكينَ بِنَا

كلُّ المسافاتِ أنوارًا وتيجانا

لكنَّها جَدَلٌ تجري بأعيُنِهِمْ

والكلُّ كانوا بها صُمًّا وعُمْيانا

أنا انسِجامٌ معَ الصِّلصالِ أنفَخُهُ

في قُبَّةِ العرشِ نسرينًا وريحانا

وزَّعتُ قلبي لكلِّ النَّاسِ مسْبحَةً

حتّى غدا لكتابِ الحبِّ عنوانا

ثُمَّ انتميتُ لإنسانيّتي شَجَرًا

فكانَ ظِلًّا وأثمارًا وأغصانا

أمتدُّ مِنْ أوَّلِ الدنيا لآخرِها

حرًّا كما الماءِ إذعانًا وعصيانا

أنا انتماءٌ وهذا النُّورُ أبعدُهُ

كمثلِ أقرَبِهِ في العينِ إنسانا

إنْ مسّ جَوهرَهُ في الغربِ مظلمةٌ

أكونُ في الشرقِ أوجاعًا وأحزانا