No Image
عمان الثقافي

جدلية الحنين والألم في مجموعة «من مفرق العرجون»

23 فبراير 2022
23 فبراير 2022

العنوان الشعري ليس شيئاً مستقلاً وإنما هو الجوهر الذي تذهب إليه المجموعة بأكملها

ثمة ألم واضح يتردد في مجمل نصوص المجموعة يوحي بحالة ندم مستعصية نتيجة الشعور بالخذلان

يصنع الحنين حالة من الألم تفضي إلى غياب واغتراب لا يمكن مقاومتها

تمارس اللغة دوراً فاعلاً في تكثيف حالة الاغتراب وكشف حالة التضاد

تشكل حالة الحنين في مسرح الفعل الإنساني جدلية ضدية تتناوب وتتجاوب مع فضاءات شعورية أخرى، وهذه الظاهرة تتشاكل وتتقارب وتتفاعل وفقا للحالة الشعورية التي تفرزها التجربة العاطفية البشرية. ففي الوقت الذي يصبح فيه الحنين محركا عاطفيا يستمر تدفقه من الذكريات التي تتداعى، إلا أن هذا التدفق لا يكون صرفا بل غامرا بالكثير من العوالق التي يمكن لها أن تكدر لحظة التداعي، فالذكريات تأتي محملة بتفاصيل متعددة حاملة معها مرايا الألم والانكسار، حين يمتزج الحنين بجميع هذه المكونات، واللحظة العاطفية رغم جماليتها المفرطة التي يعيشها أي عاشق، صانعا منها عوالم جوانية، عند أنها تشكل كل ذلك بتشظيات شعورية لا حصر لها، هذه التشظيات تصنعها التجربة ذاتها.

نلمس كل ذلك في مجموعة «من مفرق العرجون» للشاعر عبدالعزيز العميري، هذه المجموعة التي تلخص التجربة الذاتية لشاعرها، راصدة مرحلة شعرية زمنية وعاطفية من عمر كاتبها، مرحلة لها أن تأخذ شاعرها إلى مزيدٍ من المغامرة والتشظي والجنون، ولها أن تفلته من ربقتها؛ لكنها ستظل تطارده بكامل ذكرياتها وانكساراتها، ملقية بظلالها على ما يكتب من شعر في مراحله اللاحقة.

ثيمة واحدة تكاد تسيطر على مجمل نصوص المجموعة (35 نصًا) عدا أن بعض النصوص خرجت عن الثيمة العامة، فاتجهت إلى آفاق أخرى كنص «الميزان» و«أغنية من الأرض» و«إلى آخر ضفيرة من غمام» و«يصبح بك الشعر فينيق» و«صدى من قصر المتوني» و«الناي الأخير». والغريب في الأمر أن النص الذي يحمل عنوان هذه المجموعة لا ينتمي للثيمة العامة التي نتحدث عنها هنا. وهذا يحيلنا إلى مسألة أخرى تتعلق بآلية اختيار النصوص عند الإقدام على نشر إصدار شعري؛ إذ إن البحث عن الثيمات العامة المشتركة في أي عمل، أو القصديّة في الاشتغال على مجموعة شعرية لها شكلها الكتابي، صار مطلبًا وتوجهًا، متجاوزًا الشكل التقليدي التجميعي الاعتباطي الذي لا يلتفت للثيمات المشتركة العامة، وهذا لا يتجانس مع قوة العاطفة في النصوص جميعها؛ لأن الشعر حالة وجدانية تخيلية بعيدة عن النظر الجمعي المادي للأشياء.

وهذا يجعلني أطرح سؤالا عن مدى مناسبة العنوان الذي تم اختياره (من مفرق العرجون) ليتقدم نصوص المجموعة وربطه مع الثيمة العامة للديوان، فمجمل نصوص المجموعة هي نصوص عاطفية/ ذاتية، تمثل مرحلة زمنية بكامل تشظيها وانكسارها، نصوص ذات جمل شعرية عالية، واقتناصات مشهدية فائقة، غير أننا نواجه عنوانًا تقليديًا مباشرًا لا ينتصر إلى عمق الشعر ومساراته التخييلية وكأن الشاعر انجذب إلى فكرة خاصة بعيدة عن مسارات الشعر العاطفي الحيوي التي اتسمت بها المجموعة.

وهنا نقول: هل من الضروري أن يحمل الديوان اسما لقصيدة يتم اختيارها من مجمل نصوص الديوان؟ إن الديوان يفيض بالجمل عالية الشعرية التي تتوافق مع الثيمة العامة، وكان من الممكن استلال جملة شعرية واستثمارها لتكون عنوانا عاما لهذه المجموعة، إذ إنها تحايث مدًا شعريًا خلاقًا لا يستمد قدرته من المباشرة، بل من الحدس الشعري المتألق. وعليه فإن العنوان الشعري في وجهة نظري ليس شيئًا مستقلًا وإنما هو الجوهر الذي تذهب إليه المجموعة بأكملها، وهو ذاته ما أشار له جيرار جينيت في حديثه عن العنوان بأنه مجموعة من «العلاقات اللسانية.. التي يمكن أن توضع على رأس النص لتحدده وتدل على محتواه».

الخذلان فاتحة للاغتراب

ثمة ألم واضح يتردد في مجمل نصوص المجموعة يوحي بحالة ندم مستعصية نتيجة الشعور بالخذلان، حين لا يستطيع الشاعر تجاوزه، فيظل يطارده ولا ينفك عنه رغم محاولات التخلص المستعصية التي تأتي على شكل تجارب جديدة في محاولة جادة للنسيان، غير أن صيحة «الذنب» تظل تتردد في تأزم نفسي عارم واغتراب ذاتي جارح في العلاقة مع الحب:

من يصحي طعنة الذنب القديم

غير صوت المذنب المدعو حبيبك

لما يرجع له صداه

وما أظنك تسمعين اللي يغني

من ثلاث عقود ما عنده حياة!

إذا هي مخاطبة الذات في محاولة رتق الألم؛ كي تجد لها من الأعذار ما يخفف صوت الذنب الذي يظل يعاود صداه في كل مرة يبحث العاشق فيها عن أعذار واهية لا تقنع حبيبة. هل صار الحزن رديف الألم؟

قال صلاح عبدالصبور يومًا: «لست شاعرًا حزينًا، لكني شاعر متألم». إن المعاناة التي يعيشها شاعر، ما هي إلا شكل من أشكال منغصات الحب التي تحيط بحالة العشق الذي ينتهي بفراق لم يحسب له العاشق حسابًا، فهي مزيج من رثاء النفس وخيبة الأمل:

شاعرك أصحاب عمره ضيّعوه

انحرف والبارحة أصبح يخونك

في تمام الفاجعة إلا .. مكان

وبعد ما خنتك صحيت!

ابتدى صدري يضيق

وسال ذنبي من عيوني.

هل تقتنع الحبيبة بكل هذه الأعذار التي يسوقها العاشق في محاولة يائسة لإقناع ذاته في المقام الأول، أم هي مجرد محاولة لمسح دم عن جرح لا يزال ينزف أو اللذة القصوى التي يستعذبها الشاعر عند الألم، وهي لذة خاوية فارغة من الفرح، فاللذة بمحمولها الثقافي تعتمد فكرة الاستمتاع بالوجود، وليس إفراغها من النشوة والحيوية، إلا في حالة وجود انهزام عارم من الحياة والواقع. وعلى هذا ستكون صحوة متأخرة تحيل إلى انكسار وطلب العفو عن ذنب، تلك الصحوة التي تصنع حالة الندم المستعصية:

أتذكرك

مليون حزن اتذكرك

وارجع مَعَ ذنبي وحيد

أختنق ما بين جدراني واموت

أحسب أيام الندم تابوت تابوت

وكل ما حاولت أغفى

وأتوسد ما تبقى من حنين

جيتِ إنتِ من السنين

مثل صوت الذنب في صحو الضمير

سامحيني

كل ما دقّ الندم باب السنين!

نجد أن هذا الحنين يصنع حالة من الألم تفضي إلى غياب واغتراب، لا يمكن مقاومتها، حين هذا الحنين يأتي مباغتًا مستدعيًا وجه الحبيبة القديم، لكنه لا يأتي منفردا، يأتي محملا بالكثير من ذكرياته وصوره، وفي مقدمتها ذلك الذنب البعيد الذي يصر أن يطل برأسه مع كل حالة استدعاء. إنه الخذلان في لحظة مواجهة إنسانية يهرب منها العاشق منكسرا، وضعف الكائن البشري في مواجهة المجتمع والعالم متشبثا بأخطائه وهزائمه ومشرعا بابه على الهروب والغياب. الشعور بالعجز أمام تأنيب الضمير هو شعور نابع من فشل الذات في فهم الآخر وخذلانه. يترك الذنب أثره في النفس مسببا جرحا غائرا وألما نفسيا لا يستطيع المرء تجاوزه بسهولة فتتحول إلى حالة من التوبيخ الداخلي تنتج المشاعر المؤلمة ويسيطر عليها الضمير في نقده للذات. وعقدة الشعور بالذنب كما يذهب الكثير من المحللين النفسيين تنتج حالة القلق والاكتئاب والوسواس القهري الذي يتحول لاحقًا إلى العزلة وجلد الذات:

تمسك طرف ثوبي واسابق إلى الباب

قالت أحس انك مفارق مفارق

رميتها أذكر بلا ذنب واسباب

من يومها والكون موجع وحارق.

والسؤال الذي يطرح نفسه، ماذا بعد كل هذا، هل الهروب حل أغلق بعده كل باب، أم أن وجه الحبيبة ذنبٌ لا يزال يطارده، ونراه حاضرا في كل قصيدة، وفي كل بيت، ووراء كل فاصلة، بل إنه يمارس فعلا أقوى، حيث يستحضر هاجس الحبيبة ويتحدث بلسانها مستشعرة ما يكمن من جرح وألم في البعد بينهما إذ تستعيد مرآة الشتاء في زمنية الفراق:

حنيت لك يوم الشتا يطرق الباب

وانا وحيدة دون حسك وصوتك

خليتني أحياك من بين الأقراب

اليوم تدري كل لحظة أموتك!

تمارس اللغة دورًا فاعلًا في تكثيف حالة الاغتراب وكشف حالة التضاد النفسي (الحنين/الألم) وما تخلقه من متضادات لغوية تعمق تلك الحالة، وذلك من خلال المفردات المكرورة التي تعطي دلالة واضحة للحالة النفسية المتأزمة وللاغتراب الذاتي في العلاقة مع الحب، فمفردات ثيمة الندم تكاد تملأ بها نصوص هذه المجموعة، فلا نكاد نمر على قصيدة إلا وتواجهنا المفردات بمرارتها. يرتبط التكرار ارتباطا مباشرا بالحالة النفسية للشاعر، يترجم الأبعاد الخفية التي تنطلق منها اللحظة الشعورية فتأتي المفردات كاشفة لحالة التأزم النفسي إلى جانب ما تتركه من قِيَمٍ جمالية وفنية. فالتكرار الذي تفرزه الحالة الشعورية يترك آثاره الجمالية التي تغني النص الأدبي إيقاعيا وموسيقيا ودلاليا.

هنا يا حارسين الليل

يمر الليل لا صاحب ولا أشعار

ولا بنتٍ تجي من آخر الشارع

تنسينا عنا الأيام

هنا يا حارسين الليل

نموت، نموت

ولا عادوا لنا الغيّاب.

ونقرأ أيضا:

- « تعلم كيف تمشي بْليلةٍ وحدك مَعَ الأمطار

وحاول ما يبكيك الحنين أن غادر شراعي».

- « يقول بْخير لكني أحس بنار

تمر بْداخلي وآخاف من بكرة

أخاف اني أشوف فـْ كلّ بنتٍ ثار

واخاف اني أخون وْأنكر العشرة».

ما الدوافع النفسية أو السيكولوجية التي تجبر عاشقا ليعيش كل هذا التشظي الروحي والألم؟ هل «الشروط المحددة للحب التي يبدو وجودها معا عصيا على الفهم، بل باعثا على الحيرة»(1)؟! أم النرجسية وما تفرزه من اضطرابات على صعيد السلوك؟! هذه النرجسية تغذيها «أنانية غريزة الحفاظ على الذات»(2)، وهي نرجسية خاوية كاسفة لا تحمل بعدا في الزمن، لنحاول صياغة السؤال بشكل آخر، ما الذي يدفع (شاعرا) ليعيش كل هذا التشظي؟

يرى «فرويد أن الإبداع من أنواع النشاط النفسي المرضي، وأن مبعثه خلل العلاقة بين الوعي واللاوعي»(3) من أجل هذا «يقوم المبدع بفعالية ذاتية يجسد بها هذا النشاط الجواني الفائر كي يتمكن من تحويله إلى مادة مجسدة يستطيع الخلاص منها بقذفها خارجا»(4).

تبدو العلاقة مع الحالة الإبداعية عصية على الفهم ومغرية بالولوج إليها أكثر، تذهب كارولاين سبيرجن في كتابها «الصور عند شكسبير وما الذي تنبئنا عنه» إلى أن الشاعر» من خلال صوره، على الأكثر يبوح بمكنونات نفسه، وهذا العمل يحدث لاشعوريا إلى حدٍ ما، فالشاعر يعرّي دون أن يفطن إلى ما يفعل، دخائله من حب وبغض .. فالصور التي يستعملها بوحي الغريزة هي على هذا النوع من الكشف، لا شعوري في الأغلب، صادر في لحظة من المد الشعوري»(5).

هناك ما يمكن أن نسميه بلذة الألم عند الشاعر أو المبدع، وهذه اللذة تقود إلى ارتكاب فعل الكتابة، وتصنع المتعة لاحقا عند اكتمال عمله الفني والإبداعي، فهناك هدف، كما يعبر عنه عزالدين إسماعيل في كتابه «التفسير النفسي للأدب»:» تدفع إليه أسباب هي التي تدفع إلى الحلم، ويحقق من الرغبات المكبوتة في اللاشعور ما يحققه الحلم، وهو كذلك يتخذ من الرموز والصور ما ينفس عن هذه الرغبات، ويخلق بين هذه الرموز أو الصور علاقات بعيدة وغريبة في الوقت نفسه. ومن هنا تأتي المتعة التي يجدها الفنان في إخراجه عمله الفني إلى الوجود»(6).

نقول أيضًا: إن صناعة الأحلام في النفس تغذيها الرغبات الغريزية المكبوتة التي تتوق إلى حالة الإشباع النفسي، وهي التي تُسيّر القوى اللاواعية في قدرتها على تحفيز الخلق الفني. ولا يمكن أن نغفل العلاقة بين الحلم والزمن وذلك في قدرة الزمن على مخاطبة الحواس وإنتاج رغباتها.

العزلة ومرايا الزمن

«يرتبط الشعر بالزمن ارتباطًا عميقًا، يصل لحد التماهي الكامل بين مكنونات الشاعر والعالم الخارجي، فهو يظهر الاستخدام المكثف لصور الزمن في النص الواحد، حيث يتلاحم الماضي مع الحاضر والمستقبل في بنية واحدة متماسكة، تعبر عن اجتياز الزمن لبنى الزمان المتقطعة، محاولة لدمجها معا واستحضار زمن مختلف»(7). يرافق الزمن سيرورة الكائن/الشاعر في خطه التصاعدي ويظهر تأثيره في قدرته على استنطاق مكنوناته، من خلال تشظيه بين زمنين من ضياع، إذ يظهر الشاعر كرائي في قدرته على رسم شعر «موسوم بالرؤيا، والخارج عن النظر الزمن المحدود، الكاشف عن مناطق مجهولة، وغائرة في البعد»(8):

قبل اضيع

جيتِ فرحة

من ينابيع الربيع

من تخوم بلاد من خلف الضباب

من زمن غير الزمان.

في المقطع السابق تظهر العزلة كمعادل للضياع، إذ تأتي الحبيبة خلالها (من زمن غير الزمان)؛ لتؤكد القيمة الدلالية للزمن في قدرته على إحداث الفارق في المعنى والأثر، ودلالة (قبل) الزمنية هنا هي ما يعطي للزمن أهميته في استراجاع الماضي، فـ«العودة إلى الماضي، يوقظ الذاكرة ويثير الذكريات بعد أن يتلاشى الحاضر ويصبح الماضي تعويضا يعيشه الشاعر نفسه»(9). وما العزلة في بعدها الفلسفي سوى محاولة تخفيف الواقع في الركون إلى الذات واكتشاف مكنوناتها، وعزلة المبدع هي عزلة فنية جمالية تأملية، تدرك ذاتها ومحيطها وهي ضرورية لحالة الخلق والإبداع.

وينفتح مع الزمن باب العزلة على مصراعيه، فيصير فيه الزمن قافلة الضياع، ويصير فيها العمر جدارا تتكسر أمامه كل الأحلام:

قريب اوصل ثلاثيني وعكاز الأمل مكسور

غريب وذي جهاتي ما توديني إلى عنوان

طريقي باتجاه الشمس وآمالي تمد جسور

وخلفي ظل يشبهني غدى أوفى من اي انسان.

وتأخذ العزلة أشكالا مختلفة في هذا الديوان في خطها التصاعدي مع الزمن، وتنتج مفرداتها التي تحيل إليها، مثل (سجن، سور، ليل، أرق) وهي علامات لهذه الحالة التي يعيشها الشاعر ولا يجدي معها النسيان:

حبيبتي الليل سجن من أرق

وانا ورا سور الظلام.

كوني لْحزني حناجر

ولو تعبتي من شتاتي

رجعيني لْشارعٍ

ما يسأل اقدامي: أنا رايح لوين!

وتجدر الإشارة أن هذا الضياع الواقع بين بعدين زمنيين هما أل (ما قبل) وأل (ما بعد) هو ما سيعطي المرحلة اللاحقة شكل هذه التجربة الشعرية وما سيكتب بعدها من نصوص تمثل حالة التصدع والضياع:

بعْد وجهك

ما قوى النسيان يسندني على جذع السنين

وْصرت اطيح.

يحاول الشاعر من خلال نصوص مقبلة أن يقف على قدميه، متحاملا على ذاته، في محاولة يائسة أخرى لترميم أوجاعه، متوسلا النسيان حبل نجاة، ربما هي حالة اليأس من الماضي الذي لا يمكن إصلاحه، ورغم أنه لا يكف من محاورة هذا الماضي إلا أنه يقف متحاملا ومتقاويا عليه، مواجها كل انكساراته برباطة الشعر الخلاق في داخله. وهذا ليس غريبا، فالشاعر ذلك الكائن الذي يحاول أن يؤنسن الأشياء من خلال محاورته للوجود -رغم حالة العزلة التي يعيشها-، إلا أنه يرتفع بشعره فوق الممكن والمجرد ليحدث ذلك الأثر الفني الذي يستمد حضوره من وعي الشاعر منعكسا ومتشظيا على مرآة الواقع في صورٍ حيّة تشق طريقها على ورق الكتابة. وهو بحساسيته العالية يدرك كوامن الأشياء، فينشئ تلك العلاقات اللامرئية التي تمنح الشعر قيمته في حركة الوجود:

لا تداكي تعبك بهذي البيوت

الظلال توحشت صارت رماح

يمكن الليلة يمرك ألف صوت

والف وجه يجيب في قلبك جراح

دير ظهرك أبلغ الصدق السكوت

كل طير تطلقه للريح طاح.

المصادر:

1-ثلاثة مباحث في النظرية الجنسية، فرويد، ت:جورج طرابيشي، مدارك للنشر، الطبعة الأولى 2015م.

2-نفس المصدر.

3-مسار التحولات قراءة في شعر أدونيس، أسيمة درويش، دار الآداب، الطبعة الأولى 1992م.

4-نفس المصدر.

5-حفر في مخيلة الذئب الصورة في شعر سيف الرحبي، د.حميد الحجري، الناشر وزارة التراث والثقافة 2007م.

6-نفس المصدر.

7-الزمن وبنية النص الشعري، إسحاق الخنجري، مجلة نزوى العدد 96.

8-نفس المصدر.

9-تحولات الشعرية العربية، حذام بدر، فضاءات للنشر 2009م.

طاهر العميري شاعر عماني