No Image
عمان الثقافي

الفلسفة في خدمة التفكير النقدي

24 سبتمبر 2025
24 سبتمبر 2025

كاثرين ألبرن / الترجمة عن الفرنسية: حافظ إدوخراز -

«تجرّأ على استعمال عقلك»، هكذا كتب الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط. تنطبق هذه المقولة التي عدّها كانط شعارا لعصر الأنوار على كل مشروع فلسفي، فالتفلسف هو أولًا وقبل كل شيء التفكير من خلال الذات والتحرّر من الآراء الجاهزة والعقائد الجامدة من أجل مساءلتها وتعريضها لاختبار العقل. ومن هذا المنطلق، يذكّرنا كانط بأن ممارسة التفكير الذاتي تستلزم طرد الخوف والجبن من أجل خوض مغامرة الحرية.

الجرأة على التفكير أمر مطلوبٌ إذن، لكن ما السبيل إلى ذلك عمليًا؟ تكشف كل فلسفة عن جهدٍ معرفي يروم بناء فكرها الخاص، مستخدمة في سبيل ذلك مناهج وأساليب متباينة. إذ ما القاسم المشترك بين حوارٍ أفلاطوني، والتأملات الميتافيزيقية» (1641) التي قرّر فيها ديكارت الشك في كل شيء بعد أن جلس أمام مدفأته، وكتاب «الأخلاق» (1677) الذي ألّفه سبينوزا وفقًا للمنهج الهندسي (البديهيات والبراهين)، وديوانٍ للحِــكم النيتشوية؟ فلنأخذ نظرةً شاملة عبر تاريخ الفلسفة للكشف عن مجموعة من المناهج التي قد تساعد كل فردٍ على التقدّم في طريق بناء فكره الخاص.

الهوس باللغة

تُولي الفلسفة اهتمامًا يكاد يبلغ حدّ الهوس باللغة ودلالات الكلمات. لكي نفكّر بأنفسنا على نحوٍ صحيح، يجب أن نتحرّى الدقّة بشأن استخدام المصطلحات والمعاني التي نحمّلها إيّاها. فقبل أي تأملٍ أخلاقي حول موضوع الكذب مثلا، من الأفضل أن نعرّف أولًا ماذا نقصد بالكذب. هل إغفال ذكر شيءٍ ما خلال الحديث يُعدّ بمثابة كذب؟

غالبًا ما يعمد الفلاسفة إلى إجراء تمييزات مفاهيمية من أجل تحديد موضوعات تأمّلاتهم على نحو أدق. وبهذه الطريقة فإن المشكلات الفلسفية تختفي من تلقاء نفسها كما يرى بعض الفلاسفة. هذا ما يؤكده مثلًا الفيلسوف لودفيغ فيتغنشتاين (Ludwig Wittgenstein)، الذي لا يطمح إلى تقديم نظرية عامة حول اللغة أو المجتمع أو النفس البشرية، بل يكتفي بتقديم ملاحظات حول استخدام الكلمات.

يميل الفلاسفة، بحسب فيتغنشتاين، إلى الاعتقاد بوجود جوهرٍ وراء المصطلح. فبالنسبة إلى أفلاطون على سبيل المثال، ثمّة فكرة نقيّة عن الجمال تشترك فيها مظاهر الجمال المختلفة في الوجود. بينما يوضّح فيتغنشتاين أن ما نحسبه طبيعة الأشياء يُخفي في الحقيقة ما يمكن أن نسمّيه بــ «تشابهٍ عائلي». ويستدلّ على ذلك بمثال الألعاب: «لا تقل: «لابدّ أن ثمّة شيئًا مشتركًا بين جميع الألعاب وإلا لما سُمّيت ألعابًا»، بل انظر إن كان هناك شيءٌ مشترك بينها جميعًا؛ لأنه إن فعلت ذلك (...) فسترى أوجه تشابهٍ وروابط، وستلاحظ سلسلةً كاملة منها. (...) ليس بوسعي أن أصف هذه التشابهات بعبارةٍ أفضل من «تشابهات عائلية»؛ لأن التشابهات المختلفة بين أعضاء الأسرة الواحدة (الحجم، ملامح الوجه، لون العيون، المشية، الطّبع...) تتداخل وتتقاطع بالطريقة نفسها» (بحوث فلسفية، 1953).

قبل الشروع في تعميمات كبرى، من المفيد أن ننتبه للألفاظ وألّا نرى بالضرورة مفهومًا ثابتًا يكمن وراء المصطلح. فإذا أخذنا مثال الجمال، فبدلًا من البحث مباشرة عن جوهرٍ للجمال، وبالتالي افتراض وجود هذا الجوهر، يجدر بنا أن نتأمّل أولًا في الاستعمالات العديدة لهذا اللّفظ في سياقات مختلفة (فنحن نقول رجلٌ جميل كما نقول استدلال جميل أو سيارة جميلة أو موسيقى جميلة...).

طرح الأسئلة

يقتضي التفكير المستقل أيضًا أن يطرح المرء الأسئلة على نفسه. وهذا ما شدّد عليه الفيلسوف كارل ياسبرز (Karl Jaspers) في كتابه «مدخل إلى الفلسفة» (1951) حين قال: «في الفلسفة، تكون الأسئلة أهمَّ من الأجوبة، وكل إجابة تتحول إلى سؤال جديد». هناك أسئلة كلاسيكية مثل الأسئلة الأربعة التي طرحها كانط: 1) ماذا يمكنني أن أعرف؟ 2) ماذا يجب عليّ أن أفعل؟ 3) ما الذي يحقّ لي أن آمله؟ 4) ما الإنسان؟ وهناك أسئلة أخرى أكثر إرباكًا، كتلك التي طرحها الفيلسوف ديفيد هيوم: هل ستشرق الشمس غدًا؟ فكوني قد لاحظت أن الشمس تشرق كل يوم حتى الآن ليس دليلًا يخوّل لي أن أستنتج بأنها ستشرق بالضرورة غدًا أيضًا. وهنا تظهر حدود الاستقراء.

ثمّة أيضًا أسئلة قد تبدو في ظاهرها غريبة وغير معقولة، لكنها تظل مع ذلك محفّزة للعقل ومحرّضة على التفكير. وينطبق ذلك على السؤال الذي طرحه الفيلسوف الأميركي طوماس نيغل (Thomas Nagel) في مقال بعنوان: «ماذا يعني أن تكون خفّاشًا؟». يستطيع الخفاش بفضل إمكانية رصد الأجسام من خلال الصّدى أن «يُبصر» بفضل الموجات فوق الصوتية التي يُطلقها وتنعكس على الأجسام المحيطة. وبهذه الطريقة يتمكّن من الطيران في ظلمةٍ حالكة بل ومن الصيد أيضًا. وإذا كان بوسعنا أن نصف هذه العملية انطلاقًا من المعطيات العلمية المتوافرة لدينا، إلا أننا نعجز عن الولوج إلى التجربة التي يعيشها الخفاش من الناحية الذّاتية، أي ما الذي يعنيه أن ترى العالم من خلال جهاز سونار؟ أو بعبارة فلسفية أكثر، فإن المضامين الذاتية للتجربة تبقى عصيّةً على البحث العلمي.

زرع الشّك

لا بد إذن من طرح الأسئلة، بما في ذلك تلك التي قد تبدو في ظاهرها غير معقولة أو شاذّة. غير أنّ الغاية ليس هو طرح الأسئلة لمجرد طرحها (أسئلة بلاغية)، بل المقصود هو أن نتساءل على نحوٍ جادّ، وأن نغرس الشك في عقولنا من أجل تبديد الأفكار المسبقة والعقائد الجامدة. لكن لا بد من القول أنّ ثمّة طرائقَ شتّى لاستعمال الشك، فهناك من جعل الشك مبتدأ الفلسفة ومنتهاها كما هو شأن الفيلسوف الشكّاك بيرّون (Pyrrhon) (أواخر القرن الرابع وبداية القرن الثالث قبل الميلاد) الذي دعا إلى تعليق الحكم على جميع القضايا.

غير أنّ الشك، وإن بلغ أقصى حدوده، ليس في معظم الأحيان سوى مرحلة في طريق المعرفة. وهذا ما يكشفه لنا ديكارت بوضوح في «تأمّلاته الميتافيزيقية»، فالشّك في مذهبه منهج على درب المعرفة. يقول ديكارت: «كان لابدّ لي في مرحلةٍ ما أن أُقدم على نحوٍ جادّ على التخلّي عن جميع الآراء التي تلقّيتها من قبل، وأن أبدأ من جديد منطلِقًا من الأسس، إن كنت أطمع أن أقيم شيئًا راسخًا وثابتًا في ميدان العلوم».

إن الشك الذي مارسه ديكارت لا يشبه البتّة الشك الذي قد يعتري كل واحدٍ منا حين يتعيّن عليه اتخاذ قرارٍ ما، أو حين يسمع أقوالًا يصعب تصديقها. فالشك الديكارتي منهجي ومنظَّم، لكنه أيضًا مضخّم، فالمقصود هو أن نشكّ في كل شيء بما في ذلك ما لا يبدو لنا أصلًا محطّ شك. فماذا لو كان ما أحسبه «واقعًا» ليس سوى مجرّد حلمٍ في النهاية؟ لعلّ هناك إلهًا خادعًا أو بالأحرى عبقريًا ماكرًا يخدعني بشأن وجود العالم الخارجي؟ ولعلّه يخدعني كلّما اعتقدت أنّ 2 + 3 = 5؟ بل ماذا لو أنني أنا نفسي لا وجود لي؟ قد تبدو هذه التساؤلات غير معقولة، غير أنّ ديكارت لم يجد الأساس الذي بنى عليه فلسفته إلا حينما بلغ بالشك هذه الحدود القصوى. إذ لكي نفكّر ونشك بل وحتى لنُخدع، فلا بدّ أن نكون موجودين. وهكذا، فإن الطابع الجذري لشكّه هو الذي قاده إلى أول يقين: الكوجيتو (أنا أفكر إذن أنا موجود).

ومن ثمّ فقد عمد ديكارت إلى إعادة بناء ما عدّه يقينيًا لا يقبل الشك لبنةً إثر أخرى. قد تبدو المغامرة الديكارتية، من فرط راديكاليتها، ضربًا من الجنون. غير أنها تُظهر إلى أي حدّ يرتبط التفكير النقدي، أي التفكير الجدير بهذا الوصف لا ذاك الذي يردّد الأفكار المألوفة بطريقة ببغائية، بالشك.

وقد عبّر الفيلسوف الفرنسي ألان (Alain) عن ذلك بعبارة موفّقة حين قال: «إن الشرط المسبق لأي فكرة عند أي إنسان هو شكّ جذري، وقد أدرك ديكارت ذلك حقّ الإدراك. ولا يتعلق الأمر بالشك إزاء ما هو مشكوكٌ فيه فحسب فهذا أمرٌ يسير، بل كذلك إزاء ما يشبه الحقّ إلى حدٍّ بعيد؛ إذ حتى الحقّ ينبغي للفكر أن يفكّكه ويعيد تركيبه. فإن أردت أن تعلم، فعليك أن تبدأ بعدم الاعتقاد، بمعنى ألّا تمنح للعادات ختم موافقة العقل» (ألان، مقالات في الدين، 1938).

إن البحث عن الحقيقة ليس مجرد مشروعٍ نظري فحسب. وكما أشار الفيلسوفان ميشيل فوكو (Michel Foucault) وبيير أدو (Pierre Hadot)، فإن «التأملات الميتافيزيقية» لديكارت تشكّل تمرينًا روحيا حقيقيا، أي «تمرينًا للذات» يهدف إلى تحويل طريقتنا في العيش والتفكير في العالم.

فن الجدل

يُرينا ديكارت مغامرةً فردية مشوّقة للفكر، لكن هل يعني هذا أن التفكير هو بالضرورة تفكيرٌ بشكل منفرد وفي عزلةٍ عن الآخرين؟ حين دعا كانط إلى التفكير المستقل، اعترف بصعوبة أن «ينتزع كل واحد نفسه من حالة القصور التي صارت طبيعة عنده إذا جاز التعبير» (ما هو التنوير؟، 1784). يكون التفكير أيسر عندما يُمارَس استخدام العقل بشكل جماعي، وعندها يصبح من المناسب تجاوز الكوجيتو الديكارتي (أنا أفكر) بـ«نحن نفكر».

وذلك من الدروس التي تعلّمناها من الفيلسوف الإغريقي سقراط مثلا، الذي يرى أنه من المفيد لنا أن يحفّز الآخرون تفكيرنا. ففي محاورة «الثياتيتوس» لأفلاطون، يصف سقراط (470 ق.م / 399 ق.م) فن «المايوتيقا» الخاص به، أي فن توليد الأفكار وإخراجها من النفوس. فكيف يتأتى ذلك؟ من خلال السؤال المستمر دون كللٍ ولا ملل. ولتحقيق ذلك، ليس من الضروري أن يكون المرء هو نفسه حكيمًا. كان يحلو لسقراط أن يكرّر أنّه لا يعرف سوى شيءٍ واحد، ألا وهو أنّه لا يعرف شيئًا. ومع ذلك، فإن التحقيق المكثّف الذي يُخضع له سقراط محاوره ليس بريئًا على الإطلاق، فهو مشحون بالسخرية السقراطية الشهيرة التي تهدف إلى إظهار أنّ ما يحسب المحاور أنه يعرفه ليس في الواقع سوى معتقدات. وغالبًا ما يكون الطريق طويلا لتبديد الأحكام المسبقة.

لقد برزت منذ نشأة الفلسفة فكرةٌ مفادها أنّ الفكر يُمارَس ويتقدّم من خلال تبادل وجهات النظر المتباينة. وذلك هو الجدل الذي اتّخذ أوجهًا مختلفة عبر القرون، فهو قد يأخذ شكل حوار عند سقراط أو أفلاطون، وفي الفلسفة الوسيطة يتّخذ شكل «المناقشة» التي انتشرت مع قيام الجامعات في القرنين الثاني عشر والثالث عشر، باعتباره تمرينًا شفويًا في التعليم الفلسفي. يبدأ المدرّس درسه بطرح سؤالٍ ما، فيجيب طالب ثم يليه طالب آخر يقدم حججًا معارضة. وفي النهاية، يختتم المدرّس النقاش بإعطاء الحلّ والردّ على الاعتراضات المثارة.

إن الجدل ليس مجرّد منهجٍ على درب الحقيقة، فهو يكشف لنا أيضًا طبيعة الواقع نفسها. والرأي لا يُبصر سوى جانبٍ واحد فقط، أما بالحوار فأنا أرى الجانبين معًا. يؤكد الفيلسوف جورج هيغل أن التناقض يقع في صميم حركة الحقيقة، فالواقع يجمع بين الوحدة والتعدّد، والاحتمال والضرورة، والمادة والمفهوم، والعرضي والكوني... والجدل يكشف عن نفسه من خلال التاريخ، بل هو التاريخ ذاته. فهو إذن حركة الفكر (الأطروحة - النقيضة - التركيب، أو بالأحرى التجاوز)، وهو أيضًا حركة الواقع.

تحرير الفكر من مركزيّته

من الجيّد أن نطرح الأسئلة لكن يتوجّب علينا من أجل ذلك ألّا نتردد في تحرير فكرنا من مركزيّته، من المنظورين التاريخي والجغرافي على حدٍّ سواء. وفي الغالب ما يساهم ذلك في تأهلينا لامتلاك نظرةٍ نقدية تجاه طرائق تفكيرنا وسلوكنا. تسعى فلسفة فرونسوا جوليان (François Jullien) إلى الكشف عن المسلَّمات والافتراضات الضّمنية الكامنة في الفلسفة الغربية من خلال النظر إليها من زاوية الفكر الصيني. فهو يحاول أن يُظهر إمكاناتٍ أخرى للتفكير، وأُفقًا نظريًا مختلفا عبر سلك الطريق الصيني. ليس من المؤكّد أنّ الفلسفة الغربية يمكن اعتبارها كتلة واحدة متجانسة في مواجهة كتلة أخرى هي الفكر الصيني، لكن لا ريب أن هذا التمرين سيكون محفِّزًا.

يبيّن جوليان مثلًا أن أوروبا تفكر في الفعّالية بينما تفكر الصين في النّجاعة. تقوم الفعالية على النّمذجة ثم التطبيق: بناء نموذج أو خطة تُطرح كغاية ينبغي بلوغها، ثم العمل من أجل تحقيقها. أما الصين فهي تفكر في التحوّل وليس في الفعل. وبينما يكون الجنرال في أوروبا هو من تميّز بفعلٍ مذهلٍ تمّ الإعداد له مسبقًا وفق نموذج، نجد القائد العسكري الصيني يتصرف بطريقة أقل لفتًا للانتباه، بحيث يسعى إلى النيل من العدو عبر إنهاكه وتجويعه مثلا بدلًا من مواجهته. وبالتالي فإن الإحجام عن الفعل لا يُفهم هنا بوصفه نوعًا من السلبية أو الضعف، بل هو بالأحرى طريقة للاستفادة من التحولات الصامتة والعوامل المواتية من أجل استغلال الوضع بأفضل شكل ممكن.

يعدّ التاريخ كنزًا ثمينًا من أجل مساءلة ما لم نفكّر فيه. لقد كتب الفيلسوف الألماني فريدريش نيتشه (Friedrich Nietzsche): «إنّ غياب الحسّ التاريخي هو الخطيئة الأصلية لكلّ الفلاسفة». وقد استوعب ميشيل فوكو هذا الدرس في مجمل عمله الفلسفي. فكتاب «تاريخ الجنون في العصر الكلاسيكي» (1961) يسعى إلى إظهار أنّ الجنون ليس جوهرًا أزليا، بل هو ثمرة إدراكٍ اجتماعي منغرس في التاريخ. فالمجنون لم يُنظر إليه دائماً بوصفه «مريضاً عقلياً»، مما يفتح آفاقًا أخرى لمقاربة موضوع الجنون. كان الجنون في عصر النهضة يفتِن الناس ويبدو وكأنّه يجسّد معرفةً باطنية، وذلك قبل الحبس الكبير الذي دشّنه العصر الكلاسيكي، ثمّ مع بداية مسار التعامل الطبي مع الجنون أواخر القرن الثامن عشر.

إنّ الإضاءة التاريخية ليست مجرّد استحضارٍ للذاكرة لأنّ غايتها أن نفهم الحاضر على نحوٍ أفضل، لعلّنا نستطيع التخلّص من بعض قيوده. وإذا كان العمل الذي أنجزه فوكو عملًا فلسفيا بالمعنى الدقيق للكلمة، وإنْ كان قد تعرّض أحيانا لانتقادات لاذعة من قِبل المؤرّخين، فإنّه يُظهر على أيّ حال مدى كون الانفتاح على العلوم الإنسانية كالتاريخ والأنثروبولوجيا والقانون وتاريخ الفن والفيلولوجيا وغيرها من العلوم، موردًا ثمينا لتحفيز التفكير الفلسفي. فالتنقّل بين هذه العلوم كما يتنقّل النحل بين الأزهار بحثا عن الرحيق، من أجل أن نصنع عسلنا من معارف العصر، إنّما هو أمر مفيد غاية الإفادة ومُعينٌ كبير على التفكير.

كاثرين ألبرن كاتبة صحفية ومسؤولة قسم الفلسفة في مجلة علوم إنسانية

مجلة علوم إنسانية (العدد 323)