روضة الصائم

نتحرى الهلال بالعين المُجرّدة ثم نُبلّغ السيد هلال السمّار لإبلاغ عموم الناس

20 أبريل 2022
ذكريات الشهر الفضيل
20 أبريل 2022

الشيخ ناصر الفارسي: كنّا نبلّل الملابس ونلتحف بها للتخفيف من حرارة الجو

لم يجد الشيخ ناصر بن منصور الفارسي في أول رمضان أتمّ صيامه قبل أكثر من سبعين عاما من سبيل للتخفيف من آثار الحرارة العالية والجو القائظ الذي شهدته ولاية نزوى في أول عام بدأ فيه بالصيام سوى فلج الغنتق ليبرّد به عن نفسه من خلال ترطيب الشال الذي يلفه حول رأسه وتبليل الملابس ليكون عاملا مساعدا للتخفيف من لهيب الحرارة؛ هكذا كان انطلاق الحوار مع الشيخ الفارسي الذي أوضح أن والده العلاّمة منصور بن ناصر الفارسي كان حريصا جدا على تعليمه مبادئ الدين والعلوم المرتبطة به، كيف لا وهو من عائلة محافظة اشتهرت بالورع والزهد.

وأضاف: لشهر رمضان ذكريات لا تنسى ومواقف تظل في الذاكرة رغم مرور السنين خاصة فيما نحن فيه الآن من رغد في العيش وتوفر كل الاحتياجات ولله الحمد. ثم انتقل بنا الحديث لمعرفة كيفية تحرّي هلال شهر رمضان، ومعرفة دخول الشهر ومكان رؤية الهلال وتحري رؤية هلال العيد، فقال: كنّا نتحرى الهلال بالعين المُجرّدة وكل المساجد تهتم برؤية الهلال، حيث يقوم وفد بعد ذلك بإبلاغ الحصن المقر الإداري للسيد هلال بن حمد السمّار والي نزوى رحمه الله، حيث يقوم بإبلاغ الجهات المختصّة ثم يتم إطلاق المدافع إيذانا بدخول الشهر والإجراء نفسه لخروج الشهر.

وقال الشيخ الفارسي: في بعض السنوات يتأخر الإعلان عن موعد خروج الشهر، حيث لا تصل الأخبار إلا في الصباح، حيث يقوم الوالي بإبلاغ المشايخ في القرى المحيطة بدخول شهر رمضان أو شوّال.

نهار رمضان

وللحديث عن وقت نهار رمضان وكيف يقضيه قال الشيخ الفارسي: كنّا نتوجّه مع باقي الصبيان والشباب إلى مدرسة القرآن عند المعلم الشيخ سعيد بن سيف المنيجري في مدرسة الشجبي ونقضي وقت النهار في التعلّم، وبعد وفاة الشيخ انتقلنا إلى مدرسة الخب عند الشيخ سعيد بن علي بن محمد البوسعيدي، والأوقات المتبقية نقضيها في مساعدة الأهل في المزارع والبساتين، وبعد صلاة الظهر نتفرّغ لقراءة القرآن الكريم، وفي الليل نجلس مع كبار السن نخدمهم ونتعلّم منهم ونقرأ معهم الكتب المفيدة كرياض الصالحين وجوهر النظام ومشارق الأنوار وغيرها من كتب الفقه وعلوم الدين.

وفي موضوع معرفة توقيت اليوم قال: في البداية كان آباؤنا يعتمدون على الظل وحركة الشمس ثم بدأت الساعات في أواخر الخمسينيات بعد جلبها من زنجبار، حيث بدأت في الانتشار في المساجد بعد ذلك بدأ تجّار نزوى في جلبها بكثرة من دبي وانتشرت في البيوت، أما مكبّرات الصوت فلم نكن بحاجة لها فكان صوت الأذان مسموعا في كل أرجاء الحارة ويتم اختيار المؤذنين عندنا في حارة العقر من ذوي الأصوات القوية، وأذكر أن الشيخ محمد بن ناصر بن سلوم أمبوسعيدي كان صوته يتجاوز حارة العقر ويصل صوته عند رفع الأذان إلى حدود منطقة دارس، فالصوت يسري والجميع يسمع صوت الأذان كون القرى هادئة ولا توجد بها ضوضاء أو ضجيج الأمر الذي يسهّل سماع الأذان للجميع، وكانت أبرز صعوبات الزمن السابق حرارة الجو، حيث تزداد صعوبة الصيام بهبوب الرياح المسمّاة «الغربي» فنضطر للمكوث في فلج الغنتق ونبلل ملابسنا ونبلل الشال والمصر للتقليل من أثر الحرارة.

الرمسات المصحوبة بالفن الشعبي

وقال: كانت الليالي التي تلي شهر رمضان جميلة، حيث يتسامر الناس ويقدّمون الفن الشعبي وهي من أبرز المظاهر الموجودة التي اختفت قليلا وكان الفقراء وذوو الحاجات يفطرون في المسجد من خلال أوقاف المساجد ومبادرات رجال الخير، كما أن المحاصيل الزراعية متوفرة ولله الحمد ونعتمد على منتجاتنا فيتوفر السكر والحنطة والبر والميساني والعدس والشعير وهي جميعها من أنواع الحبوب بالإضافة إلى الدنجو واللوبيا والسفرجل والتين والعنب والجوافة والجح والشمام والمانجو ومحاصيل الخضروات، أما مصادر المياه فهي الأفلاج والآبار، حيث نجلب مياه الشرب ونبرّدها في «الخروس» و«الجحال» و«السعن» بالإضافة إلى وجود أحواض مرتفعة مبنية من الصاروج تسمّى «بُرّادة» عند مصادر المياه تتم تعبئتها لتكون مصدر مياه مهم يشرب منها الجميع «سبيل عام».

مظاهر العيد

وعند اقتراب أيام العيد يقوم ربّ الأسرة بشراء الملابس للأبناء والبنات وهي عبارة عن أقمشة تتم خياطتها في المنازل ثم وصلت مكائن الخياطة مطلع الستينيات وبدأ الناس امتهان الخياطة ويقوم الرجال بخياطة الملابس الرجالية بينما الملابس النسائية تخاط في المنازل وهي مزركشة ومُزيّنة؛ وتبدأ مظاهر العيد في أول يوم من شوال بلبس الملابس الجديدة ويتجمّع الناس في بيت رشيد الحارة ويتناولون الوجبة والتي تكون للجميع سواءً العرسية أو الأرز واللحم والخروج لصلاة العيد زرافات بالتهليل والتكبير وثم صلة الأرحام وتبادل الزيارات، وفي عصر أول أيام العيد يتجمّع الناس من مختلف قرى مركز ولاية نزوى في ساحة الحصن لأداء الرقصات الشعبية والرزفة حتى قبيل صلاة المغرب لينفضّ بعد ذلك التجمّع ويعود كُلٌ إلى منزله.