301
301
روضة الصائم

فتاوى يجيب عنها فضيلة مساعد المفتي العام للسلطنة

04 مايو 2021
04 مايو 2021

فضيلة الشيخ الدكتور كهلان بن نبهان الخروصي

كيف يجمع الإنسان بين عدم اتباع الهوى واختلاف العلماء رحمة؟

إن اتباع الهوى يعني أن يعرض المكلف عن الالتزام بما أمر به ربه تبارك وتعالى، فيتبع ما يمليه عليه هواه ويجعل نفسه سارحة في مهاوي الشهوات وفي السير وراء زخارف الحياة الدنيا، غير مكترث بما أمره به ربه تبارك وتعالى ولا ملقٍ بالًا للمنقلب الذي سيؤول إليه. فشأن من يتبع الهوى أنه يتخذ إلهه هواه ويعرض عن طاعة الله تبارك تعالى ويقتنص الفرص التي يلوذ بها فرارا عن كل ما فيه أمر لله تبارك وتعالى ولا يبالي بحدوده سبحانه وتعالى، فينتهك ما حُرم إرضاء لشهوات نفسه واتباعا لأهوائها واغترارا بما أوتي في هذه الحياة الدنيا واغترارا بزخارف الحياة الدنيا وما فيها من فتن.. أما تتبع الرخص فإنه يمكن أن يكون لأحد باعثين: إما أن يكون اتباعا للهوى فهذا الذي يلفق دينه بالتماس أقوال ضعيفة من أقوال أهل العلم، لا يريد أن يظهر عند الناس أنه مخالف لأحكام الشريعة وإنما يريد أن يلبس لبوس الطاعة والانقياد متعلقا بأقوال فقهية واهية ضعيفة، ولذلك فإنه لا يستقر على حال. وعلامته أنه ينتقل من عالم إلى آخر ومن مذهب إلى آخر فيقلد قولا ضعيفا في مسألة لأنها توافق هواه ثم إنه لا يقلد ذلك العالم القائل بذلك القول في مسألة أخرى إن كان اختيار العالم لا يناسبه، بل ينقلب عنه إلى عالم آخر رخص في مسألة أخرى ثم إلى ثالث في مسألة ثالثة وإلى رابع وهكذا يكون كلابس ثياب زور، ويأتي وما عليه من لباس مرقع بأقوال فقهية ليس بينها رابط ولا يجمعها دليل ولا ينتظمها سلك واحد، هذا متبع لهواه. أما الآخر الذي يمكن أن يكون له باعث مقبول أحيانا فإنه قد يلتمس التوسعة من عالم فقيه لضرورة وقع فيها فيلتمس أوسع ما يمكن أن يحتمل له في دينه فهو لا يتطلب مجرد اتباع الرخصة وإنما يريد الواسع له في دينه فقد يحمله الفقيه على ما هو أحوط ويمكن أن يحمله على ما هو أرجح لكنه قد يكون في حالة يحتاج إلى ما هو أوسع له في دينه ومن المشهور في الأثر (ليس الفقيه بالذي يحمل الناس على ورعه هو وإنما الفقيه الذي يحمل الناس على ما يسعهم في دينهم) ولا يلتمس الواهي من الأقوال الذي لا يستند إلى دليل وإنما يبحث فيما فيه مجال للنظر والاجتهاد، أما إن قام الدليل وكان تأويله لا يحتمل وجوها أخرى فإنه يستسلم لأمر الله عز وجل وينقاد لذلك الحكم، فهذا بعيد عن اتباع الهوى أما الصنف الأول فعلاماته هي ما تقدمت من أنه يتتبع الرخص هذا يعرف بفقه التلفيق، وفقه التلفيق يعني أن يختار دائما أضعف الأقوال ولو وجد مسألة مشابهة لكنه في تلك الحالة محتاج إلى قول آخر لأعرض عن القول الذي أخذ به أولا؛ لأنه يتتبع الرخص ويلتمسها فيرقع دينه ويأخذ من كل عالم أو مذهب ما يناسب هواه وما يرضي به غروره في هذه الحياة الدنيا واتباعه للشهوات، أما الآخر فهو وقاف عند حدود الله عز وجل، لكنه في بعض المواقف تدفعه الضرورة إلى أن يختار ما هو أوسع له في دينه مما يحتمل أداءه، وهذا موجود عند أهل العلم. ومع ذلك إن لم توجد له رخصة فإنه لا يُعرض بل إنه ينقاد ويأخذ الحكم الشرعي في حقه، أما الأول الذي يتبع هواه فإنه يعرض وينقلب إلى أقوال أخرى وقد ينقلب إلى مذاهب أخرى تتبعا لهذه الأقوال وهذه الرخص وفي حقيقة الأمر ما أراد إلا إرضاء هوى نفسه واتباع الشهوات. والله تعالى أعلم.