No Image
روضة الصائم

فتاوى يجيب عنها فضيلة الشيخ د. كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عمان

01 أبريل 2023
01 أبريل 2023

ـ ما حكم أكل اللحوم المصنعة مختبريا، حيث إنها تصنع من خلية حيوانية كالدجاج أو البقر، وتتكاثر هذه الخلية حتى تصبح قطعة لحم أو دجاج، حاليا تصنع في سنغافورة، وهناك دولة عربية تسعى لفتح مثل هذه المصانع؟

هذه المسألة هي حديثة معاصرة، ومنذ مدة وأنا أحاول أن أصل فيها إلى توصيف علمي دقيق لكني لم أصل، هل هذا الاستزراع يكون من خلايا جذعية لهذه الحيوانات أو لخلايا حية؟ وكيف يكون ذلك؟ الموجود من المعلومات لا يصلح لبناء فتوى عليه، لأنه أقرب إلى الأوصاف العامة ويبدو أن هناك من أسرار الصنعة ما لم يفصح عنه بعد، فمثل هذه المسائل تحتاج إلى أن تتصور تصورا صحيحا بناء على بحوث علمية دقيقة، ثم إن كان فيها تعقيب فالأولى أن تتدارس في مجامع فقهية، لا أن تصدر بها فتاوى فردية، وإن كنت قد اطلعت على فتاوى لعلماء لكن كل أحد منهم كان يقول: إن كان توصيفها كذا، أو بلغني أنها تكون بالطريقة الفلانية فالحكم فيها كذا، فيعلق الجواب على بيان الكيفية التي وصلته أو بلغته أو اطلع عليها، وهذا قدر يسير مقدور عليه، لكن أن تصدر فتوى في شأن هذا الموضوع تتعلق بذاته وأوصافه، فهذا لا بد له من بحوث علمية رصينة، وإلى أي حد أيضا المسألة صارت منتشرة، هل كما يقول البعض بأنه في الواقع الحالي الآن أن بعض المختبرات وشركات تصنيع الأغذية تتنافس فيما بينها، لكنها لم تصل الحد الذي يمكنها من الإنتاج التجاري، لأن كلفة إنتاج قطعة لحم واحدة مكلفة جدا، وإنما يريدون أن يصلوا إلى الوسائل السهلة اليسيرة قليلة الكلفة حتى يبلغوا حد الإنتاج التجاري الذي يوزع على الناس ويمكن أن يحققوا منه أرباحا هائلة، أما في الوضع الحالي وأنا أتحدث عن أبحاث اطلعت عليها إلى ما قبل سنتين، أعرف أن هنالك نهما عند الناس في التعرف على الأحكام الشرعية، وأن كثيرا من أهل العلم قد يتعجلون في إصدار الأحكام الشرعية ويحسبون أن الذي اطلعوا عليه كاف وأنه هو التوصيف الصحيح وما دروا أن مثل هذه الأمور يكتنفها الكثير من الغموض والسرية وذلك أن التنافس فيها شديد، ولأجل ذلك أنا أتوقف حتى أتبين حقيقة هذا التصنيع وكيف يكون؟ ومصادر هذه الخلايا التي تستزرع، مع الوسائل التي تتبع، ثم بعد ذلك يمكن أن يكون الحكم الشرعي والله تعالى أعلم.

ـ ما هو السن الأنسب في تعويد الأطفال على الصيام؟ وما هو الأسلوب في إقناعهم به وتدريبهم عليه؟

أما الذي يتعلق بالصيام فإن استطاعة الطفل هي التي يعول عليها، فإن كان جسمه يطيق الصيام، وهو لا يزال طفلا، فينبغي البدء بتعويده بالتدريج، أما إن كان جسمه ضعيفا وقواه لا تحتمل الصيام، فلا ينبغي التعجل في حمله على الصيام حتى لا يصاب بضرر أو أذى، وهذه المسألة ينبغي للأولياء أن ينتبهوا إليها، فقد وقعت حوادث مؤلمة من جراء حمل الأبوين طلفهما على الصيام وهو غير قادر على ذلك فأفضى الحال إلى التلف، فلا ينبغي التعجل ولا بد من التنبه لصحة الطفل، ولقواه وقدرته واستطاعته، فإن كان يطيق فيبدأ معه بالتدرج أيضا لأنه لم يبلغ سن التكليف، ولا ينبغي أن يهمل إلى أن يبلغ الحلم، وغنما يتدرج في تعويده وتعليمه الصيام فيبدأ معه على سبيل المثال ببضع ساعات ويراقب أثناءها فإن رأى الوالدان أنه لا مضرة في استمراره على الإمساك فيمكن أن يأذنوا له أن يستمر، أو أن يحثوه على الاستمرار، وإن رأو أنه سيضر نفسه حتى وإن طلب هو أن يستمر، فعليهم أن يأمروه بالإفطار وأن يعدوه أنه سيصوم ساعات أكثر في الغد وبعد الغد، وهكذا يتدرج، ولا يضيقوا عليه وينبهوا أهل البيت من إخوة وأخوات أن يعينوه على هذه العبادة فيكون منهم حث وتشجيع، ولا يكون منهم تثريب أو استهزاء أنه أفطر وأن الأكبر منه سنا قد صام في مثل سنه، يجب أن تراعى الصحة والقوة والاستطاعة، فإن مناطه الاستطاعة.

أما أمره بالصلاة فذلك راجع إلى التمييز والإدراك، وأرشد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعود الأطفال على الصلاة لسبع سنين، لأن مداركهم تدرك ذلك، فقد يكون التعليم أسبق من البدء في التعويد على الصلاة، من تحفيظ شيء من القرآن الكريم وأقوال الصلاة ثم بعد ذلك يتدرج معهم بالصلاة بعد الصلاة وحفظ أوقاتها، والأولى في أثناء ذلك الترغيب والتحبيب إلى الصلاة، وهكذا في سائر العبادات التي يحتملونها.

ومما هو بالغ الأهمية وللأسف الشديد أن كثيرا من الأولياء يهملونه فيما يتعلق بأحكام الطهارات، فيهملون في أمر تعليم أطفالهم التطهر من النجاسات، ويزداد الوضع سوءا عندما يناهزون البلوغ ذكورا وإناثا فلا يعلمونهم أحكام ما هم بصدده ومقبلون عليه من أمور الجنابة وكيفية الاغتسال منها، أو أمور البلوغ إذا أصاب البنت، وقد يأتيها الحيض كيف تتعامل معه؟ وما هي الأحكام المترتبة عليها أثناء حيضها؟ وكيف تغتسل من الحيض؟ وهذه الأحكام مهمة للغاية، وقد رأينا أخطاء كثيرة من جراء إهمال الوالدين لتعليم أولادهم من الذكور والإناث هذه الأحكام الشرعية، فإذا القضية قائمة على التدرج وحسن التعليم ومراعاة المراحل التي يكون فيها الأطفال. ولا شيء أنفع من أن يقوم الوالدان بجعل نفسيهما قدوة لأولادهم بأن يظهرا لهما حفظهما لأخلاق الإسلام وآدابه ولمعاني الستر والعفاف، وحفظ أحكام الدين من الصلاة والصيام وصنوف القربات من تلاوة القرآن ومساعدة الآخرين والتصدق عليهم بالقول والعمل. والله تعالى الموفق.