No Image
روضة الصائم

فتاوى يجيب عنها فضيلة الشيخ د. كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عمان

29 مارس 2023
29 مارس 2023

اشتريت جهازا كهربائيا من المحل وأضفت مبلغا من المال مع قيمة الجهاز لتمديد فترة الضمان، فهل يجوز شراء الضمان من المحل؟

هذا يعني أنه دخل في عقد تأمين، وغالب عقود التأمين هذه هي من عقود التأمين التجارية التي يكتنفها الغرر والجهالة، فهي لا تصح شرعا، أما الضمان الذي يأتي مع البضاعة أو مع السلعة التي اشتراها فهذا لا إشكال فيه، لكن أن يمدد وأن يدفع في مقابل ذلك فهذا تكييفه الفقهي أنه دخل في عقد تأمين تجاري، والتأمين التجاري لا يصح شرعا، والله تعالى أعلم.

أسماء السور هل هي توقيفية أو اصطلاحية؟

في هذه المسألة خلاف قديم، وتدور أقوال أهل العلم بين ثلاثة أقوال: القول الأول إنها توقيفية، والقول الثاني إنها اجتهادية من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والقول الثالث إن سور القرآن ليس كلها توقيفية ولا اجتهادية، وإنما سمى بعضها أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتواطأت كلمتهم على ذلك.

لكن يبدو أنها أقوال نظرية، والأقرب منها أن أسماء السور توقيفية، فعند من يقول إن كل السور توقيفية أي أن ذلك كان بوحي من الله -تبارك وتعالى- لنبيه -صلى الله عليه وسلم-، أو أن ذلك كان باجتهاد منه -عليه الصلاة والسلام-، والحقيقة أنه لا فرق بين هذين القولين، فإن كان ذلك ناشئا عن اجتهاد منه -عليه الصلاة والسلام-، قد بلغه لأمته ولقومه وسمى -عليه الصلاة والسلام- سورا من كتاب الله عز وجل، وما ورد عن أصحابه رضوان الله عليهم مما فيه أسماء سور، فإن كان من أسمائها لا من أوصافها، أو ليس مما يعرفون به سورة عن سورة أخرى، فإنه لا يتصور أن يكون ذلك إلا بتلق من الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم-، والحافظ السيوطي في «الإتقان» اختار القول الأول أن أسماء السور توقيفية، وصنيع أكثر المفسرين هو على هذا، ولذلك فإن كثيرا منهم يصدرون تفسيرهم لكل سورة بذكر أسماء السورة، فما ورد به أثر فإنهم يثبتونه، وما لم يرد به أثر فإنهم يصرحون أنه لا دليل على هذا الاسم، وهذا الذي ينفونه أن يكون اسما للسورة أي أنه ليس باسم معروف مرفوع أو مروي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعن أصحابه الكرام -رضوان الله تعالى عليهم-، لكنهم لا يمانعون أن يكون وصفا معرفا للسورة، فالأقرب أن القول الذي تطمئن إليه النفس هو أن أسماء السور توقيفية، ويمكن أن يستدل بذلك برواية الإمام الربيع، وإن كان الحديث ورد بلاغا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن جابر بن زيد عن ابن عباس أنه كان إذا نزلت سورة قال -صلى الله عليه وسلم-: ضعوها في سورة كذا، وهذا يعني أنه يسميها، ومن الروايات التي جمعت لما سماه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من السور الحقيقة أنه شيء كثير، وإن كان من يتحدث في هذه القضية لا يذكر إلا بعض الأمثلة، فيذكر الزهراوين البقرة وآل عمران ويذكر سورة الكهف، لكن هناك روايات كثيرة، منها على سبيل المثال رواية سيدنا عمر بن الخطاب في تسمية سورة الفرقان ونجد تسمية المعوذتين، وأم الكتاب والسبع المثاني، فهنالك روايات كثيرة لأسماء السور.

وما نخلص إليه أن أسماء هذه السور توقيفية حتى عند من يقول بأن ذلك كان اجتهادا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقد أقر على ذلك وتواطأت كلمة المسلمين عليه وأجمعت الأمة عليه، وهذا لا يعني أن السورة الواحدة ليس لها إلا اسم واحد، فهذا خطأ يقع فيه الجهلة من الأسماء، فقد وردت روايات بأن السورة الواحدة لها أكثر من اسم، ولا غضاضة في ذلك طالما أن هذه الأسماء ثابتة، ووردت أيضا في المصاحف، وهذا لا يعترض به بأن أسماء القرآن الكريم توقيفية. وصحيح أن هذه الأسماء التي تذكر في كتب التفسير ليست كلها ثابتة مرفوعة أو مروية عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو مسندة إلى أصحابه الكرام -رضوان الله تعالى عليهم-، والله تعالى أعلم.

امرأة تقوم بغسيل الكلى، ونصحها الأطباء بعدم الصوم؟

عليها أن تسمع لقول الأطباء، والأصل أنها عند غسيل الكلى نظرا لاستعمال الأملاح ومواد مغذية فإن عملية الغسيل نفسها تكون مفطرة، لكن قبل ذلك ينظر في حالة المريض الذي يحتاج، فإنه قد يكون من حيث الأصل غير قادر على الصيام، وبحاجة إلى شرب سوائل أو تناول أدوية، وينصحه الأطباء بترك الصيام أصلا في الأيام التي يحتاج فيها إلى الغسيل، أو في سائر الأيام بحسب حالته، فإذا كان سيترك الصيام لنصيحة الأطباء لبعض الأيام، فإن عليه بعد ذلك أن يقضي صيام تلك الأيام التي أفطرها، فربنا -تبارك وتعالى- يقول: «فَمَن كانَ مِنكم مَرِيضًا أوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِن أيّامٍ أُخَرَ» فإذا كانت ستترك الصيام في هذه الحالة لعدد من الأيام، فإن عليها أن تقضيها حينما تستطيع في الوقت الذي تسمح لها صحتها وحالتها بالصيام، ولا يوجد ما يمنعها من ذلك فإنها تقضي الأيام التي عليها. أما إن كانت مأمورة بالفطر منهية عن الصيام للمرض الذي ابتليت به -نسأل الله تعالى لها ولسائر المرضى الشفاء والصحة والعافية- فحالتها لا تسمح لها بالصيام فقد تتضاعف فيه حالتها المرضية فطلب منها ألا تصوم فلا حرج عليها لأنها بلغت حد المرض المزمن الذي لا يقوى صاحبه على الصيام، فهو معذور شرعا، لكنها في هذه الحالة ستنتقل إلى الإطعام، قال تعالى: «وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ»، فستطعم عن كل يوم مسكينا، وقدر هذا الإطعام نصف صاع من غالب قوت أهل البلد عن هذه الأيام التي تفطر فيها أي بعدد أيام رمضان. والله تعالى أعلم.