5586
5586
روضة الصائم

صالح بن علي الخروصي :يعيش مع القرآن ويختم قراءته 10 مرات في رمضان

03 مايو 2021
03 مايو 2021

العوابي ـ خليفة بن سليمان المياحي

يختم الوالد صالح بن علي بن سعيد الخروصي القرآن الكريم في شهر رمضان عشر مرات، فيما يختم قراءته في غير شهر رمضان أربع مرات كل شهر.. والخروصي يقضي حياته مع القرآن الكريم، ومع الآذان، فهو يصدح كل يوم خمس مرات بنداء الحق داعيا الناس للصلاة. ويبلغ الوالد صالح من العمر 78 سنة.

ويتحدث الخروصي عن سر الحيوية التي يمتلكها رغم تقدمه في العمر فيقول: كل ذلك بتوفيق الله سبحانه وتعالى فما أنا عليه من الحيّوية والنشاط أعتبرها نعمة من الله سبحانه وتعالى وواجب عليّ شكره. سألته عن مأكله ومشربه فقال: لا أشرب المشروبات الغازية وإنما أتناول العصير الطازج ومواظب على أكل التمور وعلى رياضة المشي بشكل مستمر. يقول: ولدت ونشأّت في قرية ستال بوادي بني خروص، ووالدي عاش 98 سنة وكان عندما يحدث أمرا ما في البلد كأن يرزق أحد بمولود أو تحدث وفاة يقوم بتوثيقها في دفتر لذلك فإن عمري الحقيقي كما ذكرته؛ فأنا من مواليد عام 1364هجري. وتعلمت على يد المعلم منصور بن مرهون المياحي، وكان حريصا على طلابه كما ينبغي، بل ويهذبهم ويعلمهم السلوك والأخلاق الفاضلة، كما أنه كان يراعي الأيتام من الأطفال ولا يأخذ منهم أجرا وكان «رحمه الله» يتابع أحوالهم. وإضافة إلى المعلم منصور كان هناك في قرية ستال معلمين آخرين للقرآن الكريم منهم عمي سليمان بن سعيد بن علي الخروصي، وناصر بن نبهان اليعربي، وزيد بن المر اليعربي؛ فقرية ستال هي من القرى الكبيرة بالولاية، وكانت ولا تزال تحتضن عددا كبيرا من السكان ولهذا فإن وجود أكثر من معلم كان ضروريّا ليتوزع أبناء القرية بينهم. سألته عن أجرة التعليم فقال: عشرة قروش من بداية إلتحاق الطالب بالمدرسة وحتى ختمه للقرآن الكريم كاملا. وهنا يرجع الأمر لمدى استيعاب الطلاب فبعضهم لا يستغرق إلا بضعة أشهر والبعض الآخر يأخذ وقتا أطول. ويستطرد في الحديث: تعلمت القراءة والكتابة في ستة أشهر ثم تعلمت تلقين الصبيان وشرحه، وقرأت في تحفة الأعيان وكتاب الدعائم، والحمد لله استفدت كثيرا كما أني أحفظ الكثير من القرآن الكريم. ويضيف: كان تعليمنا تحت الشجر وفي المصليّات بالقرب من الوادي ومع بداية النهضة المباركة للسلطان الراحل قابوس بن سعيد ـ طيب الله ثراه ـ فإن عمي سليمان، رحمه الله، كان يعلّم في مدرسة بنيت بالمواد الثابتة. أما عن بداية حياتي فكنت أساعد والدي في حراثة الأرض والزراعة فأنا أكبر إخوتي وكان العمل في الزراعة الوحيد المتوفر في ذلك الوقت،فلم تكن الأعمال متوفرة وكان يزرع ما يستهلك محليّا كالبر والذرة والشعير والدنجو ومختلف البقوليّات والثوم والبصل وبعض من الفواكه إلى جانب النخيل وهي المصدر الرئيسي للغذاء في ذلك الوقت. ويعود الخروصي لإكمال حديثه بالقول: سافرت إلى البحرين عام 1966 ميلادي واشتغلت هناك خمس سنوات كان عملي في الصيدلية الوطنية ثم اشتغلت في شركة الألبان الدينماركية وأذكر أن الراتب كان ست روبيات في اليوم الواحد، لكن إذا عملت في يوم من الأيام في التوزيع فإنني أحصل على زيادة في الراتب يصل إلى ١٥٠ روبية. وكنا في البحرين عندما وصلنا خبر تولي السلطان قابوس لمقاليد الحكم في البلاد وذلك عن طريق الصحف البحرينية وبعض الإذاعات التي كنا نلتقط موجاتها هناك؛ فاستبشرنا خيرا وتوسمنا فيه الكثير والكثير ولم يخب ظن العمانيين فيه. ويكمل الخروصي حكايته بالقول: عدت من البحرين عام 1971م وبعد أربعة عشر يوما فقط من وصولي من السفر التحقت بالعمل في وزارة الدفاع وعملت في العسكريّة ولأني اكتسبت خبرة في عملي سابقا بالصيدلية في البحرين فقد ألحقت بوظيفة ممرض لمدة ستة عشر عاما ثم تغيرّت وظيفتي إلى إداري لمدة خمسة عشر عاما فكانت حصيلتي في العمل الحكومي إحدى وثلاثين سنة، وأنا متقاعد الآن ولدي أبناء وأعيش حياة هادئة ومستقرة والحمد لله.

ويتحدث صالح الخروصي عن شهر رمضان المبارك الذي نعيش أيامه المباركة: لم تعد تلك الروحانيات التي كنا نشعر بها خلال أيام شهر رمضان. ويعلل الخروصي كلامه بالقول إن بعض التقاليد التي كانت تشعرنا بروحانيات الشهر قد انتهت وانقرضت وباتت في حكم الذاكرة.

ويواصل حديثه بالقول: لم تكن الوسائل الحديثة موجودة كالساعات أو أجهزة الهاتف لتنبيهنا على وقت السحور ووقت الإمساك، ومن يقوم بإيقاظ الناس للسحور آنذاك رجل في العوابي اسمه ناصر بن زاهر الحراصي وكان يستخدم الطبل ومع انه كان أعمى إلا انه كان يمر في جميع الطرقات والأزقة وبين المنازل وينادي بأعلى صوته (سحور سحور يا نائمين الليل قوموا تسحروا) فيقول الجميع لتناول وجبة السحور، كما إن بعض المنازل كانت بعيدة عن المساجد ولا يسمع أذان المغرب وهو الأذان الذي ينبئ ببدء الإفطار فكان يذهب الأطفال الصغار إلى مواقع قريبة من المساجد يحملون معهم شيئا من المأكولات «تسمى هذه العادة ملاقاة الأذان» وأول ما يسمعون المؤذن يقول «الله أكبر الله أكبر» يعودون إلى منازلهم بسرعة لإبلاغ أهلهم وفي الطريق يهتفون بأصوات عالية جدا «أذن المؤذن فطروا يا الصائمين». ويستعيد الخروصي بعضا من ذكرياته فيقول: بدأت الصيام وعمري سبع سنوات بأمر من والدي والمعلم منصور رحمهما الله، ثم بعدها تعودّت على تحمل أعباء الصوم من الجوع والعطش سنة بعد سنة وكان الإفطار عبارة عن تمر وسمن وماء، أما السحور فيما يوجد في البيت، وفي تلك الأيام كان الطعام في المنازل شبه معدوم إلا القليل منه. وعن مظاهر شهر رمضان في الماضي يقول صالح الخروصي: أجمل ما فيه هو تجمع الناس ولقاؤهم بشكل يومي ومستمر وتبادلهم للأحاديث وتقاسمهم ما يتيّسر لديهم من المأكولات. وكانوا يتجمعون للقهوة بعد صلاة التراويح، أما عن رؤية الهلال ففي قرية ستال كان يذهب ثلاثة من الأهالي ممن يتوسم فيهم الأمانة ويتصفون بحدة النظر لرؤية هلال رمضان أو هلال شوال فيصعدون على جبل شاهق الارتفاع يسمى «القرن» لتحري الهلال.