No Image
روضة الصائم

الخنساء

22 أبريل 2022
ومضات.. لصحابيات خالدات
22 أبريل 2022

نساء فتح التاريخ لهن الأبواب فشيدن بأخلاقهن بنيانا

التزمن بتعاليم الإسلام منذ بداياته.. فتركن أثرا لا يمكن طمسه

ربت المرأة شجعانا .. ودافعت عن الدين.. فبنت أوطانا

وجاهدت بالمال .. وعالجت الأبطال .. وشاركت في النزال

وحفظت مكانتها وتعلمت وتفقهت وكانت منارا للأجيال

تصاحبنا في كل يوم من أيام شهر رمضان المبارك صحابية من النساء اللاتي عاصرن النبي وشهدن الإسلام في بداياته، وتركن بصمتهن فيمن حولهن وساهمن في رفع راية الإسلام....

الصحابية التي نتناول سيرتها اليوم هي أم عمرو تماضر بنت عمرو بن الحارث بن الشريد، نشأت في بيت من سادات وأشراف العرب وملوك قبيلة بني سليم في الجاهلية، ولقبت بالخنساء لقصر أنفها وارتفاع أرنبتيه، ولدت عام خمسمائة وخمس وسبعين ميلاديا، في منطقة تدعى الصفنية وهي تابعة للمدينة المنورة.

حياتها

بعد أن أناخ «بنو جشم» رواحلهم، طلبا للراحة من عناء السفر الطويل إلى مكة في إبان الموسم، وكان منزلهم في بادية الحجاز قريبا من منازل بني سليم، ساقت الأقدار الفارس المشهور دريد بن الصمة سيد بني جشم إلى رحلة قصيرة على فرسه ولفتت نظره فتاة تهنأ بعيرا لها، وعندما سأل عنها عرف أنها تماضر بنت عمرو، شقيقة صديقه معاوية، وأخذ طريقه إلى منزل صديقه معاوية بن عمرو، وقال لوالد الخنساء:«جئت أخطب ابنتك تماضر الخنساء»، وكان رد الخنساء: « يا أبت: أتراني تاركة بني عمي مثل عود الرماح، وناكحة شيخ بني جشم؟ فخرج إليه أبوها فقال: « يا أبا قرة ! قد امتنعت، ولعلها تجيب فيما بعد»، ولكن أخاها معاوية، حاول معها وقد أصرت على موقفها من الرفض، وكان بجوارها أخوها صخر بعطفه وحنانه، فأبى إلا أن يكون زواجها بعد موافقتها، ولم يكن ذلك واردا عند العرب.

تزوجت الخنساء بعد أن رفضت أسياد القبائل الأخرى وأصرت أن تتزوج من قبيلتها، فتوفي زوجها الأول زهير بن جذيمة، ثم تزوجت من عبد العزى السلمي رجل من قبيلتها نهب مالها وعانت في حياتها معه، إذ كان رجلا مقامرا غير متزن، ولكنها صبرت وجادت عليه من مال أخيها صخر ولكنه بذره حتى انفصلت عنه، وما لبثت أن تزوجت مرداس بن أبي عامر السلمي، المعروف بسخائه، وكان مرداس كما ذكرت في شعرها أفضل الناس حلما ومروءة وشجاعة.

واختلف في أبناء الخنساء وقيل ولدان وبنت أو ثلاثة وبنت أو أربعة وبنت.

صفاتها

كانت الخنساء من شهيرات النساء في عصرها، وعرفت بالمروءة، والعقل والحزم، والأخلاق البدوية التي اشتهرت بها القبائل العربية، والبلاغة وقد ذهب البدو حينها في الشعر كل مذهب، و كانت ذات حسب وجاه وشرف، وكانت جميلة الوجه والهيئة، وشبهها الشعراء بالبقرة الوحشية نظرا لجمالها.

إسلامها

حين انتشر الإسلام، انطلقت مع بنيها وبني عمها من بني سليم وافدة إلى رسول الله ليعلنوا دخولهم في الدين الجديد، أسلمت وعمرها لا يقل عن الخمسين، وأعلنت إسلامها وإيمانها، استشهد أولادها الأربعة وصبرت واحتسبت، وقد اعتمدت سجلات الدولة المدون فيها اسمها، لتستلم أرزاق بنيها الشهداء الأربعة من ديوان بيت المال، وكان عمر رضي الله عنه قد قدر لها عن كل واحد مائتي درهم إلى أن قبض رضي الله عنه.

أثرها

والخنساء هي شاعرة مخضرمة أدركت الجاهلية والإسلام، وقد ولدت من آباء شعراء، حيث إن أجدادها كان فيهم خمس من فحول شعراء العرب، منهم النابغتان (الذيباني والجعدي) وزهير بن أبي سلمى، وكعب ابنه، ولبيد بن ربيعة، والحطيئة، والشماخ، وخداش بن زهير وغيرهم.

ومن شعرها في رثاء أخيها صخر:

قذى بعينك أم بالعين عوار

أم ذرفت إذ خلت من أهلها الدار

كأن عيني لذكراه إذا خطرت

فيض يسيل على الخدين مدرار

تبكي خناس فما تنفك ما عمرت

لها عليه رنين وهي مفتار

تبكي خناس على صخر وحق لها

اذ رابها الدهر ان الدهر ضرار

وفاتها

توفيت الخنساء رضي الله عنها سنة ستمائة وخمس وأربعين ميلادية، وكان عمرها واحدا وسبعين عاما، عمرت إلى أن أدركت نصر الإسلام المبين وكان موتها في عامها الحادي والسبعين.