No Image
رأي عُمان

نجاح القيادة في الاستدامة المالية

22 نوفمبر 2022
22 نوفمبر 2022

يتساءل بعضهم عن السر الحقيقي في تحقيق سلطنة عمان لفائض مالي مع نهاية شهر أكتوبر الماضي يزيد على مليار و100 مليون ريال عماني، فيما كانت التقديرات تشير إلى استمرار العجز المالي في ميزانية العام الجاري وأن السنة التي من المنتظر أن تحقق فيها سلطنة عمان التوازن المالي بحسب خطة التوازن هي سنة 2025؟ سيقول بعضهم إن السبب الحقيقي هو صعود أسعار النفط، وهذا كلام منطقي لا غبار عليه، إلا أن ما يجب أن نعلمه جميعا أن أحد أهم الأسباب يعود إلى الإدارة. لقد أدارت سلطنة عمان منذ تولي حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- الأزمة المالية بمهنية وذكاء، كاشفا عن عقلية اقتصادية (يمكن اكتشاف ذلك من توجهات جلالة السلطان نحو تطوير حركة الاستثمار في البلد وتوقيع اتفاقات استثمارية مع الكثير من الدول الشقيقة والصديقية).. صحيح أن خطة التوازن المالي قد أثرت برامجها في الجميع إلا أن الدولة خرجت من أزمة حقيقية كانت يمكن أن تصل نتائجها إلى رهن القرار السياسي لمنظمات دولية مثل البنك الدولي كما حدث في الكثير من دول العالم خلال هذه الأزمة أو أزمات سابقة مماثلة، وهذا الأمر لا بد أن يسمعه الجميع ويعيه تماما، لكن في المقابل، وضعت القيادة في البلاد إلى جوار خطة التوازن المالي خططًا أخرى هدفها بناء حماية اجتماعية للمواطنين، وبشكل خاصة فئة الدخل المحدود والضمان الاجتماعي وهذه الخطة ليس خطة آنية هدفها لحظة الأزمة فقط ولكن خطة هدفها الاستمرار والديمومة.

ونجحت خطة التوازن المالي وما تضمنته من ترشيد في الإنفاق ووضع آليات جديدة له لإيجاد التوازن في وقت قصير، إلا أن هذا الأمر لا يعني العودة إلى المربع الأول إذا ما كانت الدولة تريد صناعة استدامة مالية حقيقية؛ لذلك وجه عاهل البلاد المفدّى بإطلاق برنامج جديد هو «البرنامج الوطني للاستدامة المالية وتطوير القطاع المالي» الذي كشف أمس عن بعض تفاصيله وخطة عمله ومن شأنه أن يعالج الكثير من التراجعات في القطاع المالي سواء في المؤسسات الحكومية أو في المؤسسات الخاصة.

ما نفهمه من كل هذه الإجراءات أن سلطنة عمان استفادت من دروس الأزمة المالية، وهي اليوم تعيد هيكلة كل قطاعاتها بشكل جديد بناء على المعطيات الجديدة وبناء على التطلعات الجديدة التي تشير كل الأرقام أنها تحقق نجاحات كبيرة، وهذه النجاحات يمكن أن تكشفها الأرقام كما يمكن أن يعيها المشتغلون في القطاعات المالية والاستثمارية.