455455555
455455555
رأي عُمان

لماذا نغلق نحن ويفتح الآخرون؟!

22 يناير 2022
22 يناير 2022

واجهت جميع الدول التي أقدمت على فرض إجراءات احترازية لمواجهة سرعة انتشار وباء فيروس كورونا موجة من المعارضة اللفظية في المرات الأولى ثم الاحتجاجية في المرات اللاحقة. وكان الأمر مفهوما لأن الناس شعروا أن هذه الإجراءات تحد من حرياتهم الفردية والاجتماعية والدينية وفي بعض الأحيان السياسية. وتكثر هذه الاحتجاجات بين الذين يؤمنون بنظرية المؤامرة أو بين المناهضين بالأساس لفكرة اللقاحات والأدوية بشكل عام.

وقد أخذت هذه الاحتجاجات بعدا اقتصاديا عندما شعر البعض أن إجراءات العزل والإغلاق تسببت في إغلاق مصادر رزقهم وإدخالهم في الكثير من الأحيان في خطر الفقر كما حدث مع عشرات الملايين حول العالم.

وعندما أصدرت اللجنة العليا في سلطنة عمان أمس الأول قرارات جديدة بعد أن شهد عدد الإصابات بالفيروس ارتفاعا حادا وبشكل يومي خلال الأيام الماضية تساءل الكثيرون لماذا نغلق نحن فيما يفتح الآخرون ويتخلصون من الكثير من الإجراءات؟

وللإجابة على هذا السؤال نحتاج إلى قراءة المؤشرات الوبائية لدينا والمؤشرات الوبائية في الدول التي بدأت ترفع إجراءات الإغلاق ومؤشراتهم عندما بدأوا تطبيق تلك الإجراءات التي يرفعونها الآن.

المؤشرات الوبائية في سلطنة عمان تشير الآن إلى صعود حادٍ جدا في عدد الإصابات اليومية وكذلك عدد الذين يحتاجون إلى علاج وتنويم في المؤسسات الصحية ولذلك ليس أمام اللجنة العليا إلا أن تتخذ مثل هذه الإجراءات التي أثبتت فائدتها الكبيرة في الموجات السابقة من الوباء. وإذا كانت نسبة المنومين من عدد الإصابات اليومية المعلنة بسيطة بالمقارنة بنسبتهم خلال الموجة الماضية فعلينا أن نعلم أن سرعة انتشار الوباء الآن أكبر بكثير مما كانت عليه في الموجة الماضية رغم أن 90% من السكان قد تلقوا لقاحا مضادا للفيروس، والعدد المقابل للنسبة قد يكون كبيرا جدا فيما لو استمر الوباء في الانتشار دون اتخاذ أي إجراءات.

وعلينا ملاحظة نقطة مهمة جدا في قرارات اللجنة العليا الأخيرة أنها لم تمس الأنشطة التجارية ما يعني أنها حمت مصادر رزق الناس وذهبت إلى إعفاء 50% من الموظفين الحكوميين من الحضور لمقرات عملهم والعمل عن بعد.

أمّا لماذا صلاة الجمعة دون غيرها من الصلوات فلأن تطبيق الإجراءات الاحترازية المعمول بها كان ضعيفا جدا خلال أداء صلاة الجمعة التي تشهد ازدحاما كبيرا في المساجد بسبب أنها لا تقام في جميع المساجد كما هو الحال في غيرها من الصلوات ولا تصح إلا في الجامع.

ولو عدنا بالذاكرة نهاية شهر ديسمبر الماضي وبداية الشهر الجاري لعرفنا أن الكثير من الدول فرضت إجراءات قاسية لكبح جماح أعداد الموجة الجديدة من موجات الوباء كما كان الحال في دول مثل الكويت في الإقليم وكذلك بريطانيا التي اضطرت للذهاب إلى الخطة «ب» ومملكة نذرلاند «هولندا سابقا» ونجحت تلك الإجراءات في الحد من خطر الوباء رغم أن الأرقام كانت تصعد بشكل جنوني، ولنا أن نتصور بريطانيا التي كانت تسجل في اليوم الواحد أكثر من 200 ألف إصابة. لكن الإجراءات التي اتخذتها ساهمت في تراجع الحالات حتى رفعت بريطانيا الإجراءات المفروضة وكذلك الأمر في نذرلاند وغيرها من الدول.

وأثبتت الإجراءات التي تتخذها اللجنة العليا خلال العامين الماضيين نجاحا كبيرا في تجنيب البلاد الأسوأ من تأثير الوباء. وإذا صدقت توقعات العلماء والأطباء فإننا نسير بشكل سريع إلى نهاية الجائحة وتحول الوباء إلى مرض موسمي هذا الأمر يجعلنا نتحمل ما بقي من إجراءات بسيطة ولفترة مؤقتة.