No Image
رأي عُمان

عن تسييس التغيرات المناخية في العالم

22 سبتمبر 2021
22 سبتمبر 2021

يتوافد رؤساء العالم وقادته أو من ينوب عنهم هذه الأيام إلى مدينة نيويورك لحضور الاجتماعات السنوية لمنظمة الأمم المتحدة لمناقشة أهم القضايا التي تشغل العالم سواء كانت سياسية أو ثقافية أو بيئية. وتستبق وسائل الإعلام طرح القضايا المحورية التي تستقرئ أن قادة العالم سيركزون عليها من واقع ما يشغل الرأي العام وكذلك من واقع الأحداث التي تثير اهتمام الدول الكبرى وتؤثر على مصالحها. وفي هذه السنة يحضر موضوع البيئة بشكل أكبر من المعتاد رغم أن هناك الكثير من القضايا التي فرضت نفسها ومن بينها موضوع جائحة كورونا وتأثيراتها الصحية والاقتصادية وحالة «الكساد» التي سيطرت على أسواق العالم بسبب انعكاسات الجائحة إلا أن موضوع «البيئة» ما زال الأكثر تسويقا على وسائل الإعلام الكبرى خلال الفترة التي تسبق أيام الأمم المتحدة ومن خلال القمم الثنائية أو قمم المنظمات الإقليمية في أوروبا وأمريكا.

ومنذ سنوات وموضوع التغيرات المناخية يشغل العالم لأن تأثيره خرج من إطار التوقعات العلمية والبحثية ليكون معاشا ومؤثرا على الناس وعلى حياتهم في هذا الكوكب الصغير الذي نعيش فيه، ويتجلى ذلك من خلال ارتفاع درجات الحرارة وتأثير ذلك على بقية العناصر الطبيعية على كوكب الأرض مثل حدوث الأعاصير والفيضانات غير المعهودة وذوبان الجليد في قطبي الكرة الأرضية، إضافة إلى الكثير من التوقعات التي كان العلماء يتحدثون عنها منذ عدة عقود.

وعقدت هذا الأسبوع تسع دول من جنوب الاتحاد الأوروبي قمة مصغرة استبقت أيام الأمم المتحدة وكذلك قمة المناخ المنتظر عقدها الشهر القادم في مدينة جلاسكو البريطانية. وأكد زعماء الدول التسع التزامهم الحازم بتطبيق اتفاقية باريس للمناخ وقالت الدول التسع في بيانها الختامي «الآن أكثر من أي وقت مضى، من الضروري معالجة أزمة المناخ والبيئة التي تتفاقم».

وهذا كله مفهوم جدا وتوجه عالمي مدعوم من الجميع رغم أن مساهمة الدول الصناعية التي تعتبر هي السبب الأبرز في التغيرات التي تحدث على كوكب الأرض ضعيف جدا وهي أكثر الدول مماطلة في تطبيق البروتوكول الخاص المقر في قمة باريس. ونذكر هنا أن الرئيس الأمريكي السابق ترامب كان قد انسحب من اتفاقية باريس للمناخ قبل أن يعود إليها الرئيس الحالي جو بايدن.

إلا أن الملاحظ في التركيز الإعلامي وفي بيانات القمم الإقليمية الحديث عن موضوع الوقود الأحفوري باعتباره المؤثر الأساسي دون غيره على موضوع الاحترار الموجود في العالم. بل إن وكالة الطاقة الدولية حذرت في شهر مايو الماضي «من أن العالم يجب أن يتخلى على الفور عن أي مشروع جديد للنفط أو الغاز على أمل التخفيف من الاحترار المناخي».

ورغم أن هذه التوصيات أحادية الجانب إلا أن تسويقها في جميع المؤتمرات والقمم له تأثير سلبي جدا على سوق الطاقة في العالم وعلى المشروعات الاستثمارية التي تقوم على الطاقة وهو ما جعل أمين عام أوبك محمد باركيندو يقول أمس: «إن صانعي السياسات يوضعون موضع المساءلة بشأن تغير المناخ، وهذا أمر خطير». أما توقف مشروعات الاستثمار في قطاع مصادر الطاقة الأحفورية من شأنه أن يحدث نقصا كبيرا في الطاقة الأحفورية وهو ما سينعكس على أسعار النفط ويرفعها مع الوقت إلى ثلاثة أضعاف السعر الحالي.

يحتاج موضوع التغيرات المناخية إلى تعاون دولي أكبر خاصة من قبل الدول الصناعية التي تساهم أكثر من غيرها في موضوع الاحترار الذي يعاني منه كوكبنا الآن دون أن يتم التركيز على جانب واحد من جوانب المشكلة وتسويقه دون غيره.