خطوات ناجحة في تجربة محافظة ظفار السياحية
كثيرا ما ارتبطت السياحة في محافظة ظفار بالصورة النمطية لموسم «الخريف» حيث الضباب الكثيف، والأمطار المتواصلة، والطقس المعتدل الذي يستطيع وحده جذب عشرات الآلاف من الزوار من سلطنة عُمان ودول الخليج العربي وزوار آخرين من مختلف دول العالم.
ورغم قدرة هذه الصورة النمطية على الجذب، ظل السائح يبحث عن تجربة أوسع من الطبيعة وحدها. تغيرت توقعات السياح حول التجربة السياحية لتكون متكاملة تشمل مراكز تسوق، ومقاهي وإطلالات منظمة، وأنشطة للأطفال، وخيارات ثقافية تعزز من قيمة الرحلة.
وعلى مدى أعوام، كانت هذه النقاط تمثل ملاحظات متكررة، تعكس فجوة بين الإمكانات الطبيعية الهائلة لمحافظة ظفار ومتطلبات السوق السياحي الحديث. وفي السنوات القليلة الماضية تراجعت هذه الملاحظات مع بروز التحول الكبير الذي شهدته السياحة في المحافظة. وجد السائح الكثير من المشاريع التي تلبي توقعاته، من مجمعات تجارية حديثة إلى مرافق ترفيهية ومقاهٍ على الإطلالات الطبيعية، إضافة إلى الاهتمام بالبعد الثقافي والتراثي كجزء من التجربة السياحية.
هذا التغير جعل المواسم السياحية الأخيرة سواء هذا العام أو العامين الماضيين بشكل خاص أكثر تنوعا ونجاحا حيث شعر الزائر أن محافظة ظفار لم تعد تعتمد على الطبيعة وحدها، بل دخلت مرحلة بناء منتج سياحي أكثر شمولية.
والمغزى الأعمق لهذه التحولات يتجاوز فكرة الموسم الناجح إلى إدراك متزايد بأن السياحة يمكن أن تشكل رافعة استراتيجية للاقتصاد العُماني، إذا ما تم استثمارها بوعي. فبينما تنحصر وجهات كثيرة في تكرار نماذج سياحية استهلاكية سريعة، تستطيع سلطنة عُمان أن تقدم نموذجا مختلفا يقوم على «اقتصاد الهوية»: أي تنمية سياحية تحافظ على الخصوصية الثقافية والبيئية وتحوّلها إلى ميزة تنافسية.
إن نجاح موسم ظفار السياحي لهذا العام حتى الآن لا ينبغي أن يُقرأ فقط في أعداد الزوار أو في نسب الإشغال الفندقي، رغم أهمية مثل هذه الإحصائيات، ولكن بما يشكله المشهد السياحي في المحافظة من قدرة على الجمع بين الطبيعة والمشاريع الحديثة، وبين البعد الترفيهي والبعد الحضاري.
هذا المشهد عندما يتم توظيفه بشكل اقتصادي/ سياحي يمكن أن يمنح السياحة في سلطنة عُمان قيمة مضافة، ويجعلها قادرة على مخاطبة أسواق عالمية تبحث عن تجارب أصيلة.. ومع الوقت يمكن أن تترسخ التجربة السياحية في عُمان بأكملها ضمن هذا السياق التي يستطيع أن يحافظ على خصوصيته ولكن دون أن يترك السائح لخيارات الطبيعة وحدها والجو المعتدل الذي يمكن أن يجده في أماكن كثيرة في العالم.
