No Image
رأي عُمان

حافظوا على أوطانكم قبل أن تنكسر

27 أكتوبر 2021
27 أكتوبر 2021

قبل عام 2003 لم يكن أكثر المتشائمين أو الثائرين من جيل الشباب والطامحين لغد مختلف يتصورون أن يكون المشهد في العالم العربي على ما هو عليه اليوم. كان هناك سخط من الانكسارات التي مرت بها الأمة ومن التراجع الكبير في مسيرة نهضتها وفي بناء مشاريعها الكبرى، على رأي من رأى أن هناك مشاريع حقيقية بحجم الطموحات، لكن لم يصل ذلك الأمر إلى حد اليأس التام. بقي هناك شعور وطموح يُعْتدُّ به مفاده أن الأمة قادرة، بالنظر إلى تاريخها، على القفز فوق حالة الانسداد الحضاري والانطلاق من جديد مواكبة للحضارات والأمم الأخرى، وحضارة مثل الحضارة العربية لا يمكن أن تتلاشى وتموت قد يتوقف فعلها الحضاري لكنها قادرة على العودة إلى مكانتها.

لكنّ العالم العربي بدأ في الانكسار الحقيقي والانهيار من عمقه مع الغزو الأمريكي للعراق وما آل إليه العراق بعد ذلك والقصة معروفة بكل تفاصيلها ولا مجال لإعادة سردها وكان ذلك تاريخ السقوط الذي يمكن أن يعتبره المؤرخون «المباشر».. لم يمض وقت طويل حتى بدأت قصة «الربيع العربي» التي اعتقد الكثيرون أنها القفزة الحقيقية فوق جدار الجمود وإعادة للفعل العربي الحقيقي على أيدي شبابه قبل أن يتلاشى الغبار من المشهد فيكشف عن عدة دول عربية مفككة ومتناحرة ويقاتل بعضها بعضا. ودول أخرى بالكاد تحافظ على الحد الأدنى لبقاء صفة «دولة» عليها. وبعد أكثر من عقد من الزمان ما زال المشهد يزداد سوءا يوما بعد آخر. وما زالت هناك دول تنضم إلى تلك القائمة.

رغم ذلك فإن شباب هذه الأمة ما زال قادرا على أن يعيد الحياة إلى العالم العربي، ويحرك فعله الحضاري لينقله من الهامش إلى العمق ومن حالة الموت والركود إلى حالة الحركة. لكنّ ذلك يحتاج إلى إيمان عميق بالأوطان قبل كل شيء والتمسك بترابها وبمنجزاتها وعدم إعانة المحتل أو العدو عليها.

لم تكن نظرية الفوضى الخلاّقة في يوم من الأيام إلا نظرية المحتل، والأمر نفسه مع نظرية الهدم من أجل البناء فكلها شعارات براقة في ظاهرها وفي باطنها خراب الأمم والشعوب. وتدرك الكثير من الشعوب التي خرجت على أنظمتها وتآمرت على دولها كيف وصل بها الحال من الضياع والشتات والتفكك على المستويين الوطني والشخصي.. في وقت كان يخيل لهؤلاء أنهم يعيدون بناء أوطانهم.