No Image
رأي عُمان

تحديات بيئة الاستثمار وحلولها

18 أكتوبر 2025
18 أكتوبر 2025

أكملت سلطنة عُمان مراحل مهمة في مسار تحولها من اقتصاد النفط إلى اقتصاد متعدد المصادر وبيئة جاذبة للاستثمارات الدولية، فلديها الآن شبكة موانئ عالمية تضاهي أكبر الموانئ، ومناطق صناعية ومناطق حرة وشبكة طرق ومحطات لوجستية، وحدثت منظومة القوانين التي توائم بين الشراكة مع القطاع الخاص، وحماية المستثمر الأجنبي، وآليات خروج منظّمة عبر قانون الإفلاس. وهذه مرحلة مهمة لم تأتِ بين ليلة وضحاها ولكنها نتاج تراكم معرفي وإرادة سياسية. وتتطلع سلطنة عُمان إلى المرحلة التالية والتي تبدو شديدة الأهمية في هذه اللحظة وهي مرحلة بناء الثقة واليقين الذي يدفع المستثمرين في العالم إلى الاستثمار في سلطنة عمان.

وتحاول عُمان الآن تجاوز أحد تحديات الاقتصادات الإصلاحية والمتمثل في سرعة تقدم القواعد والبنية الأساسية مقابل البطء في الإجراءات. وتواجه عُمان هذا التحدي عن طريق تقليص هذه الفجوة عبر مشروع «النظام البلدي الموحّد» الذي يدمج أكثر من 300 إجراء في منصة واحدة ويقدّم قرابة 93 خدمة إلكترونية، وذلك عبر منصّة «أملاك» التي توحّد خدمات التخطيط والتصرفات القانونية والتطوير العقاري. يضاف إلى ذلك شبكة كهرباء حديثة بمواعيد توصيل محدّدة، وعدّادات مسبقة الدفع، وبنية رقمية مدعومة بالجيل الخامس.

لكن المستثمرين لا يموّلون «المنصّات» بقدر ما يموّلون قابلية التنبؤ. ما يعني أهمية تحويل الرقمنة إلى عقود خدمة معلنة وملزمة عبر مدد ترخيص محدّدة، ومسارات اعتراض واضحة، ومؤشرات أداء شهرية تُنشر بشكل شفاف.

تتطلّب المنافسة الإقليمية كذلك بنكَ مشاريع قابلا للتمويل، بمخاطر موزّعة بعقود مفهومة لدى البنوك الإقليمية ومؤسسات التمويل التنموي.

كذلك، مع وجود تطوير مستمر لمنظومة القوانين، لا بد من وضوح لسياسة «ما بعد - الاستثمار» لرعاية المستثمرين وتوسعاتهم، لضمان استمرارهم بعد أن يتم استقطابهم للاستثمار في البلاد. ثم هناك تحدٍ آخر يتعلق بالثقافة، حيث من المهم أن تتغير ذهنية مقدمي الخدمة لتستطيع مواكبة مع التغيرات التي تحدث في اللوائح والقوانين والاستثمار في قدراتهم لفهم منظور المستثمر واحتياجاته والقدرة على إدارة الحالات وتجاوز التحديات.

وهذا الأمر من شأنه أن يؤثر في استعداد المستثمر للاستمرار والبقاء من عدمه. وهذا يتحقق الآن عبر ما تقوم به غرفة تجارة وصناعة عمان التي أسست منصات مساندة لتجاوز مثل هذه التحديات. وتستدعي المرحلة المقبلة ربط هذه الأدوات بمستهدفات كمية مثل: أزمنة إنجاز، ونسب المحتوى المحلي، والوظائف النوعية.

وتشير المؤشرات الكلية المعلنة مثل تحسّن التصنيف الائتماني، وتراجع العجز ونمو تدفّقات الاستثمار إلى أن الجهات المعنية تسير في الاتجاه الصحيح لكن الحفاظ على كل ذلك يتطلب تقليل المخاطر الإجرائية إلى أدنى مستوى عبر الشفافية المستمرة.

يقال إن رأس المال «جبان» جدا، ولذلك يحتاج إلى لغة واضحة يستطيع أن يفهمها تتمثل في وضوح القواعد، وسرعة التنفيذ، وتحديد المخاطر المتوقَّعة وآليات التعامل معها. وهذا هو الطريق الذي تسير فيه سلطنة عمان وتثبت نفسها كل يوم.