455455555
455455555
رأي عُمان

النظم الغذائية وتحديات المستقبل

25 سبتمبر 2021
25 سبتمبر 2021

أثارت السلطنة أمس نقطة مهمة جدا في كلمتها أمام قمة «النظم الغذائية» التي عقدت ضمن فعاليات الدورة 76 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك حينما تحدثت عن هشاشة نظم الإنتاج العالمية التي كشفتها جائحة كورونا وكادت أن توقف جميع سلاسل الإمداد العالمية. إن الفهم الكامل لهشاشة نظم الإنتاج العالمية من شأنه أن يوقد لدى الدول الحماس نحو تحسين نظمها الغذائية والمائية تفاديا لصدمات قادمة تنتج عن جوائح أخرى بات يتوقعها علماء الأوبئة أو حتى علماء المناخ الذين يحذرون من خطر التغيرات المناخية على جميع تفاصيل الحياة خلال العقدين القادمين.

وحتى نفهم أهمية قمة النظم الغذائية في هذا التوقيت بالذات لا بد من فهم مصطلح «النظم الغذائية» الذي يشير إلى نشاط إنتاج الأغذية ثم معالجتها، ثم نقلها عبر سلاسل التوريد العالمية ثم استهلاكها أخيرا. وهذا الموضوع يمس حياتنا من كل جوانبها ويؤثر علينا تأثيرا مباشرا كما أنه يفتح الكثير من القضايا المرتبطة مثل قضية الفقر والقضاء على الجوع والصحة الجيدة والمياه النظيفة وغيرها من المواضيع المرتبطة.

وسواء كان الأمر مرتبطا بالتزامات السلطنة تجاه أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة «2030» أم من خلال أهداف السلطنة العليا التي توليها عناية خاصة منذ سنوات طويلة فإن الأمر يدعو إلى اهتماما أكبر في سبيل تطوير النظم الزراعية والغذائية في السلطنة وتحسين أساليب الإنتاج وسلاسله وتطويرها عبر المخرجات الهائلة للعلم في هذا المجال، وهي توفر الكثير من الحلول والبدائل التقليدية للنظام الزراعي المتبع في المنطقة والتي من شأنها تجاوز تحدي الجفاف وندرة المياه وكذلك ملوحة التربة. والاستثمار في هذا المجال يمكن أن يكون له عائد كبير سواء كان عبر المردود المالي أو عبر تطوير «الأمن الغذائي» الذي يعتبر أحد أكبر التحديات ليس على مستوى المنطقة ولكن في الكثير من الأقاليم العالمية.

كانت عُمان بلدا زراعيا يأكل ما ينتجه ويجد الكثير من أبنائه في الزراعة مهنة ذات عائد جيد قبل أن يغير مسار تحول المجتمع نحو الدولة الحديثة اهتمام الكثير من المشتغلين في مهنة الزراعة إلى أماكن أخرى ظنوا أنها يمكن أن يكون عائدها أكبر وأهم خاصة من تفاقم مشكلة الجفاف.

لكن الأمر ممكن الآن في ظل تنامي الإيمان بخطورة الأمن الغذائي وسلاسل التوريد العالمية وفي ظل توفر تقنيات عالية لتجاوز الكثير من التحديات المرتبطة بالزراعة.

والدرس الذي تعلمناه وتعلمه الجميع من جائحة كورونا يحتم علينا إعادة النظر في موضوع تقليص الأراضي الزراعية لصالح المجمعات السكنية والتجارية. وكشفت الدراسات أن هناك محافظات في السلطنة قادرة فيما لو استغلت استغلالا أمثل لسداد احتياجات السلطنة من الغذاء بل وتحقيق فائض كبير.