العسكرية.. وتاريخ العمانيين المشرف

لم يكن تفضل حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- برعاية حفل تخريج الدفعة 222 من ضباط أكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية بالمملكة المتحدة حدثًا عاديًا أو لحظيًا تخفت دلالته وتبتعد بعد انتهاء الحدث مباشرة، لكنه من الأحداث التي تبقى دلالتها طويلًا، كما أنه من الأحداث التي نستطيع أن نقرأ بين ثناياها الكثير من التفاصيل، التفاصيل القادمة من التاريخ والأخرى الذاهبة نحو المستقبل.

فرعاية صاحب الجلالة السلطان المعظم لهذا الحفل يدل على اهتمام جلالته الفائق بالقطاع العسكري، واهتمامه بأبنائه من أفراد قوات السلطان المسلحة الذين يدرسون ويتدربون في أرقى الأكاديميات العسكرية سواء داخل سلطنة عمان أو خارجها، وهذا ما أكده حديث جلالته للضباط العمانيين الدارسين في أكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية أمس.

كما أن وجود صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب بين الخريجين دلالة تكشف عن اهتمام العمانيين قيادة وأفرادًا بالعسكرية، وبشرف الانتماء لها؛ نظرًا لما تقدمه للمنتمين إليها من انضباط وقدرة على تحمل المسؤولية؛ إضافة إلى القدرة على قراءة الأحداث في سياقها الحقيقي. وسموه يسير على خطى العمانيين الذين يتشرفون بالانتماء للقطاع العسكري، ويتشرفون بتقاليد العسكرية الرفيعة التي تكسبهم المزيد من القدرة على التحولات التي تحدث في العالم من حولنا.

ولا يمكن أن نهمل في هذا السياق قراءة العلاقات العسكرية بين سلطنة عمان والمملكة المتحدة التي كانت وما زالت في أعلى مستوياتها، وتكشف مثل هذه الاحتفالات عن بعض تفاصيل تلك العلاقة الممتدة عبر التاريخ التي يزيد رسوخها يوما بعد آخر.

لقد دأبت القيادة في سلطنة عمان على الاهتمام بتدريب وتأهيل ضباط قوات السلطان المسلحة في أرقى الجامعات والأكاديميات العسكرية؛ لينهلوا من علومها، ويبقوا على اطلاع دائم على أحدث ما يتوصل إليه العلم في المجالات العسكرية، ولذلك تجد العمانيين حاضرين ومتفوقين في مختلف الأكاديميات، ويقدمون صورة حقيقية للعسكري العماني المنضبط والواعي بمختلف الجوانب.

إن المرحلة القادمة بحاجة ماسة إلى مثل هذا الاهتمام ومثل هذا الوعي العسكري، وما يصاحبه من فهم دقيق لكل المتغيرات التي تحدث في العالم، وتشكل مسارات المستقبل، وبناء تكتلاته على أسس جديدة.

لقد أسهم حب العمانيين للعسكرية في صناعة أمجادهم المشرفة عبر التاريخ، وهذا الحب نفسه يفتح لهم مسارات نحو المستقبل.