البعد الإنساني في احتفال «اليوم الوطني» في إكسبو
20 سبتمبر 2025
20 سبتمبر 2025
تناغمت رمزية احتفال جناح سلطنة عمان في معرض إكسبو أوساكا بـ«اليوم الوطني» مع الفلسفة التي قامت عليها سردية جناح سلطنة عمان في المعرض وبعدها الإنساني؛ فتحول الاحتفال إلى فعالية حضارية حضرت فيها أنواع مختلفة من موسيقى الشعوب التي أدتها فرقة موسيقى الخيالة السلطانية في إشارة لم تخفَ عن الحضور أن الإنسان العماني استطاع عبر التاريخ أن يتفاعل بشكل إيجابي مع شعوب العالم ويستوعب فنونهم ومنجزاتهم الحضارية تعميقا لمنجزه المحلي الذي تحول مع الوقت إلى منجز إنساني كوني وإن بقيت فيه الروح العمانية حاضرة بقوة.
ورغم أن الحفل بدأ على المسرح المخصص للاحتفالات بالأيام الوطنية إلا أنه سرعان ما تجاوزه إلى ساحة الجناح ثم على الدائرة الخشبية المحيطة بالمعرض لتصبح الفعالية حدثا عاما لإكسبو أوساكا وليس للجناح العماني فقط. هذا الأمر حقق الغاية الأسمى من فلسفة الحفل وانعكس على أعداد زوار الجناح الذين طرحوا أسئلة عميقة تناقش سردية المعرض التي تقوم على ثلاثية: الأرض، والماء، والإنسان. وتجسد هذه الثلاثية في أحد أبعادها أن الهوية ليست جدارا عازلا عن الآخر إنما هي جسر يمكن أن يُعبر من خلاله الآخرون ليتأملوا أنفسهم.
إن ما تقدمه سلطنة عمان في معرض أوساكا هو إعادة صياغة هويتها باعتبارها خطابا عالميا عبر مفردات تتماس مع جميع الشعوب وتجعلهم يعيدون تأمل هذه الثيمات ورؤيتها من زاوية لم تكن مطروحة من قبل في تعامل الجميع معها.
لكن رؤية عُمان لا تُفهم فقط من خلال لحظة أوساكا، ولكن في سياق أوسع لمسيرة عُمان ومواقفها ومنجزاتها.
لكن معرض أوساكا نفسه يقدم الكثير من الأسئلة الكبرى التي تستحق التأمل هي الأخرى مثل أسئلة الاستدامة، وحماية الحياة في زمن الأوبئة، والتوائم مع عصر التفاوت الاقتصادي والتكنولوجي، وغيرها من الأسئلة التي تحاصر الزائر منذ العتبات الأولى للمعرض. لكن ثمة أجنحة لم تكتف بالأسئلة على الذي يقول بشكل لا لبس فيه أن المستقبل لا يُبنى فقط بالبرمجيات، فالعمق الإنساني أكثر أهمية من البرمجيات وأن كل ما يقام على هذه الأرض هو من أجل الإنسان فلا بد أن يكون هناك تناغم ما بينه وبين بيئته.
بهذا المعنى، يمكن أن نقرأ التناغم الكبير بين الاحتفال وبين سردية الجناح العماني والأسئلة الكبرى التي يطرحها إكسبو أوساكا وكلها مفردات تعمق النقاش الفلسفي الذي يطرحه اليابانيون هذه الأيام انطلاقا من كل تفاصيل لحظة إكسبو التي سيبقى لها الأكثر الكبير في أسئلة المستقبل.
لا فرق إذا بين دلالة مارش «رقصة البحار» المستمدة من فن «المديما» وبين المعزوفة الشهيرة في اليابان «دائما معي»، فكلها نتاج تجارب إنسانية عميقة تتجاوز حدودها الجغرافية إلى البعد الإنساني الكبير. وكلها مع التأمل العميق تهدف إلى أن يعيد الإنسان ترميم ذاته من انكساراتها من أجل أن تستمر الحياة ويعم السلام على الجميع.
