No Image
ثقافة

وجوم .. تجليات لفلسفة الصمت

14 نوفمبر 2025
محققةً 6 جوائز في مهرجان كويتي
14 نوفمبر 2025

"عمان": حققت فرقة البن المسرحية للفنون الأدائية من خلال عرضها المسرحي "وجوم" 6 جوائز في مهرجان "باك ستيج" المسرحي بدولة الكويت، والذي تضمن 3 مسارات، مسار المسرح التجريبي، ومسار المسرح الكوميدي، ومسار المسرح التراجيدي. وجاء الإنجاز العماني في مسار المسرح التجريبي، إذ حققت فرقة البن جائزة أفضل عرض متكامل أول، وجائزة أفضل نص للكاتبة آية الكلبانية، وجائزة أفضل إخراج للمخرج المسرحي أسامة بن زايد الشقصي، وجائزة أفضل ممثل دول أول للفنان زياد الحضرمي، وجائزة أفضل ممثلة دور أول للفنانة روان الغيانية، وجائزة أفضل ممثل دور ثانٍ للفنان يحيى الحراصي. وتتجلى في العمل المسرحي "وجوم" فلسفة الصمت بين الحيونة والأنسنة، إذ يحدث للإنسان أن يمر بلحظات من الصمت والفراغ، لكنه سرعان ما يمتلئ داخله بالكلام، فيحاول أن يتقيأ الحديث، وعرضت "وجوم" رؤى عميقة تختبئ داخل كل إنسان، إذ لا يستطيع الإنسان أن يصمت طويلا، بل يسعى إلى التعبير عنها بل يحاول ان يتحدث عن ما يشعر به في دواخله. قدم النص تلك الصورة العبثية للإنسان المتقيء للكلام، الذي يحاول أن يقول مأساته بطريقة تعبيرية تفرض نفسها من خلال الحوارات العبثية والهروب التعبيري.جاء الإخراج ليؤكد تلك المرحلة من الانتقالات، حيث وضع المخرج أسامة زايد رؤية بصرية مميزة، فألبس الممثلين نصف أقنعة حيوانية - كقناع القرد، والبومة، والقطة - ونصف قناع إنساني. حرّك الممثلين الأربعة بطريقة تراتبية لا تجسد الحيونة بشكل مباشر، بل تستعرض ما بداخل ذلك الكائن الحي الراغب في قول شيء ما.إن وجوم الصمت يتنقل في الدواخل ويعبر عنها بطريقة أدائية تعبيرية، كما استُخدم الديكور بترتيبٍ سلس، حيث كانت بعض القطع تتفكك وتندمج، وأخرى تتحرك من نقطة إلى أخرى، وساهم الممثلون في سلاسة حركة الديكور، فتماهوا معه كقطعة واحدة بحركة منسجمة. وكانوا يخلعون الأقنعة تارة ليعبّروا عن التشظي والحديث المبهم الذي يقود مسار المسرحية.أما الممثلون، فقد أبدعوا في الأداء الجسدي والكوريغرافيا، وفي التنقل بين الصمت والكلام، وكان الحوار يتقطع عمدا لتوصيل ذلك التشظي للجمهور، فيُسمع كأنه تلعثم، لكنه تلعثم مقصود، يشبه التقاطعات الكلامية المختلفة عن الحوار الواقعي المألوف. أما لحظات الصمت، فقد اتخذت مجرىً خاصًا، يشبه الصمتَ الكلامي الذي يُسمع كأنه أنين أو انطلاقة لبداية كلام آخر وتعبير مغاير.تميز الممثلون بالخفة والرشاقة والحيونة، إذ حاول كل منهم أن يتقمص حيوانا بعينه، فيعبر عنه كما لو كان ينطق، أو كما لو كان ذنبا من أذناب ذاته. ولقد أدى الأدوار كل من زياد الحضرمي، ويحيى الحراصي، ومسعود العيسري، وروان الغيلانية.أما الإضاءة فقد أدت دورا بارزا في رسم الخطوط وإخفاء الملامح، وتأكيد التشظي الذي تعيشه الشخصيات هروبا من واقعها الحياتي إلى نقطة العبث بلا عودة، وأكد ذلك استخدام اللونين الأبيض والأصفر كخطوط وبقع حادة، والأحمر كلمحة تعبيرية.الكاتبة آية الكلبانية فتشت في حالة العبث التي يعيشها الإنسان، باحثة عن التعبير عما يعتمل في دواخله، ذلك الصراع الذي يعيشه الإنسان محاولا أن يتقيأ مشكلاته ومعاناته، إذ إن الشخصية الإنسانية معقدة الفهم، غليظة المعنى، متشظية الملامح، تحاول الخروج من ذاتها إلى ذاتها والانتصار عليها. فالإنسان لا يفتأ يرى نفسه مركزا لهذا الكون، لكنه في جوهره ضعيف منكسر تحت وطأة الحياة ومصائبها، يبحث عن مأوى كحانة يشرب فيها لينسى، ثم يجد نفسه يتحدث كثيرا عن تلك المعاناة.