ثقافة

نقاش حول الأدب العربي.. وجائزة بيت الغشام دار عرب الدولية تكرم الفائزين

26 فبراير 2024
بين كفتي ميزان الترجمة
26 فبراير 2024

د. خالد البلوشي: «لا أعلم إن كان هناك أدب فريد أو ثقافة فريدة من نوعها كالثقافة العربية»

د. جوخة الحارثي: ترجمة «حرير الغزالة» ستصدر في أغسطس المقبل للكاتبة مارلين بوث

سواد حسين: «إلى الآن ما زالت الصورة النمطية عن الأدب العربي موجودة وذلك يقلقنا من جهة ويشجع المترجمين من جهة أخرى»

حصلت على جائزة بيت الغشام دار عرب الدولية للترجمة عن فئة المؤلفين المجموعة الشعرية «موجز أنباء الهواجس» للشاعر العراقي ياس السعيدي، وفي فئة المترجمين فاز كتاب «ممر آمن» لجان دوست، ترجمة مارلين بوث، وذلك في المسابقة التي أعلنت عنها مؤسسة بيت الغشام للصحافة والنشر والإعلان، ودار عرب للنشر والترجمة ومقرها لندن العام الماضي خلال معرض مسقط الدولي للكتاب.

وجاء هذا العام ليتم الإعلان عن النتائج وتكريم الفائزين في حفل أقيم بالمسرح المدرج برعاية صاحب السمو السيد الدكتور فهد بن الجلندى آل سعيد رئيس جامعة السلطان قابوس.

الجائزة التي فُتِح باب المشاركة فيها من أبريل 2023 وحتى يوليو 2023، بلغ إجمالي الأعمال المُقدَمة في فئة المؤلفين: 127 (مائة وسبعة وعشرين عملا)، في حين بلغ إجمالي الأعمال المقدمَة في فئة المترجمين: 12 (اثني عشر) عملا، واندرجت الأعمال المقدمة ضمن مختلف الأجناس الأدبية بين الرواية، والقصة القصيرة، والمجموعات الشعرية، والسير الذاتية، تقدم بها متسابقون من العديد من الدول حول العالم من القارة الأمريكية وحتى أوروبا وإفريقيا وآسيا.

وتعنى الجائزة بترجمة الأدب العربي إلى الإنجليزية، وذلك إيمانًا من المؤسستين بالدور المهم للترجمة في بناء جسور المعرفة والتفاهم بين الشعوب والثقافات واللغات حول العالم. وتمثل مجلس أمناء جائزة بيت الغشّام دار عرب للترجمة في دورتها الأولى من: البروفيسور روجر ألن رئيس مجلس الأمناء (أمريكا)، والدكتور محمد اليحيائي عضو مجلس الأمناء (عُمان)، وسواد حسين عضو مجلس الأمناء (بريطانيا)، كما تمثل أعضاء لجنة التحكيم في البروفيسور وليم هتشنز (أمريكا)، والدكتور خالد البلوشي (عُمان)، والبروفيسور ميشيل هارتمان (كندا). وبلغت قيمة الجائزة إجمالا قرابة 55000 جنيه استرليني سنويًا موزعة بين مكافآت مالية للفائزين وكلفة طباعة وترجمة وإدارة تسويق الأعمال الفائزة.

ندوة «الأدب العربي

في ميزان الترجمة»

وكانت قد أقيمت قبل حفل إعلان نتائج الفائزين بجائزة بين الغشام دار عرب الدولية للترجمة، ندوة حملت عنوان «الأدب العربي في ميزان الترجمة»، تضمنت جلستين الأولى حول «ترجمة الأدب العربي إلى اللغة الإنجليزية.. أهميتها، معوقاتها، وسبل النهوض بها»، شارك فيها الدكتور خالد البلوشي، وسواد حسين، وأدارتها المترجمة منال الندابية.

فيما جاءت الجلسة الثانية لتجيب عن سؤال كيف أصبحت مترجما للأدب العربي؟ (رحلتي بين عالمين)، شارك فيها وليم هتشنز، وميشيل هارتمان، وروجر ألن، ومبارك سريفي. وكانت الجلسة الثالثة التي سبقت الإعلان عن النتائج بعنوان «ترجمة الأدب العماني: بين الكاتب والمترجم روايتي سيدات القمر وبدون أنموذجا»، شارك فيها كل من الدكتورة جوخة الحارثي، والدكتور يونس الأخزمي، وسواد حسين.

الجلسة الأولى

في الجلسة الأولى من الندوة التي أقيمت مساء أمس تحدث فيها الدكتور خالد البلوشي عن تجربته في الترجمة فقال: «بدأت بالترجمة من الإنجليزية للعربية، وهناك كتاب ترجمته كان مكتوبا بالإنجليزية وترجمته للعربية وحاز شهرة واسعة، وبما أنني كنت متمرسا في الإنجليزية عند دراستي الأدب الإنجليزي وذلك في جامعة السلطان قابوس، وكانت تلك كالبذور لأبدأ مسيرتي في الترجمة، ولم أقم بذلك عن قصد، رأيت نفسي مع الوقت أترجم، وترجمت الأدب العماني للإنجليزية، وهذا كان حافزا بالنسبة لي».

وقالت المترجمة سواد حسين في مداخلتها خلال الجلسة: «أظن أنه من المهم ترجمة كافة الآداب للغة الإنجليزية لأن الأشخاص الذين يتحدثون الإنجليزية هم كثر، والترجمة تسهم في التعريف بالأدب العربي، لأنه يوجد نوع من سوء الفهم حول توجه الأدب العربي، ولابد من تغيير الصور النمطية ونبني الجسور». وحول سوء الفهم الذي تحدثت عنه سواد حسين قال الدكتور خالد البلوشي: إن الثقافة عادة ما تكون متجذرة، ويمكننا هنا أن نبين ثقافة معينة من خلال تسليط الضوء على ما تشمله وما لا تشمله، وبالتالي تخفيف سوء الفهم حول الثقافة المعينة. وأضاف: «كل ثقافة فريدة من نوعها، ودائما يعود ذلك لعملية كاملة، لهذا السبب للأدب أهمية كبرى في هذا الإطار، ويمكننا أن نؤثر على الشخص بطرق متعددة، والأدب هو أحد الطرق... هذا التبادل الثقافي غاية في الأهمية، وعلينا أن نترجم الضرورة التاريخية للواقع المعاش، من هنا تأتي أهمية ترجمة الأدب العربي، وإن كانت الإنجليزية هي لغة دولية لهذا لا بد من ترجمة كل اللغات الأخرى للإنجليزية».

التعريف بالأدب العربي

وحول ما إذا كان الأدب العربي جاذبا للقراء قالت سواد حسين: «لسوء الحظ ما زال العديد من الناشرين مقتنعين بالصورة النمطية ولا يعرفون ما هو الأدب العربي إلى الآن، في كثير من دور النشر بالنسبة لهم الأدب العربي ما زال هو صحراء ونخيل وما شابه، وهذا يقلق من ناحية ويشجع من ناحية أخرى، يشجعنا كمترجمين لتعريف العالم بالأدب العربي». وأضافت: «لا بد أن يكون في الكتاب شيء معين يجذب القارئ من خارج العالم العربي».

وقال الدكتور خالد البلوشي: «هناك أشخاص لا يعرفون شيئا عن الثقافات الأخرى، ومن المهم بمكان أن نتحدى المسارات الأحادية، وننفتح للعالم، وعن طريقة عملنا وعيشنا، وهنا يأتي دور المترجم»، وحول ما يميز الأدب العربي قال خالد البلوشي: «لا أعلم إن كان هناك أدب فريد أو ثقافة فريدة من نوعها كالثقافة العربية، ويمكن أن نقول: الأدب العربي تجريبي يعبر عن تجارب الأشخاص من خلال مراحل حياة الشخص، وبالطبع عندما نتحدث عن التجربة نضيف عنصر الشخصية فكل شخص له فرديته، وفي العالم العربي ثمة أفكار مثيرة للاهتمام حول التشابه بين الأشخاص في الدول العربية، ولكل منهم خاصيته، ولكل بلد خاصيته وتراثه، ويمكن تفسير هذا الفرق بطرق مختلفة وهو يعود لعناصر متعددة، ولكن ثمة تشابه بين هذه البلدان، وفردية البلد من جهة والتنوع من جهة أخرى.. هو ما يجعل الأدب العربي مميزا، ويمكن أن يقدم للعالم أجمع».

وقالت سواد حسين: «ثمة ميول إلى إدخال عنصر التاريخي أكثر من الخيال العلمي، ومؤسسة بوكر العالمية مثلا تظهر أن الأدب الكوري والياباني يشهد تطورا كبيرا وملحوظا، أما الأدب العربي فليس مشهورا كالآداب الأخرى، وبالطبع بسبب ما يحدث في غزة يتأثر بذلك الأدب.. فالجوانب السياسية تؤثر في الأدب، والأدب العربي أحيانا يكون مشهورا وأحيانا أخرى لا يكون له ذكر، ومن المعروف أن الأدب العربي بالضرورة أن يتحدث عن التاريخ والسياسة، وهو ما يؤثر على انتشار الأدب». وأضافت: «نحن بحاجة لنشر المزيد من الآداب العربية، وهو ما تشجع عليه جائزة بيت الغشام دار عرب للترجمة، كما أنه يمكن لبائع الكتب الترويج لأدب بلده من خلال زيارته لمعارض الكتب في العالم».

كما تطرقت الجلسة إلى الحديث عن المعوقات التي تقف في طريق الترجمة، التي أبرزها المعوقات المالية وعدم توفر الميزانية، فالترجمة عمل يحتاج إلى ميزانية كبيرة، بدءا من عمل المترجم والناشر والمسوق، والتسويق عنصر مهم وأساسي في العمل حيث تم التطرق لبعض الأمثلة لأعمال ترجمت بشكل رائع ولكن لم تتم قراءتها ولم تحقق انتشارا وذلك يعود للتسويق.

واستعرض الدكتور خالد البلوشي تجربته في الترجمة التي قام فيها بترجمة الأعمال العمانية إلى الإنجليزية، وقال: إنها كانت تجربة مثيرة، رغم التحديات التي كانت تواجهه كمترجم، وأضاف حول ذلك: «ما تبين لي من خلال التجربة أنه يجب علينا أن نقر بأننا غير قادرين على ترجمة كل شيء». وقال البلوشي: «هل الترجمة في الواقع تمكنت من إيصال الجانب العاطفي والأيديولوجي والثقافي والاجتماعي للغة الأساسية؟

بعض الأحيان هناك صعوبة لترجمة كلمة معينة للغة معينة، كلمة مثل (الله) كيف يمكن ترجمتها للغة الإنجليزية آخذا في الاعتبار الجانب الروحاني، وإيصال ذلك للغة الأخرى، هذا انطباع ساورني حين كنت أترجم، على المترجم عليه أن يشكك ليس بقدرته ولكن بعمله هل كان وافيا بالشكل المرجو؟»

الجلستان الثانية والثالثة

وجاءت الجلسة الثانية من الندوة مستعرضة تجارب مجموعة من المترجمين حول إجابة عن تفاصيل تلك الرحلة بين عالمين يعيش فيهما المترجم، وما يواجهه من تحديات، وأسرار تلك التجربة التي دفعت بالبعض الذي لم يكن مترجما في بدايته لخوض غمار هذه التجربة التي أصبحت بعدها شأنا متخصصا في حياته. كما تطرقت الجلسة إلى الحديث عن مهمة المترجم في التعرف على ما يقدمه المترجم للجمهور من تعريف بثقافة البلد الآخر، كما أن المترجم يواجه تحديا في بعض اللغات التي لا يجد مرادفا للكلمة الأصلية ويضطر لوضعها كما هي حتى لا يخل بالمعنى الحقيقي للكلمة.

وتطرقت الجلسة الثالثة التي أقيمت صباح اليوم إلى ترجمة الأدب العماني، قدمت فيها الدكتورة جوخة الحارثي تجربتها في ترجمة رواياتها، حيث إنها إلى جانب رواية «سيدات القمر»، ورواية «نارنجة»، ستصدر الترجمة لـ»حرير الغزالة» في أغسطس المقبل، مع المترجمة مارلين بوث، وقالت الحارثي: «مهم وضع الأدب العماني في خارطة الترجمات في جميع اللغات، وأتذكر أنني قدمت لي أعمال أخرى ليس فقط في مجال الرواية»، وأضافت: «لا بد أن يكون هناك جهد مؤسسي داخل عمان للترويج للأدب العماني في خارج عمان، كل الجهود الموجودة ذاتية، ولكن الجهد المؤسسي أهم وأشمل، ولا بد أن تتم الترجمة وتنشر في البلد ذاته الذي ترجم له الكتاب».

وقال الدكتور يونس الأخزمي: «هناك من أصبح يكتب للترجمة، أي أنه يكتب بالعربية ولكنه يستحضر القارئ الغربي، لابد للكاتب أن يكون جمهوره المحلي هو الأساس والأول في ما يتوجه به إلى الكتابة، وتحدث الأخزمي عن حرص المترجم على معرفة كل صغيرة وكبيرة في النص الأصلي، وقال أيضا: إن ترجمة الأدب العماني لها جانب اقتصادي من ناحية التعريف بسلطنة عمان، حيث إن الكثير ممن يقرأ الأدب العماني المترجم أو بالأخص الروايات العمانية يأتي لزيارة سلطنة عمان لاكتشاف الأماكن المذكورة في الروايات، وهذا جانب سياحي لا بد من استغلاله».