ثقافة

مخطوطات عمانية تتجدد بيد المزخرفات بجناح ضيف شرف معرض الكويت للكتاب

26 نوفمبر 2025
عرض أول لتجربة جمعت أصالة الخط وجمالية التذهيب
26 نوفمبر 2025

تلفت المخطوطات النادرة والقديمة بجناح سلطنة عمان ضيف شرف معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الـ48، زوار الجناح، لكن ثمة ما أضاف عليها الدهشة بعد أن عملت دار المخطوطات العمانية بالتعاون مع فنانات ومزخرفات من جمعية الفنون العمانية في مشروع "صدى عمان" على إعادة إحياء هذه المخطوطات بإعادة كتابتها يدويا مع الحفاظ على الأصل قدر الإمكان بعد مرات عديدة من الكتابة وتقليد الخط والاستعانة بالكف وبعض الأدوات من أجل الوصول إلى أقرب شكل ممكن، ثم تأطيرها بالزخرفة اعتمادا على المدرسة العثمانية في الزخرفة الإسلامية، وفي مشهد حي تؤديه الفنانة التشكيلية والمزخرفة أنوار الحسنية في صدر الجناح، تخط بفرشاتها ألوان الذهب وتلف المخطوط بالزخارف الزرقاء والخضراء، مقدمة تجربة بصرية حية لا تنسى للزائر.

وتقدم المزخرفات العمانيات في الركن 9 أعمال من أصل 30 عملا أنجزنها في فترة قصيرة، منها صفحة من ديوان جواهر السلوك في مدائح الملوك، وصفحة من كتاب الحج، ولوحة لبداية سورة البقرة، وصفحة من كتاب الأكلة وحقائق الأدلة للقاضي نجاد بن موسى المنحي، وصفحة من سورة النساء، إلى جانب صفحات من مخطوطات مختلفة.

واستخدمت المزخرفات أنوار الحسنية، وعزيزة اليوسفية وإسراء العبرية وأخريات، الورق المقهر، الحبر العربي وألوان جواش، أما الزخرفة النباتية في هذه الأعمال تعتمد على مفردات مثل الورود والرومي والهاكر وغيرها، وبتنويعات مختلفة فضت الالتزام بنمط واحد، ليظهر العمل بهذه الصورة.

وهذا العرض هو الأول للمشروع والتجربة الأولى من نوعها في معرض الكويت الدولي للكتاب، حيث لم تعرض هذه الأعمال لم تعرض سابقا في عُمان، في دعوة لاستكشاف المخطوط العماني واستشعار جمالياته جنبا إلى جنب مع الزخارف الإسلامية هذه المرة.

أما عن الألوان المستخدمة في هذه الأعمال تشير المزخرفة أشجان السلطية إلى ما يعرف بالتذهيب في الزخرفة الإسلامية، حيث يشكّل اللون الذهبي نحو 60–70٪ من العمل. وقالت: "سابقا كان الذهب الحقيقي يُستخدم بعيار 21، أما هنا فاستخدمنا "لون الجواش" الذهبي، وهو لون مائي.

والألوان الأساسية في الزخرفة هي الأزرق الملكي والذهبي والماروني وبعض الأخضر. وبعض أنواع الزخرفة لها معايير محددة، مثل الزخرفة الرومية التي تعتمد ثلاثة ألوان ثابتة".

أما عن مواضع الإطار المزخرف حول المخطوطة، قالت: "يعتمد ذلك على نوع النص. مثلًا في المصاحف هناك "صفيحة التاج" التي توضع في أعلى الصفحة، فإذا كان النص قرآنيًا تكون الزخرفة محيطة به طوليا. أما في المخطوطات الأدبية أو الشعرية، فقد نستخدم إطارا كاملًا، وفق الهندسة المناسبة للنص. بعض المصاحف لها هندسات خاصة، ونحن نلتزم بها.

وف إشارة لأحد الأعمال قالت: "على سبيل المثال، هذا المخطوط كان جزءًا من أحد المصاحف، ولم يصلنا منه إلا صفحة واحدة.

فقمنا بأخذ نسخة مصوّرة، ثم بدأنا بتقليدها يدويًا، كتابةً وزخرفة وخطًا" ويثير الزوار عمر هذه المخطوطات، التي تكشف أسرارا عن عوالم مختلفة بدأتها عُمان قديما وكانت سباقة فيها، فقد ضم الجناح خمس مخطوطات، الأول مجموع في السير والجوابات، ويعد من أقدم المخطوطات المعروفة في عمان إلى الآن وتحتوي عل مجموع سير وجوابات متناثرة تم نسخها سنة 531هـ/1137م.

ومخطوط الكواكب الثابتة ومواقعة، وفيه شرح للأبراج وصفاتها وهو مبني على نسق كتاب المجسطي بطليموس في معرفة حركة الكواكب وسرد كل كوكب بتفاصيله من خطوط طول وعرض والنجوم التي تنتهي إليها، وعلى صفحته المفتوحة في صندوق العرض رسم توضيحي لكوكب العقاب كما يرى من الأرض، ونسخ هذه المخطوط بدر الدين بن سليمان في عام 995هـ/1587م.

ويحتوي الركن على "معدن الأسرار" وهو مخطوط في علم البحار من تأليف ناصر بن علي بن ناصر الخضوري بتاريخ 29/ رمضان/ 1329هـ/1911م، تحتوي على رسم للديرة ورسوم للكواكب الشراعية وشرح قياس اتجاهاتها بواسطة اتجاه الشمس واستخدام آلة الكمال، ويعد هذا المخطوط من أول المخطوطات العمانية المدرجة في سجل ذاكرة العالم باليونسكو عام 2017م.

ويعرض الركن مصحف القراءات السبع بخط الشيخ عبدالله بن بشير الحضرمي (ق12هـ) نسخه سنة 1184هـ/ 1736م وهو مصحف مخطوط استخدم الناسخ فيه أسلوب زخرفة نادرة كما يطلق عليه أحد المختصين الأسلوب التقابلي التناظري حيث تتكون كل صفحة من (15) سطرا، ويبدأ السطر الأول بنفس الحرف الذي يبدأ به السطر الأخير، والسطر الذي يقع في وسط الصفحة يبدأ بنفس الحرف الذي يبدأ به السطر في الصفحة المقابلة وهكذا بنفس الطريقة في كل المصحف.

أما المخطوط الذي استوقف الكبار والصغار بجمعه بين الأدب والطب، مخطوط راشد بن عميرة بن ثاني بن خلف الهاشمي العيني الرستاقي في علم الطب (ق11 – 10 هـ) ويحتوي على قصائد مشروحة أولها قصيدة ميمية في العين وتشريحها وطريقة علاجها، إلى جانب طب التخدير، وهي من 47 بيتا نسخه محمد بن حمد بن سلام الخروصي سنة 1305هـ/1888م.

والجدير بالذكرأن جناح السلطنة يضم مخطوطات استعرضت تاريخا وثق علاقات البلدين الشقيقين في مختلف الأنشطة خلال القرن الماضي، منها أنموذج من شهادات ومتعلقات الطلبة العمانيين الدارسين في دولة الكويت قبيل عصر النهضة العمانية سنة 1970م وفي بداياتها، إلى جانب أنموذج من دفاتر الطلبة العمانيين الدارسين في الكويت بداية النهضة العمانية.