ثقافة

صيانة السيوف العمانية... حفظ لموروث يرتبط بالهوية الثقافية

21 نوفمبر 2025
21 نوفمبر 2025

تشهد الحرف التقليدية في سلطنة عمان جهودًا مستمرة للحفاظ على موروثها الأصيل، ومن بينها حرفة صيانة السيوف العمانية التي تعد إحدى العلامات البارزة في الهوية الوطنية. وفي هذا الإطار يواصل الحرفي حمدان بن مسلم العبري من أبناء ولاية الحمراء بمحافظة الداخلية العمل على إعادة السيوف العمانية إلى حالتها الأصلية، مستندًا إلى خبرات متوارثة وأساليب دقيقة تعكس عمق هذه الحرفة وأهميتها الثقافية.

ويدرك العبري أن صيانة السيوف مسؤولية ثقافية تسهم في الحفاظ على رمز طالما ارتبط بالكرامة العمانية، ويقول: إن بدايته في هذا المجال جاءت من شعوره بضرورة حماية السيف العماني بعد أن لاحظ أن أعمال الصيانة باتت تُسند إلى وافدين يفتقدون الحسّ التراثي والمعرفة الدقيقة بطبيعة السيف وتقنياته التقليدية، مؤكدًا أن السيف رمز وشرف للعمانيين ويجب أن نحافظ عليه ونصونه من التلف والضياع.

ويضيف: إن احتكاكه المستمر بالسيوف واقتنائه لها قاده إلى تعلم تفاصيل الصيانة خطوة بخطوة حتى أصبحت معرفته أقرب إلى دراسة معمقة لطبائع المعادن والأخشاب والجلود المستخدمة في مكونات السيف، ومع البحث والاجتهاد تمكن من اكتساب مهارات دقيقة تمكنه من إعادة السيوف إلى توازنها وقيمتها وفق الأساليب العمانية الموروثة.

ويشرح حمدان العبري أن أولى مراحل الصيانة تبدأ بتنظيف النصل باعتباره جوهر السيف وروحه، إذ يفقد السيف هيبته ووظيفته إذا لم يكن نصله محافظًا على حالته الأصلية، ثم ينتقل إلى القائم (المقبض) الذي يعد أساس توازن السيف واستقامته، موضحًا أن السيف لا يستقيم إن لم يستقم قائمه، وأن ضبط هذا الجزء يحدد جودة القطعة كاملة.

ويشير إلى اختلاف رغبات أصحاب السيوف بين من يفضل القائم المزين بالفضة ومن يختار الجلد الطبيعي، إلا أن عمليات الشك والتثبيت تُنفذ في كل الحالات يدويًا بالكامل باستخدام الإبر والمخرز وأدوات تقليدية تضمن الدقة المطلوبة. كما يستخدم في عمله أخشابًا من البيئة العمانية مثل الجوز والعتم والجوافة، إلى جانب بعض الأخشاب المستوردة عند الحاجة، فيما تختلف مدة الصيانة وفق متطلبات السيف من تجديد للفضة أو تنفيذ للنقوش والزخارف.

ويؤكد العبري أن مراحل الصيانة بدءًا من تنظيف النصل وضبط القائم وتثبيت الجلد وعمليات شكّ الفضة تعتمد على توازن بين المهارة والخبرة الطويلة، وإحساس عماني يرى في السيف امتدادًا للهوية وتاريخًا لا ينفصل عن حياة المجتمع العماني.