5464565
5464565
ثقافة

صحيفة «عُمان» الغرَّاء وقراؤها.. شكرًا آن للقلم أن يلقي عصا الترحال.. على أمل العودة

25 يناير 2022
كتابات عُمانية مبكرة.. الحلقة الـ«60 والأخيرة»
25 يناير 2022

- بعضُ ما قدَّمناه كشفًا لإنتاجٍ مغمورٍ، وشخصياتٍ طواها النسيان.

- حضورُ عُمان المَعْرفي في الثقافة العربية قديمٌ ومتجذر، وقد أسهمت دومًا في المشاركة والتفاعل مع قضايا العرب الكبرى.

- نحسبُ بعضَ مقالاتنا أنها ألغت ميزة الريادة عن بعض مراكز الثقافة العربية لصالح عُمان وخاصة فيما يتصلُ بتاريخ الأجناس الأدبية والحضور الثقافي.

- التاريخُ الثقافيُّ صَنَعَه الأفراد، وأذكته المؤسسات العلمية واجتمع خطابهما ليكون خطابَ حياةٍ وتواصلٍ وعلاقاتٍ ثقافية متعددة المشارب.

- مقالاتنا نواةٌ لكتابٍ قادمٍ نأملُ أن يرى النور قريبا، وما التبس فيها علينا وورد من هنات قابل للإصلاح في طبعة الكتاب.

بعد عامٍ كاملٍ وشهرين عدًّا واحتسابًا.. يتوقفُ قلمنا -عند هذه الحلقة- في هذا الحقل التوثيقي/ التحليلي الراصد لتجليات الثقافة العُمانية المعاصرة في كافة مستوياتها ومساراتها، وقد أخذ منَّا ستين حلقة متوالية لا يَسَعُنا فيها إلا أن نتقدِّمَ لـ«صحيفة عُمان الغرَّاء» بوافر الشكر والتقدير على المساحة الممنوحة والاهتمام البالغ إخراجًا ونشرًا وحرية رأي، فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله.. ستون حلقة فتحنا بها أرشيف الثقافة العُمانية الحديثة والمعاصرة في كتاباتها الأولى المبكرة، وبين جنباتها التاريخية والأدبية، وعبر جناحيها الحضاريين المُقيم والمهاجر...

وها نحن -أيُّها القارئ الكريم- نلقي عصا الترحال، ولا نقول نتوقف - بعد رحلةٍ مُضْنِية وجُهدٍ جهيد خامرتهما متاعبُ البحثِ والتقصي والمُقاربةِ المنهجية والاكتشاف والتحليل والتوثيق وفتح الأرشيف، والاستماع إلى الروايات، وعقد المقابلات، وما كان القصدُ من ذلك كُلِّه سوى الإثراءِ والإضافةِ وتقديم المنسي والمغمور والمتجلي والمسكوت عنه واللامع بغية وضع ثقافتنا العُمانية في نصابها المتألق دائماً بعد أن أجحفتها بعض مصادر الثقافة العربية حقها، ولم تلتفت إليها في وقت من الأوقات، ولا ندَّعي أننا أوفينا هذا الحقلَ حقه، بل ألقينا حجرةً في بحره الطامي المُمتد شرقًا وغربًا، فالثقافة العُمانية -باتجاهاتها وخصائصها وسماتها وأعلامها- غنيةٌ معطاءةٌ حُبلى بالكنوز الثمينة، ولا يمكنُ أن تُحْصِيها مقالاتٌ في صحيفة سيّارة كمقالاتنا، ولا قلم كاتبٍ متواضعٍ كقلمنا، ولَكِنْ قّدَرُنا أن نبحرَ فيها بمجاديفٍ نحسبُها قاصرةً وغير قادرة على الوصول إلى مكامنها، فلم نصل إلى سواحلها وضفافها، ولم نكتشف من دررها إلا النزرَ القليل، وكلُّ ما وصلنا إليه مخطوطات ووثائق وتجاربَ بكرًا وملفاتٍ نحسبها مفيدة، لعلها تَقينا عوارض الزمن بالمقياس القيمي للأشياء لتكون لثقافتنا قاعدة بيانات تسعف الباحثين بعدنا في دراساتهم المَّعمّقة.

لقد أحاطت مقالاتُنا هذه -المتوالي نشرَها في هذه الصحيفة الغرَّاء منذ الحادي ديسمبر 2020 بالكتابة العُمانية المُبكرة في مشروعٍ توثيقيٍّ شاملٍ عُنيّ برصدِ ما تيسَّر الحصول عليه من إنتاجات معرفية في مجالات التاريخ والأدب والفقه والسياسة والدين والمجتمع والسير والتراجم قاطبة، وكانت لها منها عناوين قدَّمناها في محاور ستة بدأناها بقراءة أفقية شاملة الجهود الأولى للكتَّاب العُمانيين في كتابة المقالات والدراسات والأبحاث الأكاديمية، ثم سارت محاورنا تتراءى على النحو الآتي:

المحورُ الأول: محورُ الكتابة العُمانية في الصحافة المحلية والعربية، واشتمل على عناوين تاريخية تناول فيها قلمنا: فلسطين في صحيفة «الفلق» الزنجبارية إعداد عامي (1937-1938)، وكتابات العُمانيين في صحف الغرب الإسلامي، والسِّجل السياسي لعُمان في الخمسينيات والستينيات، والسِّجِل التوثيقي لمدونةِ الفَقْد والتأبين في الصحف العُمانية المهاجرة، وصوتُ الشعر العُماني المبكر في صحيفتي «الفلق» و«النهضة».

المحورُ الثاني: عُنينا فيه بالجهود العلمية التي بذلها الكُتَّاب العُمانيون، وكانت لنا فيها وقفاتٌ مع شخصياتٍ بعضها معروفة متحققة، والأخرى مجهولة مُقِلة لم يعرف عنها كتابات كثيرة، ومن بين تلك الجهود التي تناولناها جُهودُ كلٍّ من: الأستاذ سليمان بن عمير الفلاحي مُحَررُ الفلق، ومُحَرّك النشاط الثقافي في زنجبار، والشاعر صالح بن علي الخلاسي.. صوتُ زنجبار الصادح بالشعر وقصائده المبكرة في رثاء ملك العراق وتأييد الألمان، والشاعر هلال بن بدر البوسعيدي وحضور قصائده وحواراته التاريخية في صحيفة «الفلق» الزنجبارية.. والأستاذ أحمد سالم آل جمعة (1928-2013) ومقالاته المنشورة في صحيفتي «الاتحاد» الإماراتية و«عُمان»، وكذلك الأساتذة عبدالله الطائي وسالم الغيلاني وأحمد الجمالي ويعقوب الكندي في مقالاتهم المنشورة في الصحيفة ذاتها، ولم ننس مقالات أمير البيان الشيخ عبدالله الخليلي في كتابه «التراجم» والشيخ سليمان بن خلف الخروصي (1938-2018) في كتابه «ملامح التاريخ العُماني»: وماذا قالا فيهما عن شعراء عصرهما في صورة تعكسُ الرأي الآخر ونظرة الشاعر للشاعر.. كما أحطنا بتجربة الشيخ الأديب محمد بن سيف الأغبري (1921-1997) عبر ذاكرة وثائقه وتواصله المجتمعي.. وكذلك الإرث الأدبي والوثائقي الذي تركه الشيخ سيف بن علي بن عامر المسكري (1846-1936).. بالإضافة إلى قصائد ومقالاتٍ وخواطرَ الكاتب الصحفي بدر بن سالم العبري (1920-2011) المنشورة في صحيفة «عُمان» إبان كان رئيسًا لتحريرها.. وأيضًا مؤلفات أبي معاذ مرشد بن محمد الخصيبي الذي يعدُّ امتدادًا لسلالةٍ أدبية مبكرة أنتجت فكرًا وشعرًا، وصاغت تأليفًا ومدونة في التاريخ الأدبي العُماني سمّاها والده «شقائق النُعمان على سُموط الجُمان في أسماء شعراء عُمان».. وعنينا كذلك بالكشف عن بحثٍ تاريخي فريدٍ للأستاذ محمد البصري بعنوان «تجليات إباضية في الشعر العُماني» وهو بحثٌ مخطوط فتحَ به الباب لدراساتٍ لاحقة تناولت هذا الحقل الأدبي العقدي العميق.. وبمثل هذه الوقفات كانت لنا قراءة لتجربة الشاعر خالد بن هلال الرحبي وتخميسه لقصيدة أحمد شوقي وكتابه «أبطال عُمان في النهضة الحديثة»، وكانت لنا وقفة مع جهود الشيخ سالم بن محمد بن سالم الرواحي في طباعة كتاب «الدعائم» لابن النظر.

وأخيرًا مع الشاعر محمد بن علي بن ناصر العلوي وقصائده في النهضة العُمانية في عهد المغفور له السلطان قابوس، والأستاذ أحمد بن سعود السيابي وكتاباته التاريخية والدينية، والأستاذ أحمد الفلاحي ومقاله المبكر المنشور في مجلة عالم الكتب السعودية، والأستاذين علي وأحمد الجمالي في كتاباتهما المنشور في صحيفتي الفلق والاتحاد.

ولم نقصر تتبعنا لتلك الجهود على الكُتَّاب العُمانيين، بل تناولنا جهود الكُتَّاب العرب الذين خدموا الثقافة العمانية بفكرهم وكتاباتهم في وقت عزَّ فيه القلم العُماني، وكانت لهم فيها مقالات منشورة ومؤلفات مطبوعة، إذ تناولنا في هذا الصدد: مقالات الدكتور علي عبدالخالق دُومَة الصحفية ودراساته النقدية للشعر العُماني الحديث... وكذلك الجهود العلمية للأستاذ مهدي طالب هاشم في كتابة التاريخ العُماني في العصور الإسلامية.. وأيضا جهود المؤرخ إبراهيم زين الصغيرون في دراسة التاريخ العُماني في شرقي إفريقيا، وأيضا دراسة الباحث العراقي خليل إبراهيم صالح المشهداني «التطورات السياسية في عُمان وعلاقاتها الخارجية» (1913-1932)، ودراسة الباحث السعودي عبدالله الجوير «التطور السياسي لسلطنة مسقط وعُمان من الانقسام حتى الحماية (1861-1891)، وكلها جهودٌ وأعمالٌ ذات قيمة تاريخية عالية وتقدم لأول مرة بهذا العرض والتخصيص.

في الجانب التاريخ الأدبي تناولنا دراسة الدكتور عبدالله آل مبارك سنة 1976م لرواية الأديب عبدالله الطائي «ملائكة الجبل الأخضر»... وافتتاحيات ومقدِّمات المحقق عزالدين التنوخي للمؤلفات والدواوين العُمانية (ديوان الستالي).. وتقديم الشيخ صقر بن سلطان القاسمي لكتاب «الفُتَحْ الرَّحمانية من الأدبيات العُمانية». .. ودراسات الأستاذ رياض نجيب الريّس عن عُمان وزنجبار وهي تمثل في تقديرنا نموذج للخطاب الصحفي العربي «الرائد» المكتوب عن عمان في تاريخيها الحديث المعاصر. وختمنا هذا المبحث بتناول جهود الدكتور وليد محمود خالص في تحقيق كتب التراث والنقد الأدبي العُماني، وبعُمان في دراسات الأدب الخليجي ونقده.

المحور الثالث: وهو محورُ المخطوطات وقدَّمنا فيه قراءاتٍ مضمونية لدفاتر قديمة ذات جودة وإتقان ومحتوى مميز، وتمثل نماذج للمدونات والكتابات العُمانية المبكرة وتناولنا في هذا الصدد أربعة دفاتر هي: دفتر المعلم حمد بن (أبي سلام) سليمان بن سعيد الكندي (1924-2010) الذي يعدُّ سجّل قصائد ذات حسٍّ سياسي ملتهب، بمثل ما سجّل رسالة اجتماعية في وقوفات محلة «الردة» النزوية، وأيضا دفتر الشيخ هاشل بن راشد المسكري (1895-1968م) المتضمن نصوصا عُمانية نادرة أهمها قصيدة القاضي سليمان بن سالم ن مسعود الكندي، ودفتر المعلم حميد بن سالم بن خميس البوسعيدي (1927-2016) الذي حوى قصائد مفيدة وأخبارًا وقصصًا ومنظوماتٍ تاريخية مهمة للتاريخ الاجتماعي كقصيدة «البغي سيف القاتل للشيخ خالد بن مهنا البطاشي، ولم ننس دفتر الأديب الشيخ عبدالله بن عمر الكندي (1911-1973) الذي يعدُّ ذاكرةً شعرية تؤرخ حركة الشعر العُماني في المهجر الإفريقي ومدن الساحل الشرقي للخليج العربي.. والحال نفسه بالنسبة لذلك الدفتر الذي كتب أوله في زنجبار سنة 1931، وانتهى آخره في عام 1978، وقد قدّمناه بروح الكشف والإضافة.

المحور الرابع: وقد خصصناه للمقالات الُعمانية في الصحافة العربية، وفيه قدَّمنا: عُمان في صحيفة «وادي ميزاب» لأبي اليقظان (1926-1929)، وعُمان في مجلة «المنهاج» لأبي إسحاق إبراهيم إطفيش (1344 / 1924-1350/ 1930).

عُمان في صحافة الكويت القديمة: مجلة كاظمة ومجلتا (الرائد) و(البعثة).. وهذه كلها تبرهن حضور عُمان بكُتَّابها وشعرائها في الثقافة العربية منذ طلائع القرن العشرين، وتلغي فكرة العزلة الثقافية التي راجت عن عُمان وبثتها كتب ودراسات عديدة.

المحور الخامس: محورُ المجلات الثقافية وما قدَّمته من خطابات نحسبها متميزة، وقد تناولنا مجلات الطلبة العمانيين بالخارج وكتاباتهم المبكرة وخاصة مجلة «الغبيراء» و«الشبيبة» والمزون» و«جبرين» و«الطالب».. وهي في تقديرنا أصوات ثقافية شَدَت باسم عُمان ونهضتها المعاصرة ولو بأساليب بسيطة وخطابات مدرسية لا تنهض كثيرًا على أدوات التحرير الصحفي المعروفة.

كما تناولنا مجلة «الغدير» الثقافية وما كُتب فيها من قصائد ومقالات احتفاءً بصدورها، وكذلك مجلة «رسالة المسجد» في أعدادها المائة الأولى التي التقى فيها شعراء مرحلة الثمانينيات ومثقفوها في مقالاتٍ وقصائد شعرية نادرة.

ولم ننس صحيفتي «الفلق» و«النهضة» وما نظمه فيهما الشعراء إبان صدورهما مما يدلُّ على ذيوع الشعر وقيمته مشاركته في الاحتفاء بالمنجزات الثقافية كأرفع أشكال الخطاب أرقاها.

المحور السادس: خصصناه لتجربتنا الثقافية الذاتية ومشاركتنا في الكتابة عن عُمان في المؤسسات الثقافية انبثاقا من سعينا الدؤوب المتواضع إلى إظهارها في المحافل الدولية وقدَّمنا في ذلك ثلاث حلقات عنونا أحدها بـ«عُمان في إصدارات مؤسسة البابطين للشعر العربي وأنشطتها، وتاريخُ عُمان وأدبها في الجامعات التونسية: أسس الوعي المنهجي وطرائق تحليل الخطاب». (نظرة معرفية من الداخل).

لقد كانت مقالاتنا -منذ حلقتها الأولى- تحاولُ تقديم هذا الحَصْر المُجمَل المعتمد على المصدر الأول والمنهج التاريخي الذي اتخذته أساسًا للتوثيق مع وعي كاتبها بأن هناك كتاباتٍ أخرى، وجهودًا سابقة لا يسع الدراسة إلا احترامها وتقديرها والإشادة بها كجهود سابقة، خاصة أن بعضها تناولت الموضوع نفسه، ولكن بمناهج مختلفة تختلفُ عمَّا تناولته هذه الحلقات، لهذا وجبت الإشارة إلى ذلك، وإلى أننا لم نعقد لها (في هذه الحلقات الصحفية) قائمة مستقلة للمصادر والمراجع على سنن البحث الأكاديمي المتخصص، نظرًا لطبيعة نشرها الصحفي الذي قد لا يحتمل التكثيف التوثيقي، ولن نلجأ إلى المكتوب السابق كوسيلة للنقل إلا للضرورة القصوى، وقصارى جهدنا التوثيق المباشر داخل السياق النَّصي في موضعه بذكر نصّه وكاتبه ورقم صفحته، وسوف نقدّم تلك القائمة المفصلة لحظة نشرها في مؤلَف قادم (كتاب مستقل) يُعنى بهذا بالتوثيق المنهجي المفصّل، لا سيَّما توثيق الصور، وتثبيت قوائم الهوامش والإحالات المرجعية وثبت المصادر والمراجع بصورة مستقلة واضحة.

نقدمُ هذه الإضاءة مؤكدين حرصنا على الأمانة العلمية، وحتى لا يلتبس على القارئ فهم التأثر والتأثير بالمكتوب السَّابق دون توثيق أو دون وعي أو عدم مُراعاة للمقتضيات المنهجية، فالدراسةُ تخضعُ بالضرورة لشروط النشر الصحفي، ونحن لا ندّعي فيها الريادة في التأليف ولا أسبقية التناول، ولكن نحسب فيها الكشف والإحاطة لبعض الجوانب ومحاولة التأصيل والتوثيق وانصبَّ همُّنا وجهدنا نحو تقديم صورة عُمان الحصرية بكتاباتها وكتابها وثقافتها المبكرة، وكيف نظرَ إليها الآخرُ العربي في مفرداتِ بثِّه الثقافي، لهذا آلينا تابعنا كل ذلك من واقع التوثيق وارتأينا وسم هذه الحلقات بسمة الإعداد دون غيره.

وكما أشرنا سلفًا إلى أن هذه الحلقات الأسبوعية استجابت لشروط النشر الصحافي، دون الإخلال بالمنهج - وتقدّم قراءة أفقية لا نستطيع فيها التحليل الكامل والوقوف مليّا عند التجارب الفكرية التي قدَّمناها سواءً في مستوى النقد أو التاريخ الثقافي، وقُصارى ما قدّمناه بعضًا من تأصيل المكتشفات الرائدة وتوثيقها في ثقافتنا العُمانية، وفيها مقارنات تاريخية وريادة مبكرة تؤول بشكل مباشر إلى جدلية الأشباه بالنظائر خليجيّا وعربيًّا. كلُّ ذلك بغية وضع الكتابة العُمانية المبكرة في محلها بعد أن غيبتها سلط الثقافة المركزية في عالم العربي، ونشير إلى أن بعضها التبست بهنات لم ننتبه لها لأسباب خارجة عن إرادتنا، وفيها نقول: جلّ من لا يسهو، وشكرًا لمن قدّم لنا ملاحظة أو أبدى لنا رأيًا أو ناقش معنا فكرة.

ومن بين ما نعتز به ونثمنه عاليا تلك الملاحظات التي قصد بها التجويد وهي دليلُ وعي وإدراك ومتابعة، من قبل القراء والمتابعين والإخوة الكرام الأصفياء الذين سنذكر أسماءهم في هوامش كلِّ ملاحظة قدَّموها لنا في الكتاب القادم، فالعلم رحمٌ بين أهله: ونخصُّ بالذكر تلك الملاحظة التي أوردناها في الحلقة (17) حول نسبة قصيدة «المسفاة» للشيخ عبدالله بن ماجد الحضرمي وهي في الحقيقة للشيخ ماجد بن خميس العبري، وكذلك الملاحظة التي أوردناها في الحلقة (41) الخاصة بالشيخ سيف بن علي بن عامر المسكري حيث أوردنا فيه ترجمة كريمته الشيخة عزا بنت سيف وأشرنا إلى أنها من مواليد زنجبار، وهي في الحقيقة من مواليد «علاية إبراء»، وكذلك الملاحظة التي وردت لنا حول الحلقة (33) الخاصة بالترجمة المنصوص عليها في مقدمة كتاب الدعائم لابن النظر، فهي من وحي قلم الشيخ يحيى بن أبي نبهان الخروصي.. وأن الطبعة هي عام 1351هـ، وأيضا الملاحظة التي أوردناها في الحلقة 47 حول وفاة الأديب عبدالله بن عمر الكندي وقد توفي يوم الجمعة 19 جمادى الثانية من عام 1393هـ الموافق 20/ 7 / 1973م، وليس في سنة 1987 كما ذكرنا. أمّا ما تضمّن آراء في ثنايا الحلقات حول بعض الشخصيات فهي من وحي تفكيرنا ورؤيتنا ولم نكن نقصد بها الاحتفاء المطلق أو الإدانة المحضة، ولأننا جُبلنا على ذكر ما تبدّى لنا عبر مناهج التحليل الذي ارتأيناها واتخذناها دليلا فإننا حاولنا استنطاق الجهود من خلال وثائقها ومرجعياتها ولغتها وأساليب خطابها وفق رؤية اقتضت منا الإنصاف، ولا نقول إننا أصبنا كل الصواب بل حاولنا وإن كان جانبنا عين الصواب فلك من قصورنا وسوف يكون مثار اهتمامنا حين تخرج هذه الحلقات في كتاب مستقل، ونخصُّ بالذكر منها احتفائنا بالشاعر أحمد السَّقاف وقصيدته الشهيرة «كلُّ شبرٍ من التراب العُماني»، فلم نكد نبالغ في إظهار قيمة النَّص أو الإضفاء على كاتبه صفاتٍ مجانية ذات عبارات إنشائية، فصفة الثورة التي نعنيها هي تلك التي أتاحتها معاني ومكونات القصيدة.. وهل القوميون بفكرهم المتقد ونبذهم للدخيل المستعمر وتوقهم إلى النضال والوحدة والاستنهاض ورفعهم صوت الكفاح إلا شكل من أشكال الثورة؟ ومن الملاحظات التي نود الإشارة إليها في نهاية مقالنا هذا، وتمثل ضرورة التصحيح ما أوردناه في الحلقة 58 الخاصة بمقال الأستاذ أحمد الفلاحي، فقد التبس علينا مكان نشره فدوناه بأن نشر في مجلة عالم الفكر الكويتية، والصحيح أنه في مجلة عالم الكتب السعودية.

وعلى كلٍّ فإننا لم نُرَوِّج في هذه المقالات لشخصية من الشخصيات ولا لفكرةٍ من أفكارنا دون تبرير، فخير الدراسات -في تقديرنا- ما تبرر وتقدّم الدليل وحسبنا أننا فعلنا ذلك.. وفي المقابل لم نسع إلى إدانة شخصياتنا، أو بث ما يشوبها، وإنما قصارى جهدنا انصبّ على ما وجدناه في وثائقها وأدبياتها وإنتاجها الفكري.. وإذا ما وجد ذلك سوف نقوم بإصلاح ما نراه جديرًا بالإصلاح في طبعة الكتاب حين تكتمل حلقاته، فما هذه الحلقات إلا فصول ومباحث له. وهدفنا الإضافة العلمية وإظهار الثقافة العُمانية متى ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، والله من وراء القصد.