No Image
ثقافة

شكرا لمن يدعم نشر الكتاب العماني

17 فبراير 2024
17 فبراير 2024

أعلنت الجمعية العمانية للكتاب والأدباء عن إصداراتها السنوية لهذا العام، في خبر نشرته وسائل الإعلام قبل أسبوعين، بعد أن خضعت للمراجعة والتقييم قبل إجازتها للنشر، تجربة يجدر الحديث عنها والإشادة بها، وهناك من يدعم هذا المشروع ويعمل على إنجاحه، هناك من يبذل جهده ووقته من أجل استمرارية مشروع الجمعية الثقافي، ودعم بقائها في الساحة بين جمعيات المجتمع المدني، ولعلها من بين المؤسسات التي نجحت في جانب النشر وتوزيع الكتاب، وما أجمل أن يجد الكاتب من يأخذ بيده ويدعم نشر كتابه، ويدفع به نحو التحقق.

يحدثني الكاتب خلفان الزيدي، المكلف بمتابعة نشر الكتب الصادرة عن الجمعية إن نشر الإصدارات العمانية بدأ منذ عام 2009م، وكانت الباكورة الأولى أربعة عناوين فقط، كانت أشبه بلبنات تأسيسية لهذا المشروع، حينها لم يكن النشر منضبطا وفق لائحة تنظيمية، وبدون لجنة تقييم، حتى تطورت الفكرة، وأصبحت مشروعًا تعده الجمعية ضمن برنامجها السَّنوي، وأصبح القارئ ينتظره سنويا مع افتتاح معرض مسقط الدولي للكتاب، لتصبح إصدارات الجمعية، فاكهة الإصدارات العمانية الحديثة في المعرض.

المبهج في مسيرة النشر للجمعية، هو إصدارها حتى الآن 322 عنوانًا، في مجالات الشعر والقصة والرواية والبحوث، والدراسات الأدبية، والدراسات اللغوية، والدراسات التاريخية، والمقالات، وغيرها مما أبدعه الكُتَّاب العمانيون في مؤلفاتهم، وفي كل عام تنشر الجمعية ما لا يقل عن 30 كتابًا كهذا العام، وقد تصل إلى 49 كتابًا، كقائمة مطبوعات الجمعية للعام الماضي، قاطعة من عمر التجربة حتى الآن 15 عامًا، وبلا شك فإن 322 عنوانًا تملأ مكتبة، ومن هذه العناوين منحت الجمعية «جائزة الإبداع الأدبي» السنوية، بما يؤهِّل بعض تلك العناوين لتحصل على مراكز متقدمة من الجوائز، وبدورها تعزز القيمة الثقافية والمعرفية والأدبية للكتاب الحاصل على تلك الجائزة.

إن من ينظر إلى مشروع الجمعية العمانية للكتاب والأدباء، يجدها قد أثْرَتْ حركة التأليف والنشر، وشجَّعت الكُتَّاب على التأليف، مقدمة للقارئ سَلَّة أنيقة من الكتب، هي نقاوة الإصدارات، وهو عمل يستحق الإشادة، ويكفي أن ركن الجمعية في معرض الكتاب أصبح مقصد القراء والباحثين عن الإصدارات العمانية الحديثة، التي تمثل في مجملها نقاوة المؤلفات العمانية الحديثة، ولا يمر يوم من أيام المعرض على الجناح، إلا ويشهد أكثر من حفلة توقيع لكتاب جديد، وهذا عمل رائع، لم يكن ليتحقق لولا الجهود الداعمة له، وله الوقت المبذول من أجله، وإدارته المتجددة كل عام مع أعمال ثقافية أخرى.

ولا أغفل عن الإشادة كذلك بحركة النشر المتقدمة في سلطنة عمان، التي تبرز أكثر خلال أيام المعرض، وكأنه احتفالية ثقافية لتدشين قطاف الموسم الثقافي النضيج، فالجناح العماني زاخر بالمؤسسات والمكتبات ودور النشر العمانية المشاركة في المعرض، وتشارك في كل عام بإصدارات جديدة، وفيها ما يثري القارئ بمعارف أدبية وبحثية جديدة.

وحيث إن معرض مسقط الدولي للكتاب في دورته الثامنة والعشرين، يطرق الأبواب: (21 أكتوبر - 2 مارس)، فإن عشاق الكتاب ينتظرهم سيل من الإصدارات الحديثة، وحتمًا سيكون المعرض فرصة للقارئ، للحصول على بغيته منها، وفرصة للأخذ بأسباب الحضور الثقافي، كإقامة حفلات التوقيع، والمشاركة في الندوات، والبرنامج الذي تعده اللجنة الثقافية للمعرض حافل بالجديد: (152 فعالية ثقافية للكبار، و131 فعالية خاصة بالطفل).

أفصِّلُ أكثر حول عدد العناوين التي تشارك بها بعض المؤسسات والمراكز الثقافية ودور النشر والجمعيات وغيرها، لنقدِّر مقدار الكم الرائع من هذه العناوين، ويأتي في صدارتها جناح وزارة الثقافة والرياضة والشباب، بمشروعها الكبير الذي غَذَّانا بأمهات الكتب العُمانية منذ مطلع الثمانينات، وهي ذات تجربة عريقة في نشر المخطوط العماني تبلغ أكثر من 40 عامًا، وفي إحصائية لها بلغ عدد مطبوعاتها التي نشرت تحت إشراف «دائرة المخطوطات» 390 عنوانا، كان أغلبها مخطوطات، وبعض الكتب يتألف من عشرات الأجزاء كالمصنفات الفقهية، و«المنتدى الأدبي» المكمل لمشروع وزارة «الثقافة» نشر حتى الآن قرابة 150 إصدارًا، ووزارة «الإعلام» بمطبوعاتها السنوية، تواكب نمو وتطور المجتمع، ووزارة الأوقاف والشؤون الدينية التي قدمت مجموعة من الكتب المطبوعة في شكل إخراجي متميز مع تحقيق تلك الكتب، ومطبوعات «هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية»، و«جامعة السلطان قابوس»، و«المتحف الوطني»، وجناح «جامعة نزوى» وغيرها من المؤسسات الثقافية والأكاديمية.

أما دور النشر والمكتبات التي طبعت الإصدارات العمانية الحديثة، فهي تتزايد عامًا بعد عام، منها دار «نثر» التي تأسست عام 2019م، صدر عنها منذ تأسيسها حتى الآن 84 عنوانا، وفي هذا العام ستقدم مجموعة من الكتب الأدبية، من بينها الأعمال النثرية والسردية للكاتبين الراحلين، الشاعر محمد الحارثي (ت: 2018م)، والقاص عبدالعزيز الفارسي (ت: 2022م)، ودار «لُبان» التي ستعرض هذا العام في معرض الكتاب 230 عنوانا، وقبلها دار «الغشَّام» التي صدر عنها نحو 700 عنوان، في فترة لم تبلغ 8 سنوات، ودار «عَرَب» كذلك، نشرت منذ تأسيسها 69 عنوانا، من بينها 56 عنوانا لمؤلفين عمانيين.

ويبرز دور «مركز ذاكرة عُمان» كل عام، فجناحه الجميل في معرض الكتاب، الذي يجمع بين عرض الكتب والملتقى الثقافي، يتحفنا بطباعة كتب محققة، كانت يومًا مخطوطة، كتبها مؤلفوها على ضوء أشعة الشمس في النهار، أو نور القناديل في الليل، ثم أصبحت مطبوعة بعد تحقيقها، حيث ستعرض هذا العام 7 عناوين حديثة، من بينها كتاب «المخطوط العماني: التاريخ والتقاليد»، للباحث محمد بن عامر العيسري، و«خزائن المخطوطات في عمان»، للباحث فهد بن علي السعدي، ومنذ تأسيسها عام 2014م يصل عدد مطبوعاتها حتى هذا العام: 160 إصدارا، وكذلك جناح «مركز الندوة الثقافي»، من بهلا، الذي سيشارك في هذا المعرض بتقديم 19 إصدارا، تتنوع بين البحوث والدراسات والأعمال الأدبية نثرا وشعرا.

ومن بين المشاركات العمانية في معرض الكتاب، مطبوعات مكتبة «خزائن الآثار»، وهي مكتبة تُعنى بنشر المخطوطات العمانية بالدرجة الأولى، بدأت منذ عام 2014م، تحت مسمى منشورات «موقع بصيرة»، وفي عام 2016م تم إطلاق مسمى «خزائن الآثار»، وبلغ عدد مطبوعاتها حتى هذا العام 169 عنوانا، وفي هذا العام ستقدم المكتبة الناشرة النسخة الحديثة المحققة من كتاب «جوهر النظام»، للشيخ نورالدين السالمي، في مجلدين فاخرين، كذلك لا ننسى إصدارات «بيت الزبير» الذي يتحفنا كل عام بمجموعة من الكتب الأدبية، ولا ننسى مطبوعات الصحف العمانية الخاصة كمؤسسة «الرؤيا» ومجلة «نزوى» الثقافية وغيرها، ومطبوعات المكتبات العمانية، كـ«رؤى الفكرية» التي بلغت إصداراتها حتى الآن 320 عنوانا، ومكتبة «الاستقامة» بتجربتها العريقة في نشر الكتاب العماني منذ تأسيسها، ومطبوعات مكتبة «الضامري»، وعدد إصداراتها بالمئات.

إن الحديث عن المطبوعات العمانية، يجعلنا نشعر بفخر لهذا التزايد في أعداد العناوين التي تطبع سنويًا، فعُمان وطن الشعراء والفقهاء والأدباء والمؤرخين، والمشتغلين بتدوين العلوم، والشكر الجزيل لمن يسهم في هذه المسيرة، ويدفع بها نحو التحقق والإنجاز، والشكر للذين يعملون بصمت، من أجل خدمة الكِتَاب والكاتِب، وخدمة حركة النشر والتأليف في المؤسسات الحكومية والخاصَّة، ودور النشر الواعدة، وقد أصبح لها مكانتها بين دور النشر العربية، وأجنحتها في معارض الكتب، وكذلك المكتبات العمانية التي تسهم كل عام بقائمة من إبداعات المؤلفين والكتاب والباحثين، شكرًا لمن ساند حركة النشر في سلطنة عمان، وبذل وقته وماله من أجل أن تبرز إشراقات قلم الكاتب العماني، الذي لا يقل كفاءة وجدارة عن غيره، الكاتب العماني متحقق ولم يعد هامشيًا، فقد كسَرَ دوائر عزلته، وذهب بطموحاته بعيدًا، فحصل على جوائز متقدمة، وسكن بإبداعه قلوب القرَّاء.

وكل هذه العناوين التي مررت على ذكر عددها، مرور النسيم على المَرْج الأخضر، يؤكد أن الكاتب العماني متجدد، ومواكب لحركة النشر في الوطن العربي، وله ما يفخر به من إسهام أدبي أو فكري أو بحثي أو فني، أو تأليف أكاديمي يخدم به مسيرة التعليم، فحقول التأليف كثيرة، والساحة تسع الجميع، ومعرض الكتاب يمثل فرصة رائعة لإشهار الإبداعات في كل المجالات، وحصد الجوائز لمستحقيها، وهذه دعوة للالتفات إلى كتبنا العمانية الحديثة، من مختلف دور النشر العمانية، أو الصادرة عن دور النشر العربية، فهي تعنينا كثيرًا، لأنها جزء من تكويننا الثقافي، ليخرج الزائر من معرض الكتاب بباقة من الكتب العمانية، بحسب مقدرته الشرائية وذوقه القرائي.

محمد الحضرمي كاتب وصحفي عماني