ثقافة

المغربي أنيس الرافعي :شهر رمضان يعيدني إلى الأفلام الخالدة

04 أبريل 2024
04 أبريل 2024

أقدم رمضان تستعيده ذاكرة الكاتب المغربي أنيس الرافعي البعيدة، هو احتفال جدته، الحاجة حليمة، بأول صيام له. كان وقتها في كنفها، بسبب عارض عائلي له صلة بشغل أمه كمدرِّسة. فصَّلتْ الجدة له زيًا مغربيًا تقليديًا يسمى «الجابادور»، ثم دعت العديد من أقرانه وأبناء الحي لمائدة الإفطار العامرة، كما احتفى به أخواله وخالاته بإكراميات سخية. يعلق: «هذه اللحظة، المليئة بالدفء والشجن، لا تنمحي أبدا من رفوف ذاكرتي، كما أنها مؤبَّدة راسخة في ألبوم العائلة بالأبيض والأسود، لأن جدتي جلبت مصورا فوتوغرافيا لتوثيق هذه اللحظات السعيدة».

ما المختلف بين رمضان الطفولة ورمضان الكهولة؟ أسأله فيجيب: «رمضان الكهولة فقد طعمه تقريبا، واختفت منه تلك الطقوس الشعبية الجميلة المرتبطة بمراتع الطفولة الغنَّاء، من تحضير الحلويات والأكلات المغربية العتيقة، مثل «أسلو» و«الشباكية»، و«المخرقة»، ناهيك عن تواري عادات تنظيف المنازل، وشراء الملابس التقليدية كـ«القفطان والجلابية» أو خياطاتها لدى خيَّاط محترف، وفاء للقيم المتجذرة في تراثنا. بل أفل حتى «النفار» أو «المسحراتي»، الذي كان ينتقل متجولا بين الأزقة والحارات وشوارع المدينة، من أجل إيقاظ العامة لوقت السحور، معتمدا على صوته الجهوري أو على آلتي الطبل والمزمار».

أسأله إن كان يتغير نظام قراءته في رمضان؟ وهل هناك كتب معينة يستعيد قراءتها؟ فيقول: «هذا العام، ولغايات موضوعية صرفة، لها ارتباط باشتغالي على كتاب قصصي جديد ومختلف في تجنيسه وخياراته الجمالية، قررت أن أركز برنامج قراءاتي على ثلاثة كتَّاب لأدب الخيال العلمي، على الأخص قصصهم القصيرة، وهم ج. ج. بالارد في طبعة دار المتوسط، وراي برادبوري في طبعة المركز القومي للترجمة، وفيليب ديك في طبعة دار غاليمار».

الرافعي يعترف بأنه لا يستطيع الكتابة في رمضان، يكتفي فحسب بتنقيح ما سبق كتابته. يقول: «بكل صراحة، أجد صعوبة بالغة في الاشتغال بالوتيرة نفسها أيام الإفطار. لست متفرغا للكتابة، فأنا موظف كذلك، ولديَّ التزامات ومسؤوليات، وحين أعود إلى البيت أجدني مفرغا من الداخل مثل قوقعة بحرية جافة، فيستحيل عليَّ أن أحلِّق عاليا بخيالي.. وحدها روحي في هذا الشهر الفضيل تطير في اتجاه مدارج أخرى ملؤها التسامح والالتفات إلى ألم الآخرين».

ويضيف: «لعل الطقس الأهم في هذا الشهر بالنسبة لي، هو عدم مشاهدة التلفاز البتة. لا أتابع أي مسلسل أو برنامج أو كاميرا خفية. أعود إلى عاداتي القديمة، وأستل من مكتبتي السينمائية بعض الأفلام الخالدة لأعيد مشاهدتها بعين جديدة، هذا العام وقع اختياري على فيلموغرافيا عباس كيروستامي وانغمار برغمان وكريستوف كيشلوفسكي».

أنيس الرافعي من مواليد مدينة الدار البيضاء المغربية عام1976 ، من مؤلفاته «فضائح فوق كل الشبهات»، «أشياء تمر دون أن تحدث فعلا»، «السيد ريباخا»، «البرشمان»، «اعتقال الغابة في زجاجة»، «علبة الباندورا»، «ثقل الفراشة فوق سطح الجرس»، «هذا الذي سيحدث فيما مضى»، «الشركة المغربية لنقل الأموات»، «أريج البستان في تصاريف العميان»، «يوم زائد بين الاثنين والثلاثاء»، «مصحة الدمى»، «متحف العاهات»، «خياط الهيئات»، «رحلة حول غرفة بفندق ريتز»، «عزف منفرد داخل نفق طويل»، «أرخبيل الفزع»، «مستودع الأرواح البديلة»، «صانع الاختفاءات»، «مُنمنم الوحوش»، «الحيوان الدائري»، «سيرك الحيوانات المتوهمة»، «مقبرةُ الخردوات»، و«جميعُهم يتكلَمون من فمي».

شارك أنيس الرافعي في رئاسة وتحكيم العديد من الجوائز المغربية والعربية، مثل جائزة «اتحاد كتاب المغرب» للأدباء الشباب، وجائزة «نيرفانا» للقصة بالسودان، وجائزة «الجزائر تقرأ» للرواية بالجزائر، وجائزة «القرن الإفريقي»، وجائزة «إلياس فركوح» للقصة، وجائزة «الآداب المرتحلة الفرنكفونية»، وجائزة «إسماعيل فهد إسماعيل» للرواية القصيرة، وجائزة «الكتاب الشباب» لأدب الطفل.

وحصل على جائزة ناجي «نعمان الكبرى»، وعلى جائزة «غوتنبيرغ» الدولية للكتاب (2013)، وعلى جائزة «أكيودي» الصينية (2014)، وصل إلى القائمة القصيرة لجائزة الملتقى للقصة القصيرة بالكويت في دورتها الأولى (2015)، وحصل على الجائزة الكبرى لشبكة القراءة في المغرب (2022)، وجائزة الملتقى للقصة العربية بالكويت (2023) في دورتها الخامسة. وقد ترجمت قصصه إلى الفرنسية والإنجليزية والبرتغالية والإسبانية والصربية والفارسية واليابانية.