No Image
ثقافة

التوراة وأرض كنعان قراءة في تاريخ التوراة وفلسطين

17 ديسمبر 2025
زياد خداش
17 ديسمبر 2025

هذا الكتاب صادر عام 2024 عن دار نشر الفينيق للنشر والتوزيع، بـ 216 صفحة من القطع المتوسط، مؤلفه هو الباحث والكاتب الفلسطيني المقيم بكندا عبدالله الخطيب، هذا الكتاب كما يقول المؤلف( ليس موجها إلى قراء التاريخ المحترفين، المقصود به هو القارئ العادي، الشباب منهم خصوصا، الذين يرغبون بالمعرفة وقراءة ونقد السردية والأساطير التي بنى عليها الصهاينة مزاعمهم في حق إلهي لهم في أرض فلسطين).

حسنا فعل الباحث الخطيب وهو يسرد قصص التوراة فيما يتعلق بفلسطين وبني إسرائيل وحكاية الوعد المزعوم بهذا الأسلوب المبسط، والمختصر والواضح، ثمة كتب كثيرة صدرت في العالم العربي حول هذه المواضيع، من أهمها التوراة جاءت من جزيرة العرب لكمال صيلبي وفلسطين المتخيلة لفاضل الربيعي والقدس ليست أورشليم لكمال صيلبي والتوراة قراءة نقدية لحسن ظاظا وأسطورة الهيكل لكمال الصيلبي وفلسطين في التوراة لعبدالوهاب المسيري والهيكل المزعوم لعارف العارف، في المقابل هناك العشرات من الدراسات والأبحاث التي كتبها علماء آثار وتاريخ صهاينة توراتيون يزعمون فيها بوجود حق إلهي لليهود في فلسطين.

هذا الصراع بين السرديتين متواصل وهو يشكل أساس الصراع ومدخله الرئيس، فالمزيد من الدراسات الفلسطينية والعربية في هذا الحقل مطلوبة جدا، بل وضرورية للغاية فهي أساس كل تحرك فلسطيني وعالمي، تجاه الرأي العام الغربي، والأهم من ذلك هو تعزيز وتعميق هذه السردية الفلسطينية في أذهان الشباب الفلسطيني، حتى نضمن انتصار سرديتنا وصمودها أمام حملات ودراسات التزوير الكبرى المدعومة من قوى غربية استعمارية ومن خطط المسيحية الإنجيلية التي لها سرديتها الدينية المتقاطعة مع أحلام الصهاينة في تطهير فلسطين عرقيا من أصحابها الأصلييين؛ خدمة واستدعاء لفكرتهم المقدسة الهستيرية حول هبوط المسيح على الأرض كما يحلم المسيحيون الإنجيليون الصهاينة، طبعًا، الصهيونية تستغل هذه النزعة المسيانية عند هؤلاء الصهاينة المسيحيين، وتدعمها بالمال والترويج، ودعونا نشير إلى المؤتمر الضخم الذي عقد بالقدس قبل أيام، لآلاف المسيحيين الإنجيليين، بتخطيط من إسرائيل، وتم فيه وضع خطة عالمية (لدعم السردية الصهيونية في العالم ونفي تهمة الإبادة عن جيش الاحتلال، والدفاع عن حق إسرائيل في حماية نفسها والدفاع عن مواطنيها، ورفض الدولة الفلسطينية التي سوف تشكل خطرا كما يقولون على إسرائيل) نحب أن نشير إلى أن المسيحيين العرب وفي العالم في معظمهم تبرؤوا من هذه الفئة الضالة كما وصفوهم، وهناك كثير من المسيحيين الإنجيليين رفضوا هذه الخزعبلات وتمسكوا بحق الفلسطينيين في وطن مستقل.

للأسف الشديد من يراقب المكتبة الفلسطينية ومراكز الأبحاث ورسائل الماجستير والدكتوراة وحتى دوائر البحث التاريخي في الجامعات يراها مقصرة في مواصلة ترسيخ سرديتنا، هناك من يقول أن المهم هو القوة العسكرية وليس السردية، هذا كلام مغلوط، فلا يمكن أن تبني قوة عسكرية عقائدية دون أن يكون أساسها دلائل ووقائع مثبتة و تاريخية على الأرض وفي التاريخ والجغرافيا.

ينبه المؤلف على غلاف الكتاب الأخير ومنعا لسوء الفهم إلى ملاحظة مهمة وهي أن صفات وأعمال وقصص وأوصاف الشخصيات، والأنبياء في هذا الكتاب، هي حسب الرواية ووجهة النظر التوراتية ويشمل هذا بالطبع صفات الله، والذي يذكر في التوراة بأسماء وصفات متعددة، مثل: يهوه، الرب، الله، وقد يستغرب القارئ (يضيف المؤلف) من جرأة التوراة في وصف وتصوير الإله الخالق، عند اليهود فالله التوراتي، يتعب ويستريح وينسى ويخطئ ويندم، لا يعلم المستقبل ويخاف من قوة الإنسان، ويتصارع مع أحد أنبيائه، وغيرها من الصفات البشرية.

أكثر الفصول إثارة هو دخول أرض كنعان (بعد موت موسى كلم الله الرب يهوه يشوع بن نون خادمه والقائد العام لبني إسرائيل ربما ليبعث الإيمان في قلب بني إسرائيل غلاظ القلوب وكرر له وعده الذي وعده لإبراهيم وإسحاق ويعقوب بإعطائهم جميع أراضي الحثيين التي كانت تمتد بلادهم في فلسطين أرض كنعان وشمال سوريا وشمال العراق وفي آسيا الصغرى أي تركيا ويحدد أكثر فيقول إن حدود الأرض هي الصحراء العربية وبرية سيناء جنوبا ولبنان شمالا نهر الفرات شرقا والبحر المتوسط غربا).

محتويات الكتاب تبدأ بمقدمة: هي التوراة ثم فصل الحلم المقدس والوعد من نهر مصر إلى الفرات وإبراهيم ملك الفلسطينيين وامتحان الله لإبراهيم ولوط وإسحاق ويعقوب وسرقة البركة ومصارعة (الله)، وسقوط إسرائيل في عبادة الأوثان وموسى يأمر بذبح النساء والأطفال ووصايا الرب بالإبادة الجماعية ودخول أرض كنعان ورحاب الزانية فقط تحيا وتوزيع أرض الميعاد على بني إسرائيل، وبنو إسرائيل عبيد عند الكنعانيين وعصر الملوك وحروب شاؤول والملك المقدس داود، وتوبيخ يهوه لداود وسليمان الحكيم ومملكة السامرة، وهروب إيليا والنبي يوشع ومعجزاته ونبوخذ نصر، أما الخاتمة فكانت حول الصندوق البريطاني لاكتشاف آثار إسرائيل.

وحول علم الآثار الذي يبطل دعاوى التوراة في فلسطين.

ثمة مراجع غنية استفاد منها المؤلف مثل أساطير اليهود للويس جنزبرغ وتاريخ أورشليم لفراس سواح والنبوءة والسياسة لغريس هالسل وغيرها.