ثقافة

المصور محمد المعشري: المشاركات التطوعية جعلت أعمالي أكثر إنسانية

27 ديسمبر 2025
يوثق الشغف والتنوع والهُوية العمانية
27 ديسمبر 2025

حوار- خلود الفزارية

Image

يحفل التصوير السياحي بتقديم المشهد العُماني للجمهور، لتبرز معه تجربة المصور محمد المعشري الذي انطلقت مسيرته من شغف شخصي قبل أن تتبلور في اتجاه توثيق المواقع الطبيعية والتراثية في سلطنة عُمان. يركز «المعشري» على إبراز خصوصية المكان من خلال الضوء وزوايا الالتقاط وتوقيت التصوير، وتجاوز التفاعل مع صوره حدود العرض الفني بانتشار أعماله عبر المنصات الرقمية. 

يعتمد في أعماله على التنقل بين مختلف البيئات الجغرافية، من السواحل والجبال إلى الصحاري والمعالم التاريخية، وهو عضو في لجنة الإعلام ومتطوع في فريق العامرات الخيري. 

«عمان» تتوقف مع المصور محمد المعشري ليحدثنا عن تجربته وشغفه في عالم التصوير وعلاقته بالتفاصيل العُمانية. 

Image

- حدثنا عن مسيرتك في عالم التصوير والسياحة في عُمان. 

لطالما كان التصوير بالنسبة لي أكثر من مجرد هواية، فهو نافذة أطل من خلالها على جمال بلادي وتفاصيلها الدقيقة التي قد لا يلحظها الكثيرون. بدأت مشواري بعدسة بسيطة بدافع الفضول وحب استكشاف الأماكن القريبة مني، ومع كل لقطة اكتشفت أن الصورة ليست مجرد إطار بل قصة تحكي عن المكان وروحه وثقافته. 

وجدت السياحة في عُمان مصدر إلهام لا ينضب، من شواطئها الهادئة وصفاء مياهها إلى جبال الحجر الشاهقة وصحاريها الذهبية، ومن القلاع والحصون التاريخية إلى القرى التراثية، أصبح كل موقع أزوره مشروعًا بصريًا جديدًا يحكي قصة فريدة. لكل زاوية ضوء خاص، وكل لحظة تحمل إحساسًا يختلف عن غيره، وهكذا تعلمت أن أبني كل صورة بعناية لتعكس جوهر المكان وروحه. 

ومع مرور الوقت لاحظت تفاعل الناس مع صوري بشكل متزايد، وأصبح البعض من مختلف دول الخليج يتواصلون معي للاستفسار عن المواقع السياحية في سلطنة عُمان وأفضل أوقات زيارتها. هذا التفاعل منحني شعورًا عميقًا بالفخر، وأكد لي أن تصويري لم يعد مجرد هواية شخصية، بل وسيلة لإلهام الآخرين وربطهم بروعة عُمان بطريقة مباشرة وشخصية. 

Image

- أغلب المصورين يختارون مجالًا محددًا، بينما نراك توثق الإنسان والطبيعة والحيوان والتراث. ما الذي دفعك لتكون مصورًا شاملًا؟ 

اخترت أن أكون مصورًا شاملًا لأن شغفي لا ينحصر في مجال واحد؛ فكل من الإنسان والطبيعة والتراث والحياة البرية يقدم قصة تستحق التوثيق، وأجد نفسي في هذا التنوع أكثر مما أجدها في التخصص. 

- كيف أثرت رحلاتك وتنقلاتك بين المدن والقرى في سلطنة عُمان على شخصيتك ورؤيتك الفنية؟ 

رحلاتي داخل عُمان وسعت رؤيتي، وعرفتني على تنوع الإنسان والطبيعة، وهذا أثر مباشرة على أسلوبي وعمق حسي الفني. 

- من خلال تصويرك للحياة اليومية والوجوه الإنسانية، ما أهم القيم أو الدروس التي تعلمتها من الناس والمجتمعات التي تلتقيها؟ 

تعلمت من الناس البساطة والصدق، وأن وراء كل وجه قصة تستحق أن تُروى. هذه القيم جعلتني أقترب من الصورة بإنسانية أكبر. 

- هل سبق أن اكتشفت شيئًا لم تلاحظه بعينك المجردة، لكنك رأيته من خلال الكاميرا؟ وكيف غير ذلك نظرتك للأشياء؟ 

نعم، كثيرًا ما تكشف لي الكاميرا تفاصيل لا أراها بعيني، كتعابير عابرة أو ضوء خفي. هذه اللحظات جعلتني أؤمن أن الجمال موجود في التفاصيل الصغيرة التي نغفل عنها. 

- شاركنا موقفًا واجهت فيه خطرًا أو ضغطًا أثناء التصوير، وكيف تعاملت معه؟ 

هناك الكثير من المواقف الصعبة، خاصة في موسم الثلج بجبل شمس؛ حيث الطرق وعرة والمواقع تتطلب حذرًا شديدًا. أعتمد على التخطيط الجيد والصبر لضمان الوصول بأمان والحصول على أفضل اللقطات. 

- بعض المواقع الطبيعية أو الظواهر نادرة وصعبة الوصول. كيف تتعامل مع هذه التحديات الميدانية أو التقنية؟ 

أحيانًا تتطلب بعض المواقع النادرة التخييم والمبيت في المكان، وهذا جزء من التخطيط. 

- حين توثق ظواهر نادرة كخسوف القمر أو الضوء الأزرق في السواحل، كيف يختلف شعورك أو طريقتك عن تصوير المشاهد اليومية؟ 

الظواهر النادرة تحتاج تركيزًا وصبرًا أكبر، وتختلف عن المشاهد اليومية التي أصورها بعفوية وسهولة. 

- نلاحظ في أعمالك حضورًا للطبيعة والفنون والحياة اليومية معًا. ما الذي يلهمك لدمج هذه العناصر في صورة واحدة؟ 

ألهمني دمج الطبيعة والفنون والحياة اليومية رؤية العالم ككل واحد؛ كل عنصر يكمل الآخر ليصنع صورة تحكي قصة متكاملة. 

- هل ساعدتك مشاركاتك التطوعية في اكتشاف قصص أو لحظات ألهمت أسلوبك في التصوير؟ 

نعم، المشاركات التطوعية قربتني من الناس ومنحتني فرصًا لرصد لحظات وقصص ألهمت أسلوبي وجعلت صوري أكثر إنسانية وصدقًا. أنا حاليًا عضو في لجنة الإعلام ومتطوع في فريق العامرات الخيري. 

- هل هناك تقنية جديدة أو أسلوب بصري تفكر بتجربته لتطوير رؤيتك الإبداعية؟ 

أفكر بتجربة أساليب سرد القصص البصرية وتقنيات اللعب بالضوء والعمق لإضافة أبعاد جديدة لصوري وتطوير رؤيتي الإبداعية. 

- عندما تلتقط صورًا تربط بين الماضي والحاضر، مثل الأسواق القديمة أو القرى التاريخية، ما الرسالة التي تريد أن تصل للمشاهد؟ 

أرغب في إيصال أن التراث وتاريخ عُمان جزء من حياتنا اليومية، وأن الماضي والحاضر متصلان بالجمال والهوية التي نحملها. 

- كيف ترى دور المصور العُماني في نقل صورة بلاده للعالم؟ 

دور المصور العُماني كبير، فهو جسر بين عُمان والعالم، ينقل جمال طبيعتها وتراثها وإنسانها بشكل صادق يبرز هويتها وثقافتها. 

- ما الرسالة التي تسعى أنت تحديدًا لإيصالها من خلال صورك؟ 

رسالتي أن يرى العالم جمال عُمان في طبيعتها الخلابة، وتراثها العريق، وثقافتها الغنية. 

- برأيك، كيف يمكن للتصوير الفوتوغرافي أن يساهم في تعزيز فهم الجمهور للتراث والطبيعة العُمانية، وفي الوقت نفسه يرسخ الهوية الثقافية؟ 

التصوير الفوتوغرافي يجعل التراث والطبيعة العُمانية مرئية للعالم، ويعزز تقدير الناس لهما، وفي الوقت نفسه يرسخ هويتنا الثقافية من خلال إبراز جمال وقيم عُمان الفريدة.

- كيف ترى نفسك اليوم بعد أن أصبح لك جمهورك المتابع والمترقب لأعمالك؟ 

اليوم، أرى نفسي في بداية رحلة طويلة مع «الكاميرا»، وما زال أمامي الكثير من الأماكن والقصص التي تنتظر أن تُوثق. شغفي بالتصوير وحبي لوطني سيكونان دائمًا الدافع للاستمرار في هذه المسيرة، مع الأمل أن تصبح أعمالي جزءًا من ذاكرة بصرية تحفظ جمال عُمان وتنوعها للأجيال القادمة. 

Image