تقارير

تقرير: المتمردون يتقدمون .. وأديس أبابا تحبس أنفاسها

06 نوفمبر 2021
06 نوفمبر 2021

من نافينا كوتور أديس أبابا - (د ب أ) - أديس أبابا تحبس أنفاسها... ويمكن سماع دوي المروحيات العسكرية في أجزاء من المدينة. حالة من الغموض والخوف تسيطر على الحياة اليومية في العاصمة الإثيوبية، والكثيرون يفرون من العنف في إقليم أمهرة المتاخمة لها. فبعد مرور عام واحد وصلت الحرب، التي بدأت في إقليم تيجراي بشمال البلاد، إلى قلب ثاني أكبر دولة في إفريقيا، من عدد السكان.

ومثل كثيرين آخرين، استقبل موظف محلي في مؤسسة "فريدريش إيبرت" الألمانية، على سبيل المثال، خمسة أفراد من عائلة واحدة بعد أن فروا من القتال العنيف في مدينة ديسي، إلى العاصمة. كما لجأ آخرون من مناطق تشهد معارك حاليا في تيجراي وعفر وأوروميا إلى أديس أبابا. ولكن بعد 12 شهرا من الصراع في إثيوبيا، صارت ظهور الناس في العاصمة إلى الحائط، من الناحية الاقتصادية، حسبما قال ميشائيل تروستر، مدير مؤسسة "فريدريش إيبرت" في إثيوبيا. ونظرا للتضخم المتسارع، فإن السلع اليومية بالكاد تكون في متناول كثير من الناس.

وبحسب وكالة الإحصاء الوطنية، بلغ معدل التضخم في إثيوبيا خلال شهر سبتمبر الماضي، 8ر34%، وارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 42%. وأصبحت أرفف متاجر المواد الغذائية فارغة، وبالنسبة لكثير من الناس، فإن أطعمة أساسية مثل البصل والطماطم والموز، صارت باهظة الثمن. وصار الناس يخافون على وجودهم.

واحدة من هؤلاء، هي الموظفة البالغة من العمر 26 عاما والأم لطفلين، سيلاماويت، التي تكسب هي وزوجها معا حوالي 16200 بير إثيوبي (حوالي 293 يورو). وحتى في السابق، لم يكن من السهل على الأسرة تدبير احتياجاتها الأساسية بهذا الدخل. الآن تتخلف الأسرة عن سداد أقساط الرهن العقاري وتخشى أن تفقد منزلها. ولا تزال سيلاماويت تأمل في انتصار الجيش على متمردي الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي.

لكن الجيش في وضع دفاعي، وتحالف المتمردين، المكون من الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي وجيش تحرير أورومو، يتقدم. وفي الشمال، يقف المتمردون على بعد أقل من 400 كيلومتر عن العاصمة التي يبلغ عدد سكانها خمسة ملايين نسمة، وفي الشرق يريدون قطع طريق الإمدادات الذي يصل المدينة بالميناء المهم في دولة جيبوتي المجاورة. ويتساءل الناس متى ستسقط العاصمة، خلال أيام، أم أسابيع ،أم شهور؟ وماذا بعد؟

إنه انهيار مذهل لبلد لطالما كان دعامة للاستقرار في شرق إفريقيا. ومنذ عام 2011 بلغ متوسط النمو الاقتصادي السنوي للبلاد 4ر9%، وتلا ذلك صعود رئيس الحكومة الحالي، آبي أحمد، الذي سعى إلى تعزيز التغيير الديمقراطي والاقتصادي في بلاده التي يبلغ تعداد سكانها 110 ملايين نسمة. وكان من المفترض أن يضمن آبي أحمد، وهو ابن لأم مسيحية، وأب مسلم ينحدر من عرقية الأورومو، التوازن السياسي بين الجماعات العرقية في البلاد. وقد نال آبي أحمد جائزة نوبل للسلام، ودعما سخيا دوليا في عام 2019 لإصلاحاته والتوصل لسلام مع العدو اللدود، سابقا، إريتريا، إلا أنه فشل في تحقيق التسوية داخل بلده.

وبدأ الصراع في تيجراي في بداية نوفمبر .2020 وكانت خلفية ذلك سنوات من التوتر بين الحكومة في أديس أبابا والجبهة الشعبية لتحرير تيجراي، التي هيمنت على مقاليد الأمور في البلاد لمدة 25 عاما حتى وصل آبي أحمد إلى السلطة عام 2018.

وقد أجرت الجبهة انتخابات غير قانونية في تيجراي وهاجمت قاعدة عسكرية بعد ذلك بوقت قصير. وشن رئيس الحكومة هجوما بدعم من إريتريا. لكن العديد من ضباط الجيش، رفيعي المستوى، انشقوا وانضموا إلى الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي. وكثفت الحكومة هجومها، ولكن دون أن تحقق نجاحا. ثم بدأت أديس أبابا، بحكم الأمر الواقع، فرض حصار على تيجراي.

وقد أدى الصراع إلى أزمة إنسانية خطيرة في البلاد، حيث يعتمد ملايين الأشخاص الآن على المساعدات. وأصبح الإصلاحي المحتفى به دوليا، آبي أحمد، طرفا في الصراع وتعرض لانتقادات شديدة بسبب انتهاكات حقوقية. وأوقف المانحون الغربيون، وخاصة الولايات المتحدة، الكثير من المساعدات لإثيوبيا.

ولم يعد بالإمكان اليوم الشعور بالطاقة الإيجابية والتفاؤل اللذين كانا يهيمنان على إثيوبيا في عام 2018 ، حسبما ذكرت مهندسة معمارية ألمانية، تدير مكتبا للهندسة المعمارية في أديس أبابا منذ عام 2016، ولا ترغب في الإفصاح عن اسمها بسبب مخاوف أمنية.

وتقول المهندسة إنه يمكن ملاحظة أن الناس في العاصمة المختلطة عرقيا أصبحوا يعاملون بعضهم البعض الآن بشكل مختلف، مضيفة أن الكثير من المحادثات صارت تهيمن عليها العاطفة إلى حد كبير، وأصبح الناس واهنون، مشيرة إلى أنه منذ أن دعت السلطات إلى تسليح النفس والدفاع عن المدينة، لم يعد أحد يعرف حقا كيف ستسير الأمور.