No Image
تقارير

تحليل: التقارب الأمريكي- الصيني لن يتحقق سريعا

21 يناير 2023
21 يناير 2023

واشنطن "د ب أ": من المقرر أن يقوم وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن في مطلع شهر فبراير المقبل بزيارة للصين تم الاتفاق عليها خلال اجتماع الرئيس الأمريكي جو بايدن مع الرئيس الصيني شي جين بينج في بالي بإندونيسيا في نوفمبر الماضي.

وتهدف الزيارة على ما يبدو إلى متابعة التفاهمات التي تردد أنه تم التوصل إليها في بالي، خاصة الاتفاق- كما وصفه البيان الرسمي للبيت الأبيض عن القمة- على " الحفاظ على الاتصال وتعميق الجهود البناءة" بشأن مجموعة من القضايا الثنائية والعالمية.

وتعهد الرئيسان بمواصلة مثل هذه الجهود من خلال " مجموعة عمل مشتركة" كما بحثا أيضا" أهمية تطوير المبادىء التي من شأنها تعزيز هذه الأهداف" ، وإتاحة الفرصة لواشنطن وبكين" لإدارة التنافس بينهما بمسؤولية. ووفقا للبيان الصيني عن اجتماع بالي، سوف "يتخذ الجانبان إجراءات ملموسة لإعادة مسار العلاقات الأمريكية الصينية إلى مسار التنمية المستمرة".

ويرى الكاتب والمحلل السياسي الأمريكي الدكتور بول هير، وهو زميل متميز في مركز ناشونال انتريست وزميل أول غير مقيم في مجلس شيكاغو للشؤون العالمية، أنه رغم كل ما ذكر آنفا لم يشهد الشهران اللذان مضيا منذ قمة بالي أي دليل كاف على اتخاذ" إجراءات ملموسة" أو بذل" جهود بناءة" في ذلك الاتجاه، سواء بالنسبة لتشكيل مجموعة عمل مشتركة أو تحقيق تقدم في تطوير مبادىء توجيه العلاقات الثنائية.

ويضيف هير، الذي عمل محللا في وكالة المخابرات المركزية طوال 30 عاما، في تقرير نشرته مجلة ناشونال انتريست الأمريكية أنه فعلا كانت هناك اجتماعات ثنائية إضافية على مستوى عال: فقد اجتمع وزير الدفاع لويد أوستن مع نظيره الصيني في كمبوديا بعد وقت قصير من قمة بالي؛ وتوجه دان كريتنبرينك مساعد وزير الخارجية ولورا روزنبرج مديرة الشؤون الصينية بمجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض إلى بكين في ديسمبر الماضي لبحث ترتيبات زيارة بلينكن المقبلة؛ كما اجتمعت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين مع نائب رئيس الوزراء الصيني "ليو هي" في زيورخ في 18 من الشهر الجاري على هامش المشاركة في الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس.

ورغم ذلك يظل من غير الواضح التقدم الذي تم إحرازه في هذه الاجتماعات، إن كان هناك أي تقدم حقا: فالبيانات الأمريكية تشير إلى أن تلك الاجتماعات تناولت إلى حد كبير تبادل بحث النقاط التي من المتوقع مناقشتها في المستقبل، وأن المسؤولين الأمريكيين أكدوا بدرجة كبيرة الحاجة إلى " إدارة التنافس بمسؤولية" و" الإبقاء على خطوط الاتصال مفتوحة"- وهي عبارة بسيطة أصبحت الوصف المعياري للغرض الحالي من التواصل الأمريكي الصيني.

ويقول هير، الحاصل على الدكتوراة في التاريخ الدبلوماسي من جامعة جورج واشنطن، إنه يبدو أن بكين وواشنطن عادا أساسا إلى مسار عدم الثقة و الاتهامات والاتهامات المضادة الذي كان سائدا قبل تولي بايدن منصبه؛ إذ يواصل الجانبان اتباع سياسات يبدو أنها تهدف إلى التنافس والمواجهة أكثر من اتباع طرق للتعاون. ويبدو أن هذا كان واضحا حتى في بالي، عندما أكد بايدن( وفقا لبيان البيت الأبيض عن اجتماعه مع شي) أن" الولايات المتحدة ستواصل التنافس بقوة مع جمهورية الصين الشعبية، بما في ذلك الاستثمار في مصادر القوة في الداخل وتوحيد الجهود مع الحلفاء والشركاء في أنحاء العالم".

وقد أكد كريتنبارك وروزنبرج هذه الرسالة الأساسية في بكين قبل الانتقال إلى" التعرف على السبل المحتملة للتعاون الذي تتداخل فيه المصالح( الامريكية الصينية)" ومؤخرا، أكد منسق السياسة الخاصة بمنطقة المحيطين الهندي والهادىء كيرت كامبل علانية في 12 من الشهر الجاري أن " التنافس سوف يستمر كسمة مهيمنة على العلاقات الأمريكية الصينية ".

ويوضح هير أن لدى بكين أسبابها وراء تبني وضع يتسم بالمواجهة إزاء الولايات المتحدة ، بما في ذلك اعتقادها المتزايد - الذي تدعمه الأدلة الأخيرة- بأن الولايات المتحدة تتبع استراتيجية احتواء تجاه الصين تتعلق بالاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا، في الوقت الذي تتراجع فيه عن التزامها بمبدأ" صين واحدة" تجاه تايوان. وردا على ذلك، من الواضح أن بكين تتبع سياسة واسعة النطاق لتعظيم ثروتها ، وقوتها ونفوذها في العالم، بالنسبة للولايات المتحدة، بينما تؤكد أنها سوف تدافع بالقوة عن موقفها بالنسبة لتايوان. وربما هناك تشدد أيضا من جانب القادة الصينيين لأنهم يواجهون غموضا وضعفا داخليا في أعقاب تخلي بكين مؤخرا عن استراتيجية " صفر- كوفيد".

وهناك أيضا أسباب متعددة وراء إبطاء واشنطن فيما يتعلق بالتواصل الملموس والبناء مع بكين. فمن المؤكد أن إدارة بايدن مترددة في التعرض لأخطار سياسية داخلية إذا ما بدت متساهلة مع الصين التي تعتبر دولة سلطوية ، في ضوء توازن القوة السياسية الحساس في واشنطن. وفي الظروف الراهنة سوف يتم بسهولة وصف أي شيء يبدو أنه " تواصل" بأنه استرضاء للصين وسوف يتعرض للاستنكار.

ويختتم هير تقريره بأن هذه الظروف ومواقف الولايات المتحدة والصين تشير إلى أن هناك توقعات متدنية واحتمالا محدود ا لتحقيق تقدم مستقبلي ملموس في العلاقات الأمريكية الصينية، على الأقل في المستقبل القريب. وفي الوقت الحالي، يبدو أن المستقبل سيشهد تباطوءا في التواصل المتبادل المفيد، والتطوير المتبادل لـ" المبادىء" لتأطير العلاقات، وإمكانية رفع سقف التوقعات.