No Image
العرب والعالم

هل تعيد "شبوة" رسم خارطة النفوذ في اليمن؟

15 أغسطس 2022
15 أغسطس 2022

صنعاء-"عمان"- جمال مجاهد أعادت التطوّرات العسكرية والأمنية المتسارعة في محافظة شبوة (جنوب شرق اليمن) رسم الخارطة السياسية ومناطق النفوذ في البلد الذي يشهد صراعاً وحرباً دامية منذ أواخرمارس عام 2015. وتمكّنت"قوات دفاع شبوة" و"ألوية العمالقة الجنوبية" الموالية لـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" (المطالب بالانفصال) من السيطرة على مدينة عتق (مركز المحافظة) بعد معارك عنيفة سقط خلالها عشرات القتلى والجرحى وإنهاء سيطرة حزب "التجمّع اليمني للإصلاح" (الموالي لجماعة الاخوان المسلمين)على المحافظة التي كانت إحدى محافظات الجنوب قبل الوحدة مع الشمال التي تحقّقت عام1990. ويحذّرمراقبون سياسيون من أن ثمّة تحضيرات عسكرية وأمنية جارية الآن من قبل القوات الموالية للمجلس الانتقالي لتكرار سيناريو "شبوة" في محافظتي أبين(المجاورة) وحضرموت (شرق اليمن) وتسيطرقوات "الانتقالي" على مدينة زنجبار (مركز محافظة أبين) بينما تسيطر قوات تابعة لحزب "الإصلاح" على بعض المناطق في محيطها وأهمها مدينة شقرة الساحلية. أما في حضرموت فتسيطر قوات تابعة لحزب "الإصلاح" على وادي حضرموت ومدينة سيئون "المركز" ومقرّ المنطقة العسكرية الأولى، في حين تسيطر قوات موالية للمجلس الانتقالي على ساحل حضرموت ومدينة المكلا (المركز) ومقرّالمنطقة العسكرية الثانية. ويؤكد المراقبون أن نجاح التحرّكات العسكرية في المحافظتين سيعني سيطرة كاملة لقوات المجلس الانتقالي على محافظات الجنوب الثماني التي تضم عدن ولحج والضالع وأبين وشبوة وحضرموت والمهرة وسقطرى. وأعلن محافظ شبوة عوض محمد بن الوزير العولقي في 10 أغسطس تنفيذ "عملية عسكرية مضادة لفرض الأمن والاستقرار في المحافظة وذلك للحفاظ على أرواح وممتلكات المقيمين على أرضها". وقال العولقي في بيان "لقد استنفدنا كل الطرق السلمية في التعامل مع التمرّد والانقلاب الغاشم على قرارات السلطة المحلية في المحافظة.. إن بعض الفئات أبت إلا أن تستخدم القوة والعنف وخلق فوضى وزرع الفتنة والإخلال بالأمن والاستقرار الوطني ومخالفة كافة القرارات والقوانين المعمول بها في المحافظة". وشبوة هي ثالث أكبر محافظة في اليمن من حيث المساحة، وهي محاطة بأربع محافظات حيث تحدّهاحضرموت من الشرق، ومأرب من الشمال، وأبين والبيضاء من الغرب. "المجلس الانتقالي الجنوبي" من جهته اتّهم "الإصلاح" بـ "التمرّد المسلّح للوحدات العسكرية والأمنية الموالية له، والتي عزّزتها مجاميع مسلّحة من مأرب والجوف وذمار، ورفضها تنفيذ القرارات الصادرة عن السلطات الشرعية ممثّلة بمجلس القيادة الرئاسي والسلطة المحلية بالمحافظة". وأشاد في اجتماع برئاسة عيدروس الزبيدي بـ "ثبات السلطة المحلية في المحافظة بقيادة المحافظ عوض بن الوزير العولقي والقوات الأمنية ممثّلة بقوات دفاع شبوة، وبالاصطفاف المجتمعي والشعبي الواسع الرافض لمحاولات القوات الإخوانية جرّ المحافظة إلى مربّع العنف والفوضى". أما حزب الإصلاح (ذو النشأة الشمالية) الذي سبق وخسر نفوذه في العاصمة صنعاء لصالح جماعة "أنصار الله" وبعض مناطق الجنوب فلم يعد له سوى معقلين رئيسيين همامدينة مأرب (مركز محافظة مأرب شرق صنعاء) ومدينة تعز (مركز محافظة تعز جنوب غرباليمن). "الإصلاح"وبعد أن خسر معركة شبوة أصدر بياناً طالب فيه مجلس القيادة الرئاسي بإقالة المحافظوإحالته للتحقيق، مهدّداً بأنه "سيضطّر إلى إعادة النظر في مشاركته في كافة المجالات". وحمّل الإصلاح المحافظ العولقي كامل المسؤولية "عمّا آلت إليه الأمور وما أفرزته من ضحايا ونهب وفوضى، حيث رفض كافة الجهود السياسية والاجتماعية والقبلية لاحتواء الفتنة وقاد عمليات التحريض والاقتتال بمعية العناصر الخارجة على القانون وباستخدام أسلحة الإبادة الجماعية بما فيها الطيران المسيّر ضد أبناء شبوة ومكوّناتها ومنتسبي الجيشوالأمن، إمعاناً وتنفيذاً لأجندات غير وطنية بهدف الاجتثاث والإقصاء". واتّهم"الإصلاح" المحافظ باقتحام مقرّه بشبوة ونهب ممتلكاته، مطالباً مجلس القيادة الرئاسي بـ "سرعة معالجة تداعيات هذه الفتنة وجبر الضرر للمتضرّرين من أبناء شبوة،وإعادة الاعتبار لكافة الوحدات العسكرية والأمنية وجميع منتسبيها". وكان رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي أصدر سلسلة قرارات بإقالة قادةمحور عتق واللواء 30 مدرّع وشرطة شبوة وقوات الأمن الخاصة وعيّن آخرين بدلاً منهم في إطار جهود احتواء الأزمة وإنهاء أسباب التوتّرات، وضمان عدم تكرارها مستقبلاً. وفي توضيحه لحقيقة الأوضاع في شبوة قال رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليميفي بيان "إن الأحداث في الميدان للأسف كانت تجرّنا إلى الصراع بعيداً عن روح التوافق الذي جاء بموجب إعلان نقل السلطة بجهود تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة". وأضاف العليمي "بادرنا بموجب مسؤوليتنا الدستورية إلى الاستجابة السريعة وقطع دابر الفتنة ومحاسبة المسؤولين عنها ودعم رمز الدولة وهيبتها الممثّلة بالسلطة المحلية وقيادتها في سبيل وقف نزيف الدم وإنفاذ إرادة الدولة". وأشارإلى اتّخاذ جملة من الإجراءات منها، إقالة بعض القادة في المحافظة إضافة إلى تعليمات أخرى لتطبيع الأوضاع بما في ذلك تشكيل لجنة برئاسة وزير الدفاع وعضوية وزير الداخلية وخمسة من أعضاء اللجنة الأمنية العسكرية المشتركة، إذ ستقوم هذه اللجنة بتقصّي الحقائق ومعرفة الأسباب التي أدّت إلى إزهاق الأرواح من أبناء محافظة شبوة، وتحديد مسؤولية السلطة المحلية والقيادات العسكرية والأمنية ودورها في تلك الأحداث ورفع النتائج إلى مجلس القيادة الرئاسي لاتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة. ومنذ بداية الصراع الحالي في اليمن أواخر عام 2014، صارت شبوة وجهة لعشرات الآلاف من النازحين داخلياً الباحثين عن مكان آمن للعيش والعمل، بعد أن فرّوا من مناطق النزاع في المحافظات اليمنية الواقعة غرب محافظة شبوة. وعلى عكس العديد من المراكز الحضرية الأخرى في المحافظات الجنوبية، كانت مدن شبوة أكثر ترحيباً بالنازحين من المحافظات الشمالية. لكن تدفّق النازحين أدّى إلى إجهاد الخدمات العامة وزيادة الطلب على الإسكان في جميع أنحاء المحافظة. وتتشكّلت ضاريسها من جبال وعرة وهضاب ووديان في الأجزاء الشمالية الغربية والوسطى من المحافظة،وتحيطها صحراء رملة السبعتين من الجهة الشمالية الشرقية، والصحراء الساحلية على طول بحر العرب في الجنوب. وتنتشرقرى الصيد على طول ساحل شبوة الممتد لنحو 300 كيلومتر، أهمها بير علي وحوراء وبلحاف،ويتواجد في ميناء بلحاف، الواقع على الطرف الشرقي لساحل شبوة، أكبر استثمار أجنبي على الأراضي اليمنية، وهو منشأة بلحاف لتصدير الغاز الطبيعي المسال. وتتكوّن المحافظة من 17 مديرية تمتد على نحو 43 ألف كيلومتر مربّع، وتتميّز بأنها من أقل المحافظات كثافة سكانية في اليمن. ويقدّرعدد سكان شبوة بنحو 600- 700 ألف نسمة موزّعين على عدّة مراكز حضرية صغيرة أكبرها العاصمة عتق ومرخة العليا وعزّان، بالإضافة إلى العديد من القرى والنجوع.