تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية في غزة والضفة
غزة- «عُمان»- بهاء طباسي:
رصدت «عُمان» تصاعدًا خطيرًا في الأوضاع الميدانية بقطاع غزة والضفة الغربية والقدس، اليوم ، وهو تصعيد يعكس هشاشة اتفاقات التهدئة من جهة، واتساع رقعة القمع والاقتحامات والحصار من جهة أخرى، وسط ظروف إنسانية بالغة القسوة، وتحديات متفاقمة مع دخول منخفض جوي جديد يزيد معاناة السكان.
في قطاع غزة، تجددت الخروقات الإسرائيلية، مع قصف جوي ومدفعي متجدد طال أحياء سكنية ومناطق مأهولة، رافقه تحليق مكثف للطيران الحربي والزوارق البحرية، في ظل استمرار عمليات النسف والتجريف، ما يعكس واقعًا ميدانيًا هشًا لا يوحي بوجود تهدئة مستقرة.
أمام في الضفة الغربية والقدس، فقد اتسع نطاق الإغلاقات والحصار، لا سيما في محيط رام الله وجنين، حيث فرض جيش الاحتلال طوقًا خانقًا على القرى والبلدات، وأغلق الحواجز والبوابات، ونفّذ حملات اقتحام واعتقال واسعة، بالتوازي مع اعتداءات متصاعدة للمستوطنين على القرى والتجمعات البدوية، فيما تتواصل في القدس ومحيطها سياسة التضييق الممنهج عبر الاقتحامات والاعتداءات اليومية.
غزة تحت النار
يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي خروقاته لاتفاق وقف إطلاق النار، مع تجدد القصف الجوي والمدفعي على مناطق متفرقة من قطاع غزة، في مؤشر واضح على هشاشة التهدئة، وعدم التزام الاحتلال ببنودها المعلنة، ما يضع السكان مجددًا أمام واقع الخطر الدائم.
وأفادت مصادر ميدانية لـ«عُمان» بوقوع إصابات جراء قصف إسرائيلي استهدف حي الشجاعية شرقي مدينة غزة، بالتزامن مع تنفيذ الطيران الحربي غارتين جويتين في المناطق الشرقية للمدينة، رافقه قصف مدفعي مكثف طال أطراف الأحياء الشرقية، وسط تحليق منخفض للطيران الحربي في سماء المدينة.
وامتدت الغارات لتشمل حي الزيتون شرقي مدينة غزة، إضافة إلى غارة أخرى قرب دوار زايد شرقي جباليا شمالي القطاع، فيما أطلقت الزوارق الحربية الإسرائيلية نيرانها تجاه سواحل غربي مدينة غزة، في وقت تواصلت فيه عمليات النسف شرق حيي الزيتون والتفاح، وكذلك في محيط مخيمي المغازي والنصيرات وسط القطاع.
وفي الجنوب، استهدفت مدفعية الاحتلال بلدة بني سهيلا شرق خانيونس، بالتزامن مع قصف مدفعي طال المناطق الشمالية الغربية لمدينة رفح.
منخفض جديد
ومع تصاعد المخاطر الأمنية، تلوح في الأفق كارثة إنسانية جديدة بفعل الظروف الجوية القاسية، في ظل هشاشة الواقع المعيشي واستمرار نزوح آلاف الأسر إلى مناطق إيواء مؤقتة، حيث تتأثر المنطقة بمنخفض جوي ماطر يُعد الثالث منذ بدء موسم الشتاء، وسط توقعات بأمطار غزيرة حتى يوم الثلاثاء المقبل، ما يثير مخاوف واسعة من تجدد حوادث الغرق وانهيار الخيام، لا سيما في المناطق المنخفضة.
يقول بدر الدباغ، النازح في مخيم حلاوة في منطقة جباليا، إن السماء الملبدة بالغيوم صباح اليوم أعادت إليه ذكريات الأيام القاسية التي عاشها خلال المنخفضين السابقين، حين تسربت المياه إلى خيمته، وأغرقت ما تبقى من أمتعة أطفاله، رغم محاولاته المتكررة لإصلاحها بما توفر من مواد بسيطة.
من جهته، حذر رئيس المكتب الإعلامي الحكومي إسماعيل الثوابتة، من أن الدمار الواسع الذي طال البنية التحتية في غزة نتيجة العدوان الإسرائيلي المتواصل يجعل من أي منخفض جوي تحديًا مضاعفًا لقدرة السكان على الصمود.
وأوضح، أن غزارة الأمطار، وشدة الرياح، واحتمالية تشكّل السيول في المناطق المنخفضة، إلى جانب تجمع المياه في الأحياء القريبة من مجاري الأودية، تعقّد المشهد الميداني، خاصة مع تضرر شبكات الصرف الصحي وتصريف مياه الأمطار بشكل واسع.
وشدد الثوابتة على أن استمرار الحصار وإغلاق المعابر، ومنع إدخال مواد الإيواء والطوارئ، يضعف قدرة جميع الجهات على التدخل الفعال، محذرًا من تكرار مأساة منخفض «بيرون»، الذي أدى قبل نحو أسبوعين إلى ارتقاء 19 مواطنًا، وإصابة آخرين، وغرق مراكز إيواء بالكامل.
رام الله محاصرة
في الضفة الغربية، فرض جيش الاحتلال الإسرائيلي إغلاقًا مشددًا على عدد من القرى الفلسطينية غرب رام الله، بذريعة إطلاق نار قرب السياج الأمني، حيث أعلن الجيش أن فلسطينيًا أطلق النار وانسحب من المكان، ما دفعه إلى فرض حصار واسع النطاق.
وأغلقت قوات الاحتلال البوابة الرئيسية لمدخل قرية نعلين، ومنعت المواطنين والمركبات من الدخول أو الخروج، ما شلّ الحركة بالكامل، وأدى إلى تعطيل حياة السكان، وسط انتشار عسكري مكثف.
ويقول عُدي حسونة لـ«عُمان»، من نعلين، إن القرية تحولت إلى سجن كبير، بعد إغلاق المدخل الوحيد، حيث اضطر المرضى والطلبة والعمال إلى الانتظار لساعات طويلة دون جدوى، في ظل غياب أي توضيحات من قوات الاحتلال.
اقتحام قباطية
ولليوم الثالث على التوالي، تواصل قوات الاحتلال اقتحام بلدة قباطية جنوب جنين، في ظل حصار مشدد شلّ الحركة داخل البلدة، وترافق مع مداهمات واسعة للمنازل، وحملات اعتقال طالت عشرات المواطنين.
ويأتي هذا التصعيد على خلفية عملية دهس وطعن وقعت في منطقتي بيسان والعفولة، وأسفرت عن مقتل مستوطنين وإصابة آخرين أول اليوم ، حيث تزعم قوات الاحتلال أن منفذ العملية ينحدر من قباطية.
وأكد رئيس بلدية قباطية أحمد زكارنة لـ«عُمان» أن قوات الاحتلال أغلقت مداخل البلدة، وحولت منازل فلسطينية إلى ثكنات عسكرية، وجرفت الشارع الرئيسي في منطقة جبل الزكارنة، فيما تركزت الاعتقالات على أسر الشهداء والأسرى.
اعتقالات واعتداءات
وشنت قوات الاحتلال حملات اقتحام واعتقال في مناطق متفرقة من الضفة الغربية، طالت ثمانية فلسطينيين من محافظة الخليل، فيما نفذ مستوطنون اعتداءات متصاعدة، شملت اقتحام تجمعات بدوية، ومحاولة سرقة مواشٍ، وإطلاق نار على الأهالي.
وفي النقب، فرضت الشرطة الإسرائيلية طوقًا كاملًا على قرية الترابين، واقتحمتها وهدمت منازل وخيامًا، في سياق سياسة تهجير ممنهجة، تأتي بعد أيام من هدم قرية العراقيب للمرة الـ244، في مشهد يعكس استهدافًا مستمرًا للوجود الفلسطيني.
ويؤكد هذا التصعيد المتزامن في غزة والضفة والقدس أن المشهد الميداني يتجه نحو مزيد من التوتر، في ظل غياب أفق سياسي حقيقي للحل من قبل المجتمع الدولي، واستمرار الاحتلال في فرض وقائعه بالقوة، وسط معاناة إنسانية تتعمق يومًا بعد يوم.
