اوكرانيا: موسكو لم تقدّم "أدلة معقولة" وادعاءاتها زائفة للتأثير على عملية السلام
عواصم " وكالات ": ذكرت وكالة تاس للأنباء نقلا عن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن موسكو سترد على ما قالت إنها محاولة من أوكرانيا لمهاجمة مقر إقامة الرئيس فلاديمير بوتين.
ونقلت تاس عن زاخاروفا قولها لهيئة البث الروسية العامة "سيكون هناك رد على ذلك".
ولم تقدم روسيا أي دليل يدعم تأكيداتها بأن أوكرانيا حاولت مهاجمة مقر إقامة بوتين، ورفضت كييف اتهامات موسكو ووصفتها بأنها لا أساس لها وتهدف إلى تقويض مفاوضات السلام.
وقال الكرملين اليوم الثلاثاء إن الهجوم الأوكراني بطائرات مسيرة على مقر رئاسي في منطقة نوفجورود من شأنه أن يدفع روسيا لتشديد موقفها بشأن اتفاق سلام محتمل لإنهاء القتال في أوكرانيا.
ورفض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الاتهامات الروسية ووصفها بأنها "جولة أخرى من الأكاذيب" تهدف إلى تبرير المزيد من الهجمات ضد بلاده وإطالة أمد الحرب.
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحفيين "هذا العمل الإرهابي يهدف إلى إفشال عملية التفاوض... ستكون النتيجة الدبلوماسية هي تشديد الموقف التفاوضي لروسيا الاتحادية".
وأضاف أن الجيش الروسي يعرف كيف ومتى يرد. وتابع بيسكوف قائلا "نرى أن زيلينسكي نفسه يحاول إنكار ذلك، والعديد من وسائل الإعلام الغربية التي تساير نظام كييف بدأت في نشر فكرة أن هذا لم يحدث... هذا ادعاء مجنون تماما".
وأحجم بيسكوف عن الإفصاح عن مكان وجود بوتين وقت وقوع الهجوم، قائلا إنه في ضوء الأحداث الأخيرة ينبغي عدم الكشف عن مثل هذه التفاصيل.
وحول محاولة نظام كييف والغرب إنكار الهجوم، قال بيسكوف: "أنا أعلم، بطبيعة الحال، أننا نرى أن زيلينسكي نفسه يحاول إنكار ذلك، وأن العديد من وسائل الإعلام الغربية، التي تتواطأ مع نظام كييف، بدأت في ترويج قصة مفادها أن هذا لم يحدث على ما يبدو".
ولدى سؤاله عما إذا كان لدى روسيا دليل مادي على الهجوم بالطائرات المسيرة، قال إن الدفاعات الجوية أسقطت المسيرات لكن مسألة الحطام هي من اختصاص وزارة الدفاع.
وقال الناطق باسم الكرملين للصحافيين "لا أعتقد أنه يجب أن تُقدم أي أدلة عن تنفيذ هجوم ضخم كهذا بالمسيرات التي أُسقطت بفضل العمل المنسق جيدا لنظام الدفاع الجوي".
واشار بيسكوف اثناء حديثه للصحافيين "بالنسبة للعواقب العسكرية، يعرف جيشنا كيف يرد وبماذا ومتى".
ومن شأن هذه المناوشات الكلامية الحادة، بما في ذلك بيان من روسيا يفيد بأنها تراجع موقفها في المفاوضات ردا على الهجوم، أن توجه ضربة جديدة لآفاق السلام في أوكرانيا.
وفي سياق الاستعدادات العسكرية، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، اليوم الثلاثاء، دخول منظومة صواريخ "أوريشنيك" الروسية القادرة على حمل رؤوس نووية، الخدمة الفعلية، وذلك في الوقت الذي يواصل فيه المفاوضون سعيهم من أجل تحقيق انفراجة في محادثات السلام الجارية بشأن إنهاء حرب أوكرانيا.
وأقامت القوات احتفالا قصيرا بهذه المناسبة في دولة بيلاروس المجاورة، حيث تم نشر الصواريخ، بحسب ما أعلنته الوزارة.
ولم تكشف الوزارة عن عدد الصواريخ التي تم نشرها أو أي تفاصيل أخرى.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قد قال في وقت سابق من الشهر الجاري إن منظومة صواريخ "أوريشنيك" ستدخل الخدمة القتالية هذا الشهر.
ترامب:أشعر بالغضب الشديد حيال هذا الأمر
من جهته، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن بوتين أبلغه بالهجوم المزعوم في اتصال هاتفي مما أثار غضب ترامب. ورغم ذلك، عبر الرئيس الأمريكي مجددا عن اعتقاده بأن اتفاق سلام ربما يكون وشيكا.
وأفاد ترامب للصحفيين "أن يكون المرء عدوانيا فهذا شيء، أما مهاجمة منزله فهذا شيء آخر. ليس هذا هو الوقت المناسب لأي من ذلك. أبلغني الرئيس بوتين بذلك اليوم، أشعر بالغضب الشديد حيال هذا الأمر".
وشدد ترامب على أن أوكرانيا وروسيا أصبحتا "أقرب من أي وقت مضى" من التوصل إلى تسوية سلمية، رغم إقراره بوجود عقبات عالقة قد تحول دون إبرام اتفاق.
وقال مستشار السياسة الخارجية للكرملين يوري أوشاكوف إن بوتين وترامب تحدثا اليوم، وإن ترامب وكبار مستشاريه أطلعوا بوتين على المفاوضات مع أوكرانيا.
وأضاف في مؤتمر صحفي عبر الهاتف "قال الأمريكيون إنهم سعوا بقوة خلال هذه المفاوضات إلى التأكيد على ضرورة اتخاذ كييف خطوات حقيقية نحو تسوية نهائية للنزاع، بدلا من التستر وراء مطالب وقف إطلاق نار مؤقت".
وأضاف "روسيا ستراجع موقفها بشأن عدد من الاتفاقات التي تسنى الاتفاق عليها في المرحلة السابقة، وكذلك المباحثات الجارية. أوضحنا ذلك بجلاء".
بالمقابل، قالت كييف اليوم إنّ موسكو لم تقدّم "أدلة معقولة" على اتهامها لها بشنّ هجوم بطائرات مسيّرة على مقر لإقامة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، متهمة روسيا بتقديم ادعاءات زائفة بهدف التأثير على سير عملية السلام.
وقال وزير الخارجية الأوكراني أندري سيبيغا في منشور على منصة إكس، "مرّ يوم تقريبا ولم تقدّم روسيا أي دليل معقول على اتهاماتها لأوكرانيا بشنّ هجوم مزعوم على مقر إقامة بوتين. ولن تفعل ذلك، لأنّه لا يوجد أي دليل. لم يقع مثل هذا الهجوم".
وقال الكرملين إن مساعي أوكرانيا والإعلام الغربي لنفي الحادثة "مجنونة"، مشيرا إلى أن روسيا ليست مضطرة لتقديم أدلة على الهجوم المفترض نظرا إلى أن جميع المسيّرات أُسقطت.
ويأتي اتهام موسكو في لحظة مفصلية من الحرب المتواصلة منذ أربع سنوات.
وتفيد أوكرانيا بأنها وافقت على 90 % من بنود خطة السلام التي وضعتها الولايات المتحدة، بما في ذلك مسألة الضمانات الأمنية ما بعد الحرب، لكن روسيا ترددت في قبول اتفاق لا يمتثل إلى مطالبها.
وفي السياق، قال رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك اليوم الثلاثاء إن هناك ما يدعو للأمل في أن يحل السلام في أوكرانيا قريبا جدا.
وأضاف توسك في اجتماع حكومي "السلام يلوح في الأفق، لا شك أن هناك أشياء حدثت تعطي أسبابا للأمل في أن تنتهي هذه الحرب وبسرعة كبيرة، لكنه لا يزال أملا بعيدا عن أن يكون مؤكدا بنسبة 100 %".
أوكرانيا تأمر بإخلاء قرى حدودية شمالية وسط قصف روسي كييف
وعلى الارض، أصدرت السلطات في منطقة تشيرنيغيف في شمال أوكرانيا أوامر بإخلاء 14 قرية بالقرب من الحدود مع روسيا وبيلاروس اليوم الثلاثاء، بسبب القصف الروسي اليومي.
وكثيرا ما تبلغ السلطات عن غارات بطائرات بدون طيار على هذه المنطقة الواقعة في مرمى نيران روسيا غير أنها بقيت بمنأى عن المعارك البرية منذ الهجوم الأوكراني المضاد في العام 2022 وانسحاب القوات الروسية.
وقال رئيس الإدارة العسكرية الإقليمية فياتشيسلاف تشاوس إنّ "مجلس الدفاع قرر إخلاء 14 قرية حدودية، لا يزال يعيش فيها 300 شخص"، مضيفا أن "المنطقة الحدودية تتعرّض للقصف كل يوم".
وأضاف أنّ عمليات الإخلاء تطال مناطق نوفغورود-سيفيرسكي وسيمينيفكا وسنوفسك، الواقعة على مسافة عشرة كيلومترات إلى أربعين كيلومترا من الحدود مع روسيا، بالإضافة إلى غورودنيا التي تبعد حوالى عشرين كيلومترا عن روسيا وبيلاروس.
وتابع تشاوس "يجب أن نكمل عمليات الإجلاء في غضون 30 يوما".
ومع حلول فصل الشتاء، كثّفت موسكو الهجمات بمسيّرات وصواريخ، مستهدفة بشكل رئيسي البنى التحتية للطاقة في أوكرانيا.
وقال تشاوس "هذه السنة، غادر أكثر بقليل من 1400 من السكان المنطقة الحدودية".
وفي أكتوبر، أسفر هجوم بمسيّرات روسية على مدينة نوفغورود-سيفيرسكي عن مقتل أربعة أشخاص.
وغالبا ما تُصدر أوكرانيا أوامر بإجلاء المدنيين قسرا، خصوصا في المناطق الشرقية حيث تتقدم القوات الروسية في مواجهة القوات الأوكرانية.
وتجري عمليات الإجلاء هذه في وقت تُعقد مفاوضات دبلوماسية منذ نوفمبر برعاية واشنطن، في محاولة لإنهاء الحرب.
الى ذلك، أعلن سلاح الجو في أوكرانيا، في بيان عبر تطبيق "تليجرام"، اليوم الثلاثاء، أن قوات الدفاع الجوي الأوكراني أسقطت صاروخ باليستي واحد و52 من أصل 60 طائرة مسيرة، أطلقتها روسيا خلال هجوم جوي على شمال وجنوب وشرق البلاد خلال الليل.
وقال البيان إن القوات الروسية شنت هجمات على أوكرانيا، خلال الليل، باستخدام صاروخين باليستيين طراز إسكندر-إم تم إطلاقهما من شبه جزيرة القرم، ومنطقة فورونيج، بالإضافة إلى 60 طائرة مسيرة وأخرى خداعية، تم إطلاقها من مناطق أوريل، بريانسك، كورسك، بريمورسكو-أختارسك الروسية، وهفارديسكي وتشودا بشبه جزيرة القرم، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الوطنية الأوكرانية "يوكرينفورم".
وأضاف البيان أنه تم صد الهجوم من قبل وحدات الدفاع الجوي ووحدات الحرب الإلكترونية والطائرات المسيرة وفرق النيران المتنقلة التابعة لسلاحي الجو والدفاع الجوي الأوكرانيين.
